|
صفات الملوك
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2154 - 2008 / 1 / 8 - 11:31
المحور:
كتابات ساخرة
شخصيات الملوك لا تستطيع أن تسترخي بأعصابها بين حرية الرأي والرأي الآخر , فطبيعة نظام الحكم الملكي طبيعة قديمة كانت سائدة في المجتمعات الإستبدادية , وظهرت الأنظمة الملوكية أول ماظهرت في بلدان الشرق الأوسط وبالذات في آسيا وأول ملك آسيوي كان( نرام سين ) وكان يلبس فوق رأسه قرنين من قرون الثيران . ونظام الملوك نظام إقتصادي قديم ونظام سياسي تعسفي فهو لا يسمح بنقده أو الإستهزاء به أو التهكم عليه .
وهذه المواصفات العنيدة لا تستطيع أن تلبي حاجيات المجتمع المدني الحديث فالمجتمع المدني الحديث مجتمع ينتقد كل شيء وكل ما هو مقدس ولا قداسة لشخص على حساب ملايين الجماهير العريضة .
وفي القرآن كلمة عن الملوك وآية مكتوبة ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزتها أذلة وأذلتها أعزة ) وهذا يعني أن نظام الملوك نظام قهري فاسد يفسد على الجماهير مصالحها في سبيل الإبقاء على مصلحته الشخصية وبالتالي فهو نظام تسلطي يقرب من بطانته الدهات سياسيا ولإقتصاديا ويستفيد من قسوة دهات المال والسياسة ويحميهم بقوته العسكرية بنفس الوقت الذي يستفيد به من أوراقهم النقدية وعملاتهم المعدنية من أجل تجنيد الجيوش والجواسيس من أجل إحكام القبضة الحديدية على الجماهير . ونظام الملوك نظام فاسد يقرب منه اللصوص الذين يعملون في الليل ويبعد عنه الصرحاء الذين يعملون في النهار وبالتالي في ظل نظام الملوك يزداد الفساد الإداري والعسكري والثيوقراطي وتكثر السرقات والأعمال الليلية وتغيب من بطانة الملوك الديمقراطية والتعددية كونه نظام لا يسمح لأحد بأن يشاركه في حكمه أو أن يقترح عليه برنامج سياسي وحكم بديل حتى في أعتى الأزمات السياسية ويبدأ الملوك عادة حياتهم بخيانة الأقرباء والأشقاء ويختمون حياتهم بخيانة متكررة للأقارب والأشقاء . فكل الخلفاء يعدون ملوكا وبغظ النظر عن ذكر أسمائهم فسجلاتهم التاريخية تثبت أن الخلفاء العباسييون كانوا في أول إستلامهم لسلطاتهم الدستورية يقتلون الأبرياء لمجرد شكهم بخيانة العرش والبلاط والديوان ولمعرفة أحيانا بشخصيات طموحة للحكم كانوا لهذه الشكوك يقومون بتوزيع التهم السياسية عليهم لإقسائهم عن ساحة العمل السياسي والمدني والعسكري . ويفشل الملوك في حياتهم السياسية إذا كانوا على شاكلة الملم (فرنسيس ملك فرنسا المولود -1514م) فقد كان الملك فرنسيس رقيق القلب محب للجمال وصريح جدا لدرجة أنه فشل بأن يكون دبلوماسيا , وكان محبا للنساء الجميلات لدرجة الخبال لذلك فشل بأن يصبح داهية سياسية. ورغم أنه كان يبتز الملك هنري الثامن بأناقة ثيابه غير أن أنفه الكبير وشاربه الخفيف جعله أقل جمالا من هنري تيودور الثامن . وهنري تيودور الثامن كان ملكا متعارضا في سلوكه لسلوك معاصره فرنسيس فقد كان ملكا وغدا وحوتا وتنينا قتل جميع أصدقاءه وكال التهم لكل عشيقاته ولم تثمر به الحياة الزوجية مع ثلاث ملكات حبسهن في سجن القلعة الواحدة تلوى الأخرى وبالتالي فهذه الشخصية للملك هنري هي الشخصية الناجحة للملك الناجح بينما الملك فرنسيس بوفاءه كان يتجيب للدموع والإنفعالات ولربما أن شخصية جده الشاعر (أورليان ) قد نقلت إليه صفات وراثية ساهمت بعمق حبه للفلسفة إذا كانت لا تتعارض مع الحب والحرب .
ورغم أن شخصية الملك فرنسيس جمعت مزايا عصر النهظة في أوروبا وفرنسا بالذات فقد فشلت بأن تكون شخصية ملك قاسي القلب والطبع فلقد جمع أيضا معاصره هنري الثامن مزايا النهظة الإنكليزية وأورثها لإبنته الملكة إليزابث غير أن هنري كان قاسيا وفرنسيس كان رقيقا . وعاش الملكان في ردهات قسرهم حياة طبيعية إذا إستثنينا غراميات هنري خارج أسوار القسر وكذلك معاصره الذي إنتقل له السل عامدا متعمدا عن طريق إمرأة أحب مضاجعتها فعلم زوجها بذلك فعاشر إمرأة مصابة بالسل وضاجع زوجته ونقل لها العدوى كي تنقلها للملك فرنسيس صاحب الأنف الكبير الذي يدل كبر أنفه على فحولة جنسية شبقه .
على كل حال شخصية الملوك هي شخصية الحاكم القديم حين كان النساء دهماء ورعاع يفتقرون للعلم والمعرفة أيام المجتمعات الإقطاعية والنصف إقطاعية كما كان هذا النظام النصف إقطاعي في بلداننا العربية والإسلامية . أما اليوم فلا أحد يهرب من عين الكاميرى السحرية التي تلتقط كل شيء حتى الأشياء التافهة , والقسوة وعدم رقة القلب لا تتناسب مع طبيعة المجتمعات المتمدنة اليوم فالمجتمعات المدنية اليوم بحاجة لملك ينفق على الثقافة كما ينفق على ملابسه الفاخرة وبحاجة لملك متسامح مع المثقفين وخصوصا في أزماتهم الثقافية وبحاجة لملك يسمح بالرأي والرأي الآخر ولملك صريح جدا وغير دبلوماسي مع السياسين والمثقفين لدرجة خداعهم وتضليلهم من قبل أجهزته الأمنية بل دبلوماسي لدرجة الإشفاق عليهم وإحترام معاناتهم وحصارهم الإقتصادي .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تذكرتك يا غالية
-
القراءة بين السطور
-
المرأة التي تكره الرجال والرجل الذي يكره النساء
-
المجتمع المدني يصنع الحرية
-
هكذا عشنا عام 2007م
-
كثرة القراءة تدخل صاحبها الجنة وقلة القراءة تدخل صاحبها النا
...
-
أكثر الناس ضحكا هم أكثرهم آلاما
-
الفقراء والأغنياء
-
هكذا يعبدون الله
-
أسرار عيد 25-12- في كل عام
-
المجتمع المدني
-
يجوز للمرأة تعدد الأزواج
-
الزمن السعيد على حسب نظرية أنشتاين
-
غيرة الرجل الشرقي
-
بناء المساجد والعقارات الصحية والثقافية في الوطن العربي
-
كل عام يا عرب ونحن هكذا
-
قتل المواهب العربية
-
إكرام الميت تأجيل دفنه
-
الحب : عام ألفين وأخضر ميلادي
-
أسباب تكفيري في جامعة محمد بن سعود2
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|