|
حكايات من ذاكرة الريف .. الحبيبان
حسين الدليمي
الحوار المتمدن-العدد: 2157 - 2008 / 1 / 11 - 09:29
المحور:
الادب والفن
هي هكذا كانت القرية تعقد صداقات حميمة بين شبابها ويكون المضيف ملتقى الجميع تسمع فيه الحكاية ويلقى فيه الشعر وتقال فيه الموعظة وكل شيء يبني الشخصية اجتماعياً خصوصاً اذا كان عدد من رواده يتمتعون بثقافة اجتماعية وبأصول الدين وفروعه وشيءً عن الاخلاق في الاقل اخلاق القرية.
"السيد س" عقد صداقة مع شاب من القرية واستمرت هذه الصداقة التي اقتربت كثيراً من الاخوة وكانت الفتاة (س) اخت الشاب قد رأت (س) واعجبت بشخصيته على بعد وعلى طول تلك الفترة عرف السيد (س) ان هذه الفتاة تميل اليه، فاخذ يحاور نفسه كيف اذا علم صديقي بهذه العلاقة؟ ولكن كيف يدري وانا لم اقترب منها ولا انطق باسمها امام احد..؟ هي نظرة من بعيد ليس الا... كانت هي تعد احسن وجبات الطعام اذا كان ذلك اليوم قد تاخر عندهم، هو احياناً يتلطف بصيد الطير ويهديه لهم، عند ذلك تعد الوليمة اعداداً جيداً وذات قيمة غذائية عالية. استمرت السنون على تلك الحالة وذات يوم بدأ بتفكير جدي وطرح التساؤلات على نفسه، الى متى ابقى على هذه الحالة؟ ثم اني اذا تقدمت إلي خطبتها فلن يمانع اخوها، بل ربما يندفع اكثر ايجابية باتجاهي لانني صديقه الحميم وسوف اصبح له اخاً وساعداً ايمن،ً هذه الحالة كلها بجانبي ولكن ما المانع الذي يجعله يمتنع من إعطائها لي. وربما يعتبرها اهانة له، لا يمكن ان يفعل ذلك لانه يحبني. في الجانب الثاني هي تجري حواراً مع نفسها، لأقترب منه يوماً واحدثه بما اكن له من حب.. ثم اطرح عليه بان يتقدم لخطبتي، كيف؟ واين؟ وماذا تقول الناس لو رأوني معه؟ لكني قلبي يتقطع ألماً ويضغط علي في كل لحظة، اني احبه حباً عارماً، الى متى هذا السكوت..؟ ربما يتقدم لأخي احد غيره ويغريه بالمال وانا اصبح الضحية.. اذا يحدث ذلك فأنه هلاكي. استمرت هذه اللواعج ولأشجان عند الطرفين الى ان تغلب هو ذات مرة على ضعفه وقرر ان يتقدم الى خطبتها من اخيها على سنة الله ورسوله، لا شيء يقف عائقاً في هذا الطريق، ذهب لأحد اصدقائه وكلمه في الموضوع ورحب ذلك الصديق بالفكرة، وذات يوم دعا مجموعة من الناس الاخيار وذهبوا الى بيت صديقه وتحدثوا معه بهذا الشأن. رفض هذا الصديق طلب صديقه رفضاً قاطعاً واعتبرها خيانة من جانب صديقه الذي دخل بيته وخطب اخته، اذاً لابد من ، ان هناك علاقة بينهما، وهدد الحاضرين بقتل السيد لكنه يمتنع لأنه سيد وعليه ان لا يكررها مرة ثانية. اعاد السيد الكرة عدة مرات وفي كل مرة يجمع ناساً من غير تلك المجموعات وعندما وصل الى حالة اليأس بدأت عليه علامات المرض وقل طعامه.. انه السل الرئوي الذي اكتسبه من تلك الحالة النفسية، اقعده المرض وفي آخر المطاف.. قطع الطعام واخيراً توفي.. شعيته القرية تشييعاً مهيباً والنساء بالعويل والبكاء اما هي ففرض عليها حصار من قبل اهلها.. دفن في (ايشان) القرية القريب منها وكانت عادة اهل القرية يدفنون في هذا (الأيشان) لعلوه عن الماء . استمرت القرية في حزنها عليه الى اشهر هي لبست ثياب الحزن واستمرت تنوح عليه نواح الثكلى حتى اقترب عيد الاضحى وبدأت القرية تهيئ للعيد وجاء العيد واقيمت الافراح وامتلأ مضيف القرية برواده، هي لبست ملابس سوداء جديدة وتوجهت الى (الأيشان) واقتربت من القبر وصاحت بصوت عال تناهى الى سمع احد الرعاة الذي كان يرعى غنمه قرب (اليشان) قالت: تهزهز باللحد ونفض تراباك او حلو الطول هلنا يم تراباك اجانه العيد وعيوني تراباك (تنظر الى طريقك) من اشوفنك ترد روحي إليه ثم هوت بنفسها على القبر ولم تحرك ساكناً. يقول ذلك الراعي:- انتظرت طويلاً لعلها تنهض من على القبر. لم يحدث ذلك فقلت مع نفسي لعلها في حوار وهمس مع صاحب القبر... ولكن الوقت طال وبدأت الشمس بالانكسار وتتجه الى الغرب. اقتربت منها وناديت: ايتها الفتاة الجميلة كفى نواحاً على الحبيب انك وفيت والله، أعرفك جيداً واعرفه كذلك، ولكن لم نجيبنني؟ناديتها عدة مرات ولم تجب فضلت ان امسكها من كتفها واقلبها الى الجهة الثانية فوجدتها ميتة ناديتها ارجعتها الى وضعها السابق وهرعت الى القرية وناديت على النساء والرجال دون اخيها فهرعوا يركضون الى المكان ووقف الجميع يشاهدون المأساة وبكوا نساءً ورجالاً بكاءً مراً واقاموا مأتماً حتى الغروب، عند ذلك قامت النساء بتغسيلها من الترعة القريبة من (الأيشان) وتجهيزها ودفنوها بجانب حبيبها، جاء اخوها يضرب كفاً بكف، قال كبير القرية مستهزئاً:- ابشر بالجنة والشرف قتلت نفسين.. اجابه الصار صار ما بعد يفيد اللوم اصبحت نساء القرية يرددن بيت البوذية الذي قالته في كل مناسبة حزن وتعدى حدود القرية الى القرى الاخرى والى المدينة حيث حفظه الشعراء الشعبيون والادباء.
#حسين_الدليمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرجعيون وكتاب فى ان واحد
-
منكم..صارت شرائع الغاب تستمد وحشيتها
-
من نهب اثار العراق
-
سلطة التكلنوجيا
-
الى متى
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|