|
هل يعد ج. د. بوش الإيرانيين برئيس مثل أبو جيمي ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 07:28
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
علامات تعجب و أسئلة ، أخذت تطرق ذهني طوال مطالعتي لنص خطاب الرئيس الأمريكي بوش الثاني ، و الذي ألقاه في أحد معاهد الدراسات الإستراتيجية بدولة الإمارات العربية يوم الثالث عشر من يناير 2008 .
أليس هذا الكلام هو نفس ما كنا نسمعه طوال عام 2002 ، و بدايات عام 2003 ؟؟؟
ألهذا الحد وصل الكسل ، أو الغباء ، بمعدي خطابات الرئيس الأمريكي ، أن يستخرجوا أحد خطابات عام 2002 ، ليعطوه له ، بعد أن أزالوا الحرف السابع عشر من حروف الأبجدية الإنجليزية ، ليحلوا محله الحرف الرابع عشر منها ، في حديثه عن مخاطر إيران على المنطقة و العالم ؟
فالإسلوب نفس الإسلوب ، لا تجديد و لا إبداع .
الأحلام في دول الحرية هي نفسها ، و الأمثلة هي نفسها ، اليابان و دول شرق آسيا ، و الوعود بالمساندة الأمريكية لتلك الأحلام هي نفسها .
إنه دليل فقر بلاغي لدى طاقم بوش المسئول عن إعداد خطاباته ، مثلما هو دليل قصور عقلي لدى راسمي سياساته الشرق أوسطية ، أو إنه دليل على إستعلاء عنصري لذوي الأصول الأوروبية في الإدارة الأمريكية على العقلية الشرق أوسطية ، العربية و الإيرانية ، و كأن العرب و الإيرانيين ، غير قادرين على إكتشاف الزيف في تلك الخطابات .
لقد نوه ج. د. بوش بمواهب و ثقافة الشعب الإيراني ، في خطابه ، و لكنه سرعان ما أردف ذلك المديح الصادق بما رسم بسمة السخرية على وجهي ، حين قال : إن لكم الحق في العيش تحت حكم حكومة تستمع إلى أمانيكم و تحترم مواهبكم ، و تسمح لكم ببناء حياة أفضل لأسركم . إنتهت الفقرة .
ما رسم بسمة السخرية على وجهي عند مطالعتي لتلك الفقرة الأخيرة ليس فقط تكرار أقوال عام 2002 للعرب ، و لكن السؤال : ألهذا الحد يجهل بوش الإبن تاريخ إيران الحديث ، أم إنه يظن في الشعب الإيراني قصور الذاكرة ، أم إنه يستغبى الشعب الإيراني ، و يظن إن الإيرانيين غير قادرين على مشاهدة الواقع من حولهم ، ليروا النماذج الأمريكية في المنطقة ؟؟؟
لو إفترضنا أن بوش الإبن و جوقته ، يلعبون على كون أن أغلبية الشعب الإيراني اليوم ، و لدت بعد سقوط نظام الشاه الأمريكي ، و لو إفترضنا إنهم ، أي بوش الصغير و جوقته ، يظنون أن الأجيال اليافعة من الشعب الإيراني لم تقرأ تاريخ قصة إسقاط مصدق ، و جبروت الشاه محمد رضا بهلوي ، الذي أعادته المخابرات الأمريكية ، عنوة ، رغم أنف الشعب الإيراني ، و تركت له الحبل على غاربه ليفعل ما يراه بالشعب الإيراني ، و إن الأجيال الإيرانية الشابة لم تسمع بقصص جهاز السافاك من ذويها ، فعلى الأقل عليه أن يحترم عقلهم ، و هو الذي أشاد بمواهبهم و ثقافتهم ، و التي هي حقيقة ، لأنهم و بلا شك سينظرون حولهم ، ليروا النماذج الأمريكية في العالم الإسلامي .
فلا شك أن شباب إيران سينظر إلى أفغانستان و العراق . بل لندعنا من هذين النموذجين ، حيث الحروب مشتعلة ، و الإضرابات لم تهدأ ، و ربما تحجج أنصار أمريكا بذلك . لكن بلا ريب أن شباب إيران المثقف و الموهوب ، سوف ينظر لحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط .
فهل يعدهم جورج دبليو بوش بنظام مماثل للنظام السعودي ، الذي لازال يحكم دولة بعقلية القرون الوسطى ، حيث الحكم المطلق ، و العائلة المسيطرة ، و المال مال الأسرة ، و المخصصات العائلية الهائلة بينما هناك من يبحث عن وظيفة ؟
و حتى لو إفترضنا أن شباب إيران بذكاءه ، و الذي عرف عن الإيرانيين ، سيشيح بوجهه عن النموذج السعودي ، على إفتراض إن تركيبة المجتمع الإيراني ، التقدمي ، تختلف عن طبيعة المجتمع السعودي ، الذي لم يدخل العصر الحديث إلا مع إكتشاف البترول ، و إفترضنا كذلك إن الشباب الإيراني سوف يغض الطرف عن نظام العسكر في باكستان ، فإنه و بلا شك سينظر لأكبر حليفة ، من حيث الحجم ، للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، و أعني مصر ، حيث التشابه في عراقة الحضارة ، و في تركيبة المجتمع ، إلى حد كبير .
فهل يعدهم ج. د. بوش ، بالحاكم النموذجي لدى الغرب ، في العالم العربي و الإسلامي ، مبارك الأب ، أبو جيمي ؟؟؟
هل يعدهم بحاكم يظل ربع قرن و يزيد ، جاثم على صدورهم ، لن يروا منه خيراً أبداً ، و لن يكف عن إبداء إحتقاره لشعبه في أي حديث له مع كل وافد من بلاد الجزيرة العربية ؟
هل يعدهم بتحويل إيران إلى عزبة ، كما أصبحت مصر ، تورث كما كانت تورث الأطيان و العزب ، بما عليها من فلاحين و مواش ؟
هل يبشرهم بعودة جديدة لجهاز السافاك ، بإسم جديد يدعى مباحث أمن الأسرة ؟
هل يعدهم بالتعذيب في أقسام الشرطة ، بما في ذلك الأطفال و الصبية ؟
هل يعدهم بعصر ذهبي ، تصبح فيه سياسة هتك أعراض الشباب ، و إغتصاب النساء ، و تدمير المنازل ، و تلفيق الإشاعات الجنسية القذرة ، قاعدة ؟
هل يبشرهم بالمحاكم العسكرية ، و عسكرة البلد ، بوضع ضابط جيش ، أو شرطة ، في كل منصب ؟
أم بالمعتقلات السرية ، و ترحيل كل من ترغب في القبض عليه الولايات المتحدة دون سند شرعي ؟
هل يعدهم بالفساد المطلق العنان ، و الذي يتضاءل بجانبه الفساد في إيران ، و الذي نخر ، و ينخر ، الجسد المصري ؟
هل يعدهم بنقص التغذية ، و خروج الأمية عن حد السيطرة ، و نقص الخدمات الصحية ، مع عودة مرض شلل الأطفال للظهور ، و إستفحال أنفلونزا الطيور ، و ظاهرة المبيدات المسرطنة ، و الأغذية المبرمجة وراثياً ، و فتح باب بلادهم على مصرعيه لتجارب شركات الأدوية العالمية لتجري ما تشاء من التجارب على أطفال إيران ؟؟؟
هل يبشرهم بالتواجد العسكري الأمريكي ، كما في قاعدة رأس بناس المصرية ، على البحر الأحمر ، و في شمال سيناء ، و على طول الساحل الشرقي لجزيرة العرب ؟
ليس هناك ما يغري الشعب الإيراني ، و حتى شبابها الذي لم يعاصر عهد الشاه الأمريكي الدموي ، لأن يهرول لأحضان أمريكا ، لأن الوعود زائفة ، تكشفها النماذج الأمريكية العطنة المعاصرة ، و التي يعايشونها .
حتى الجزرة ، التي يلوح بها ج. د. بوش ، و أعني إتفاقات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة ، ليست إلا جزرة متعفنة ، لأن أغلب المساعدات الإقتصادية الأمريكية للقطاع الخاص في دولة مثل مصر ، و التي تعد نموذج للسياسة الإقتصادية الأمريكية في الشرق الأوسط ، لم تسقط إلا في جيوب الإقطاعيين الجدد ، من أنصار النظام الحاكم و عملاءه ، و حتى إتفاقية الكويز لم يستفد منها إلا أصحاب المصانع من طبقة الإقطاعيين الجدد ، و ليس رجل الأعمال المستقيمين .
الشعب الإيراني لا يرى حوله إلا عنف طائفي في العراق سببه الولايات المتحدة ، مع محاولة تقسيم للبلد الذي سقط في قبضة الولايات المتحدة ، و سيطرة لفاسدين على الحكم بها ، و عودة لوردات الحرب ، و بارونات المخدرات ، ليحكموا أفغانستان ، و يقسموها إلى إقطاعيات و إمارات شبه مستقلة .
و لا يرى إلا أسرة حاكمة مطلقة اليد ، في الجزيرة العربية ، أسمت البلد بإسمها ، و سيطرت على الموارد النفطية ، و تقف حائلاً أمام تطور مجتمع الجزيرة العربية ليكون مماثل لتركيبة أي مجتمع حديث .
مثلما لا يرى في مصر ، إلا طاغية حكم ربع قرن ، بينما عندهم في إيران ستة رؤساء للجمهورية تتابعوا على الحكم منذ سقوط الشاه في عام 1979 ، و لم يكتف الطاغية المصري بما حكم و نهب ، بل يطمع في التوريث ، رغم إنه أغرق شعبه في الفقر ، و لم يحكم إلا بالتعذيب ، و الأجهزة الأمنية الظاهرة و الباطنة .
إنني لا أدعي أن الشعب الإيراني يملك الحكومة الفاضلة ، و لكنه ، و بكل وجه للمقارنة ، يملك نظام حكم أفضل بكثير من أنظمة الحكم التي تحظى بدعم الإمبراطورية المتحدة الأمريكية ، في باكستان ، و أفغانستان ، و العراق ، و الإقطاعية السعودية ، و مصر .
كما أن أي تطور للأفضل في المنطقة ، سيكون عبر الرغبة الداخلية للشعوب ، و ليس إستجابة لدعوة مغرضة زائفة ، تتكرر مع كل صيحة حرب على شعوب المنطقة .
بوخارست – رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقد حطموا الذكاء المصري ، إنهم يريدونا عبيد
-
لن نقف أمام تكايا آل مبارك
-
مخاوفنا مبررة ، فالحرية الإقتصادية ليست مطلقة
-
هكذا يجب التعامل مع آل مبارك
-
نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين
-
يعقوب صنوع أديب الحرية
-
الأغنياء و المساتير أيضاً يثورون
-
هم الذين كفروا و صدوكم عن المسجد الحرام
-
لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر
-
يا راكب القارب، تعال نصنع أوروبا في مصر
-
حتى لا يساء للقرآن، إبحثوا عن بديل لكلمة إرهاب
-
مبارك و بوتين، الفارق بين من فرط و من إسترد
-
مبارك و بوتين، لا وجه في المقارنة بين من فرط و من إستعاد
-
الجمهورية المصرية الثانية، هكذا ستقوم
-
أحمدي نجاد، لا فارق بينك و بين آل سعود و آل مبارك
-
لماذا أقف مع الأفرو ضد الجنية؟
-
الخطوة القادمة شريحة تحت الجلد
-
ماذا لو ان عرفات في غير عرفات؟؟؟
-
حالة الطوارئ الباكستانية هل تختلف عن المصرية؟؟؟
-
لا تتوسلوا للبناويين أو لأحد
المزيد.....
-
بايدن يوضح سبب -تردده- بشأن اتخاذ قرار الانسحاب من السباق ال
...
-
ماهو جهاز الحرس الرئاسي -الخدمة السرية- الذي حاول أفراده حما
...
-
مقتل 6 أشخاص في الاحتجاجات على نظام حصص في الوظائف الحكومية
...
-
مصدران عسكريان: طائرتان مسيرتان تستهدفان قاعدة عين الأسد الج
...
-
الخارجية الأمريكية لـ-رووداو-: لا نؤيد تطبيع العلاقات بين سو
...
-
-فوربس-: روسيا الأولى عالميا بعدد الأنظمة المدفعية
-
بعد محاولة اغتيال ترامب.. بايدن يدعو لحظر الأسلحة النارية ال
...
-
ترامب يتوعد الاتحاد الأوروبي والصين في حالة وصوله إلى البيت
...
-
نظام غذائي يساعد على تحسين نوعية النوم
-
مسقط.. انتهاء إجراءات التعامل مع حادثة إطلاق النار في الوادي
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|