|
الديمقراطية في السودان وآفاق المستقبل
عابد عقيد
الحوار المتمدن-العدد: 2137 - 2007 / 12 / 22 - 12:07
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
تتعرض التجارب الديمقراطية التي عاشها السودان منذ الاستقلال وحتي الان الي كثير من النقد والتحليل واعادت النظر في الثوابت والبديهيات التي سادت التاريخ السياسي خلال العقود الماضية . ووصل الامر الي درجة بروز تيار متزايد التأثير يري عدم صلاحية الديمقراطية بشكلها البرلماني التعددي الذي مورس في السودان من فترة الي اخري وذلك نابع من الدائرة الشيطانية عبر تاريخ السياسة السودانية من ديمقراطية ثم انتفاضة وبرلمان ثم انقلاب عسكري وهكذا . لقد كان السودان ملتقي انظار دول العالم الثالث في منتصف الخمسينيات اولا عندما انتزع استقلاله من براثن الاستعمار بعد كفاح وصراع طويل ومرير جمع بين الصمود وعدم التشنج والبعد عن الغوغائية والارهاب وثانيا عندما شرع يؤسس نظام ديمقراطي قائم علي انقاض هياكل الادارة البريطانية . وما لبث ان انتزع اعجاب العالم عندما فجر ثورة في عام 1964 بعد ستة اعوام من التسلط العسكري ثم بعد ذلك جثم علي صدور شعبنا ظلمة سياسية امتدت ستة عشر عاما هب الشعب بعدها ليطيح بالمغامرة العسكرية الثانية مركدا من جديد حبه وتتوقه للحرية وتمسكه بالنظام الديمقراطي وما لبثت الديمقراطية ان تمتد اربعة سنوات والا ويتم الاطاحة بها بواسطة ابشع ديكتاتورية بإقرار الجبهة الاسلامية تمر علي تاريخ السودان السياسي والي يومنا هذا وطيلة سنون حكمها قامت بإلغاء التعددية السياسية القائمة واجهزت علي مؤسسات المجتمع المدني النشطة مع فرض عديد من الحواجز والقيود علي حركة الشعب ومصادرة الحريات وجعلت من الشباب وقودا لنيران الحروب الاهلية ؛ مارست شتي انواع التعذيب النفسي والبدني والتقتيل والتشريد .كما مكنت الرأس مالية الطفيلية . ثم بعد ذلك استهدفت القوة السياسية وعملت علي تصفيتها وشق صفوفها ولم يسلم تنظيم سياسي من داء الفرقة والشتات في وقت فيه القبائل السياسية في امس الحاجة للتماسك والتعاضد وكان التجمع الوطني الديمقراطي متماسكا معبرا عن رغبات ومتطلبات جماهير شعبنا تحت مظلة مؤتمر القضايا المصييرية اسمرا . ومارست الجبهة الاسلامية هوايتها وانفردت بفصائل التجمع كلا علي حدا بدءأ بلقاء جبوتي بين رئيس الوزراء الشرعي السيد الصادق المهدي والدكتور حسن عبدالله الترابي مرورا بنيفاشا و اتفاق جدة الاطاري ثم القاهرة .. وبما يمارسه النظام تجاه التجمع الوطني استطاع ان يرميه بداء التفرقة الفتاك مما جعل هذا الكيان ان يقبل بالمشاركة في وقت فيه البلاد تؤكل من احشائها ودعاوي القوات الاممية تترأي مرئ العين . لقد ناضلت جماهير شعبنا انطلاقا من الارث النضالي التاريخي الذي خلدته بنضالها ضد الديكتاوريات علي مر تاريخ السياسة السودانية وهي دوما تتتوق للديمقراطية والحرية والسلام والتنمية . الديمقراطية التي رسخت في نفسية الانسان السوداني منذ الازل وكل الشواهد التاريخية تتدل علي ذلك . وعندما اتي الفتح الاسلامي لتكوين دولنه في السودان وقف اهلنا النوبة في الشمال ضد فرض الاشياء بالقهر والقوة واستطاع رماة الحدق في صد القوات القادمة وخلصت في النهاية لإتفاقية البقط فشعب كهذا حري به ان يناضل من اجل الديمقراطية كقيمة لأننا نؤمن بأنها اجمل ما توصلت اليه الحضارة الانسانية لادارة البلاد .. ولا زال الشعب السوداني يقاتل من اجل التحول الديمقراطي بكافة رؤاه الفلسفية وتياراته ومنظمات مجتمعه المدني . فلقد اكد تاريخ البشرية بشكل قاطع ان التغيير وتقدم الثورة الاجتماعية لا يمكن ان تتم الا عبر ترسيخ المبادئ الديمقراطية ونشرها من كافة نواحي المجتمع . وفي الحقيقة ما من مسألة او قضية الا وكانت لها ارتباط وثيق بالديمقراطية وهي القضايا التي تتعلق بجوانب الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والقومية . فمن الواجب اذن اشاعة الثقافة الديقراطية في كل مؤسسات المجتمع المدني ( احزاب – نقابات – هيئات - ) لان المؤسسات التي تفتقد للديقراطية الداخلية لن تقوي علي الدفاع عنها ؛ قالانضباط الذاتي اي بمعني تحكيم المسؤولية الاجتماعية في كل ممارساتنا السياسية ... فبهذا تؤدي الديمقراطية دورها الاساسي في ادارة الصراع علي اسس عقلانية لا وفق مسلمات لا عقلانية ... واما اذا اردنا بناء سودان جديد علي اساس انسانية الانسان والانتماء له بالتراب لا بالدين ولا العرق ولا اللون وغيره من واقع السودان الملموس التعددي فإن السودان القديم بكل تنوعه الثقافي وعمقه التاريخي هو الارضية الصلبة التي يرتكز عليها سوداننا الجديد لان التاريخ لا يختزل في لحظة معينة علي ان يتم التواصل بين كل الاقوام الموجودة في السودان دون استعلاء تاريخي ثقافي او استعلاء ديني او استعلاء عرقي . ومن هنا يجب قراءة واقع الخارطة السياسية السودانية ومكوناتها الاجتماعية والاقتصادية ومن ثم اعادة صياغة شكل الحكم بما يتماشي مع طبيعة وتركيبة تلك المكونات ومع دورها الاجتماعي والسياسي وتطلعاتها المشروعة في صنع القرار السياسي والمشاركة فيه والذي تتكيف يه وتبني عليه الصيغة الاجتماعية والاقتصادية للمستقبل . ومن اجل مستقبل الديمقراطية في السودان والخروج من الحلقة الشريرة لا بد من مشروع قومي تنموي يحقق رفاهية شعبنا وهذا لا يتأتي الا عبر دستور حضاري يستوعب كل السودان بكل تنوعه . وان يجعل من القوات المسلحة وقوات الشرطة والقوات النظامية الاخري مؤسسات وطنية تحمي هذا الدستور .
#عابد_عقيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|