|
عندما يسقط الشاقول عموديا
سميرة الوردي
الحوار المتمدن-العدد: 2142 - 2007 / 12 / 27 - 08:59
المحور:
الادب والفن
توجت شعرها المنسدل على كتفيها بوردة حمراء ، اشترتها وهي في طريقها الى المدرسة من بائع التكي الذي وضع باقة يانعة بهية من ورد الجوري الأحمرفي سلة التكي ، يبيع الزهرة الواحدة بخمسة فلوس ، هي يوميتها تشتري بها نصف صمونة حشيت بنصف بيضة وقليل من العنبة ، ولكنها بين الفينة والأخرى تُؤثر عليها زهرة الجوري ، مرة تضعها على جنب رأسها وأُخرى تربطها مع الشريط الذي ترفع به شعرها، مدللة رغم دزينة الأولاد ، والفقر الذي لم يدرأه الأب رغم جهاده المتواصل ليل نهار في ندف القطن وخياطة الفرش ، فهي البكر وفتنة العين وفرحة القلب ولهفة الأبوة ، ابنة الخامسة عشرة تتلقى أول رسالة حب من فتى الجيران تتطلع اليها بشغف ولهفة وغرور ، رمتها في سلة القُمامة ، فكتبها المدرسية أولى من الحب في سنها والإبتعاد عن كل ما يجذب أحاديث الآخرين والمنافقات من الجارات هو الدرس الأول في الحياة . آن الأوان للحب بعد أن أكملت دراستها الجامعية وحصلت على وظيفة كمدرسة للغة الإنكليزية والتي أفنت سنواتها الدراسية لتحقيق هذا الحلم ، وهاهو أول خاطب يتمتع بالكثير من الإمتيازات التي تمنتها في فارس أحلامها . لن يسمحوا لهما بالتعرف الى بعضهما الا عن بعد لقد رآها بعد أن رتبوا الأهل موعدهم الأول ، انجذبا لبعضهما وقبل يوم من الإتفاق على الإحتفال بعقد الزواج الغي كل شئ ، الأهل لم يتفقوا على مقدم المهر ومؤخره وعلى حفلة الزفاف ، وصل الأمر بينهما الى الخروج والتخلي عن مشروع زواجهما دون الرجوع اليهما . أكلت الكآبة بريقها ، أهما دمى يُلعب بهما ، وهل النزول لرغبة أهليهما ستمنحهما السعادة. خرجت على غير عادتها مرهقة لتواصل نهارها بليلها الذي انقضى مؤرقة، أرادت أن تعود الى سابق وضعها ولكن صورته تطاردها ، تمنت لو لم تلتقيه ذلك اللقاء السريع ، آه لو لم تتطابق مافي مخيلتها لرجل أحلامها معه ، هل كانت ستفكر به ؟ . لم تستطع أن تقوم بعملها بنشاطها المعتاد . كم فرصة حب ضيعتها إستجابة لرغبات الأهل وخوفا منهم ؟ وما أن حلت لحظة ظنت أن خلاصها أتى وأنها سترتبط برفيق يشاركها مسراتها ، عادوا من جديد ليفرضوا قوتهم معتقدين أنهم مازالوا بيدهم الحل والربط حتى في أدق شؤونها . ما إن خرجت من بوابة المدرسة حتى فاجأها وجوده أمام الباب ينتظرها ، دق قلبها بقوة تصاعدت الدماء لوجهها وتراخت أطرافها وسألت ذاتها أهو الحب ؟ لم يترك لها فرصة للتفكير أو الهرب مسك يدها وجذبها جنبه طالبا منها أن تتحلى بالجرأة والصدق . : لم أكن أريد الإرتباط بمن تشاركني حياتي دون حب ، ولكن عندما يئست من الإلتقاء بمن أحب سلمتهم رايتي ، فقادوني اليك ، ونعم ما فعلوا ، أحسست بأنني لا أستطيع التخلي عنك بالبساطة التي يخططون بها حياتنا ، لم نعد صغارا ودمى بأيديهم ، أترغبين بالإرتباط بي ، فاجأها طلبه وتلجلج الجواب ، لم تعتد أن تتخذ قراراتها باستقلال عن رأي والديها ، ودت لو تجيب بحرية وبأعلى صوتها وبملئ فمها نعم ولكن الخوف والخجل منعاها . : أدرك ما تعانيه ، ولذا سأمنحك يومين لتقرري دون أن تخبري أحدا . يومين كانا أطول يومين في حياتها ، لم تذق عيناها طعم النوم ولم يكف قلبها عن الخفقان ، تواصل التفكير في المجهول وأيهما أرجح عواطفها ومستقبلها أم جمود الأهل ووضع العراقيل أمام حياتها ، أهي قاصر كي يقررا بدلا عنها ، ولِمَ لمْ يستشيرانها والأمر يخصها ، أين حبهما لها ، أليس من حقها أن تُبدي رأيها فيما جرى . وإن أبلغتهما بقرارها بالموافقة وتذليل ما يجابهانه من عقبات هل سيوافقان . خرجت من المدرسة كعادتها بعد انقضاء دوامها تطلعت الى الشارع وجدته بانتظارها أصابها ما أصابها قبل يومين ولكن ازدادت لهفتها برؤيته : كيفك سألها بود متمنيا لو يقبلها، اشتقت كثيرا اليك ، ابتسمت بحياء ، : هل توصلتي الى قرار ، أجابته متلكئة : نعم : نظر اليها بفرح : اذا علينا بالخطوة التالية . : أخبري أهلك بأني سأزوركم وأتفاهم معهم وسنجابههم معا عندئذ سننتصر . : أتعلمين أنهم خدمونا برفضهم لإرتباطنا سألته بدهشة : كيف : لقد جعلونا بموقفهم نشعر بالحب بيننا ، فلو جاءت الأمور سهلة بسيطة لما أحسسنا بقوة الرابطة هذه ولعشنا حياتنا عابرين الحب حالمين به . نظرت اليه بعينين جللها الحب : كم كنت خائفة أن أرتبط بمن لا أحب . : سنحتفل بالعام القادم معا ، تشابكت يداهما وسارا جنبا الى جنب متدفئين ببعضهما لقد فاجأهما مطر ديسمبر وبرده .
#سميرة_الوردي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفكار مبعثرة
-
أسطورة
-
الحوار المتمدن
-
همساتٌ لكَ
-
كلمات لا تحدها جدر
-
المرأة والسياسة
-
وطني
-
نزيهة لن تموت
-
منعطف
-
صمتٌ
-
يوميات امرأة حالمة
-
طفولة ينقصها السلام
-
الى ولدي
-
حديقة النساء
-
خا نَتْك ذاكرةُ الرغيفِ المر
-
إمتحان أم إنتقام
-
حواء وآدم والإرهاب
-
ليلٌ مسكون بالغربة
-
ﮔُْوك الله المنتشر من الجنوب الى الشمال
-
نحن والحرية
المزيد.....
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|