أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصدق الحبيب - معرض مصدق الحبيب: ‏احتفال بصري في الشكل واللون والضوء















المزيد.....


معرض مصدق الحبيب: ‏احتفال بصري في الشكل واللون والضوء


مصدق الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 11:48
المحور: الادب والفن
    


معرض مصدق الحبيـب: ‏
احتفال بصري في الشكل واللون والضوء

بقلم الكاتبة الامريكية باني ويلز

‏(مترجم بتصرف عن الانكليزية من المقال المنشور في صحيفة أمهرست بوليتن يوم 16 نوفمبر 2007)‏

يحلّق بنا الحبيب مع ذاكرته الى ايام مضت منذ زمن طويل في وطنه الأم، العراق، عندما كان طفلا ‏صغيرا يلاحظ عن كثب أمه أو جدته وهي تعامل شعرها الطويل بمحلول الحنة فوق سطح الدار في ‏يوم مشمس جميل! يتجسد هذا المنظر في احدى لوحات المعرض المسمى "تأملات" المقام على ‏قاعة برنيت وسط مدينة امهرست الامريكية خلال شهر نوفمبر 2007. المشهد في هذه اللوحة ‏التي تشع بالدفء والسكينة هو لامرأة تسرح شعرها وبجانبها صحن من الحنة ومشط خشبي قديم ‏ذو صفين من الاسنان. وقد بدا الشعر الطويل المتماوج مثل تلال رمال الصحراء التي تتداخل ‏وتتكامل مع خلفية اللوحة بأشكال هندسية تعلن عن بصمة الحبيب المتميزة في تكعيبيته المحوّرة. ‏يقول الحبيب: " لطالما افتقدت تلك الايام وتقت اليها..أيام التشمس في النهار والنوم فوق سطح ‏الدار في ليال النسيم التي تبدو فيها السماء كسقف اسود مرصع بالنجوم او معتمر بالقمر"! ‏

بدأ افتتان الحبيب بالفن مبكرا. ففي سن الرابعة كان يراقب بشغف شديد أخاه الاكبر وهو يخط ‏خطوطا عربية. وعلى حين غرة التقط الطفل يوما قطعة من الطباشير وأخذ يخط على جدار الدار ‏الاسمنتي حروفا مقلدا فيها اخاه، الامر الذي أثار اهتمام واعجاب العائلة وحظى بتشجيعها. كما ان ‏الاعجاب والتشجيع كان وافرا ايضا من معلم المدرسة الذي كان يكلفه وهو في الصف الثاني ‏الابتدائي باستنساخ احدى صور الكتب على السبورة ليقوم تلاميذ الصف باستنساخها في دفاترهم ‏من بعده. يسترجع الحبيب تلك الاحداث فيدرك ويقدر كم كان لذلك التشجيع الثنائي من العائلة ‏والمدرسة الاثر الكبير في رعاية اهتمامه الفني ووضعه على طريق ممارسة الخط والرسم ‏والابداع بهما معا، الامر الذي يحمله على القول بأنه من القلائل الذين يمارسون هذين الصنفين من ‏الفنون معا وعلى حدة. وبالرغم من ان الحبيب ذهب لدراسة الاقتصاد في جامعة بغداد ومن ثم ‏هاجر الى الولايات المتحدة فأكمل الدكتوراه في جامعة الينوي والتحق بالهيئة التدريسية في جامعة ‏ماسجيوستس وتمكن من احراز مرتبة الاستاذية فيها، الا انه لم يترك مزاولة الفن بل جعله مكملا ‏لحياته خلال الثلاثين سنة الماضية. يكتب الحبيب في كراس معرضه: " الرسم بالنسبة لي هو ‏الحيز الذي ينمو ويزدهر فيه التصور، وهو النشاط الذي يحرر العقل ويريح الجسد من التوترات ‏التي تكتنفهما وتعكر صفوهما.. حين أرسم وأرى بأم عيني كيف تكتمل الاشكال وتتداخل الالوان ‏على اللوحة ، احس ان هواءً نقي يدخل الى اعماقي فيجعل رئتي تتنفس بشكل افضل وعقلي يفكر ‏بشكل أوضح".خلال جولتي معه عبر لوحات المعرض سألته عن الكيفية التي يختار بموجبها موضوعاته او ‏الاسلوب الفني الذي ينتهجه. أجاب وهو يشير الى لوحة بهية باذ خة الالوان والانحناءات ‏والتكورات بعنوان (28 دائرة)!! في هذه اللوحة تجلس امرأة فاتنة مرتدية فستانا احمرا مثيرا ‏‏..مطرقة برأسها وهي تضم كفيها بين ركبتيها. قال: "حين بدأت بعدة تخطيطات لاختيار الوضع ‏المناسبة لجلوس المرأة، لاحظت ان رأسها المطرق وشعرها المشدود الى الوراء ومايظهر من ‏أنفها ماهي الا دوائر كاملة! فانتبهت الى كتفيها وصدرها وفتحة فستانها ووركها وركبتيها ولم أر ‏الا دوائرا اخرى..عندها اصبح الامر قرارا واعيا ومتقصدا بأن من الافضل أن لاتحتوي اللوحة الا ‏على عدد من الدوائر التي ستشكل عبر تداخلاتها هيئة المرأة التي كنت اخطط". ‏
لاحظت ان الحبيب جعل دوائره المتداخلة تعبر الى خلفية اللوحة لتشكل مدارات متقاطعة ملأت ‏الفضاء بالحيوية والجلال واضافت الى مناخ اللوحة سحرا اخاذاً.‏

شكلت "المرأة" وانحناءات جسدها المثير ثيمة المعرض المهيمنة على ماعرض من اعمال. ‏واجابة على سؤالي عن السبب في اختيار ذلك، علّق الحبيب : " ان لم يرسم الفنان المرأة ‏وجسدها الجميل، فمالذي سيكون جديرا بالرسم؟ البايسكل ام السيارة؟؟ فاضافة الى عنصر الجمال، ‏لايمكن ان ينكر احد بأن المرأة هي رمز الحياة والحب والعطاء والامان وكل القيم التي نتوق ‏اليها". على ان الحبيب لم يجعل موضوع المرأة مقتصرا على جمال جسدها فحسب ، فالمعرض ‏ضم لوحتين جسدتا التراجيديا العراقية بالتركيز على ألم ومعاناة المرأة العراقية. واذ تبدو هاتان ‏اللوحتان بموضوعهما السردي الدراماتيكي استثناءا على اعمال الحبيب غير السردية، فقد جاءتا ‏انعكاسا مباشرا لعواطفه ازاء مايجري في العراق. يقول الحبيب في هذا الصدد: "المرأة العراقية ‏هي اكبر الضحايا في هذه الحرب وماقبلها من ظروف مأساوية..وان منظر المرأة المفجوعة ليس ‏غريبا على مخيلتي، فقد رأيته وعشته وكنت ولاأزال جزءً منه". ‏
وعلى الرغم من هيمنة لوحات الكانفس الكبيرة المرسومة بتكعيبية الحبيب المحوّرة، فقد احتوى ‏المعرض على نماذج اخرى من اعمال الفنان تضمنت قطعا في الرسم الواقعي التوضيحي وهي ‏بقايا مما اعتاد الحبيب عليه في الماضي كرسام وخطاط ومصمم صحفي في بغداد. كما احتوى على ‏بعض لوحات البورتريت الصحفي المرسومة بطريقة تجريبية والتي صورت بعض اعلام الثقافة ‏العراقية مثل الجواهري والسياب وجواد سليم. ‏

وعن ميله الى الاسلوب التكعيبي، يقول الحبيب: " كنت ولاأزال معجبا بفكرة التكعيبيين الاوائل ‏التي تركزت على امكانية الفنان في تصوير ماوراء العالم الفيزياوي المنظور واختراق ظاهر ‏الاشياء الى بواطنها والولوج الى جوهرها..هذه الفكرة استلزمت تحطيم المنظور الهندسي ‏والاخلال بمسارات الضوء وخط النظر الفيزياوي للحد الذي اصبحت فيه الاشياء الصلدة تبدو ‏وكأنها شفافة". ويستطرد الحبيب فيشرح تغير نظرته وفلسفته في الفن خلال السنين، فيقول: ‏مايهمني الان هو الشكل ومعالجاته البصرية اكثر بكثير من اهتمامي بالمحتوى والمعنى الاجتماعي ‏للعمل الفني، وهذا هو السبب الاول في العزوف عن الموضوعات السردية". ويضيف: "عندما ‏كنت في العراق، ولحد المرحلة الجامعية، ومثل أغلب الفنانين العراقيين، باعتبارهم نتاج واقعهم ‏السياسي والاجتماعي، كنت مؤمنا بانه يجب ان تكون للفن رسالة سياسية او اجتماعية معينة، ‏ولكنني مع العمر واتساع دائرة المعرفة والاطلاع والتجربة أدركت بأن ماكنت مؤمنا به ليس ‏بالضرورة هو الحجة المطلقة.. بل انها افكار كانت وليدة الواقع الثقافي الذي نشأ وتطور في رحم ‏المناخ الايديولوجي المتزمت، والتي هي ان لم تكن خطأ فانها بالتأكيد افكار وحيدة المنشأ وغير ‏منفتحة على اي مصدر آخر. القضية المركزية في ازدهار الفن هي تحرره من ذلك النوع من ‏الالتزامات الايديولوجية القسرية. وعن اهتمامه بهذا الموضوع بالذات وحرصه على ان تسلك ‏الاجيال القادمة طريقا آخر في فهم الفن يقول الحبيب انه في صدد تأليف كتاب باللغة العربية ‏لمعالجة موضوع الحرية والابداع الفني، وهي مساهمة جادة في ارساء دعائم الثقافة المنفتحة. ‏ويضيف : " لقد نشأت وترعرعت في بلد خنق نظامه التوتاليتاري المتطرف الفنون والاداب ‏بأجمعها وحصر تأثيرها بما يخدم ايديولوجيا الحزب الحاكم، حيث تعرضت كافة النشاطات الفنية ‏خلال الاربعين سنة من حكم البعث الفاشستي الى رقابة وسيطرة حكومية كاملة، فليس هناك ‏معرضا أو مسرحية او فلما يتم انتاجه او كتابا يتم نشره او مؤتمرا أو اجتماعا يعقد من دون ‏موافقة واشراف ومتابعة الحكومة ولجانها الجاهلة المأجورة ومعاييرها السياسية الرخيصة" . ‏ويضيف بألم، واذا كان ذلك سيئا ومقرفا حينذاك، فالحال الحاضر اسوأ بكثير في ظل تدمير المرافق ‏الثقافية وتعطيل وتجميد والغاء وابطال معظم النشاطات الثقافية بسبب جموح الارهاب وشيوع ‏الهيمنة الدينية والطائفية المتخلفة اضافة الى اسفاف الاحتلال ومفاقمته للاوضاع المأساوية.‏
ويختتم الحبيب قائلا انه لن يفقد الامل رغم كل تلك الكوارث، فطريق الحرية والديمقراطية طويل ‏ومثقل بالتضحيات وانه يرى المستقبل مشرقا للعراق والعراقيين.‏



#مصدق_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه هي مسؤولية الجنرال سلطان هاشم
- في مفهوم الحريّة
- حول شرعية الفن الاخلاقية
- حول ماهية الفن
- التكعيبيّة واستحقاق الريادة في الفن التشكيلي المعاصر
- آهٍ ، لو يتقاتل المتطرفون مع بعضهم
- اغتيال الزهاوي: انتكاسة اخرى للثقافة العراقية
- لا تضيّعوا الفنان محمود صبري
- لاتضيّعوا الفنان محمود صبري
- المصالحة الوطنية:تساؤلات في التجربة العراقية وتأملات في تجار ...
- فوز شذى حسون: رسالة الفنانين ضد رسالة الاسلامويين
- الليلة التي حملتني فيها الملائكة الى الجنّة
- حول اصول واخلاق الحوار البرلماني
- تصميم مقترح للعلم العراقي الجديد
- حول تسييس الثقافة وأدلجة الفنون والآداب
- عن العلمانية والدين والسياسة
- حول جدليّة المعيار الجمالي في الفن والادب
- عبد الكريم قاسم: النزاهة الاسطورية والشموخ البطولي
- من صنع العنف عبر التاريخ
- حول منهج التجريد التشكيلي


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصدق الحبيب - معرض مصدق الحبيب: ‏احتفال بصري في الشكل واللون والضوء