|
الوليد بن طلال و البلاط العباسي
هشام الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 2150 - 2008 / 1 / 4 - 05:54
المحور:
كتابات ساخرة
لا يخفى ان لكل شعوب الارض و اممها مصلحين وطغاة و خيرين و اشرار فهاذان الصنفان هما مبدأ الجدل الديالكتيكي الاجتماعي و الذي تقوم عليه عدة مشاكل اجتماعية واخرى قضايا انسانية ومن هذه المشاكل مشكلة الفقر ومشكلة الانحلال الخلقي و دكتاتورية الفرد او الانا المتعالية ....الخ ومن القضايا التي يثيرها هذا الجدل هي الانتفاضات والثورات التي يقوم بها الطرف المستضعف ضد الاخر المستكبر. ولكن مشكلة الفقر و الذي يطلق علية الوضع الاقتصادي للفرد والمجموع لها البعد الاوسع و الاهم في جدلنا الاجتماعي منذ القدم و الى يوم الناس هذا . و امتنا التي نطلق عليها مجازا العربية والاسلامية من هذه الامم التي حوت وما زالت تحوي على هذان الصنفان اللدودان . و لنأخذ نموذجا تأريخيا وهو الحكم العباسي و شبيها او وريثا له من واقعنا الحالي . فالجميع يعرف قصور العباسيين و بلاطهم و ما كانت تحوي في لياليها الحمراء من طرب و أنس و هز للبطون ودق بالطنبور و حشود الجواري و الغلمان و بريق الذهب الاخذ للابصار في كل مكان فقد حكا لنا التاريخ الاسلامي انه قد بلغ الترف بالعباسيين حد اصبحت معه ملاعق الطعام و اوعيته و اباريق الماء كلها تصنع من الذهب الخالص ؟ و يحدثنا التأريخ ان المتوكل على الله كان يملك من الجواري ثلاثة الاف جارية ؟ وهذه الجواري هن غنائم المسلمين بعد ان ذبحوا ابائهن و اخوانهن المشركين و استحوذوا على هذه الغنائم الثمينة !! و لا اعلم ما الذي كان يفعله ملوك وامراء المسلمين من العباسيين لا سيما المتوكل بكل هذه النساء الجميلات ؟ اما الحاله الاجتماعية و الوضع الاقتصادي خارج هذه القصور انذاك فقد كان كما قال الحكيم الصيني " ولدوا...تعذبوا...ماتو..." فقد كان عامة الشعب او الطبقة غير الحاكمة و غير المنتفعة تعاني من وقاحة الفقر و شره المؤذي فلا وجود لتلك الاواني الذهبية بل قدور متفحمة و الماء هو سبيلها الوحيد تحويها اكواخ خربة لاناس اتعبتهم الحياة بفصولها المؤذية .نعم هذا ما كان بالامس . و لنأتي الان على الوريث الشرعي لهذا الفصل من فصول التأريخ الاسلامي الذي تحدثنا عنه . فاليوم يمثل الامير السعودي الوليد ابن طلال تلك الحقبة المنصرمة من الزمن فقد عاد المجد العربي الاسلامي لكنه اليوم بثوب جديد فالجواري الشقراوات والسمراوات تملىء قصور هذا الامير اللطيف و لكن لم يأتين هذه المرة نتيجة غزوة من غزواة المسلمين بل بغطاء فني جميل اسمة " شركة روتانا " و ما ادراك ما روتانا يا صديقي المتوكل على الله . فهذه الشركة التي يديرها الوليد ابن طلال وهو من سلالة ملوك الحرمين الشريفين وممن يستغفروم في اليوم و الليلة الف مرة تتلقى افضل انواع الدعم المادي و المعنوي من كبار رجالات الدول الرأس مالية . و تقوم بصرف ملايين الدولارات لاجل هز بطن او كشف صدر لاحدى جواري العصر الحديث . بيد ان ملايين الفقراء في مختلف بلدان العالم لا سيما في العالم العربي و الاسلامي لا تجد قوة يومها فترى الشيوخ والعجائز الطاعنون في السن يفتشون في المزابل عن لقمة تسد الم الجوع المؤذي . و الغريب في هذا الامر انك لو تحدثت مع هذا الامير او ذاك السلطان بأمور تمس الدين والعقيدة و اطعام الفقير فسينقلب الى ملاك نقي و لرئيته ازهد الزاهدين !! يحدثنا التأريخ ان الخليفة العباسي الشهير هارون الرشيد طلب من احد و عاضه ان يذكرة بالاخرة فبدأ هذا الواعظ بسرد الايات والقصص التي تنذر بجهنم وعذابها و بالجنه و ثوابها فاخذ الرشيد يبكي حتى خر مغشيا عليه خوفا من الله و عذابه ؟ ثم افاق فأمر بالمال الوفير لذلك الواعظ العزيز ثم كر راجعا الى احضان جواريه الجميلات ؟ و هذا ما يفعله امراء و ملوك الدول العربية والاسلامية فهم يعيشون ازدواجية مقصودة ايها الاصدقاء . فاذا جاء وقت العبادة فهم ركعا سجدا و اذا انفضوا ذهبوا لعبادة اصنامهم واهوائهم. فما الذي تعنية كل تلك الملايين التي احرقت لاجل حفل زفاف ابنت الوليد ابن طلال " رنا " و هي تتنقل بين ارقى و افخم القصور الاوربية ألا استهتار بقيم السماء و احتقار لدمعة الفقير المسكين . فهل سأل نفسه هذا الامير كم محروما في بلدة او في بلدان العالم العربي ؟ الم يكن من الواجب الخلقي و الانساني تقسيم هذه الاموال على هذا الطابور الذي لا يملك نهاية ممن اشتعلت رؤوسهم شيبا و لم يملكوا كوخا يأويهم حر الصيف و برد الشتاء . و الغريب في امر هذه البقعة من الارض و اقصد العالم العربي و الاسلامي ان وعاظ السلاطين من رجال الدين يباركون هذه الجرائم التي ترتكب بحق الانسان الفقير و يستطيعوا بمنطقهم والسنتهم ان يجعلوا هذه الاموال التي اسرفت على ليالي الزفاف و الانس هي اموال فد انفقت في سبيل الله ؟! و الحمد لله . وهم بهذا ايضا يعيدوا امجاد ذلك الواعظ الذي وعظ الرشيد من قبل . نعم يا اصدقائي اننا نعاني من ذلك التاريخ و من هذا الواقع فهل يا ترى سيكون في المستقبل اشراقة خير و هل سيأتي يوم ما تكون هذه المليارات من الدولارات في مكانها المناسب و اقصد بين بين ايدي الشيوخ و العجائز و الاطفال المحرومين ، فهي اليوم بين احضان و صدور جواري سيدنا الامير ابن طلال ؟!
#هشام_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الواقع العراقي وفلسفة الانا والانت عند مارسيل
-
اسطورة حجاج بيت الله الحرام
-
رسالة الى السيد المدرسي
-
الاصنام الملتحية
-
جسر الشغب
-
دموع الشهادة
-
المنتدى الحزين
-
موتى بلا قبور
-
على الدرب
-
المتناقضون
-
عمال البناء
-
الحمار والجلاد
-
رواية الشيطان
-
رسالة كلكامش
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|