أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - شعرية القصة القصيرة جدا














المزيد.....

شعرية القصة القصيرة جدا


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 11:53
المحور: الادب والفن
    


تتخذ اللغة في القصة القصيرة جدا شكلا ليس كشكلها المعتاد في الأدب القصصي، ففي القصة القصيرة والراوية يسعى الكاتب إلى إدهاش القارئ بتميز سرده أو تماسك حبكته، أما هذا النوع من الأدب القصصي فهو مختلف في كل شيء، حتى في غايته، فالقصة القصيرة جدا لا ترمي إلى عرض مقطع عرضي في لحظة من الزمن ووضعه تحت مجهر السرد كما هو الحال في القصة القصيرة، بل تسعى إلى توليد الدهشة في ذهن القارئ بأسرع ما يمكن اعتمادا على تكنيكات لغوية خاصة.
تفرض المساحة الصغيرة المتاحة للقاص لغة خاصة تمتاز بالكثافة العالية، فضلا عن تسارعها المحموم باتجاه النهاية، فيبدو القاص كطير محبوس في قفص، لا يلبث أن يجد منفذا حتى ينطلق منه بسرعة السهم.
وتعني الكثافة قي لغة القصة القصيرة جدا شحن الكلمات بأكثر ما يمكن من المعاني، والتعبير عن أكثر ما يمكن من (الأفعال) بأقل ما يمكن من المفردات. وهذا لا يتأتى إلا بلغة الشعر التي اكتسبت مع توالي الخبرة الإنسانية عليها القدرة على التكثيف الهائل للمعاني.
ولننظر مليا في بعض من النماذج لنحدد سمات تلك اللغة وتأشير ملامح شعريتها.
إن أهم أركان السرد أن يعمد القاص إلى رسم صور شخصياته وهي (تفعل)، لا أن يخبرنا هو عن (أفعالها)، ومن هنا تكون الأفعال عنصرا غاية في الأهمية في لغة القصة القصيرة جدا، فكثير من الأفعال يعني كثيرا من المعاني وكثيرا من الأحداث. هذه قصة (غصة) لـ (السعدية باحدة):
مر من أمامها ،نظر في عينيها...
فنظرت في عينيه
مرت من أمامه،ابتسمت له ...
فابتسم لها
لم يعد يمر من أمامها..
تحسست بطنها بيدها....
فأيقنت أنه...
وقع امتداده....
ورحل
يمكن أن نرصد غلبة الأفعال على الأسماء في هذا النص، ففي الوقت الذي لا يحتوي على أكثر من ثمانية أسماء – مع استبعاد الضمائر المتصلة من العدد لأنها لا تشكل قيمة حقيقية في الطول- يحوي النص اثنا عشر فعلا.
هذه صفة عامة في القصة القصيرة جدا، حشد الأفعال وتزاحمها، بل سيادة الجمل الفعلية الضاجّة بالحركة.
ولغة (الإشارة) تكنيك آخر من تكنيكات القصة القصيرة جدا يقرب لغتها من لغة الشعر، ففي النص السابق ذاته نلاحظ الكثافة المعنوية الهائلة التي حملتها العبارة (تحسست بطنها بيدها)، فهذه الحركة اختزلت الكثير من الكلام والكثير من الأفعال، وأغنت الكاتب عن العودة إلى أحداث ماضية، عندما أوحت هذه العبارة بها إلى القارئ،وفي هذه القصة لـ(هدى فائق) نجد ذات التكنيك:

تقلب صفحات الاجندة ..تبحث عنه ..يقع بصرها على التاريخ ..تهم كتابة تعليق احتفالا بالذكرى الثانية ..تمنعها دمعة غافلتها وسقطت ..لتمحو شيئا ظل عالقا بالذاكرة .

صورة الدمعة الساقطة هنا هي كل القصة فهي تحكي قصة حب عجز عن الاستمرار ولم يعد سوى ألم يعلق بالذاكرة.
ضرورة التكثيف في لغة القصة القصيرة جدا كثيرا ما تغري كتابها باختيار موضوع شعري لقصصهم، هذه مثلا قصة (موجة) للقاص محمود أبو أسعد:

تساقط الظلام وانساب كظل امرأة، عندما أرخت وشاح الريح فوق شعرها ، تسابق ظلالها قوافل الأشرعة ، انحسرت ما بين خصر وثنايا موجة مغرورة ، لتكتب في الشاطيء قصائد وأشعار غزل.

نحن هنا أمام لغة شعرية بالكامل بما تحوي من انزياحات وتشبيهات، فضلا عن الموضوع الشعري ذاته المتمثل في تشخيص موجة، ومثل هذا النوع من القصص تأخذ فيه الانزياحات الأهمية الأولى قبل الأفعال، فهذه القصة – مثلا- قائمة على اسناد الفعل إلى موجة وسط البحر(بمعنى انزياحي)، وهناك (وشاح الريح) و(شعر الموجة) و(قوافل لأشرعة) و(موجة مغرورة)......
يرى بعض الدارسين أن ((معظم الفاشلين في ميداني القصة والشعر قد وجدوا في الـ (ق. ق. جداً) ملاذاً آمناً لأن هناك كتاباً يمارسونها هرباً من كتابة القصة العادية متوهمين فيها السهولة ما أدى إلى طوفان من القصص القصيرة جداً-انظر الرابط هنا))، وفي هذا الرأي وهم كبير، فهو يشبه الرأي القائل أن قصيدة النثر أدت إلى تسهيل ركوب مركب الشعر مما جعل عدد من يدعون أنهم شعراء لا يعد ولا يحصى، فمثل هذه الآراء تغفل العامل الجمالي الذي يستشعره من يتلقون النص الأدب وتكون لهم الكلمة الفصل في الجودة والرداءة.
إننا نرى – بالضد مما تقدم- أن كاتب القصة القصيرة جدا شاعر بالضرورة لأن اللغة الشعرية واحدة من أهم مستلزمات هذا الفن



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقضات الغذامي في القصيدة والنص المضاد
- نمر سعدي .. الرومانسي الجديد
- جيكور أمي – قراءة ثانية في تجربة السياب العروضية
- الأخطل الصغير..شاعر الهوى والشباب
- نضال نجار .. الإيقاع والتصرف الصوتي
- الصورة اللغوية في نصوص آمنة عبد العزيز
- مقدمة نهج البردة الطللية بين البوصيري وشوقي
- المرأة الحلم في شعر المتنبي
- المرأة الاديبة والرجل (المثقف )
- (أنا) الجواهري
- القصيدة المؤنثة. . لميعة عباس عمارة
- قراءة جديدة في (غريب على الخليج)
- فانتازيا الحقيقة في شعر فاطمة ناعوت
- إيقاع النثر
- تأملات في الصورة الشعرية
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(11) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(9) الشفاهية وا ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (10) الشفاهية ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة (8) تجم ...
- صورة الرجل في نصوص رحاب الهندي


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - شعرية القصة القصيرة جدا