|
الارهاب يقدم هدية العيد الى ..كنعان !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2138 - 2007 / 12 / 23 - 10:26
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
عقوبة ( النفي ) كانت شائعة في العهد الملكي وحتى نهاية الخمسينيات ، ( النفي ) هو إبعاد غير المرغوب فيه سياسياً من مسقط رأسه او مكان إقامته ، الى جهةٍ بعيدة كعقوبةٍ له وإصلاح ! المنفي له حق إصطحاب عائلته معه ، ( والاقامة الجبرية ) في المكان المعني ، والذهاب الى ( مركز الشرطة ) مرتين في اليوم للتوقيع وإثبات تواجده ! على كل حال ، نُفِيَ أبي في سنة 1959 من أقصى الشمال الى ( ناحية كنعان ) العائدة الى لواء بعقوبة لمدة سنةٍ واحدة ، لأسباب سياسية ! كُنتُ طفلاً في الخامسةِ تقريباً حينها ، ذِكريات لا تُمحى عن كنعان و بلد روز وبعقوبة ، إنطبعت في ذهني ، حّركها اليوم الحادث الارهابي الذي فّجر فيه انتحاري نفسَهُ في مركزٍ لتجمع عناصر الصحوة في كنعان ، وأدى الى مقتل وجرح العشرات من المواطنين ! كّل ما أذكره عن كنعان هو طيبة اهلها الذين إحتضنونا بمودةٍ ، أذكر أشجارها العالية الباسقة ، طيورها الجميلةِ المغردة ، أذكر رغيف الخبز الحار من تنور أم محمد ، بطعمهِ ورائحتهِ الاليفةِ المحببة ! لا أدري كيف ولكن أبي أقنع مدير المدرسة بقبولي رغم صغر سني في الصف الاول ! تعّلمت الالف باء في مدرسة كنعان الابتدائية ، لا اذكر اسم مُعّلمي ولكنني اُدينُ له بالكثير ! حزنت حين انتهت محكومية ابي وانتقلنا الى بغداد في صيف 1960 ! لن انسى ماحييت ما أشعرنا به الكنعانيون من تعاطف إنساني ، مجرد من كل مصلحة ، انهم حقاً نموذج لكل العراقيين الطيبين الذين رأيتهم لاحقاً في بغداد و الرمادي والكرمة وكربلاء والشامية والعمارة وابو الخصيب والحلة والكوت وغيرها ! إذا اردتَ ان تفتش عن الصفات الجيدة والحميدة في العراقيين عموماً ، فإنك ستجد الكثير والكثير دون مشّقة ! ماذا حدث حتى تصبح ( كنعان ) الوادعة المسالمة ، مكاناً خَطِراً ، وحاضنةً للإرهابيين ، ومركز جَذْبٍ للإنتحاريين ، أيُّ فِكرٍ منحرف جَعَل اياً من الكنعانيين يُسّهل الامر على المجرمين ويوفر لهم الملاذ والمأوى ؟ لابد ان قسما من هؤلاء الذين تورطوا في الانخراط في مثل هذه الافعال الشنيعة ، هم أبناء و أحفاد الناس الطيبين الذين عرفتهم قبل 48 سنة ! فما الذي حدث إذنْ ؟ هل يكفي ان نُلقي اللوم على فترة صدام وحكمه الفاشي ؟ خمس سنين تقريباً مَرّت ، فماذا فعلت الحكومة والاحزاب ومجلس النواب ، لكي تُصلِح من الامر ؟ ماذا قّدَمَتْ لأبناء هذه المنطقة ؟ اية بدائل وفرتها ، واية نصائح ومقترحات قدمتها ، لكي تُسّهل على الناس إستبدال مخلفات تربية النهج الصدامي بآخَرَ أفضل ؟ هل تحّول رمان كنعان الشهي الى ( رمانات ) قاتلة في غفلة من الزمن ؟ لا اصدق ان ناسها الطيبين يمكن ان يصبحوا حلفاء للارهابيين بين ليلة وضحاها ! تُرى اية ضغوط تعرضوا لها ؟ اية ظروف مروا بها ؟ اي إهمال فظيع اصابهم ؟ ايَ ظلمٍ عانوا منه ؟ ينبغي على الباحثين والخبراء ان يفتشوا ويدققوا عن الاسباب الحقيقية التي تدفع قسما من البشر الى سلوكٍ إجرامي بشع ! ان ( الجارة ) ايران التي جارت على العراق ، شأنها في ذلك شأن الجارات الاخريات ، لعبت دورا سيئا في تأجيج الخلافات الداخلية ، التي استدعت ردود فعل أذكت التناحرات الطائفية المقيتة . وسياسة العنجهية والخباثة التي انتهجها الامريكان . وأئمة الجوامع الذين مهدوا الطريق للارهاب والعنف الطائفي من خلال خُطبهم النارية ! وإهمال وضعف وتراخي الحكومات المتعاقبة منذ 2004 . كل هذه الاسباب ، إضافة الى اسبابٍ ذاتية ، مثل نشاط بقايا البعث الفاشي وتغلغل عناصر القاعدة ، أدى الى تكون كنعان وبهرز وبلدروز وهبهب وغيرها من مناطق بعقوبة ، ساحةً لتصفية الحسابات الاقليمية ، على حساب ارواح المواطنين الابرياء ! ان الانتحاري الفاجر الذي فّجر نفسه في كنعان ، معتقدا بان في قتله لعشرات الناس قبيل عيد الاضحى ، خير وسيلة لبلوغه الجنة ! لهو دليل ساطع ، على إجرام وضحالة الفكر الارهابي بكل تلاوينه !
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حماية عمار الحكيم ..تعتدي على الصحفيين !
-
لا .. لقانون العمل الصحفي في كردستان العراق !
-
مجلس النواب العراقي .. أخبار وتعليقات
-
طوبى لك .. ياقيس المعموري
-
غيتس ..يُعّبر عن أمريكا بصدق !
-
نوابنا يحّجون !
-
عَمّهُ المتَنبي وخالَهُ سيبَويه ..ولا يعرف القراءة !
-
الموصل ..دعوة الى التسامح والعيش المشترك
-
هل تعود الموصل حُرّة رائعة
-
مَنْ سيربَح ْ المليون ؟
-
يارجال الدين ..ماذا ابقيتم للسياسيين ؟
-
إحْنه وين و هُمّه وين !
-
المأزق الكردي - التركي
-
الى الاردن : ( النفط مقابل المعاملة الحسنة ) !
-
نعم لحرية المرأة في البصرة !
-
لولا(نا) لما كان في الحكم عبيد الدرهم
-
الى هيئة الرئاسة..نقد وعتاب
-
حماية حقوق المستهلك الكردستاني
-
في العراق .. اقوال وتعليقات
-
بن لادن لرئيس قبيلة تكساس:أسْلِمْ..تَسْلَمْ!
المزيد.....
-
أسقطه عن اللوح ونهش ذراعه.. شاهد ما حدث لراكب أمواج هاجمه قر
...
-
تأثير غير متوقع من -ميلتون-.. طفلان يعثران على طيور مدفونة ح
...
-
مفتي عُمان ينعى يحيى السنوار: لحق بأسلافه -المجاهدين-
-
المخابرات الكورية الجنوبية: بيونغيانغ ترسل قوات لمساندة روسي
...
-
ميلوني من بيروت: استهداف اليونيفيل -غير مقبول-
-
مصير حماس بعد -ضربة- مقتل السنوار.. وهل تتوقف الحرب في غزة؟
...
-
برلمان ألمانيا يقر حزمة أمنية جديدة ومجلس الولايات يرفض جزءا
...
-
مصر تحذر من استدراج المنطقة لحرب واسعة تداعياتها بالغة الخطو
...
-
لبنان يستدعي سفير إيران في بيروت بعد تصريحات قاليباف في -لحظ
...
-
لافروف يوجه رسالة لإسرائيل عن لجوئها للاغتيالات السياسية وضر
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|