|
تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 2148 - 2008 / 1 / 2 - 10:57
المحور:
القضية الفلسطينية
ليس هناك وطنٌ كان مهره غاليا كفلسطين ، ظلّ ثرى فلسطين يطلب الشهداء منذ فجر التاريخ وحتى اليوم ، حتى أن أكثر المهن الشعبية انتشارا في فلسطين ، هي مهنة توديع الشداء ، وإقامة بيوت العزاء ، لدرجة أن العزاء تحول بفعل الاعتياد إلى فرح ، فليس مستغربا أن تواكب زغاريدُ النساء مواكبَ العزاء !! وظلّت المسافة بين الفرح والعزاء قصيرة لدرجة الامتزاج . هكذا كُتب على الفلسطينيين أن يحملوا وزر العالمين ، وكتب عليهم أن يحرسوا بوابات المساجد والكنائس ، وأن يكون سلاحُهم دمَهم ؛ يطهرون به آثام الخاطئين ، يطلون به جدران المعابد والكنائس وحدود المدن والقرى لتحفظها من البِلى . إن فلسطين هي البلد الفريد الذي جرّب كلّ ألوان النضال ، وجرّب كل الأسلحة المادية والمعنوية ؛ فجرب المقاومة الغاندية بالاحتجاج على التهجير اليهودي ، وليس الهجرة ، لأن التهجير كان استعمارا مقصودا وهذه السمة الرئيسة للحركة الصهيونية ، ولم تكن هجرة لجوء واحتماء ، كما يظنها بعضهم، وجربوا أيضا النضال الحجري وجربوا النضال الفقري، ونجحوا في تحويل الصبر إلى نضال جديد في عصرنا . كتب جورج أنطونيوس في كتابه يقظة العرب: " منذ عام 1868 أطلق روّاد النهضة الأدبية صرختهم الشهيرة [ تنبّهوا واستفيقوا أيها العرب ] فهل يعقل أن يظلّ شعبنا الفسطيني يردد هذه الصرخة قرنا من الزمن ، ويتحمل تبعاتها وأوزارها ؟! فقدّم وجهاء القدس احتجاجا لرشاد باشا (سنجق القدس ) عام 1890 ضد ازدياد أعداد اليهود ، وطالبوا بمنع هجرة اليهود الروس ، ومنحهم الأراضي .. وهذا – كما يقول عبد الوهاب الكيالي في كتابه - تاريخ فلسطين الحديث – دليلٌ قاطع على الوعي المبكر لخطر التهجير الإستعماري لليهود إلى فلسطين ، وهذا قبل المؤتمر الصهيوني الأول .. وهذا نموذج للمقاومة الاحتجاجية ( الغاندية ) المبكرة جدا والواعية جدا ! وفي نموذج آخر نشرته صحيفة الكرمل الفلسطينية 7/7/1914 " هل تقبلون أن تصبحوا عبيدا للصهاينة ، الذين جاءوا لطردكم من بلادكم ، مدعين أنها بلادهم .. وحثّ النداء الشعب على الاجراءات التالية : حظر بيع الأراضي الأميرية للأجانب وكذلك الأراضي المملوكة للأفراد ، ومقاطعة التجارة مع الصهاينة ، التشجيع على الزراعة ، وتجنيد الرأي العام " وحاول الفلسطينيون خلال تاريخهم الطويل توحيد النضال لأنهم كانوا يدركون أن المؤامرة تستهدف رأس العرب أجمعين ، لا القطر الفلسطيني .. فلجأوا إلى مقاومة أكثر عمقا من الاحتجاجات ، وهي المقاومة المنظمة بالأحزاب والتنظيمات السياسية والدينية ؛ فقد عُقدت سبعة مؤتمرات وطنية فلسطينية منذ نهاية الحرب الأولى 1919 – 1929 وكانت هذه المؤتمرات تعمل على ثلاثة محاور : الديني – العربي – الفلسطيني وكانت جميعها ترى في وعد بلفور كارثة عربية أيضا . وظهرت الأحزاب : حزب الاستقلال 1932 ، وحزب الدفاع 1934 والحزب العربي الفلسطيني 1935 وحزب الكتلة الوطنية ، والإصلاح ، والحزب الشيوعي ، وبرع الفلسطينيون في تأسيس لجان مشتركة لقيادة النضال ، فقد كانت اللجنة العربية العليا لفسطين ، هي التي تدير انتفاضة عام 1936 ثم جاءت الهيئة العربية العليا كنموذج مصغر لحكومة فلسطينية عام 1946 إلى أن أُسست منظمة التحرير الفلسطينية 1964 وتوالى النضال ، وتعددت الأحزاب والتيارات السياسية ، وتتابعت الانتفاضات إلى تأسيس الدولة . إن السرد التاريخي السابق يؤشر على الإصرار الفلسطيني على الاستقلال ، ويدلّ على قدرة هذا الشعب على تنويع النضال وتفريعه ليشمل الجميع .. كما أن أبرز مدلولات السرد التاريخي السابق أن الفلسطينيين كانوا على وعي تام بالمخطط الذي لم يكن يستهدف فلسطين كمساحة ، بل كان يستهدف فلسطين كحلقة وصل عربية . وإليكم بعض الفتاوى الدينية النضالية التي أقرها الشيوخ وهي بالطبع ليست من قبيل فتاوى إرضاع زميل العمل وتحريم أكل لحوم الماشية التي تأكل أروراقا فيها كلمات دينية!! وحسبي أن أسرد مقررات المؤتمر الإسلامي الأول 25/1/1935 الذي عقد في كلية روضة المعارف بجوار المسجد الأقصى بحضور أكثر من أربعمائة من ممثلى المسلمين ، لأدلل على الوعي الفلسطيني المتقدم : أصدر المؤتمرون فتوى بتحريم بيع الأرض ، أو السمسرة لغرض بيعها ، أو الوساطة ، واعتبار هؤلاء مرتدين ، مع تحريم دفنهم في مقابر المسلمين وطلبوا تحويل الأراضي الأميرية التي تملكها الدولة المحتلة ، إلى وقفٍ للمسلمين ، وطلبوا وقف التهجير اليهودي ، وطلبوا من حكام العرب دعمهم ، وإقامة المشاريع الاقتصادية في فلسطين وبعد عام عقد مؤتمر ثانٍ طالبوا فيه أيضا بمنع التهجير اليهودي . ولعلّ أطرف قرارات المؤتمر الثاني كانت : إجراء إصلاحات على نظام الأحوال المدنية والشخصية وكان الطلب بأن تكون إدارة المعارف والتربية والتعليم بيد الفلسطينيين وكان الطلب الأخير يمثل إدراكا من الفلسطينيين بأهمية التعليم كعنصر أساسي واجب في مرحلة النضال . وبعد ليس مقبولا أن نكرر أخطاء النضال السابقة ، وليس جائزا أن تسير نضالاتنا وفق نظرية رد الفعل ، ومن أخطر الأمور أن نهمل نظامنا التربوي والتعليمي ، وعلينا أن نرفع شعارا يقول : [ إن تخريب التعليم ، تخريبٌ مقصود للنضال الوطني الفلسطيني ] وكل عام وأنتم بخير
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
-
قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
-
الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !
-
الإعلام ...لواء مدرع في سلاح الشركات متعدية الجنسيات !
-
الإعلام العربي ... كلام حتى الموت !
-
هل ستصبح غزة تحت وصاية حلف الناتو ؟!
-
إعلان براءة إيهود أولمرت بعد لاءاته الثلاثة !
-
الحوار المتمدن نافذة لأكسجين الحريات
-
هل الوطن العربي هو الذي يُهاجَر منه .. لا إليه ؟!
-
هل يملك الفلسطينيون حق رفض حضور مؤتمر أنابولس؟
-
لماذا يخسر العربُ الحروب ؟!
-
إحالة غزة إلى التقاعُد !
-
المخزون الاستراتيجي الإسرائيلي من الأسرى الفلسطينيين !
-
من يُحصي جرائم إسرائيل في حق الثقافة ؟!
-
هل يتمخض مؤتمر الخريفة فيلد ... (ورقة ) !
-
رواية شيفرة دافنشي ... بين الحقيقة والخيال !
-
ما أكثر كُتَّاب المقالات ، وما أقل أثرهم !!
-
تركيا وفلسطين وأمريكا وقوانين العنصريات !
-
ميكافيللي هو مؤسس نظرية الفوضى الخلاّقة !!
-
كيف ينهض العرب من كبوتهم ؟!
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|