أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد صبحى منصور - إنكار السنة فى مقدمة صحيح مسلم ( 2 : 8 )















المزيد.....

إنكار السنة فى مقدمة صحيح مسلم ( 2 : 8 )


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 2160 - 2008 / 1 / 14 - 11:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بسم الله الرحمن الرحيم
الموقع http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php
الحلقة الثانية
دين السنة يقوم على الكذب
1 ـ يروى الامام مسلم أن القاسم بن عبيد الله وهو حفيد لأبى بكر وعمر بن الخطاب قد سئل عن حديث فقال فلم يعرف الاجابة فعوتب على ذلك بأنه لا يليق بحفيد ابى بكر وعمرألا يوجد عنده علم ( من أمر هذا الدين ) فقال أنه لا يروى بالكذب ولا يفتى بغير علم. يقول مسلم : ( وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ، هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، صَاحِبُ بُهَيَّةَ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ يَحْيَى لِلْقَاسِمِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ قَبِيحٌ عَلَى مِثْلِكَ عَظِيمٌ أَنْ تُسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ مِنْ أَمْرِ هَذَا الدِّينِ فَلاَ يُوجَدَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ وَلاَ فَرَجٌ - أَوْ عِلْمٌ وَلاَ مَخْرَجٌ - فَقَالَ لَهُ الْقَاسِمُ وَعَمَّ ذَاكَ قَالَ لأَنَّكَ ابْنُ إِمَامَىْ هُدًى ابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ‏.‏ قَالَ يَقُولُ لَهُ الْقَاسِمُ أَقْبَحُ مِنْ ذَاكَ عِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنْ أَقُولَ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَوْ آخُذَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ ‏.‏ قَالَ فَسَكَتَ فَمَا أَجَابَهُ ‏.‏ ) الشاهد هنا قوله (قَبِيحٌ عَلَى مِثْلِكَ عَظِيمٌ أَنْ تُسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ مِنْ أَمْرِ هَذَا الدِّينِ فَلاَ يُوجَدَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ ) أى اعتبر الحديث دينا .
وبعد أن أشار مسلم باختصار الى انتشار الكذب فى الحديث ـ فى عصره ـ قال مؤكدا قلقه من هذه الأكاذيب على مسيرة (دين ) الحديث ،لأن تلك الأحاديث تأتى بالحلال و الحرام ، والمعنى ان القرآن لا يكفى تحليل حلال أو تحريم حرام ، فجاءوا بدين جديد يحلل ويحرم ولكن عيبه كثرة الكذب فيه. !!. يقول فى ذلك مسلم كأنه يعتذر : ( قَالَ مُسْلِمٌ وَأَشْبَاهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَلاَمِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مُتَّهَمِي رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَإِخْبَارِهِمْ عَنْ مَعَايِبِهِمْ كَثِيرٌ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ عَلَى اسْتِقْصَائِهِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ لِمَنْ تَفَهَّمَ وَعَقَلَ مَذْهَبَ الْقَوْمِ فِيمَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ وَبَيَّنُوا وَإِنَّمَا أَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمُ الْكَشْفَ عَنْ مَعَايِبِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَنَاقِلِي الأَخْبَارِ وَأَفْتَوْا بِذَلِكَ حِينَ سُئِلُوا لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْخَطَرِ إِذِ الأَخْبَارُ فِي أَمْرِ الدِّينِ إِنَّمَا تَأْتِي بِتَحْلِيلٍ أَوْ تَحْرِيمٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نَهْىٍ أَوْ تَرْغِيبٍ أَوْ تَرْهِيبٍ فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي لَهَا لَيْسَ بِمَعْدِنٍ لِلصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ ثُمَّ أَقْدَمَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ مَنْ قَدْ عَرَفَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فِيهِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ جَهِلَ مَعْرِفَتَهُ كَانَ آثِمًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ غَاشًّا لِعَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ إِذْ لاَ يُؤْمَنُ عَلَى بَعْضِ مَنْ سَمِعَ تِلْكَ الأَخْبَارَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا أَوْ يَسْتَعْمِلَ بَعْضَهَا وَلَعَلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا أَكَاذِيبُ لاَ أَصْلَ لَهَا مَعَ أَنَّ الأَخْبَارَ الصِّحَاحَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَأَهْلِ الْقَنَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى نَقْلِ مَنْ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلاَ مَقْنَعٍ وَلاَ أَحْسِبُ كَثِيرًا مِمَّنْ يُعَرِّجُ مِنَ النَّاسِ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الضِّعَافِ وَالأَسَانِيدِ الْمَجْهُولَةِ وَيَعْتَدُّ بِرِوَايَتِهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِمَا فِيهَا مِنَ التَّوَهُّنِ وَالضَّعْفِ إِلاَّ أَنَّ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى رِوَايَتِهَا وَالاِعْتِدَادِ بِهَا إِرَادَةُ التَّكَثُّرِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْعَوَامِّ وَلأَنْ يُقَالَ مَا أَكْثَرَ مَا جَمَعَ فُلاَنٌ مِنَ الْحَدِيثِ وَأَلَّفَ مِنَ الْعَدَدِ ‏.‏ وَمَنْ ذَهَبَ فِي الْعِلْمِ هَذَا الْمَذْهَبَ وَسَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ فَلاَ نَصِيبَ لَهُ فِيهِ وَكَانَ بِأَنْ يُسَمَّى جَاهِلاً أَوْلَى مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى عِلْمٍ ‏.‏ )
مصانع انتاج الأحاديث كانت تعمل :
يقول (قَالَ مُسْلِمٌ وَأَشْبَاهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَلاَمِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مُتَّهَمِي رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَإِخْبَارِهِمْ عَنْ مَعَايِبِهِمْ كَثِيرٌ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ عَلَى اسْتِقْصَائِهِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ .... ) أى أن الكلام يطول عن الكاذبين فى الروايات .. وهذا فى عصر مسلم فكيف بعده مع استمرار مصانع الأحاديث فى انتاجها ؟
لقد احتوى موطأ مالك على (1008 ) حديث فقط فى رواية ابى الحسن الشيبانى ، وكثير من أحاديث مالك فى الموطأ لم ينسبها للنبى محمد بل كان ينسبها للصحابة و التابعين ـ أى ليست (أحاديث نبوية ) وفق معيارهم. وتوفى مالك عام 179 ، وبعد أقل من مائة عام ارتفع عدد الأحاديث المتداولة الى سبعمائة ألف حديث أنتجتها مصانع متفرقة من المدينة الى فارس ومصر و شمال افريقيا و الاندلس. وإختار البخارى المتوفى عام 256 منها حوالى 3 آلاف حديث .. وجاء تلميذه مسلم يشكو فى مقدمته كثرة الكذب فى الأحاديث واختار منها 3033 حديثًا فقط صحيحة ، وفى سنن أبى داود( سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمر الأزدي السجستاني ) (4800 ) حديثا انتقاها من خمسمائة ألف حديث، أما أحمد بن حنبل فقد انتقى أحايث المسند من بين سبعمائة ألف حديث وخمسين ألفًا حفظها . وهى أرقام مختلفة لا تخلو من مبالغات، ولكن حقائق التراث تؤكد أن ماكينة صناعة الحديث توسعت حتى بلغ انتاجها آلاف الآلاف فى عصر السيوطى المتوفى 911 حيث راجت سوق صناعة الأحاديث لتفى بالطلب المتزايد عليها فى الدين الأرضى السائد وقتها وكان مزيجا من التصوف و السنة.
والمعنى ان نصائح مسلم بتحرى الصدق فى الرواية والاسناد لم يعمل بها من جاء بعده لأن الدين السنى نفسه قائم على الكذب . ولا يغير من ذلك قوله عنه (إِذِ الأَخْبَارُ فِي أَمْرِ الدِّينِ إِنَّمَا تَأْتِي بِتَحْلِيلٍ أَوْ تَحْرِيمٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نَهْىٍ أَوْ تَرْغِيبٍ أَوْ تَرْهِيبٍ فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي لَهَا لَيْسَ بِمَعْدِنٍ لِلصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ ثُمَّ أَقْدَمَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ مَنْ قَدْ عَرَفَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فِيهِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ جَهِلَ مَعْرِفَتَهُ كَانَ آثِمًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ غَاشًّا لِعَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ ).
2 ـ والواقع القرآنى و العملى يؤكدان أنه كما أن هناك وحيان ،أحدهما وحى الله تعالى الصادق ، والآخر هو وحى الشيطان الكاذب ـ فهناك ايضا دينان ، دين الله تعالى الصادق والمعبر عنه فى خاتمة الرسالات السماوية (القرآن الكريم ) ثم هناك دين كاذب يقوم على أساس وحى الشيطان .ودليلنا ما يقوله الامام مسلم نفسه.
الكذب يصاحب مسيرة الحديث
لقد قلنا إن الأحاديث مرت بفترة شفهية سادت ثم بدأ التدوين مصاحبا الرواية الشفهية ثم ساد وعمّ فى العصر العباسى الثانى ، وجاء الاسناد مصاحبا للتدوين. وقد اصطحب الكذب الحديث من الرواية الشفهية الى التدوين والاسناد. وهذا كلام يحتاج فى شرحه وإثباته الى مجلدات ، ولكننا هنا نقتصر على ما جاء فقط فى مقدمة صحيح مسلم. ونرتب الموضوع كالآتى : الكذب فى الروايات الشفهية ، الكذب فى تدوين الأحاديث وفى الاسناد .
انتشار الكذب فى الروايات الشفهية
هناك رواية خطيرة كررها مسلم بثلاثة طرق مختلفة الاسناد والمتن تؤكد على أن إبن عباس قال إنه كان فى البداية يروى أحاديث عن النبى محمد عليه السلام ( إِذْ لَمْ يَكُنْ يُكْذَبُ عَلَيْهِ فلما رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ تَرَكْنَا الْحَدِيثَ عَنْهُ ) أى فلما انتشر الكذب فى الحديث امتنع ابن عباس من الرواية ومنعها فى مجالسه الى أن مات عام 68 .
يقول مسلم ( وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، - قَالَ سَعِيدٌ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، - عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ جَاءَ هَذَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - يَعْنِي بُشَيْرَ بْنَ كَعْبٍ - فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عُدْ لِحَدِيثِ كَذَا وَكَذَا ‏.‏ فَعَادَ لَهُ ثُمَّ حَدَّثَهُ فَقَالَ لَهُ عُدْ لِحَدِيثِ كَذَا وَكَذَا ‏.‏ فَعَادَ لَهُ فَقَالَ لَهُ مَا أَدْرِي أَعَرَفْتَ حَدِيثِي كُلَّهُ وَأَنْكَرْتَ هَذَا أَمْ أَنْكَرْتَ حَدِيثِي كُلَّهُ وَعَرَفْتَ هَذَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّا كُنَّا نُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ لَمْ يَكُنْ يُكْذَبُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ تَرَكْنَا الْحَدِيثَ عَنْهُ( . وقال مسلم (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ إِنَّمَا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ وَالْحَدِيثُ يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا إِذْ رَكِبْتُمْ كُلَّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ فَهَيْهَاتَ ‏.‏ ) وقال مسلم (وَحَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ، سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلاَنِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، - يَعْنِي الْعَقَدِيَّ - حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ جَاءَ بُشَيْرٌ الْعَدَوِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ يَأْذَنُ لِحَدِيثِهِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا لِي لاَ أَرَاكَ تَسْمَعُ لِحَدِيثِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ تَسْمَعُ ‏.‏ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّا كُنَّا مَرَّةً إِذَا سَمِعْنَا رَجُلاً يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْتَدَرَتْهُ أَبْصَارُنَا وَأَصْغَيْنَا إِلَيْهِ بِآذَانِنَا فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ لَمْ نَأْخُذْ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مَا نَعْرِفُ ‏.‏ )
المشترك فى هذه الروايات الثلاث رفض ابن عباس رواية الحديث فى مجلسه ، و قوله بأنه كان يروى ويسمع أحاديث قبل أن يعم الكذب فى الحديث فلما انتشر الكذب امتنع عن الرواية وعن يقال فى مجلسه أى حديث. وبالتالى فان ابن عباس يحكم بالكذب على كل الأحاديث التى راجت فى عهده أى فى القرن الأول الهجرى .. فماذا بعده ؟
ولكن لم يكن رواة الحديث صادقين فى عصر ابن عباس ثم حلّ الكذب فى أواخر أيامه بحيث امتنع عن رواية الأحاديث . فقبل ابن عباس هناك ابوهريرة أشهر المتهمين بالكذب ، وهناك الفتنة الكبرى والصراع الدموى ، وإذا استحل القوم دماء بعضهم فما أسهل عليهم تبرير ذلك بالكذب على النبى.
على إبن عباس نفسه كان متهما بالكذب ، فابن عباس كان صبيا دون الحلم حين رأى النبي عند فتح مكة،ولم يصحبه بعدها ، فقد قضى ابن عباس طفولته في مكة مع أبيه في حين كان النبي يومئذ بالمدينة وظل ابن عباس بمكة الى أن مات النبى فى المدينة ، فكيف سمع منه كل تلك الأحاديث التى رواها عنه أو رووها عنه ؟.
وقد أدرك هذه الحقيقة التاريخية بعض محققى الدين السنى فقللوا من عدد الأحاديث الصحيحة المنسوبة لابن عباس ، يقول الإمام ابن القيم الجوزية أن ابن عباس لم يبلغ ما سمعه من النبي عشرين حديثا (الوابل الصيب 77 ) ويرى الأمدي في كتاب الأحكام (2/ 78، 180 ) أن ابن عباس لم يسمع من النبي سوى أربعة أحاديث.
وهذا قول خطير من ابن القيم والآمدى وإن كنا نراه صوابا، ولكن شاءت الدولة العباسية أن ترفع من شان جدها ابن عباس فأصبح أكثر الصحابة علما ،وتبارى الفقهاء في نسبة الأقوال والاجتهادات إليه في الحديث والتفسير والفرق المذهبية والفقه والأحكام .
بل كان الامام مسلم نفسه من ابرز من روى أحاديث عن ابن عباس مع فارق زمنى بينهما يصل الى حوالى قرنين .
ويقول مسلم أن بعضهم كان يأخذ الحديث عن رجل مطعون فى دينه ( بمعنى فى سلوكه وأخلاقياته)، فعوتب فى ذلك بأنه لا يصح أن يأخذ الحديث غير مأمون ، يقول مسلم فى معرض حديثه عن الكذب فى الأحاديث : ( وَحَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ سَمِعْتُ سَلاَّمَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ، يَقُولُ بَلَغَ أَيُّوبَ أَنِّي آتِي عَمْرًا فَأَقْبَلَ عَلَىَّ يَوْمًا فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً لاَ تَأْمَنُهُ عَلَى دِينِهِ كَيْفَ تَأْمَنُهُ عَلَى الْحَدِيثِ ) وبالطبع هى وجهات نظر مختلفة ، فكل راو للأحاديث له رأى خاص فيمن ينقل عنه الحديث ، ولهذا تختلف آراؤهم فى تقييم الرواة و فى تقييم بعضهم البعض ، وكلها أحكام نسبية طابعها الهوى ـ أى للكذب فيها أكبر نصيب .

والى اللقاء فى الحلقة الثالثة ..



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انكار السنة فى مقدمة صحيح مسلم ( 1 من 8 ) الحلقة الأولى
- الأطماع الاقتصادية فى الحروب الصليبية
- الراكب و المركوب
- المعادلة الصفرية فى تاريخ المقتدر العباسى
- المعادلة الصفرية فى تاريخ الخليفة المأمون العباسى
- المعادلة الصفرية : الموت
- رسالة تهنئة بعيد الأضحى وعيد الميلاد
- شريعة الله وشريعة البشر
- النبى نفسه لا يجسد الاسلام .. فكيف بالمسلمين ؟
- بين تجربة الحوار المتمدن وتجربة رواق ابن خلدون
- الخلط بين الاسلام و المسلمين
- لقرآن الكريم ليس حمّال أوجه
- طوبى للمضطهدين فى الأرض
- هذا العلمانى الضحية ..صريع السلفية ..!!
- فى اصلاح الأقباط
- صراع الأصوليات
- التبرك ببول شيخ الأزهر
- فى اصلاح الثمارالسامة لثقافة التطرف الوهابية فى مصر
- دمقرطة الاخوان المسلمين
- حكاية أول عيد للفطر فى القاهرة


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد صبحى منصور - إنكار السنة فى مقدمة صحيح مسلم ( 2 : 8 )