|
تنظيم القاعدة وإستراتيجية أفغنة شمال إفريقيا
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2156 - 2008 / 1 / 10 - 11:06
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
منذ 2002 اتضحت الخطوط العريضة للإستراتيجية الجديدة التي قرر تنظيم القاعدة نهجها في إطار ما بات يعرف بـ "عولمة الإرهاب" . وتتوخى هذه الإستراتيجية فتح جبهات إقليمية تروم تحقيق الأهداف التالية : أ ـ نقل المواجهة ضد الغرب إلى مجالاته الحيوية وعلى حدوده وداخلها . ب ـ تشكيل قواعد خلفية للتخطيط والإعداد وتنفيذ العمليات الإرهابية . ج ـ تخفيف الضغط عن التنظيم الأم في أفغانستان ، خاصة بعد انضمام باكستان إلى التحالف الدولي في حربه على الإرهاب . في إطار هذه الإستراتيجية ركز تنظيم القاعدة على شمال إفريقيا ليجعل منها قاعدة خلفية ويؤسس بها فرعا إقليميا لما توفره المنطقة من عوامل تخدم التنظيم وتحقق مخططاته . وأبرز هذه العوامل : 1 ـ وجود شباب متحمس "للجهاد" ولتنفيذ مخططات تنظيم القاعدة ، خاصة أولائك الذين تلقوا تكوينهم الإيديولوجي والعسكري في معسكرات باكستان وأفغانستان ، وعادوا إلى بلدانهم وكلهم رغبة وحماس في مواصلة "الجهاد" ضد مواطنيهم . يقول علي العلام أحد المغاربة الأفغان ( شخصيا كانت تلك الفكرة حاضرة عندي ، بل كانت من الأولويات ، كنت موطدا العزم على تجسيد تجربتي الأفغانية في المغرب .. كنت قد جئت بعقيدة الولاء والبراء ، حيث لا مجال للمداراة والمداهنة ، فالكافر كافر ، والمؤمن مؤمن " ما فيها لا إلاّ ولا حتّى " ، فليس كل من تسمى بعبد الرحمان أو ما شابهه يعتبر مسلما .. لقد عملت على نشرها ـ أفكار التطرف ـ ، ولحد الآن فالناس الذين انتشرت بينهم منهم من زاد تطرفا .. أقول للتاريخ إنني طلبت من بن لادن أن ننقل العمل المسلح للمغرب .. أنا شخصيا لا أومن بالحل الديمقراطي ، وأعتقد أن الجهاد لا زال ضروريا ) ( الصحيفة عدد 35 ـ 12 أكتوبر 2001 ) . 2 ـ وجود بنيات تحتية لنشر عقائد التكفير وثقافة القتل ( مساجد خارج المراقبة ، منشورات على أوسع نطاق ، خلايا وتنظيمات متطرفة في كل المناطق .) .وهذا ما أكده وزير الداخلية شكيب بن موسى ، نهاية شهر نونبر 2007 أمام البرلمان ( الإرهاب ما زال قائما يهدد سلامة الدولة والمجتمع ، مستندا في ذلك على وجود عناصر متشبعة بالعنف وبأيديولوجية التطرف تقوم بنشر أفكارها على نطاق واسع). 3 ـ وجود شبكات نشطة في استقطاب الشباب وتجنيدهم للقتال ضمن صفوف تنظيم القاعدة في العراق أو تنفيذ عمليات انتحارية . وقد كشفت التحقيقات التي باشرتها السلطات الأمنية في المغرب والعراق على خلفية اعتقال مغاربة هناك ، أنه تم إرسال أزيد من 37 مغربيا خلال سنة 2007 . 4 ـ الانفلات الأمني الذي تعانيه الجزائر مما مكن التنظيمات المتطرفة من بسط هيمنها على مناطق شاسعة أقامت بها معسكرات التدريب ومراكز التأطير وإدارة العمليات الإرهابية . 5 ـ القرب من أوربا التي تمثل هدفا لتنظيم القاعدة ، من جهة ، ومن أخرى ممرا آمنا يعبره "الجهاديون" نحو العراق وأفغانستان وبقية المناطق التي تستهدفها التنظيمات المرتبطة عضويا أو إيديولوجيا بتنظيم القاعدة . 6 ـ وجود مناطق شاسعة لا تخضع للمراقبة الأمنية أو العسكرية وهي المسماة بمنطقة الساحل وجنوب الصحراء . وخطورة هذه المناطق الشاسعة التي تتقاسم السيادة عليها عدة دول دون أن تكون لها الإمكانات التقنية واللوجيستيكية الكافية لبسط السيطرة عليها ، تكمن في تحولها إلى مجال آمن تستغله التنظيمات المتطرفة في تدريب العناصر المستقطبة على القتال وتنفيذ العمليات الانتحارية ، لدرجة أن خطورتها باتت تزعج الحكومات الغربية . وهذا ما أكده أوغوست هنينغ كاتب الدولة في الداخلية الألماني لما نبه إلى كون هذه المنطقة تكوّن بمعدل عشرة إرهابيين كل شهر ، وأن هناك ما لا يقل عن 150 إرهابيا ينتظرون إشارة تنفيذ عمليات إرهابية في المنطقة المغاربية . وبالفعل تشهد المنطقة تزايدا مثيرا في العمليات الإرهابية التي لم تعد تستهدف فقط التجمعات السكنية لعموم المواطنين ، بل باتت تركز على الأهداف العسكرية والأمنية ، ضمن مخطط يعتمده تنظيم القاعدة الذي سبق وأشار إليه فرع التنظيم ببلاد المغرب الإسلامي في أحد بياناته كالتالي ( فالمجاهدون يخبئون لأعداء الله ببلاد المغرب الإسلامي مفاجآت كثيرة ستأتي في سياق متسلسل وفق خط تصاعدي .. عازمون على استهداف مقراتهم ومراكزهم وثكناتهم بكل وسائل النسف والقصف والتدمير الممكنة ) . فجاءت العمليات الإرهابية أشد خطورة في أساليبها ونوعية أهدافها كالتالي : ـ استهداف مقر الحكومة ومقر الشرطة بالجزائر . ـ استهداف الرئيس الجزائري بوتفليقة بعملية انتحارية في باتنة . ـ استهداف ثكنة عسكرية بشاحنة مفخخة بالأخضرية . ـ استهداف ثكنة للجيش بدلس . ـ استهداف أهم المواقع الإستراتيجية في العاصمة الجزائر حيث مقري المحكمة العليا والمجلس الدستوري. طبعا لم يحصر تنظيم القاعدة أنشطته الإرهابية ضمن حدود الجزائر ، بل يعمل على توسيعها لتشمل كل شمال إفريقيا . وفي هذا الإطار تندرج عملية اغتيال السياح الفرنسيين بموريتانيا يوم 24 دجنبر 2007 وكذلك الهجوم على موقع عسكري حدودي بالغلاوية في موريتانيا يوم 27/12/2007 . ولولا يقظة الأجهزة الأمنية في المغرب لوقعت ، لا قدر الله ، عمليات إرهابية لا تقل خطورة عن التي عرفتها الجزائر . ومما لا شك فيه أن انضمام الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا إلى شبكة التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة كما أعلن عن ذلك أيمن الظواهري يوم 3/11/2007 الذي دعا إلى الإطاحة بالأنظمة القائمة في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب ، سيزيد من خطورة العمليات الإرهابية ومن مداها . الأمر الذي يستغله تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي ، من جهة ، لبسط هيمنته على المنطقة والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية عابرة للحدود ، ومن أخرى إيجاد ملاجئ آمنة للتخفي والتدريب والتخطيط . مما يعني أن تنظيم القاعدية بصدد تحويل الساحل وجنوب الصحراء إلى " تورا بورا" شمال إفريقيا . لذا يتوجب على دول المنطقة ، وخاصة الدول المغاربية أخذ التهديدات التي يطلقها تنظيم القاعدة الأم أو الفرع ببلاد المغرب الإسلامي ، على محمل الجد ، ومن ثم بذل قصارى الجهد الأمني والعسكري لإفشال مخططات القاعدة وضمان أمن المنطقة واستقرارها .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وثيقة -جميعا من أجل الخلاص- ارتماءة في غياهب الإفلاس (1).
-
هل ستنتقل جماعة العدل والإحسان من الأبواب المفتوحة إلى الموا
...
-
حول مراجعات المتطرفين
-
المسعى الانقلابي لجماعة العدل والإحسان .
-
هل حقا الدولة تستهدف جماعة العدل والإحسان ؟
-
الحوار المتمدن ساحة للحرية وضوء في آخر النفق .
-
من يبيع المغرب بالملايين ومن يبيعه بالملاليم .
-
محاربة الإرهاب تبدأ من عقائده .
-
الإنتربول وشروط مكافحة الإرهاب .
-
السعودية والمقاربة الشمولية لمواجهة الإرهاب .
-
المنهجية الديمقراطية إستراتيجية لم تبلغ بعد مداها .
-
الأحزاب السياسية ورهان الملكية الدستورية .
-
أية ديمقراطية لأية ملكية ؟
-
هل أحزاب الأغلبية تحترم -المنهجية الديمقراطية- ؟
-
الأخ الحنفي : الشمس لا يحجبها الغربال .
-
المنهجية الديمقراطية كل لا يتجزأ .
-
فوز الهمة وفشل بن جلون أية دلالة ؟
-
بين إدريسين يتشكل المغرب الجديد
-
الأوصياء على الدين أول من يخرق تعاليمه.
-
تداول الأدوار أم تغيير المواقف؟
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|