أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - النظام والفوضى في مجتمع مقهور














المزيد.....


النظام والفوضى في مجتمع مقهور


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2164 - 2008 / 1 / 18 - 12:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لا يمكن أن نواجه حالة من الفوضى إلا ونجد وراءها نظاما، فالنظام هو أساس الفوضى عندما يعجز عن الاستمرار بآلياته القديمة التي تفقد شرعيتها بسبب عدم قدرتها على إقناع الناس باحترامها، سواء من الناحية الأخلاقية أو بالأساليب القمعية. والفوضى التي نشهدها في مجتمعنا حاليا ليست إلا تعبيرا عن نظام فقدت آلياته شرعيتها وبدأ المسيطرون عليه يستخدمون جميع الأساليب والوسائل التي تهدف إلى حماية مواقعهم والمحافظة على شكل النظام حتى وإن كان هشا من أجل تأمين مصالحهم ولو في المدى القصير، مستخدمين في ذلك آليات السلطة الغاشمة في محاولة لقهر الجميع وقمع جهود التغيير والتغطية على عوامل التحلل التي تضرب في كل الاتجاهات.

وفي أي مجتمع مقهور تحكمه قبضة حديدية من سلطة لا يردعها عرف ولا قانون تشيع فلسفة القهر وتنتشر، ويجور الأقوياء على حقوق الضعفاء، ويتسع نطاق العنف بمبرر وبلا مبرر. ويصبح المنفذ الوحيد لإثبات الذات وتعويض الشعور الجارف والمقيت بالقهر هو اضطهاد الآخرين والتجاوز على حقوقهم.

وهكذا تحول السلطة الغاشمة المقهورين ضد بعضهم البعض، فيوجهون غضبهم ضد أقلية دينية أو عرقية أو ضد فئة مستضعفة يسهل وصمها بمختلف الصفات التي تحط من مكانتها واعتبارها مسئولة عن الأزمات والشرور الاجتماعية والاقتصادية.

السلطة المستبدة بدورها تمارس القهر ضد الجميع، ولكن بدرجات متفاوتة حتى تعزز شعور التميز عند بعض الفئات وتكرس الانقسامات الطائفية والعرقية وما يصاحبها من تمييز ديني أو عرقي أو جنسي. ويصعب أن تجد سلطة مستبدة في العالم تحكم مجتمعا لا يوجد فيه اضطهاد ديني أو عنصري أو تمييز جنسي بدرجة أو بأخرى.

السلطة المستبدة تستفيد من هذه الانقسامات وتوظفها لأنها تضعف المقهورين وتجعلهم أكثر عجزا عن مواجهتها، وتساهم في تزييف وعيهم بمصادر القهر فلا يوجهون غضبهم ضدها وضد سياساتها القمعية التي تحرم غالبية المجتمع من حقوقه لصالح حفنة من أصحاب الثروة والنفوذ. وهي تفعل ذلك بشكل تلقائي باعتباره ألف باء ممارسة السلطة أو بديهيات إدارة الحكم.

هذه الصورة تبدو واضحة أكثر ما تبدو حاليا في مصر، حيث تتزايد مظاهر العنف الاجتماعي بأشكال مبتكرة وصادمة كما نتبينها في صفحات الحوادث التي لا تخلو يوميا من حوادث قتل وسرقات بالإكراه وغيرها تفنن مرتكبوها في تعذيب ضحاياهم وربما يكون دافعهم سرقة بضعة جنيهات أو اليأس والإحباط من تغيير أوضاع اجتماعية أو اقتصادية قاسية، كما تجد أيضا عنفا طائفيا موجها ضد الأقلية القبطية في أمور تبدو بعيدة كل البعد عن المشكلات الحقيقية التي يعانيها المسلمون والأقباط على السواء، إلى جانب العنف الذي يمارس يوميا ضد المرأة واستغلالها وامتهانها سواء كان العنف الموجه ضدها عنف لفظي أو بدني وسواء كان استغلالها استغلال اقتصادي أو جنسي، ثم يأتي الأطفال، وخاصة أطفال الفقراء، الذين يتعرضون لأبشع ألوان العنف سواء في أسرهم أو في الشوارع أو على أيدي أجهزة السلطة التي حرمتهم من أبسط حقوقهم.

وإذا كانت مسألة الإصلاح السياسي من أعلى في مصر قد دخلت إلى نفق مظلم، فإن تغيير هذه الأوضاع الخطيرة التي لا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها يبدأ بمعالجة هذه الانقسامات الوهمية بين أبناء المجتمع والتركيز على المصالح المشتركة التي تدفعهم إلى الاصطفاف خلف رؤية موحدة تعالج القضايا التي تمسهم جميعا فتتوحد صفوفهم خلفها.

العامل والفلاح والموظف، المسلم والقبطي والبهائي والسني والشيعي، المرأة والرجل … أغلب هؤلاء يعانون من وطأة الفقر والاستبداد … كل هؤلاء يحبون الحرية ويأملون في أن يعيشوا في مجتمع يحترم الإنسان … كل هؤلاء يريدون التخلص من التعذيب والفقر والبطالة والخوف. وحتى يمكن رأب جميع التصدعات ومعالجة الانقسامات وأشكال التمييز التي تحول طاقة الغضب فيهم ضد بعضهم البعض، ينبغي أن تصفهم رؤية واحدة تركز على هذه القضايا التي تمس حياتهم بشكل مباشر وتعطي لهم أملا في حياة ومستقبل أفضل.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام الأرقام وحقائق الواقع
- الإصلاح السياسي ورقص الصالونات والفنادق الفاخرة
- نقابة للصحفيين أم جهة إدارية
- نقابة الصحفيين تتحول لجهة إدارية تعاقب الصحفيين على سلوك الإ ...
- الصادرات المصرية حصان خاسر في سباق التنمية
- الانتخابات البرلمانية 2005: فزع السلطة وفزاعة الإخوان المسلم ...
- الاشتراكيون الثوريون تحالفوا مع الإخوان … يا لهوي!
- أزمة النظام الحاكم في مصر واحتمالات الانتفاضة - 1
- العمل المشترك بين اليسار مشروط بوحدة الرؤيا والهدف
- لن يموت فينا الأمل … ولكن!
- خرافة تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها من الحكومات المستبدة
- كفاية ظاهرة إعلامية وخطابها مسخرة، وأسعد التعيس سعيد باغتراب ...
- كفاية – دجل الرؤية الذاتية للتغيير وجدل الواقع
- الوجه الآخر للحرب الأنجلو-أمريكية ضد العراق وأفغانستان
- عام على الاحتلال الأمريكي للعراق نهاية الحرب الباردة والإمبر ...
- رسالة سندباد اليانكي – أيها الراعي، لابد أن تنسى
- الأزمة في هايتي وخرافة الديمقراطية الأمريكية في العراق - تصح ...
- أوهام وحقائق مشروع الشرق الأوسط الكبير
- تفجيرات أربيل وحق الأكراد في تقرير المصير
- أحيانا أندهش!


المزيد.....




- جنسيات الركاب الـ6 بطائرة رجال الأعمال الخاصة التي سقطت وانف ...
- الدفعة الرابعة في -طوفان الأحرار-.. 183 فلسطينيا مقابل 3 إسر ...
- -كتائب القسام- تفرج عن أسيرين إسرائيليين وتسلمهما للصليب الأ ...
- بعد 50 يومًا من التعذيب.. فلسطيني يعود بعكازين إلى بيته المد ...
- توأم الباندا في حديقة حيوان برلين: التفاعل بين الأم وصغيريهْ ...
- دراسة تكشف حقيقة الفرق في الثرثرة بين الرجال والنساء
- هل صورك الخاصة في أمان؟.. ثغرة في -واتس آب- تثير قلق المستخد ...
- تاكر كارلسون يصف أوكرانيا بـ -مصدر الجنون-
- لا يوم ولا مئة يوم: ليس لدى ترامب خطة سلام لأوكرانيا
- الصداقة مع موسكو هي المعيار: انتخابات رئيس أبخازيا


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - النظام والفوضى في مجتمع مقهور