أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فارس خليل ابراهيم - العولمة والاعلام العربي واشكالية الانسان العربي المعاصر















المزيد.....

العولمة والاعلام العربي واشكالية الانسان العربي المعاصر


فارس خليل ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2145 - 2007 / 12 / 30 - 12:39
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تبدو للوهلة الاولى مدى الصعوبة البالغة في تناول اشكاليلات الاعلام العربي في عصر العولمة وتوفير مجموعة من الحلول الناجعة لحل تلك المشكلات .
ومن اسباب هذه الصعوبات هو ذلك الفضاء الواسع لتلك المشاكل وتحمل هذا الفضاء كل ما يمكن ان يقال او يذكر من اسباب الفشل والخمول الاعلامي ايا كانت اسبابه او تفريعاته ونتائجه ، وكأن ما يعانيه الاعلام العربي هو جرب مزمن لايمكن معالجته او التخلص منه الا بزوال هذا الاعلام .
وعلى أي حال ولتناول هذه القضية الشائكة لا بد لنا من التحليل والتشريح لفهم ابعاد هذه الظاهرة والمشكلة المركبة .
بما اننا في عصر لا رأي لنا فيه من حيث اين نبدأ او متى واين نقف ومتى نرفض السير او الوقوف ، ضمن حدود امكانياتنا المتاحة .. جاءت العولمة لتمحو الحدود بين البلدان وتزيل الحواجز بين سلوك السلطة وحواس المواطن عبر (اسلحة الاعلام الاثيرية السمعية والبصرية الخارقة للفضاءات المغلقة) لتسعى الانظمة العربية وعلى عجالة من امرها للملمة تداعيات هذا الحدث الخطير الذي هتك قدسية هذه الانظمة وهيبتها في ذهنية هذا المواطن ومحاولة اقصائه كليا عن ساحة المساهمة الفعالة في الحياة، من خلال عقد شبكة جديدة من التحالفات التكافلية بينها وبين مجموعة من القنوات الاعلامية الفضائية المملوكة من قبل بعض افراد السلطة الحاكمة في الدول النفطية او لبعض الشركات المتعددة الاصول ، تحالفات تقوم على اساس توفير الدعم المالي مقابل الولاء السياسي غير المباشر مع نزع الطابع السياسي عن معظم المضامين السياسية للرسالة الاعلامية ، لتظهر فيما بعض هذه المعادلة الغريبة في الاعلام العربي المبنية على المدى الواسع لحرية التعبير في تلك القنوات والذي يقابله ذلك التزمت المزمن لقنوات الاعلام الرسمية في هذه البلدان رغم وحدة مصدر الدعم المالي (فما هو محرم على التلفاز السعودي مباح كل الاباحة على قناة العربية الفضائية) بالاضافة الى دخول الاعلام الاجنبي الناطق باللغة العربية كطرف جديد في معادلتنا هذه والذي دفع بالاعلام العربي للانفلات من ربقة السلطة الرسمية الحكومية والوقوع في احضان مؤسسات العولمة الاعلامية من خلال حركة رؤوس الاموال العابرة للقارات التي لاتترك شبرا واحدا صالحا للاستثمار الا واستثمرته ، والاعلام العربي بواقعه الحالي وما يعانيه من مشاكل بنيوية يعتبر وسطا استثماريا مربحا للغاية .. فعلى الرغم من مظاهر الحرية في تلك القنوات الفضائية والدعم المالي اللا محدود من قبل جهات رسمية عدة ضِمن المحيط العربي واستثمار كل مايمكن استثماره من الطاقات البشرية الفعالة وتحويلها من مجرد فضائيات مدعومة سلفا الى مؤسسات اعلامية ربحية تعتمد بعد مدة وجيزة على قدراتها الذاتية في العمل والمنافسة ، وهذا امر ايجابي بحد ذاته الا ان هذه المشاريع الاعلامية الحديثة تعاني وعلى ما يبدوا غياب العقلنة في رسم الاستراتيجية العامة للمشروع الاعلامي في خطوطه العامة .. ومن هنا وبالذات تم تغييب ذهنية الانسان العربي وتحييده بعد ما كان اختزال هذا الانسان هي السمة الرئيسة في الاعلام الرسمي ، فالقائد الملهم وشخصيته الكارزمية وجوقته الاعلامية قد اختزلت كلا من (الشعب – السلطة- الدولة) وعلى مدى خمسين عاما متواصلة .
وعند تغييب ذهنية الجمهور تصبح عملية دراسة الانشطة الاعلامية وفهمها مجرد خطوط سريالية لا تخضع للمنطق وخاصة بعد سيادة نظرية القطيع على العملية الاعلامية ، واي قطيع، قطيع لايمكن ان يسير في اتجاه واحد وسرعان ما ينقض على أي فرد يحاول دفعه بالاتجاه الصحيح ضمن سرب منظم وفي لحظة يطغى عليها الجهل والمزاج السيء (فالانسان عدو ما يجهل) ناهيك عن ما
لايمكن حله من هذه المشكلات كالانعدام التام للصناعات الرقمية لتقنيات الاتصال والتدفق الاعلامي الاحادي الجانب نتيجة لغياب الوكلات الاخبارية المتخصصة واحتكارها من قبل الكارتيلات الاعلامية العمالقة في البلدان الرأسمالية وما يترتب عليه من السرعة الفائقة من التدفق الاعلامي في تلك البلدان مقابل السرعة المتواضعة في مؤسساتنا الاعلامية .
البرجوازية العربية الذيلية والبحث عن الريادة
ومن جملة ما افرزته العولمة كنظام شمولي يعتمد مبدأ حرية الاستثمار وتنقل رؤوس الاموال ، هو صعود الطبقات البرجوازية الى سدة الريادة الاقتصادية والسياسية في العالم عموما والبرجوازية العربية بصفة خاصة هذا كله وفي ضوء ما عانته البرجوازية الذيلية من ازمات بنيوية حادة نتيجة لولادتها غير الطبيعية واقتران ظهورها مع بدايات تدفق الاستعمار الغربي للمنطقة وحاجة الاستعمار لوسيط مقاولاتي يتحمل اعباء وخطورة استثمار الموارد المحلية ومواجهة الاقطاعية العربية المهزومة امام الماكنة الاقتصادية والعسكرية للوافد الجديد وعدم تسليم تلك الاقطاعية بالهزيمة .
ان هذه الولادة المشوهة لتلك الطبقة وفشلها بالقيام بدور ريادي بالمجتمع مثلما قامت به البرجوازية الغربية في غرب اوربا واشعال فتيل الثورة الصناعية وما ترتب عليه من تغييرات فوقية حادة في المجتمع وتلقي البرجوازية العربية العديد من الضربات الموجعة من قبل بعض الانظمة الاقطاعية العربية وتحالف هذه الانظمة مع المستعمر الاوربي بعد شعور الاخير بضعف هذه البرجوازية ووصوله الى تسويات استراتيجية تسمح للأنظمة الاقطاعية بالاستمرار بالحياة وتفسح المجال واسعا امام الاستثمارات الرأسمالية الغربية في المنطقة كما حدث في الخليج والجزيرة العربية في عشرينات القرن الماضي .
ومع سيادة منطق الاستثمار العابر للقارات والذي تطلب بدوره وجود طبقة برجوازية نشطة بالاضافة الى الضغوط التي مارستها الدول الغربية على الانظمة العربية وخاصة الموجودة في الخليج العربي لتحويل هذه الانظمة من انظمة وراثية- استبدادية الى انظمة وراثية تعتمد الانشطة البرلمانية في حياتها السياسية وما يعنيه هذا من صعود نجم البرجوازية المحلية الى كافة محافل الدولة ومؤسساتها وامتداد هذا الدور الى كافة قطاعات الحياة ومنها القطاع الاعلامي هذا كله قد ضاعف من مشكلة الاعلام العربي في عصر العولمة ، فتسللت طبقة اجتماعية مصطنعة ومحشورة حشرا في مسيرة التحولات التي شهدتها المنطقة العريبة وما تمتاز به هذه الطبقة من هاجز الخوف وعقلية الازمة المزمنة والربح السريع وسلوك الوساطة الملازم لها ، لم يثمر الا عن رسالة اعلامية تعتمد مبدأ الربح السريع محركا لها ومتخذة من اسلوب الترفيه والتسطيح والتحمير واشاعة ثقافة الاستهلاك بانماطه المقولبة اسلوبا مميزا لتحقيق غاياتها .. وقد لاتكون الخطورة كل الخطورة في هذا المبدأ السالف الذكر بقدر ما يكمن فيه عملية تربية اجيال عديدة خارج اطار مشاكله الحقيقية وسلخه عن واقعه المر من خلال تحويل بؤرة اهتمام الرسالة الاعلامية من معالجة تلك المشكلات المزمنة نحو بدائل كاذبة عن هذا الواقع (وكيف لهذه الطبقة ان تجد حلولا لمشكلة هي جزء فاعل في ديمومتها .. ففاقد الشيء لا يعطيه) .
وهنا تصبح مشكلة الاعلام العربي وادواته اكثر تعقيدا وتركيبا ، فمن ممارسة اختزال هذا الانسان ومن ثم تغييب ذهنه وقدراته التمييزية ومعاملة الشعوب العربية معاملة القطيع ، واي قطيع ، قطيع فاقد للذاكرة الاجتماعية ومغيب عن الحاضر المفعم بالمشاكل والذي لايعرف اين يرعى او ما يأكل او يشرب ! لتصبح عملية الوصول الى استنتاجات منطقية في واقع غير منطقي امرا اشبه بالمستحيل.
استنتاجات غير مجدية لواقع مبهم؟
ان وصف مالايمكن ان يوصف هو امر عسير ويبدو هذا حال الاعلام العربي وافرازاته .
فعند وصف شيء ما تبدأ عمليه التوصيف بوجود شيء يملك صفات عامة متداولة عرفا في المحاكمات العقلية ، كالاطوال والاحجام والكتل والالوان ..الخ وشخص او جهة ما لها القدرة على تحديد تلك الصفات العامة بالاضافة الى ادوات المنطق وسط بعض المحاكمات القلية للوصول الى نتيجة معلومة يمكن الاخذ بها ، وبما اننا نتحدث عن ظاهرة هي اكثر تعقيدا وشمولية لتوصف بالصفات السالفة الذكر ، تبرز هذا الحاجة الملحة الى مؤسسات تمتلك ادوات وكوادر البحث العلمي الكفيلة لتوصيف هذه الظاهرة ، هذا اذا افترضنا سلفا ان تلك الظاهرة هي واضحة المعالم وقابلة للتوصيف .. وهنا تبدأ الحلقة المفرعْة للعملية لتوصيف مشكلة الاعلام العربي ورسالته الاعلامية .. فبدءٍ كيف يمكن ان نصف اعلاما مازال يحمل بوقا عثمانيا ليعزف فيه انغام للجاز الامريكي دون ان يتخلى اثناء عزفه عن رقصاته المحلية ، ورسالة اعلامية برجوازية التوجهات اقطاعية المنشأ تمتلك من حرية التعبير ما تحسده عليها الكثير من المؤسسات الاعلامية الغربية والتي سرعان ما تتبخر عند تناول اشكاليات الفوارق الطبقية والتمييزالاثني والصراعات المتولدة عنها ، وجمهور مغفل تم اخفاؤه ثم اختزاله ومن ثم اخصاؤه فكريا .. اذا ومع غياب الجمهور عفواً، القطيع الفاقد للذاكرة ومؤسسات اعلامية ولدت بالصدفة ، او فلنقل ولدت لضرورات خارجية اكثر من كونها ضرورات داخلية لتتخذ فيما بعد شكل الخلية السرطانية ، ورسالة اعلامية تعتمد في صناعتها على نفايات الامم الاخرى لتخليق كائنات لايمكن تصنيفها ضمن أي فرع من فروع اشكال الحياة المعروفة ليصبح عمل المؤسسات الاعلامية البحثية وهي احدى ادوات التكيف الاجتماعي الايجابي(كون الانسان هو الكائن الوحيد الذي ساد على بقية الكائنات بتكيفه الايجابي ضمن حدود بيئته المحدودة) ليصبح عمل هذه المؤسسات البحثية احدى اشكال اللاجدوى ونتائجها مجرد نكتة سخيفة لاتثير الضحك او حتى الانتباه.
وهنا يمكننا القول وبثقة عالية ان لا حلول اعلامية لمشكلة الاعلام العربي وسيأخذ هذا الاعلام دورة حياته المشوهة بالكامل ، ليكمل بدوره ما القي على عاتقه سلفا من استكمال مأساة الانسان العربي المعاصر والتي لايمكن ان تصلح دون حلول شمولية بحجم مصائب هذا الانسان وتستهدف في الدرجة الاولى الانسان بذاته واطره ومحركاته بصورة ريديكالية عنيفة ، فنحن شعوب امست على حافة الانقراض في عصر يكون فيه البقاء للافضل.



#فارس_خليل_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما العولمة؟


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فارس خليل ابراهيم - العولمة والاعلام العربي واشكالية الانسان العربي المعاصر