|
لله يا محسنين
محد نديم علي
الحوار المتمدن-العدد: 2153 - 2008 / 1 / 7 - 09:40
المحور:
الادب والفن
/ قصة قصيرة 1 يسكنني العيد ، والوحشة تسكن المكان
2 حاولت استحضار شيء من مظاهر البهجة الماضية. حسن ، هنا سأضع إناء جميلا للحلوى وكعك العيد الذي اشتريته جاهزا ، وهنا بعض التمر ، وترمس الشاي هنا والأكواب بالصغيرة المذهبة .. نعم هنا . • لالالا ، لو كانت أمك هنا الآن للامتك على قلة ذوقك وفظاعة ترتيبك. • لا ضير فأنا رجل. • تتهم نفسك؟ أم تتهرب من مسئوليتك ؟ • هكذا هم الرجال يركنون إلى رجولتهم لو فشلوا في إطعام أنفسهم وهم يعيشون وحدهم، أية رجولة تلك لا تستطيع أن تطعم صاحبها وجبة معدة إعدادا طيبا، • لا عليك الآن من تقطيعي و ( تقطيمي) في أول يوم للعيد ، ها أنا ذا أحاول أن أشارك الأثاث والطاولات بعض الفرح. 3 أذني مع الباب أسترق السمع لدبيب الخطى فوق الدرج ,أتسول أول الزائرين؟ وعيني على ذلك العفريت الإلكتروني الصغير ، الذي ما إن يرن ويهتز حتى تشيع في نفسك رعشة الفرح ورعدة الخوف.وفق حالتك العاطفية والاجتماعية والعملية التي تمر بها. 4 حاولت الاتصال ببلدي الأرقام كلها مشغولة ، خرجت إلى الشارع لعل الهواء يكون أكثر راحة وسرعة في نقل المكالمات ، هكذا ظننت. قابلني صاحب ورشة السيارات في الجوار ، لم أره إلا حين مد يده أمام عيني بأصابع يرقد تحت أظافرها سواد ملحوظ ، نظرت إليه فإذا هو عريس في ملابسه الزاهية. • عاتبتي قائلا : مش تسلم ياراجل وتعـيِّـد علينا ؟ • يعني لازمن نشحتك؟!!! • دعوته عندي فاعتذر أن هناك من ينتظره. 5 اشتريت جريدة الصباح ، صادفتني ذات العناوين التقليدية من التهاني والتبريكات والدعاء للأمة أن تقوم من كبوتها في العيد القادم . منذ أن كنت عفريتا صغيرا ، ألهو بالبالونات ، وأمرح في الحدائق وأسقط في الطين ، وأقف بين يدي أبي مادا كفي الصغيرة أطالب ( بالعيدية) ، منذ ذلك الحين وأنا أسمع أن أمتنا ستنهض من كبوتها في العيد القادم. لفتتني العناوين ناحيتها حتى كادت أن تلوي عنقي فتكسره ، (العرب يلجأون إلى المبادرة العربية كحل أساسي ،والعدو ...... يتجاهلهم.) (الدول الصغري تطالب بجدولة ديونها) أكاد أقسم أنها ذات العناوين منذ بداية القرن المشئوم. لو سألوني لكتبت من اللحظة مانشيتات صحيفة الغد وسأكون الفائز الأول في صدق الأخبار وتأثيرها على القارئ. 6 رجعت إلى البيت ، تعمدت الصعود على الدرج إلى الطابق الثالث ، الأبواب صامتة كالتماثيل.المكان موحش أفزعتني قطة سوداء خرجت من صندوق كارتوني صغير ، فرت هاربة من بين قدمي، حين حاولت تحاشيها صرخت بعويل مقبض لأنني دست على طرف ذيلها. تتسول اللقمة من صندوق عفن!! فتحت صندوقي أنا أيضا ( آسف ثلاجتي ) ، كي استخرج شيئا أشربه. 7
جلست بين الباب والعفريت الإلكتروني الصغير، أنتظر شيئا ما. • عصرت الهاتف كي أصل إلى رقم بعيد ، صرخت ، رد على الطرف الثاني بهدوء كشخص لم يفارقني سنتين : • كل عام وأنت بخير. • أوحشتني يا أخي والله. • (حاولت الاعتذار لسوء الخطوط وزحمة الاتصالات لم يسمعني جيدا ) • لماذا تأخر (الشيك) الأخير عني ... • حاولت أن ألقي السلام على مزيد من أفراد العائلة فلم يسمعني جيدا !!! • إن شاء الله في الطريق إليك. كيف حالكم ....( انقطع الخط) 8 العفريت الإلكتروني ينذر بمكالمة. • أهلا صديقي الشاعر ؟ • كيف حالك كل عام وأنت بخير. • أضاف : لقد كلمتك فقط كي أسمع صوتك وأهنئك بالعيد. • (أثلج صدري صوته الرائق.) • هممت أن أشكره .... انقطع الخط. (تذكرت أن بين أوراقي ، قصيدة جميلة لم تكتمل!!!) 9 طالما أحببتها، دون أخواتي جميعا، حد الجنون. رقمها مرفوع عن الخدمة مؤقتا. لم تتصل بي منذ نصف عام وبضعة أسابيع. رغم أنني كنت أتصل بها شهريا للاطمئنان عليها وعلى بناتها بعد رحيل زوجها. تعودت أن توقظني في ( نصاص الليالي) وهي تبكي عبر الهاتف لأنها وبناتها في حاجة إلى وإلى وإلى. علمت من أخت أخرى أن الله قد من عليها (بعرسان لقطة ) لبناتها. سلمهم الله جميعا. ويدي تراوح بين فمي وأشياء في آنية ملونة أمامي. استسلمت لوجه التلفاز المضيء ، لمشاهدة مسرحية عبثية ساخرة ، تعودت أن أشاهدها صباح كل يوم عيد وأضحك على مواقفها، كأنني أشاهدها للوهلة الأولى ، ضحك أبله معتوه. 10 قفزت كقطة مذعورة ، الباب يدق جرسه ، فررت من بيني يدي التلفاز الذي سقط مني جهاز تحكمه الآلي عن بعد أرضا ، وأنا أركض نحو مقبض الباب ، فتحته بعنف، صفعني وجه امرأة متوشح بحجاب أسود ،وتحتها وجه آخر لطفل صبوح. • لله يا محسنين!! همد جسدي على وقع المفاجأة وذهلت لجمال المرأة ونضارة الصبي . أهذا متسول وابن متسولة؟؟؟ ( محترفات) (لا علي فربما كانت مستورة في حاجة لمساعدة . لا تحكم على الناس ألم يعلمك أبوك ألا ترد سائلا على بابك؟ بلى بلى) قفلت راجعا استوثق من مكان حافظتي نقودي على مكتبي الصغير ، لأستخرج لها ربع الدينار (لا تجعل يسراك ترى ما ستفعله يمناك) دسست الورقة النقدية بين أصابعي. ( حكى لي أحدهم أنه استدرج إحداهن للداخل فأعطته بذات المبلغ ما تعطي الزوجة لزوجها) (أنَّ الصبي كأنه يتوجع ) ( يا ألطاف الله) مددت يدي من وراء الباب بالنقود، وتركت الريح تصفقه ورائي بعنف شديد. عود على بدء وعدت وحدي لمشاهدة المسرحية العبثية من جديد. ويدي تراوح بين فمي وأشياء أمامي فوق الآنية الملونة. ضجت قاعة المسرح بالضحك حين مد العاشق يده لحبيبته المتكبرة قائلا: لله يا محسنين كنت وسط ركام من الأثاث ،الذي بعد أن كان صامتها كالأصنام، راح يردد معي ، إذ تعالت مني ، ضحكات أبله معتوه .
#محد_نديم_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|