أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامر سليمان - الدولة ليست شركة ولا محلاً للبقالة














المزيد.....

الدولة ليست شركة ولا محلاً للبقالة


سامر سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 11:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الحل الذي يطرحه اليمين لمشاكل الدولة المصرية المنكوبة بإدارة طبقة البيرقراطية يقوم على افتراض خاطيء وهو أن الدولة يمكن ان تُدار بمنطق الشركة أو البقالة. ولكن الدولة ليست شركة. الدولة تنتمي للمجال السياسي، والشركة تنتمي للمجال الاقتصادي. وما يصح في هذا لا يصح في ذاك.

في يوليو 1952 استلمت بيرقراطية الدولة العسكرية قيادة الدولة من نخبة كبار ملاك الأراضي والرأسمالية البازغة. بجلاء القوات البريطانية عن مصر انجزت هذه البيروقراطية تحرير التراب المصري من القوات الأجنبية. ولكنها عندما بادرت في عام 1967 بمحاولة استكمال بسط السيادة المصرية بالكامل على سيناء والاستغناء عن خدمات قوات الامم المتحدة العازلة بين مصر وإسرائيل تلقت هزيمة فادحة وخسرت.. خسرت سيناء بالكامل، وليس فقط السيادة الكاملة على الشريط الحدودي منها المحاذي لاسرائيل. استطاعت البيروقراطية أن تتجاوز "أثار العدوان" بشكل جزئي.. عادت سيناء بالحرب والتفاوض. عادت، ولكن منقوصة السيادة. مشكلة نقص السيادة التامة على سيناء يظل شاهداً على سوء إدارة البيروقراطية للدولة المصرية. البيروقراطية تقول أنها الوحيدة القادرة على تحجيم أضرار هذه المشكلة، ولكنها لا تمتلك أي مشروع لبسط السيادة التامة على سيناء.
الدولة لها وظائف الحد الادنى التي لا يختلف عليها اليمين واليسار. وظيفة الدفاع هي وظيفة حد أدنى. لم يظهر بعد لبراليون أو رأسماليون يطالبون بخصخصة وظيفة الدفاع، إلا بمنطق تعديل فلسفة التجنيد من الخدمة الوطنية إلى العمل المأجور، لكي يصبح الفقراء، والفقراء وحدهم هم وقود الحرب، كما هي فلسفة الجيش الامريكي. الدولة المصرية في 1967 هُزمت في أحد وظائف الحد الأدنى. ولأن الهزيمة كانت مزلزلة فقد فتحت الباب لمسائلة الدولة في كل الوظائف التي تقوم بها من أول المرور ومرورا بالتعليم ووصولاً إلى الانتاج المادي المباشر (القطاع العام). اليمين واليسار اتفقا على أن إدارة البيروقراطية للدولة المصرية كارثياً. ولكن عندما جاء وقت التفسير اختلفت الروايات. اليمين قال بوضوح منذ السبيعنيات أن أزمة مصر هي أزمة إدارة, وبالذات الإدارة العامة. لماذا تكون الإدارة العامة في مصر سيئة إلى هذا الحد؟ السبب الأول الذي طرحه اليمين هو أن البيروقراطية تغرف من مال سايب، مال لا تمتلكه. ومن يدير مال لا يمتلكه ليس كمن يدير مال يمتلكه. لذلك من الطبيعي أن يكون في إدراة البيروقراطية للمال العام هدر كبير وفساد سرطاني. لاحظ أن الدولة يتم التعامل معها هنا كما لو كانت محلاً للبقالة. لو سألت البقال عن فلسفة إدراته للبقالة سيقول لك أن تواجده المادي في المحل لكي يدير مشروعه بنفسه هو شرط أساس لنجاح المشروع.
السبب الثاني الذي طرحه اليمين لتفسير تردي الدولة تحت إدارة البيروقراطية هي أن الدولة توسعت واضطلعت بوظائف ليست من اختصاصها مما أدى انهيار أدائها في وظائفها الأصلية. (أنظر مقالة الدكتور عبد المنعم سعيد في أهرام الاثنين الماضي) ما هو الحل إذن ؟ القطاع الخاص هو الحل.. أن تتخلى الدولة عن الوظائف الإضافية التي التحقت بها وأن تترك العيش لخبازه. فلتنسحب الدولة من المساحات الواسعة وغير الضرورية التي احتلتها وللتركها للقطاع الخاص لكي يتقدم ويحتلها. لاحظ هنا أن التشبيهات المستخدمة (انسحاب وتقدم) قادمة من العالم العسكري والأمني. ولما لا؟ ألم يقل ماركس أن ايديولوجية الطبقة الحاكمة هي الايديولوجية السائدة؟ والطبقة الحاكمة في مصر كانت البيروقراطية الأمنية المعسكرة والمطعمة الآن أكثر فأكثر ببعض العناصر الرأسمالية. الدولة هنا إذن شأنها شأن الموظف. إذا كلفت الموظف بمهام تفوق طاقته فإعلم أنك لن تحصل منه إلا على أداء "نص نص". مشكلة توصيف اليمين والرأسماليين لمشاكل الدولة المصرية هي أنهم يتعاملون مع الدولة كما لو كانت موظفاً يعمل في أحد شركاتهم. ولكن معلش. فلنفترض أن الدولة موظف في شركة خاصة، وأن هذا الموظف لا يعمل بكفاءة. فهل تقليص مهام هذا الموظف يضمن الارتفاع بأداءه. أبداً. كلنا نرى ونعاين يومياً موظفين وعاملين يمكنهم إنجاز مهماتهم في ساعتين، ولكنهم يقضون سبع ساعات دون أن يقوموا بها على الوجه الأكمل.
اليمين في مصر والعالم ينظر للدولة كما لو كانت شركة. لهذا فالحلول التي يطرحها لأزمة الإدارة العامة هي تطبيق معايير الإدارة الرأسمالية على الدولة. هكذا اجتاحت أرجاء المعمورة الإدارة العامة الجديدة new public management التي تعتمد هذه الفلسفة. من نيوزلاندة إلى الولايات المتحدة، ومن شيلي إلى انجلترا. كان ذلك في التسعينيات. لكن الألفية الجديدة كسرت من شوكة هذا الإدراة العامة الجديدة بعد أن تبين أن إدارة الدولة بمنطق الشركة يقوم على فكر فاسد, يخلط بين المجال الاقتصادي والمجال السياسي. ولكن لأن النخبة المصرية متخلفة عن متابعة ما يجرى في العالم بعشر سنوات على الأقل، فبعضها لا يزال مفتونا بأيديولوجية الإدارة العامة الجديدة التي انكسرت شوكتها في دول كثيرة خاصة في أمريكا اللاتينية.
ولأن توصيف اليمين لمشاكل الدولة المصرية ولحلوها قاصر، وهو يثير أسئلة أكثر مما يقدم إجابات لذلك تقدم اليمين الديني لكي يملاً الفراغ الشاغر. طرح اليمين الديني بدوره السؤال.. لماذا تتصف الإدارة العامة في مصر بهذا المستوى المريع من الهدر والفساد؟ وكانت الإجابة لأن هناك أزمة أخلاق. هكذا اكتملت حلقة التفسيرات الجهنمية. أزمة مصر هي أزمة إدارة وأزمة أخلاق. ولكن الحقيقة هي أن الأزمة الأساسية هي أزمة توصيف اليمين واليمين الديني لمشاكل الدولة المصرية.





#سامر_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الدينية دولة متطفلة
- هل يعمل -اليسار الثوري- فعلاً ضد الدولة؟
- عندما تتحدث الفاشية حديث الطبقات
- البديل الاشتراكي هو ثمرة العمل الجماعي لليسار
- البديل الاشتراكي 2، بديل عن الفردية المتوحشة والعائلية المتخ ...
- الرأسمالية أنواع
- شروط تجاوز الرأسمالية
- العمود الفقري لتحالف الحرية والتقدم
- من دولة الاشتراكية الديمقراطية إلى دولة المواطنة
- لا هلال ولا صليب في السياسة
- ليس بالجيش وحده تقوم الدولة في لبنان
- فحولة الدولة وانوثة المجتمع
- نظام 23 يوليو.. حي يرزق
- خاتمة كتاب المشاركة السياسية في الانتخابات النيابية - مصر 20 ...
- مقدمة كتاب -المشاركة السياسية في الانتخابات البرلمانية-.. مص ...
- الأيام دول.. 2- في البحث عن الفواصل بين الدولة والحكام
- الأيام دول-.. من الأسوأ؟ الدولة أم المجتمع؟-
- من الجاني في جرائم التحرش الجنسي بوسط البلد؟
- التيار الإسلامي ومشكلة التراكم الرأسمالي
- اليسار ومشكلة التنظيم، وداعاً للينينية.. هل من جديد؟


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامر سليمان - الدولة ليست شركة ولا محلاً للبقالة