ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2154 - 2008 / 1 / 8 - 11:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما ابتليت به هذه (الأمة) العتيدة من أسقام سياسية وقضم خارجي مستمر , يكفي لشلها لقرون أخرى قادمة , وانتفاء أي سبيل لشفائها , المصيبة أن الشلل وحده لا يشبع شهوة خصومها الدائمة , بل يحسدونها على بلائها ويعدون لها ألف مرة حين تطرف بعينها الذابلة , وكأنه مكتوب عليها ارتداء ثوب الخيانة من حين لآخر .
قبل أكثر من خمسين عاماً لم يدخل مصطلح الخيانة قاموس السياسة العربية , الذي حل محل الرجعية , وتبقى الاخيرة أقل وقعاً على الأمة المشلولة التي يتغنى بأمجادها ممتهنو حرفة التخوين , فإن تكون رجعياً يعني أنك متواطئ أو متآمر مع جهة خارجية أو داخلية , لإعادة عقارب الساعة إلى الماضي , بينما يسير العالم قدماً إلى المستقبل , أمّا أن تكون خائناً فذلك من أكبر الكبائر و أعظمها , فإثم الخيانة يفوق إثم الرجعية بآلاف المرات , أقل سبب يقال في حقك إنك تريد بيع أمتك أو رهنها للأجنبي مجاناً وبدون ثمن .
موضة التخوين التي سطعت شمسها الحارقة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي , تمتاز اليوم بإدخال عنصر الدين إليها نظراً لاقتحام أهل الدين حلبة السياسة من أوسع أبوابها , غالباً لا تتطابق قواعد السياسة المتغيرة مع عقائد وتشريعات الدين الثابتة , فحيناً يأتي الاتهام بالردة والكفر , مثلما تفعل بعض الجماعت الاسلامية المتشددة المحسوبة على أهل السنة , وأحيانا أخرى تتوزاى لهجة الاتهام بين الحركات الإسلامية ذات الطابع السياسي , سنية كانت أم شيعية , مع ما يطلقه المتحذلقون المحسوبون على التيار القوموي (العروبي الثائر) من نعوت الخيانة والعمالة على أبناء ملتهم وأمتهم التي نسوا أنها مشلولة .
الويل والثبور إذا جاء هذا التخوين على لسان حال الإلهيين , لطالما اسموا نصرهم على إسرائيل بالإلهي , ولهم الحق في ذلك , وتحريرهم الارض بالإلهي أيضاً , فإنه لو نطق لسانهم بالخيانة المستوردة من قاموس
(( أصدقائهم العلمانيين)) فإنها ستكون أبلغ أثراً لأنهم أضفوا عليها
صبغة الهية .
لكم أن تتصوروا , عندما وصل عناد حركة خماس إلى حائط مسدود في غزة المحاصرة , اتهمت حركة فتح شريكتها في حمل القضية ومشروع النضال من أجل الوطن بالخيانة وتوعدت رئيسها محمود عباس بالمحاسبة متناسية أن الصراع على السلطة في ظل الاحتلال أسوأ منه .
وعندما حاول حزب الله الهبوط مرغماً إلى مستوى شركائه في الوطن , عله يحصل من انتخابات الرئاسة وفراغها المميت ما عجز عن تحصيله بالخيم المفتوحة , فلم يجد أنجع من نعت الخيانة , حينما شعر أن نفس شركائه طويل واللعب معهم لا زمن له , فحاول بتخوينه إياهم , خنقهم وحشرهم في زمرة المفسدين الحاكمين بأمر السفارة الاميركية , لتبرير الانقضاض عليهم والانفضاض عنهم في أي لحظة شاء .
كاتب سوري
-------
القاهرة
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟