أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - دلور ميقري - أختنا الباكستانية ، الجسورة














المزيد.....


أختنا الباكستانية ، الجسورة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 2144 - 2007 / 12 / 29 - 11:06
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


بنازير بوتو ، كانت ثمرة أبوين من مشربَين ، مختلفين نوعاً . فالأمّ ؛ نصرت أصبهاني ، هيَ إيرانية ـ كردية الأصل ، والوالد ؛ ذو الفقار علي بوتو ، من عائلة وجيهة ، باكستانية . لكأنما إسمه ـ هوَ السنيّ الهوية ـ المحتفي بإسم إمام المذهب الجعفري ، كان على موعدٍ مع زوجة المستقبل ، المنتمية لهذا المذهب . وعلى كل حال ، فإنّ الإبنة ، الموهوبة المقتدرة ، تأثلت هذا التنوّع في أسرتها ، الصغيرة ، عاكسة ً إياه ، مستقبلاً ، على فكرها المتنوّر ، المتسامح ، المحتضن كل أفراد الأسرة الباكستانية ، الكبيرة ، على إختلاف مشاربهم وأصولهم وأديانهم ومذاهبهم . وكانت " بنازير " ، إلى نهاية عمرها ، جديرة بإسمها ( المركب من اللفظين الكردي والعربي : بيْ ـ نظير ؛ أيْ التي لا نظير لها ) . هذه الحقيقة ، دأبت على بلبلة وإقلاق الجماعات المتطرفة ، الأصولية ، منغلقة على العصبيّات الضيّقة . لا غروَ إذاً ، أن تبادر صفحاتهم الإنترنيتية ـ العربية اللغة والأممية الجهالة ـ إلى إبداء الشماتة والتشفي ، فور تناهي خبر الإغتيال المفجع ، ناعتة الفقيدة بـ " ربيبة الرافضة والصليبية " !

منذ حداثة برعمها ، الغض ، تهيأ للفتاة " بنازير " الجوّ المناسب ، الصحيّ الهواء ، بما كان من ثقافة أسرتها ، الرفيعة ، فضلاً عن أفقها الرحب ، المتأثر بالثقافات الاخرى ، المحلية والعالمية . وما كان إتفاقاً أن يُشبِّه الأبُ إبنته ، الأثيرة ، بالزعيمة الهندية انديرا غاندي ، في رسالة له من المعتقل . لنتذكر أنّ شهرة شبيهتها ، الهندية ، إنما تأتت من رسائل والدها ، جواهر لال نهرو ، الذي كان بدوره قد دأب على إرسالها لها من سجنه ، والتي جمّعتْ ، لاحقا ، في كتاب ضخم ؛ هوَ " لمحات من تاريخ العالم " ، ترجم إلى معظم اللغات الحيّة . وإذا غضينا الطرف عن العداوة التقليدية ، المزمنة ، بين دولتيهما ، فإنّ كلاهما ؛ انديرا وبنازير ، إبنة رجل دولة بارز ، على قدر وافر من الإحترام داخل وخارج موطنه ، كما كان عليها أن " ترثَ " زعامته ، السياسية ، وأن تتفوّق عليه في الأداء والشعبيّة ، حدّ أن تغيّب إسمه ، أو في أحسن الحالات ، أن تماهيه بإسمها . كلاهما ، كذلك ، انديرا وبنازير ، ستقدّم روحها قرباناً للنزاعات المحتدمة ، الدمويّة ، والتي شملت أيضاً أفراداً آخرين من عائلتها .

إذا كان قدَرُ الزعيم الهنديّ ، نهرو ، أن يرحلَ على فراشه في جوّ من الطمأنينة والسلام ـ جدير بتقاليد بلده الديمقراطيّ ، فأنّ مصيرَ الزعيم الباكستانيّ ، بوتو ، سيقرره رجلٌ عسكريّ فظ ، إنقلابيّ ؛ هوَ الجنرال ضياء الحقّ . فقبل ثلاثة عقود من الأعوام من يومنا هذا ، الحزين ، تمّ إعدام والد " بنازير " بكل برودة ، همجيّة ، وعلى الرغم من موجة المناشدات الدولية ، الملتقي فيها أقطاب معسكرَيْ الحرب الباردة ، هنا وهناك . موت هذا الرجل الكبير ، وقتئذٍ ، كما هوَ حال إبنته الكبيرة ، اليوم ، كان قد فجّر دموعَ غضبنا وسخطنا ؛ نحن أبناء هذه الكرة الأرضية ، الصغيرة حقاً . وربما أن الأب ، إلى الأخير ، كان ضحيّة نفاق حلفاء بلده ، الغربيين ، ممن نظروا ليسَ بقليل من الإمتعاض إلى سياسته ، الدولية ، المتسمة بالحياديّة والإتزان والموضوعية ؛ مما شجّع المغامر العسكريّ ، الأفاق ، على تحريك دباباته نحوَ قصر الحكومة متحججاً بواقعة ، مختلقة ، عن إغتيال معارض سياسيّ . كان على الإبنة ، إذاً ، لا أن تتأثرَ فقط خطى والدها ، في الطريق نحوَ المنصب الرسميّ ، الأعلى ، بل وكذلك أن تتواجه مع المؤسسة العسكرية برمّتها ، الغالب عليها روح المحافظة والجمود والإنغلاق .

" أول رئيسة وزراء في العالم الإسلاميّ " ؛ يا لها من صفةٍ فريدة ، في تاريخنا المعاصر ، جديرة لوحدها حسب ، أن تخلد إسم بنازير بوتو ! وإذ شددنا على المعاصرة ، التي يعيشها حاضرنا ، الإسلاميّ ، زمناً لا عقلية وفعلاً ، فإنما للتذكير بأنّ نساءً من بني عقيدتها ، ينتمين للتاريخ الوسيط ، الغابر ، قد سبق وشغلن مناصب عليا ومسؤوليات جسيمة ، على مستوى السياسة والفكر والإجتماع : فمن الأميرات ، المغوليات ، اللواتي حكمن أقاليم بلاد " بوتو " ، في شبه الجزيرة الهندية ، إلى خواتين بني أيوب ، من قريبات والدتها ، الكردية ، ممن صرن حاكمات ، فعليات ، على أقاليم الشام ومصر ، حتى أنّ إحداهنّ ؛ وهيَ شجرة الدر ، أضحت أول ملكة في الإسلام ! بين جهله للأوائل والأواخر ، على حدّ سواء ، من إناث عالمنا الإسلاميّ ، المشرقيّ ـ ما كان لصحف الغرب ووسائل إعلامه الاخرى ، إلا أن تخرج بذاك المانشيت العريض ، الصارخ الدلالة ، إثرَ تبادر أنباء فوز " حزب الشعب " في الإنتخابات الباكستانية ، في أواخر ثمانينات القرن الآفل . إنه الغرب نفسه ، الذي كانت شخصياته السياسية ، كما ومقاماته الفكرية سواءً بسواء ، ينصتون بالدهشة المأخوذة ، ذاتها ، إلى هذه المرأة الشابّة ، الجميلة ، حينما تعيّن عليها مخاطبتهم بإنكليزيّتها الطلقة ، النقية ، وبتعبيراتها الثقافية ، العالية المستوى . ولكن الغرب ، مع إنتهاء الحرب الباردة ، أبدى تعاطفا كبيراً ، صادقا هذه المرة ، مع إبنة الباكستان ، الجسورة ؛ خصوصاً لما تحتمَ عليها مواجهة تلك المؤسسة العسكرية ، ومن ثمّ إزاحتها عن منصبها وبتهم ملفقة ـ كما كان حال والدها ، الراحل . ولكن مصيرها آنذاك كان ، بطبيعة الحال ، أفضل مما تهيأ للوالد ، المعدوم ظلماً . هكذا تمّ نفيها خارج البلاد . وليلحقها بعد أعوام اخرى ، قليلة ، منافسها السياسي ، نواز شريف ـ ذو التوجّه المحافظ ـ والمطاح به بإنقلاب عسكريّ ، فجّ . كلاهما ، وجدَ أن الإلتقاء ونبذ الخصومة ، من مصلحة موطنه ، الواقع على شفير الهاوية بفعل خطر التمزق المذهبي والإرهاب الأصولي . واليوم ، حينما تصاعدَ لهب إنفجار الإغتيال ، الغادر ، فكأنما هوَ مجرّد " بروفة " لإنفجار ذلك الخطر الأكبر ، الداهم ، الموسوم .








#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنس وأجناس 4 : تصحير السينما المصرية
- زهْرُ الصَبّار : عوضاً عن النهاية
- زهْرُ الصَبّار 13 : المقام ، الغرماء
- الإتجار المعاكس : حلقة عن الحقيقة
- زهْرُ الصَبّار 12 : الغار ، الغرباء
- نافذتي على الآخر ، ونافذته عليّ
- من سيكون خليفتنا الفاطمي ؟
- طيف تحت الرخام
- زهْرُ الصَبّار 11 : المسراب ، المساكين
- زهْرُ الصَبّار 10 : الغيضة ، المغامرون
- جنس وأجناس 3 : تسخير السينما المصرية
- الحل النهائي للمسألة اللبنانية
- زهْرُ الصَبّار 9 : السّفح ، الأفاقون
- أشعارٌ أنتيكيّة
- زهْرُ الصَبّار 8 : مريدو المكان وتلميذه
- أبناء الناس
- الحارة الكردية والحالة العربية
- زهْرُ الصَبّار 7 : مجاورو المنزل وغلامه
- بابُ الحارَة ، الكرديّة
- فجر الشعر الكردي : بانوراما تاريخية


المزيد.....




- مكتب نتنياهو يتهم -حماس- بممارسة -الحرب النفسية- بشأن الرهائ ...
- بيت لاهيا.. صناعة الخبز فوق الأنقاض
- لبنان.. مطالب بالضغط على إسرائيل
- تركيا وروسيا.. توسيع التعاون في الطاقة
- الجزائر.. أزمة تبذير الخبز بالشهر الكريم
- تونس.. عادات أصيلة في رمضان المبارك
- ترامب: المحتال جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
- روته: انضمام أوكرانيا إلى حلف -الناتو- لم يعد قيد الدراسة
- لوكاشينكو: بوتين تلقى اتصالا من أوكرانيا
- مصر.. اكتشاف مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - دلور ميقري - أختنا الباكستانية ، الجسورة