أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سلام عبود - إنهم يصرعون الله بالضربة القاضية














المزيد.....


إنهم يصرعون الله بالضربة القاضية


سلام عبود

الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 11:16
المحور: كتابات ساخرة
    


لو أراد المرء اختصار الصراع العراقي الداخلي والإقليمي بكلمة واحدة لا يجد أفضل من كلمة اسمها: علم.
العلم العراقي هو عقدة العقد. هو عقدة البارزاني, وعقدة القيادات القومية الشوفينية, عربا وكردا, وحجتهم الزقاقيّة. أقول "زقاقيّة", لأنها كذلك بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات. فهي حجة لا تستند الى أصول سياسية أو تاريخية أو حتى شكلية تتعلق باللون والخط والمظهر, ولا تستند الى منطق أو واقع أو عرف. إنها كمعارك أبناء الشوارع, حينما يفتقدون الحجة, ويلجأون الى أكثر السبل انحطاطا وتفاهة وسوقية. يفعلون ذلك على الرغم من إدراكهم أن تفاهة الحجة تعبّر دائما عن صغر حجم وتفاهة حاملها, وتعبر عن طبيعته ومحتوى مستشاريهم ومريديهم العقليين, الذين لفرط زهوهم ينسون حتى مراقبة حجم سقطاتهم. حجة البارزاني تقول إن العلم العراقي هو علم صدام, وهو يعرف أكثر منا جميعا, أنه هو, وليس الشعب العراقي, من قاتل طوعا, وبرغبة صفراء جامحة, تحت لواء ذلك العلم بنجومه وعباراته وألوانه. أما إبداله بعلم الرابع عشر من تموز فلا يؤكد إلا أمرا واحدا, أنه لا يفهم تاريخ شعبه الكردي, أو على الأرجح لا يحترم مشاعر هذا الشعب المظلوم. فتحت ذلك العلم دكت قرى وجبال الكرد العراقيين. وما عبارة " ألله أكبر" الصدّامية, التي يثيرونها الآن, سوى الحبل السري الذي يربط بين سلالة الحكام الأميين جميعهم, والتي تثبت وحدة نسبهم, ووحدة صفاتهم الوراثيّة: التصلف, الجهل, الأنانية, واعوجاج الضمائر.
لم يقم صدام حسين بوضع عبارة " ألله أكبر" أي " الله أكبر" في منتصف العلم العراقي عبثا, أو سهوا, أو ترفا. كان صدام يقاتل أعداء متنوعين في الداخل والخارج, في الحاضر وفي المستقبل, في الواقع وفي الخيال. لذلك تفتق عقله عن إعجاز "شقاقي نفاقي" أصيل, اسمه العلم. وغالبا ما يتفتق عقل صدام عن مشاريع "زقاقية" مشابهة, غير مكترث بالخسائر الإجتماعية الجسيمة وعواقبها القاتلة, كاتفاقية شط العرب, واحتلال المحمرة, وغزو الكويت, واستدعاء القوات المحتلة, وغيرها. فصدام حسين, حاله كحال من خلفه, مثل المنشار, يحفر جسد الشعب حينما يدخل, و يقطّعه إربا إربا حينما يخرج.
كان صدام واقفا تحت العلم, يلملم شتات أفكاره, المتعلقة بالانتصارات التي حققها على الفرس والمجوس واليهود والكويتيين والشيعة والسنة والأميركان والمعدان وغيرهم. حينذاك, خطرت بباله فكرة عجيبة, فكرة يبزّ بها خصومه المباشرين, حكام إيران, ويسقطهم عن عروشهم الإلهية بضربة واحدة, ويبتز معهم خصومه الداخليين في الحاضر وفي المستقبل, واضعا الجميع في مأزق منشاريّ قاتل. فلو قبلوا بحلمه سيقبلون بشخصه كذكرى أبدية تنغص عليهم حياتهم, أما لو حالفهم الحظ بانتزاع حلمه, فسيصطدمون بسلطة لا قبل لهم بها, اسمها الله.
أنا أو الله! إنه شعار الطغاة الأبدي!
تلك هي خلاصة فكرة صدام " الزقاقية": أن يبتز الإيرانيين, الذين حمل علمهم مفردة الله, بإضافة كلمة " أكبر", ليكون علمه أعلى من علمهم, وأقرب الى عرش الله, فاطر السموات. وإذا قدّر للبعض تغيير العبارة, فإنهم سيصطدمون مباشرة بالحي القيوم, حتى لو كان صدام نفسه قد ذهب الى السموات العليا أو السفلى.
تلك هي بدعة صدام: الصراع مع النظام الديني الإيراني بوسائل إلهية, من طريق ليّ عنق الله في ملكوته الأعلى. ولكن, لأنّ "رئيسنا" السابق جاهل وصلف اصطدم بعقبتين عسيرتين. الأولى: جهله اللغوي الذي جعله يبدأ كلمة الله بهمزة قطع, قاطعا رقبة العروبة, التي طالما تغنى بها. والثانية: جهله بنفسيّة من سيخلفه في ولاية مملكة الله ومملكة عبدالله.
حينما تدارس البرلمان العراقي, بموافقة القادة الكرد, فكرة "تأويل" رموز العلم العراقي, اصطدموا مجددا بعبقرية صدام الشقاقيّة النفاقيّة: الله أكبر. لكنهم وللحق, أثبتوا للجميع, لنا نحن البُؤس, ولصدام في قبره, ولله في سمواته, أنهم أكثر أصالة حتى من صدام في أساليب ابتزاز الله.
فعبارة " الله أكبر" ستكتب باللون "الأصفر", استجابة لرغبات القادة العرقيين. أما الخط فسيكون بدلالات توحي بتأويل طائفي: الكوفي!
كم ساعة, بل كم يوما أو أسبوعا أو شهرا لبث عباقرة العراق العرقيون والطائفيون يفكرون, لكي يبتزوا صدام في قبره, ويتشاطروا على الله في عليائه؟
ما أتعس صدام! وما أحلك مأواه وهو يرى خصومه المنتصرين يتفوقون عليه في حجم نواكتهم! وما أشقى الله وهو يرى مخلوقاته الصغيرة تعبث باسمه الرباني هذا العبث السياسي الوضيع!
في الجاهلية الأولى, كان عبدة الأصنام, يأكلون أربابهم حين فاقة وعسر. أما عبدة السلطة اليوم فيأكلون ربهم عن شبع وتخمة.
وحينما لا تُشبع مملكة الأرض شهواتهم, يتحاصصون جسد الله, ويقتسمون اسم جلالته.
أيها الرب الرحيم, الكريم, الحليم! أبناؤك النهمون يصبغون اسمك باللون الأصفر, لكي يحتكروا إلوهيتك, بعد أن احتكرها صدام قبلهم, حينما لطّخ اسمك القدسي بحمرة الدم.
رباه! أبناؤك المؤمنون يصرعون هيبتك بالضربة القاضية.



#سلام_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحالف الحكّام الشيعة والكرد: شراكة وطنيّة أم زواج متعة؟
- عراقي في لوس انجلس .. الحلم الأميركي والكابوس العراقي
- المذبحة الأخيرة على الأبواب: معركة كركوك
- قميص بغداد!
- الثقافة بين الإرهاب وديموقراطية الاحتلال
- زورق الأزل! من أساطير عرب الأهوار في جنوب العراق
- شهداء للبيع! البحث عن رفات الشهيد كاظم طوفان
- من أوراق مثقف عراقي من سلالة اليانكي
- حنين الى زمن أغبر! رد على نقد ثقافة العنف المنشور في صحيفة ا ...
- مشكلة كركوك أم مشكلة الحرب على العراق؟
- الجنس بين الرقيب الداخلي والرقيب الرسمي
- من زعم أن العراقيين لا ينتحرون؟ - دعوة رسمية لحضور حفلة انتح ...
- اجتثاثا البعث بين الحقيقة والوهم
- هل التربة العراقية صالحة لإنبات ثقافة مقاومة العنف؟
- اغتصاب الزوجات وانعكاسه في النص الأدبي
- هل العراقيون مؤهلون لخلق حركة ثقافية معادية للعنف؟
- تناقضات سياسة الاحتلال الأميركي المستعصية في العراق
- جواز سفر عيراقي, ولكن لغير العراقيين!
- هل كان الرصافي طائفيا؟
- نيران خفيّة: ما لم تقله جوليانا سيغرينا


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سلام عبود - إنهم يصرعون الله بالضربة القاضية