|
بوش يعري عراة المنطقة الخضراء !!
عبد الرحمن السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 2159 - 2008 / 1 / 13 - 05:35
المحور:
كتابات ساخرة
استمر دعاة الاحتلال من العراقيين في عزف معزوفة ان قوات الاحتلال الامريكية ستغادر العراق حالما يعم الهدوء في العراق ، وادعوا بان المقاومة المسلحة لقواته والمتعاونين معه سيطيل من بقائه ، لذا على كل من يرغب بزواله سريعا ان يلقي سلاحه وينضم الى ما يسمى بالعملية السياسية . لكن الماء كما يقال يكذب الغطاس ، فما ان تحقق شئ من الهدوء في العراق بعد ان تمكنت قوات الاحتلال من خلق مجالس ما يسمى بالصحوة من جهة وقمع مليشيات الصدر من جهة اخرى حتى كشرت ادارة بوش عن انيابها . تصريح بوش بان قواته المحتلة ستبقى في العراق لما لا يقل عن عشر سنوات ، كان اقل صراحة من المرشح الجمهوري للرئاسة جون ماكين الذي كان اكثر شجاعة بكشفه عن الاوراق الخافية عن البسطاء فحسب ، قائلا ان العراق سيبقى محتلا من قبل القوات الامريكية طيلة قرن كامل . الغريب في العراق ان دعاة بقاء الاحتلال من العراقيين لا يمكن التمييز بينهم ، فقد تماهى اليسار باليمين ومن يدعي التقدمية تماهى بمن يدعو الناس للعودة الى تراث واحداث ألف وأربعمائة سنة خلت ، وانصاع الخطيب والمثقف البعثي الذي كان صوته مجلجلا حتى لحظة سقوط بغداد ، ليلتحق باخر عربة من عربات قطار الاحتلال الامريكي الهابط بالعراق نحو نهايته المحتومة ، وتحول العلماني اليساري بين لحظة الاحتلال ولحظة خطاب بوش الاخير في الكويت ، اي خلال خمس سنوات تقريبا الى طائفي تمده جيناته الطائفية بدفء كان بحاجة اليه تحت بنود الاحتلال الخفاقة ، وتوجه الليبرالي الى بيته الطائفي الامريكي ليرسخ في اذهان الناس الوطنيين ان مجيئ الامريكان للعراق نعمة وخير سماوي ينبغي اقتناص ما فيه من حب أمريكي لابناء الرافدين والذي سيفضي بهم الى ذرى المدنية الالمانية واليابانية ، اما السياسي الكوردي ولا خلاف بين يساره ويمينه ، بين قومييه المتعصب ووطنيه العلماني فرأى في اليانكي فرصة تاريخية قد لا يجود بها الدهر لتمزيق العراق وتكوين الامبراطورية الكردية التي لن تغيب عنها الشمس . بالامس بحت اصواتهم وهم يدعون الناس الى الهدوء والسكينة وفهم الواقع الجديد وان الامبريالية ما عادت وحشا ولا شيطانا أكبر ينبغي مقاومته ، وما جاء هذا الوحش لامتصاص النفوط ، فقد تغيرت امريكا بعد انتصارها في الحرب الباردة الى ملاك الحرية وحقوق الانسان وصارت تمارس رياضة القفز بالمظلات على فيافي التخلف الطلباني في افغانستان وعلى شطئآن انهار الرافدين المبتلاة بالدكتاتورية الصدامية لتصنع عالما جديدا قائما على الحرية والازدهار والعدالة ، وقد اقتنعت بعد جهد جهيد بمقولة الخطاب متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ، وجاءت برسالة المسيح في المحبة والسلام ، ولكن ما عساهم اليوم قائلين والعالم يستمع الى صوت بوش ويراقب صورته وهو يعلن دون خجل او وجل بان قوات احتلاله ستبقى في بلاد النخيل والجبال والماء والبترول حتى آخر تمرة واخر قطرة ، هل يا ترى يحتاج المرء الى نظرية سياسية ليفهم اليوم وبعد خراب البصرة ان الاحتلال جاء ليبقى ؟! وهل يستطيع اولئك القابعون في المنطقة الخضراء بعد هذا الاعلان الصريح الاستمرار في خداع الناس البسطاء وطيبي القلوب من أن عمهم سام سيغادر بالحسنى ؟! وهل بعد تصريح بوش هذا بقت حروف بلا نقاط ؟ ازاح بوش بقوله "مائة عام ، هذا ليس بالرقم المناسب ، هذا وقت طويل ، من الممكن ان يستمر الوجود العسكري الامريكي في العراق على مدى طويل ، ليس اقل من عشرة اعوام بالتأكيد " ازاح هذا التأكيد عن صدر كل وطني عراقي الوهم بامكانية زوال الاحتلال واعوانه دون مقاومة ذكية ذات برنامج سياسي ديمقراطي شديد الوضوح قادر على كسب مختلف شرائح الشعب الى جانب المقاومة ، مقاومة مسلحة وسلمية طويلة الأمد متجذرة في ارض العراق ومستندة الى اوسع نطاق خارجه ، مقاومة وطنية ديمقراطية بعيدة عن مخلفات الماضي البالية وارثه الدكتاتوري الدموي ، ومنفتحة على كل وطني ديمقراطي يرى ان مقاومة الاحتلال واجب وطني وانساني ، مقاومة تبعد عن صفوفها كل من يحاول ان يلبسها لبوس الطائفية او القومية المتعصبة او الحزبية الضيقة ، مقاومة تؤمن ايمانا مطلقا بان العراق لجميع العراقيين الوطنيين الديموقراطيين ، مقاومة تميز بين الإستراتيج البعيد المدى المتمثل في طرد الاحتلال شر طردة واقامة نظام وطني ديمقراطي حقيقي ، وبين تكتيكات يومية تنظيمية وعسكرية واعلامية وفكرية تخدم تحقيق الهدف. اليوم وبعد أن أربك الامبريالي بوش حواريه سكنة المنطقة الخضراء وكشف عريهم دون ادنى مراعاة لبؤس خطابهم الاعلامي الذي ظلوا يلهجون به طيلة خمس سنين عجاف في محاولة منهم لإخفاء عريهم السياسي و الأخلاقي وايهام المواطنين بان خلاص الوطن وحريته وسعادته كان وسيبقى بركة من بركات امريكا أم الدنيا ، وانهم سيطلبون من الاحتلال مغادرة العراق متى شاءوا بعد ان يتحقق الهدوء فيه ، اليوم وبعد هذا التصريح الكاشف لما تحت ثيابهم الداخلية لن يعود بامكان شرذمة الاحتلال التبجح بالوطنية وحب العراق ، فقد صار حتى المرحوم نوري السعيد يضحك على هذا التعري ويهمس بآذانهم شامتا ان يكونوا أكثر حنكة منه ويغادروا جحورهم قبل ان ينبلج الفجر وإلا لن يكون هو الوحيد الذي لازال يبحث عن بعض أصابعه في آخرته البائسة . 12 كانون الثاني 2008
#عبد_الرحمن_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-فلسطين.. شعب لا يريد الموت-.. كتاب جديد لآلان غريش
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 177 مترجمة للعربية معارك نارية وال
...
-
الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية و
...
-
جمال سليمان من دمشق: المصلحة الوطنية السورية فوق كل اعتبار (
...
-
جمال سليمان يوجه رسالة بعد عودته لدمشق عن جعل سوريا بلدا عظي
...
-
إبراهيم اليازجي.. الشخصية التي مثّلت اللغة في شكلها الإبداعي
...
-
-ملحمة المطاريد- .. ثلاثية روائية عن خمسمائة عام من ريف مصر
-
تشيلي تروي قصة أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات خارج العالم العربي
...
-
حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في ت
...
-
بعد غياب 13 عاما.. وصول جمال سليمان إلى سوريا (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|