أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - هاشم عبود الموسوي - العاروفوبيا















المزيد.....

العاروفوبيا


هاشم عبود الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 2143 - 2007 / 12 / 28 - 12:32
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


هل قتلتم يوماً ما رجلاً زانياً .. غسلاً للعار ؟؟

أولاً أود أن أشد على أيدي هذا الموقع ((الحوار المتمدن)) على جرأته في طرح مثل هذه المواضيع الحساسة دون حياءٍ للطرح. ورغم اعتقادي بأن الإبحار في الكتابة حول هذا الموضوع محفوفٌ بالمخاطر، وقد لا يوصلنا إلى برٍ يُساعدنا على استجلاء كل جوانب الموضع المتشعبة، والمرتبطة بنواحي تاريخية وإرثية ونواحي اجتماعية معقدة، وحيث يمر مجتمعنا العراقي حالياً بأزمة مُركّبة، ونواحي سيكولوجية غير ثابتة المعالم، مرتبطة بشبكة واسعة من أحاسيس النجاح والإخفاق وأوضاع الإرهاب والقلق المتأتي كناتج لأوضاع توفيق إذعاني لم يمر به المجتمع من قبل. كل ذلك يستأثر منا أن نتوجه لدراسة هذا الموضوع بعقلٍ متفتح على الديمقراطية والعلمانية وحرية الفكر، ورغم أننا نقف حالياً على أرضية واقع إسلامي متخلف بكل المقاييس. لم يستفد من مناخ الحرية المتاحة، بل أرجع المجتمع إلى أوضاع قرونٍ ماضية من التخلف.
لقد ذكرت في بداية حديثي بأن الحياء هو الذي يدفع الإعلام ومختلف مؤسساته إلى عدم طرح بعض المواضيع الحساسة والخطيرة والمتفشية على المجتمع والتي يستفحل مصابها يوماً بعد آخر، لا يعني أنها مواضيع ومشاكل هامشية، والمؤسسات الإعلامية التي قد تتجنب مثلاً، تناول ظاهرة قتل النساء غسلاً للعار أو الشذوذ الجنسي في بلادنا، مثلما قد يستهجن تناولها عبر المنابر الإعلامية بعض القراء وبعض المهتمين ترتكب هي، ويرتكبون هم أخطاء كبيرة. لأن عدم تناول مثل هذه المواضيع وتعريف المتلقي بأسبابها ومخاطرها الجمة على المجتمع ومخاطرها النفسية والاجتماعية الخطيرة أيضاً على الذين اعتادوها وكيفية التخلص منها والسبل الكفيلة بالحد من انتشارها في المجتمع،وأن عدم تناول مثل هذه المواضيع لا يدل على خلو المجتمع من شرورها، ولا يدل على أنها موجودة بنسبٍ قليلة لا تذكر. وأن غض الطرف عنها إجراءٌ سليم مبعثه الحرص على صورة المجتمع بينما تطل هي بوجهها القبيح وتنخر كيان المجتمع، وتتسبب في ظواهر خطيرة وأمراض أشد خطراً وأكثر فتكاً.
إن عدم قيام الإعلام بتناول مثل هذه الظواهر والتي تتعفف أيضاً كامل مؤسسات المجتمع التربوية والتعليمية والدينية عن طرحها على عامة الناس يؤدي بطبيعة الحال إلى استحالة علاج الذين اعتادوها. وأن إغفال المؤسسات الإعلامية طرح هذا الجانب الهام وهذه المشاكل الحساسة خاصةً الجنسية منها يُشبه إلى حدٍ كبير قيام طائر النعامة بدس رأسه في التراب "اتقاءً للأخطار المحدقة بها". وهو ذلك الأسلوب الجبان الذي لن يحميه من العدو، بل ربما يُسهّل له السبيل إلى القضاء عليه دون أدنى مقاومة، لذلك ينبغي أن نتناول كل المواضيع التي تهم مجتمعنا عبر مختلف قنواتنا الإعلامية، دون خجلٍ ودون حياءً ودون مواربة، إذا كنا نملك إعلاماً شفافاً وحريصاً على أداء دوره التثقيفي أداءً مثالياً.
في الظرف الاستثنائي الذي يمر به المجتمع العراقي، وتحت أعباء ناتجة عن تخريبٍ واهتزاز لكل المقومات الاجتماعية، في وضعٍ اقتصادي مّدمَّر، هذا الوضع أثقل كاهل المرأة أكثر من كاهل الرجل، وجعلها تشعر وتسقط في هاوية الفقر.
إن سياسة اقتصاد السوق وإغراق السوق بالمنتوجات الجاهزة والمستوردة (رخيصة الثمن)، تجاه اقتصاديات التدبير الذاتي والذي كانت تشارك فيه النساء في الأوساط الفقيرة، والتي أصبحت في العقود الأخيرة تُكوّن نسباً عالية من مجموع السكان.
إن هذه السياسة الجديدة أدّت بلا شكٍ إلى معاناة مادية للفقر الناجم عن الحرمان وعدم التملك. وأُريد هنا أن أُنوّه إلى أن اقتصاديات الكفاف التي كانت تُلبّي الحاجات الحياتية الأساسية من خلال التدبير الذاتي لا تعتبر فقيرة بمعنى الحرمان. وأن الوضع الاقتصادي الاستثنائي الحالي أربك العمل والتدبير المنزلي وأفقد المجتمع التوازن، وقد أصاب هذا الوضع المرأة بالصميم، إضافةً إلى اهتزاز المفاهيم الأخلاقية. وفي مثل هذا الظرف الذي تسيّد فيه الرجل موضوع الرعاية راغباً أو مُكرهاً، أصبح لم يفكر كثيراً بأخلاق الرعاية وبالوصية الخلقية، القائلة: "أن على المرء ألا ينصرف عن الآخر وقت الشدة".
ويُعاكس منظروا الرعاية النظرة المتمركزة على الأنا (التي لا يتبناها وحسب القائلون بالأنا الأخلاقية، بل أيضاً القائلون بالكليات الأخلاقية المهتمون بوضع قيود على الأنا).
لقد افتتحت "روث سايدل" كتابها "النساء والأطفال في المقام الأخير" برواية غرق سفينة التايتانك غير القابلة للغرق. (في الواقع الذي كانت النساء والأطفال أول من يجب إنقاذهم في تلك الليلة المرعبة – أي أولئك الذين في الصف الأول والثاني. لكن لم تنج غالبية النساء والأطفال. فقد كانوا في الصف الثالث).
إن حالة المجتمع العراقي الحالي مُشابهة لهذه الكارثة المفاجئة التي وقعت للسفينة. فقد أصبح المجتمع يُضحّي بنسائه وأطفاله تحت وطأة الظروف القاسية، متناسياً أن ولادته الجديدة سوف لا تكون إلا على أيدي هذين العنصرين.
لقد تفشّت بالفترة الأخيرة ظاهرة قتل النساء ورميهن في الشوارع، وهذا الموضوع كما نوّهنا، له روافد كثيرة بعضها قبلي موروث والآخر هو قيم عنف وسلوك إرهابي مُكتسب حلّ بالمجتمع لأسباب مُركّبة، وربما أصبح عادةً اجتماعية، إضافةً إلى تعقيدات الوضع السياسي والاقتصادي الذي يمرّ على البلاد وهي مُحتلة وسلطتها الشرعية لا تملك السلطة أولاً وليس لديها الخبرة في إدارة الأزمة والخروج من المأزق الصعب، وفي هذا المجال يقول علماء النفس أن العدوان هو سلوكٌ يبرز اتجاهات ومشاعر العداء نحو الآخرين ويهدف إلى الهجوم عليهم وإيذائهم وإظهار القوة نحوهم. هذا السلوك هو السلوك العدواني، يمارسه من يحمل قيماً خاصة به كفرد أو مجموعة أو طائفة أو أقلية أو شعب ما. كما هو الحال عند بعض الشعوب الأفريقية التي اعتادت ممارسة طقوس العنف كسلوكٍ ديني ينبع من تعاليم وثنيتهم، وهو بحد ذاته يُعد سلوكاً مقبولاً بين هذه أو تلك الجماعة في أفريقيا، ولكن لا يُعد مقبولاً في دينٍ سماوي واضح التعاليم يدعو أتباعه إلى المحبة والتآلف والإخاء والاعتراف بحقوق الآخرين بحق العيش في هذه الحياة، وقد سنّ الخالق منهجاً متكاملاً لكل أمور الحياة وواكب هذا الدين في رؤيته تطور الحضارة الإنسانية والتكنولوجية وطالب أتباعه بملاحقة التطورات الجديدة في ميادين العلم واكتسابها مع مقارنتها بقيم السماء التي لا تتناقض مع التطور العلمي.
أما القيم فيراها علماء النفس تؤثر في سلوك الفرد وتؤدي به إلى اختيار بديلٍ دون آخر، فهي تُعد كدوافع، ويتم التعامل معها على أنها مرادفة أو مكافئة للدوافع، لذا فإن القيم كما تُعرّف علمياً بأنها بناء مرابط يتضمن الوجدان، والموقف الحالي الذي يوجد فيه الفرد، وأنها تتكون مما يراه الفرد حسناً أو سيئاً، إيجاباً أو سلباً.
وعندما نعود إلى عنوان هذه الدراسة، قتل النساء غسلاً للعار، فإننا نجد أن هذه العادة أو الظاهرة الاجتماعية تتنافى مع أحكام الدين، والذي وضع عقوبات على الزاني والزانية، ولم تكن من ضمنها عقوبة القتل، والذي يُمارس حالياً تجاه النساء فقط، ولم نسمع بأن عائلةً ما كانت قد قتلت ابنها لأنه مارس الزنى، ناهيك عن الأولاد الذين يُمارسون الشذوذ الجنسي في كبريات المدن وفي الأماكن المعروفة بتجمعاتهم ليلتقوا مع نظرائهم اللائطين السلبيين واللائطين الإيجابيين، وليمارسوا هذه الأمراض الخطيرة وفي غفلةٍ أو معرفةٍ من ذويهم ومن مؤسسات المجتمع المختلفة، ولم تقتل منهم أحداً.
إن ظاهرة القتل بهذه الأعداد الهائلة، والتي وصفها أحد المسؤولين في مدينة البصرة بأنها تتراوح شهرياً (15 – 30) قتيلة، هذه الظاهرة ليست سوى تقليد مرضي نفسي، اجتماعي.
ومما لا شك فيه أن الإنسان يتأثر بمن حوله من أشخاصٍ وأحداثٍ وأشياء، والإنسان المتوازن يتأثر ويُؤثّر، وهذا يعني أن التقليد يمكن أن يكون طبيعياً، حيث يتأثر الإنسان بالأشخاص من حوله بأفكارهم وسلوكهم وتصرفاتهم وثيابهم وغير ذلك، وهذا يُساهم في قبوله في الجماعة التي ينتمي إليها ويُعزّز مكانته فيها، ويعتبر ذلك نوعاً من التكيف الاجتماعي الناجح. والطفل أكثر تأثراً من البالغ الراشد، وهو يُقلّد أكثر لأن معلوماته وخبراته قليلة، وعندما يكبر فهو يُصبح أقل تأثراً وتقليداً وأكثر تأثيراً واستقلالية، والمُقلّد عموماً شخصية تشكو من النقص وعدم الثقة بذاتها، ولا يمكنها أن تحقق ذاتها وأن تُرضي عنها من أعمالها العادية وسلوكها واستقلاليتها وإنتاجيتها، وهي قلقة وغير مستقرة وتبحث عن ذاتها من خلال الآخرين فقط، ولا يمكنها أن تنظر في أعماقها لتكتشف مواقع القوة والضعف بل تهرب إلى التفكير السطحي والكسب السريع والإطراء من الآخرين، كما أنها أقل نضجاً وتماسكاً وفعالية، وهي تتأثر بسرعة وتتقلب وتفتقد إلى القوة الحقيقية والعمق والنجاح، وأخيراً... لابد للإنسان من أن يبحث عن ذاته وأن يفهمها ويطورها ويغنيها بما يناسبها من خلال الجد والكفاح والطموح والتحصيل في كافة المجالات المفيدة والبناءة بعيداً عن التقليد السطحي وعن القشور الهشة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع. وأن علم النفس الجمعي يعتبر الأمراض الاجتماعية التي تصيب المجتمع بسبب عدوى التقليد هي أمراض مستعصية، ويصعب التخلص منها إلا بالعمل المشترك الدؤوب بين علماء الاجتماع والنفس والقادة السياسيين الذين يشعرون بالمسؤولية الحقيقية.
ورغم أننا نستطيع أن نُعدّد الميزات التي تتمتع بها المرأة، وبأنها قوية وذكية، ولديها القدرة على امتهان أصعب المهام وأكبرها، وكذلك إدارتها للبيت والتدبير المنزلي، وكذلك المثابرة ومواكبتها للعصر ولكل ما هو حديثٌ ومتطور.
لو وضعنا كل هذه الميزات في مقارنة مع ما قد يملكه العنصر الآخر (الرجل) لوجدنا أن كفتها هي الأرجح، لأنها تملك قدرات وطاقات هائلة تجعل منها المتفوقة دائماً حتى على الرجل.
ولكن التراث الفكري الذي ربما كُتب من قبل الرجال، كان قد وضعها في المكانة الثانية بعد الرجل، ليس في تراثنا العربي فقط، وإنما حتى التراث الغربي اللاهوتي اليهودي-المسيحي والتقاليد الفكرية الغربية، كانت قد تلوثت بهذه النظرة الدونية للمرأة، فقد كتبت في هذا الصدد عالمة اللاهوت النسوية (اليزابيث دودسون غراي) وهي تتفحص الخيال الجنسي والديني في التراث البطريركي اليهودي المسيحي، والتقاليد الفكرية الغربية في كتابها "الفردوس الأخضر المفقود" الصادر عام 1979 والذي تقول فيه غراي: "في هذه النظرة التوراتية لطبيعة الأشياء تأتي المرأة بعد الرجل وأدنى منه. خلقت المرأة (تبعاً لهذا الوصف المبكر السردي لخلق العالم في سفر التكوين 2) من جسم رجل (وليس من جسم امرأة كما يحدث طبيعياً)... ثم تنشأ الحيوانات التي لا تمتلك الروح البشرية الفريدة إطلاقاً... لذلك فالحيوانات أدنى منزلةً. وبالمضي نحو الأدنى ثمة النباتات التي لا تتحرك . وأدنى منها أساس الطبيعة نفسها. الهضاب والجبال، الأنهار والأودية. وهي في قعر كل شيء تماماً كما أن السماوات والقمر والنجوم أقرب إلى الله وأعلى من كل شيء".
في هرم "الهيمنة والمنزلة" هذا، كلما صعد المرء نحو الأعلى يقترب من كل ما هو روحي وسام. وتحاجج غراي بأن أساطير الخلق الدينية القديمة كانت في الوقت ذاته بطريركية وذات نزعة طبيعية: "إن الواضح الجلي هنا هو أن ثمة نظاماً تراتبياً للوجود، المراتب الدُنيا فيه – سواء من الإناث أو الأطفال، أو التعدي عليها، أو المتاجرة بها، أو التضحية بها، أو قتلها باسم المراتب العليا للوجود الروحاني المتجدد في الذكور أو الإله. والطبيعة التي ليست وحسب في أسفل هذا الهرم. بل ومليئة بالقذارة والدم والمفاجآت الطبيعية البغيضة من قبيل الزلازل والفيضانات والعواصف الطائشة. هذه الطبيعة مُرشّحةٌ بجلاء لتكون جائزةً يفوز بها "السيد" الأكثر بطشاً من الجميع".
لقد أشعلت كتابات غراي بين علماء اللاهوت مناظرةً حول ما إذا كان من الممكن إصلاح الأديان البطريركية من الداخل لإلغاء التميزات البطريركية المؤذية. أو أن المطلوب إحلال أديان جديدة أو قبل بطريركية محلها.
في هذه الخلفية التأريخية أردنا أن نوضح بأن التراث البشري حافل بأدبيات وأساطير تقلل من قيمة المرأة. ولكن الثورة الصناعية التي حلّت أوروبا في القرن التاسع عشر، حرّرت المرأة، وجعلتها تُشارك في الإنتاج، وتنتزع بعض الحقوق ويعترف بها، وإن لم يكن ذلك يرضي طموحها.
الآن وليس أمامنا من سبيل من أجل معالجة مثل هذه الظواهر سوى أن نفكر بعقلٍ متفتح على الديمقراطية والعلمانية وحرية التفكير، ونريد أن نذكر بأن مصطلح العلمانية مُشتقٌ من العالم لا من العلم، وهو من الناحية الفلسفية يعني أن الحقيقة مصدرها العالم وليس الغيب، أي ما وراء العالم، وبالتالي العلمانية لا تنفي الدين بالضرورة، ولكنها لا ترى أن الدين هو مصدر معرفة العالم، وكذلك ليس هو مصدر التشريع والسلطة في عالم البشر.
إن مصطلح العلمانية ليس قديم النشأة، بل هو مصطلح حديث نسبياً، ويمكن أن نؤرخ لولادته بعصر النهضة الأوروبية الذي وُلد على قاعدة التطور الصناعي والتقني والاجتماعي في أوروبا، وعلى قاعدة فصل الدين عن الدولة وانتزاع السلطات التي كانت تملكها الكنيسة بحجة كونها ظل الله في الأرض، فتتجاوز حدودها الدينية لتمارس سلطات سياسية واجتماعية وطبقية وتضفي على هذه السلطات شرعية الحق الإلهي، بدعوى أن رجال الكنيسة يملكون تفويضاً إلهياً، ليس في شرح حقائق الدين فحسب، بل في إضفاء الشرعية على السلطة أو نزعها منها، لذلك كانت العلمانية بمضمونها الفلسفي لجهة أن الحقيقة مصدرها العالم وليس الغيب، ولجهة فصل الدين عن الدولة نتيجة لمسار التطور في أوروبا، انتهى إلى إنجاز حضاري متكامل الجوانب والخصائص، وهي الجوانب والخصائص التي تتسم بها المدنية المعاصرة.
عندما بدأ التفكير بحركة نهوض جديدة لهذه المنطقة، جرى إطلاق مفهوم العلمانية كشعار لمعالجة مشكلة المجتمع والسلطة والتنمية من قبل نخب تأثرت بتجربة النهوض الغربية، ويمكن أن نعتبر أن تشكل الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي على مستوى المنطقة العربية بعد انهيار الدولة العثمانية، هو انتصار للعلمانية حيث تم فعلاً فصل الدين عن مؤسسات الدولة، وإن كان الدين استمر في الدولة بصورة رمزية، أي في بعض الحقول الجانبية من مستوى التشريع.

السلطة والمسؤولية:
لا يخفى على أيٍ من أهل القانون ذلك الالتصاق والالتحام بين كلٍ من السلطة والمسؤولية، حيث نص القانون على أن كل من السلطة والمسؤولية توأمان يسيران بخطين متوازيين ، بحيث لا يمكن تصور أحدهما دون وجود الأخرى، مما يترك لدينا قناعة بأن لا يمكن منح أحد ما مسؤولية عن شيءٍ ما كان يحرس موقعاً لشركةٍ ما أو غفير لإحدى الجهات الهامة أم خاصة ما لم تسنح له السلطة والقدرة الكافية لسير المسؤولية الملقاة على عاتقه بكل انتظام وإطراء إذ لا يجوز مساءلة أياً كان عن الآثار السلبية التي قد تحقق جراء مسؤولية وهو في الوقت ذاته مجرد من أدنى سلطة تمكنه من استغلالها متى رأى خطراً يحدق به أو أحاط حوله، مما يدعو إلى القول بأن لا مسؤولية تقع عن المسؤول المجرد من السلطة الواجب توافرها لتحقيق تمام المسؤولية والتي تقضي بتحقيق كل الآثار على شخص المسئول ومعاقبته وهو ما يميط اللثام عن مهنة قانونية قدر لأفرادها أن ينعمون بالمسئولية المكثفة والصعبة والتي تضعه على حافة هاوية ، وذلك لما يتضمنه عمله من مسئولية جمة تتعلق بأحوال الناس، لذلك نعود لنقول أخيراً لابد للسلطة أن تفي بمسئوليتها الكبيرة تجاه هذا التعسف الذي يتنافى أولاً مع القوانين المدنية وثانياً مع تعاليم الشرائع السماوية والتي تنتقد ظاهرة العنف أياً كان شكلها.
أنا لا زلت أعتقد بأن هذا الموضوع هو أوسع وأكبر بكثير من أن يتم تناوله في دراسة محدودة الصفحات، وحسبما تتيحه مجالات النشر في مواقع إلكترونية.



#هاشم_عبود_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحج... والبرلمانيون... وطوبى لمن يستحون


المزيد.....




- سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال ...
- المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال ...
- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - هاشم عبود الموسوي - العاروفوبيا