أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عصام خوري - الغريب والأغرب والحكمة لمن يحتكم














المزيد.....

الغريب والأغرب والحكمة لمن يحتكم


عصام خوري

الحوار المتمدن-العدد: 2142 - 2007 / 12 / 27 - 11:34
المحور: كتابات ساخرة
    


يحكي عن عصفور ابتل بالماء فعجز عن الطيران وجاءت رياح شديدة البرودة فأردته ارضاً، ومالبث أن تبرد جسمه لدرجة تقارب التجمد "فكر بالموت، وعجزه أمام عالمه القاسي، الذي لم يقدر ريشه الرائع، وأغمض عينيه". وإذ ببقرة تمر فوقه وترمي وسخها، فدخل الدفء رويدا رويدا لجسمه حتى نهض من بين وسخ البقرة منفوش الريش، دافء السكينة، لكن متأفف الرائحة، ففرد جناحيه مرة تلو الأخرى "رغبه في تنظيف ريشه من الوسخ" فرآه هرّ أسود وركض نحوه والتهمه.
الحكمة في هذه الحكاية مزدوجة وهي:
أولا: ليس كل من يبول ويوسخ عليك يقصد السوء بك.
والثانية: طول ما غامرك الوسخ ليه حتى ترفع راسك، أي مهما عليت سيأتي من يقضم رقبتك، فتواضع واعرف مكانك، ولا تنسى ماضيك.

وهي تذكرني بحال العديد من الدول وطرق تعاطيها في سياساتها الداخلية والخارجية، ولنقدم بعض الأمثلة:
• عندما زكت الولايات المتحدة شعب أفغانستان بنظام طالبان وابنه المدلل النحيف ذو المال الوفير واللحية البيضاء، صاحب نظرية "الولاء والبراء" كهدية لخلاص شعب افغانستان من الكفار القتلى المستعمرين.....
كانت في مجال الحكمة الأولى. لكن عندما تمادت طالبان في حماية شيخها الجليل "كرم الله وجهه، وحماه في كل حفر ومغر تورا بوا" قرروا أن يحققوا مفهوم الحكمة الثانية، فأنزلوا هداياهم المضيئة أمام دهشة الأولاد وهلع الشيوخ، وجاء العم كرزاي...
• أما في جميع الدول العربية الشمولية الديكتاتورية فقد تحققت الحكمة الأولى، فقد أهدا شعوبهم المسكينة العم سام خلال حربه الباردة مع العم الأحمر وبتذكية من الأخير، العديد من الحكام الكرابيج الذين نشطوا نظريات القومية خلال بدايات تخلي اوروبا عنها "أوروبا منشأ النظريات القومية" من أجل تخليصهم من الاستعمار التقليدي، وفعّلوا استقلال شعوبهم ولعنوا كل أمل ديموقراطي واصلاحي لدى شعوبهم حالياً ومستقبلاً!.
• ولعل الحكمة الثانية لم تتحقق في غالبية الدول العربية حتى اليوم، فقد حققها العم سام في العراق وبامتياز، ولكن ليبيا غيرت جميع المقاييس وقالت للبقرة وسخي كمان وكمان، ومد رأسه عصفورها بعباءته المعهودة وقال ربي يسر ولا تعسر.
في حين استمرت بعض الدول كالسودان تناطح المجهول وتقول للهر تعا ولا تجي، والمشكلة أن الهر يحب اللعب فجاء وحتى الآن لعب، لكنه لم يقضم فريسته، كما سيفعل مع عدد من الدول العربية وربما الإقليمية.
• وبعض الدول العربية فهمت هذه الحكمة من زمان وسعت لتطوير وضعها الداخلي والمؤسساتي، وفكرت أن لا تكون عصفوراً، فكانت حيادية قدر الامكان كسويسرا والدول الاسكندنافية، فالإمارات العربية المتحدة ذات طعم غير مميز بالنسبة للهر الأسود ، ولربما شبهها بحيوان "أبو ريحا"، الذي متى هاجمته رفع مقعدته وأطلق روائحه الكريهة، فلدى هذه الدول العديد من المؤسسات الإعلامية، وتقدم العديد من الخدمات لدول العالم، وهي لا تمانع الولايات المتحدة في أمور تقريرية مصيرية، ولديها براعة في طرق التعاطي وتلقي وسخ البقرة، فقد تجلس قربه وتغلق انفها.
• في حين اعتمدت عدد من الدول في سياستها الداخلية ما يضيف على هاتين الحكمتين منهج التركيب والتكامل الحكماني، فهي سبحان الله مبروكة وقادة على ابتداع الحكم.
فقد تلجأ بعض الأجهزة الأمنية لاعتقال أحدهم بتهمة أنه "مثقف، أو مدعي للثقافة" وهي تهم بالغة الخطورة في بلداننا "أنت مثقف... يالطيف". وتقرر أن تحاوره، ببعض العبارات النابية، أسوة بديموقراطية سجن أبو غريب، وفورا تخيره هنا أو ديموقراطية أبو غريب من مبدأ واحد أحد "أحلاهما مرّ".
فإذا شتمها المثقف أو المتعدي على الثقافة ستذكره بعد اعتقاله، بالحكمة الأولى وهي: "اننا سجناك كي نحميك من أخطائك، فوسخ البقرة مفيد جداً لك، وسيتكرر شئت أم أبيت كي نحميك مراراً، فأنت ابنانا"، وإذا قررت أن تتعاون معهم، فإنهم سيحققوا الحكمة الثانية بمنتهى السهولة، فهم سينفشونك ويلمعونك كما فعل صحبنا العصفور، وعند الاكتفاء سيقطعون رأيك أو رقبتك".

طبعا الأمر لا يتعلق فقط بالحكومات وسياساتها بل يتعداه للإدارات الأدنى، فإذا قرر موظف مثلاً في الحكومة السورية العمل بشكل نزيه "والنزاهة أمر نادر هذه الأيام، سيرتكب جريمة لا تغتفر، أو سيكون طفرة في التكوين البيولوجي لإدارات المؤسسات الرسمية. فإن مديره وبمنتهى البساطة سيحقق الحكمة الثانية، وينقله لمكان آخر.

إن هاتين الحكمتين تلخصان ماض وحاضر لمجمل شعوب العالم، فقد أثبتت الوقائع أن العصافير ومهما ازداد عددها فأنها ستبقى أضعف من الهر الأسود، وفي ذلك استذكر النشاط الشعبي الكبير تجاه معاداة حرب العراق، وعدم اكتراث القيادة البريطانية بها. وتجمعات بورتو اليغري "المنتدى الاجتماعي العالمي" في وجه منتدى دافوس "لرجال الأعمال".
مما يجعلنا نصف العالم الآن ليس بدول غنية ودول عالم ثالث، بل هو حكام وشعوب فقط,
والحكمة طبعا لمن اعتبر.
"صدقت حكايتي العظيمة"





#عصام_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحقيق الصرف الصحي رسميا
- الضجيج وأذان الجوامع
- جمهورية بلا كرامة
- الحمضيات في الساحل السوري
- الإعجاز العلمي للشيخ أحمد حسون//مجال الاقتصاد//
- الإعجاز العلمي للشيخ حسون //مجال المرأة//
- لبنان وبن لادن يحكمان العالم
- 119-120 رقمي فقراء سوريا
- الأكراد وحق تقرير المصير
- سوري بامتياز
- الأسد بين الداخل وضغوطات الخارج
- الحق في الغذاء و...الفقراء
- الأسد ومنحة العيد والخلل الإداري
- حقوق الملكية الفكرية في سوريا
- تقرير انتخابات التشريعية السورية التاسعة
- جزأ من كتاب: عسكرة النفط ومشروع الشرق الوسط الكبير
- تقرير -مراكز الدراسات ظاهرة غريبة في مجتمعاتنا
- كل عربي له الحق بأن يعيش مع السوريين لقاء 700دولار
- علم بلادي العظيمة صغير جدا
- الوزير د. سعد رمز الإصلاح والشفافية


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عصام خوري - الغريب والأغرب والحكمة لمن يحتكم