أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالحسين الساعدي - معارك الأهوار ( معركة الحَمَّارَة ) الحلقة الثالثة














المزيد.....


معارك الأهوار ( معركة الحَمَّارَة ) الحلقة الثالثة


عبدالحسين الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 2151 - 2008 / 1 / 5 - 10:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد كان لصعود الطغمة الصدامية الى دست الحكم فألاً سيئاً ومؤشراً خطراً ينذر بغدٍ مشؤوم ، فقد دشن هذا النظام أيامه الأولى بتصفية العناصر المشكوك بولائها للجناح المتطرف داخل صفوف حزب البعث المتمثل بصدام وبطانته ، والتي من الممكن أن تقف في طريقه لاحقاً ، ومن ثم واصل تصفيته القوى والأحزاب الوطنية والقومية التقدمية والدينية والشخصيات التي لها وزن أجتماعي مؤثر ، بعدها حاول تحويل النظر عن الصراع الداخلي الى صراع على الحدود ، بحجة التهديد الفارسي المزعوم وحسب زعمه ، فأدخل البلاد نتيجة حماقاته ونزعته التوسعية في حرب عبثية لا طائل من ورائها ، راح ضحيتها أكثر من مليون شخص ما بين قتيل وجريح ومعوق من أبناء البلد .
ونتيجة لذلك أتجه الشرفاء من أبناء هذا الوطن الجريح والمنكوب من قبل الحكام السادرين في غيهم وساديتهم إزاء شعبهم ، الى أمتشاق السلاح والتصدي الجريء لأسقاط حكم القرية .
لم يقتصر نضال المقاومة والمعارضة العراقية على شكل واحد من أشكال النضال والعمل المناهض للحكم الدكتاتوري ، بل تنوع من شكل ونمط الى آخر ، ففي كوردستان العراق حيث الجبال الوعرة والطبيعة القاسية كان المقاتلون من قوات ( البيشمركة ) البطلة يخوضون قتالاً عنيداً ضد القوات الحكومية المعززة بأحدث الأسلحة ، وبالرغم من عدم تكافؤ القوى ، في حين أتجه المجاهدون من الحركات الإسلامية الى أستخدام شكل آخر من أشكال النضال المسلح ، فأتخذوا من مناطق الجزيرة والأهوار في محافظات الجنوب منطلقاً لعملياتهم الجهادية ، مستفدين من الطبيعة القاسية والوعرة ، وقدرتهم على التعامل مع هذه الطبيعة ، وأستخدام التضاريس بشكل أمثل ، فضلاً عن تعاطف الأهالي في تلك المناطق ، ممن تضرر من سياسة هذا النظام الشمولي ، فدخل المجاهدون في معارك بطولية كانت الغلبة فيها للمجاهدين المؤمنين بعدالة قضيتهم ، وقد ضربوا من خلالها أمثلة رائعة في الصمود والتصدي للماكنة العسكرية الرهيبة .
لقد جرب النظام الصدامي حظه العاثر أكثر من مرة في الدخول بمعارك مع المجاهدين في الأهوار ، إلا أنه كان يخرج من جميع تلك المعارك خاسراً مدحوراً يجر أذيال الهزيمة المرة النكراء ، وما معركة ( هور الحَمَّارَة ) في اليوم العاشر من الشهر الحادي عشر من عام ألف وتسعمائة وتسعة وثمانين ، إلا واحدة من تلك المعارك ، ففي هذه المنطقة البالغة مساحتها ( خمسة وسبعين كيلو متراً )، والتي تبعد عن قضاء ( المدَيّنَة ) بنحو سبعة عشر كيلو متراً والتابعة لمحافظة ( البصرة ) ، وحيث كانت تحيط بها قرى عشائر( المواجد / السريحات / العمايرة / الرميض / أم الشويج ) ، حاول النظام المولع بالحروب والمعزول عن الشعب ، أنزال قوة عسكرية مكونة من القوات الخاصة بقوة لواء ، كما كانت هناك كتائب من المدفعية موكل إليها دك المنطقة التي يوجد فيها المجاهدون ، والذين سيشكلون فيما بعد عبئاً عليه عند دخوله دولة الكويت التي كان يخطط لغزوها .
وما إن شرعت القوة المهاجمة بالدخول الى المنطقة إلاّ وسارع المجاهدون للتصدي للقوة المهاجمة ، وكانت القوات المدافعة تقدر بمائة وعشرين مجاهداً ، كان أغلبهم من تنظيمات ( حركة حزب الله في العراق ) ، وبعض من مجاهدي ( حزب الدعوة ) الموجودين في المنطقة نفسها ، وبعد معركة شرسة وبطولية أستمرت عدة أيام ، كانت النتيجة فيها آندحار الجيش وتكبيدة خسائر فادحة ، وقد أستولت المجاميع الجهادية على كميات كبيرة من المعدات والتجهيزات ، وكانت معارك جديرة بالدراسة والتحليل من قبل المؤسسات العلمية التعليمية فهي لا تقل شأناً عن شبيهاتها من معارك فيتنام أو غيرها .
على الرغم من قساوة الساعات والأيام التي مر بها المجاهدون وعوائلهم ، وما كانوا يعانونه من شحة المؤونة والتجهيزات العسكرية ، إلا أن كل واحد منهم أجترأ قصة بطولية تفوق الخيال بتفاصيلها ، وذلك من دافع الإحساس بعدالة القضية التي يقاتل من أجلها .
لم تكن القوة المهاجمة بقادرة على زعزعة ثقة المجاهدين ، بل كانت ردود الفعل التي خلفتها هذه القوة ، قد تجسدت بالصمود والتصدي للماكنة العسكرية التي كانت تجهل الى حد بعيد القتال في مناطق الأهوار ، والتي كانت ملعباً رحباً للصناديد من ( ولد الملحة ) ، الذين أمتحنت قلوبهم عند ألتحام الجمعين .
لقد كان السياق المتبع في العمليات القتالية يعتمد أسلوب المجموعات الصغيرة وعمليات الكر والفر ، ما أنزل خسائر جسيمة بالقوات النظامية ، وجنب القوة المدافعة الخسائر المحتلمة ، وكان المدافعون يبدلون أساليبهم القتالية بين الحين والآخر وتبعاً للموقف الميداني .
لقد سحب النظام قطعاته العسكرية بعد أن فشل في تحقيق أي نصر يذكر في هذه المنطقة ، بل على العكس من ذلك فقد عانى خسائر فادحة أثرت في معنويات جيشه من جهة ، أما من الجهة الأخرى فقد كانت هذه المعارك عاملاً في رفع معنويات المجاهدين وسبباً في حصولهم على الغنائم من المعدات والمؤونة ، كما كانت حافزاً للمجاميع الجهادية في أهوار العمارة والناصرية ومنطقة الجزيرة ، وكانت هذه المعركة بمنزلة صفعة على وجه النظام الكالح .



#عبدالحسين_الساعدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معارك الأهوار ( معركة الزورة ) الحلقة الثانية
- معارك الأهوار ( معارك هور الغموكة ) الحلقة الأولى
- مقاومة مدينة الكاظمية عام 1963
- سجن الكوت وداعاً والى الأبد
- - سيدة الأعصر - مهداة الى مهناز (1)
- المتحف
- إنتفاضة الحي 1956 .... ذاكرة تتجدد
- المجد لذكرى أنتفاضة تشرين الثاني عام 1952
- أي قنون للآستثمار نريد ؟
- كابوس
- ذاكرة
- في ذكرى منفى بدرة الحدودي
- العراق _الإدارة والدولة الحديثة
- مقصلة الفجر
- صرخة الموتى
- المسخ
- فضاءٌ رحبٌ
- يوم السلم واللاعنف في العالم 2/10
- عودة الدرويش
- العالم أجمل دون نظارات ......... قصة قصيرة


المزيد.....




- -أسوأ معاملة إنسانية-.. قائد شرطة يتحدث عن رجل زُعم أنه كان ...
- مباشر: كييف تبدأ بتشكيل فريق لمراقبة هدنة محتملة وويتكوف ينق ...
- حماس توافق على الإفراج عن جندي إسرائيلي-أميركي وجثامين 4 من ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير 29 بلدة في كورسك و4 بلدات في دونيت ...
- مهرجان الألوان الهندوسي يجذب الملايين
- مصر.. الأمن يلقي القبض على مسن بتهمة التحرش بطفلة
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
- -حماس- تعلن موافقتها على مقترح تسلمته من الوسطاء لاستئناف ال ...
- حاسوب أمريكي يحل مشكلة معقدة أسرع بمليون سنة من الحواسيب الع ...
- سوريا.. أهالي السويداء يرفعون علم الموحدين الدروز في ساحة تش ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالحسين الساعدي - معارك الأهوار ( معركة الحَمَّارَة ) الحلقة الثالثة