أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - حزني اقوى من قدرتي














المزيد.....


حزني اقوى من قدرتي


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 2137 - 2007 / 12 / 22 - 12:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعرف الحزن بأنه المشاعر التي تتملك الانسان وتسيطر عليه وتزيح لحظات التوازن او حالته الى شئ لا يطاق وغير مسيطر عليه ، ان حزن الانسان اذا كان ذو اسباب معروفة فانه يتحدى القدرة والطاقة على التحمل ، فحزن تلك المريضة الشديد بموت امها ، لم يكن حزنا سهلا او هينا او حزن تلك المرأة العجوز على ابنها الوحيد الذي فقدته ولم ترى ساعات فرحته الحقيقة بزواجه او لم شمل محبته طيلة عمرها ، لم يكن الا حزنا جاء متأخرا على فقدان هذا الوحيد ، فقد كانت كل حياتها التي عاشتها تتركز في العناية بهذا الولد ، وخاصة انه من الواضح ان حبها لابنها الوحيد عوضها عن الكثير ما كانت تتمناه ولم تظفر به وذلك من خلال توحد نرجسي بهذا الفتى الذي ترك فيها شبيها قويا بتوحد الزوج – الاب بأبناءه وهي كانت تنظر له نظرة توحد نرجسي ابوي وامومي بنفس الوقت ، تحاول من خلاله ان تحقق لنفسها في شخص ابنها ما كانت تحلم به وهو كبير .
اننا نتسائل الا يحق لاي انسان ان يثور او يغضب ويستمطر اللعنات على من سلبه سلواه في الحياة ، هل لنا ان نتعايش مع هذا الحزن ولو للحظات ، رغم انه حزنا موجها نحو شئ معروف ومحدد !! كيف الحال اذا كان الحزن هائما محطما للنفس ، لم تسعفه ملذات الحياة ومباهجها ان تزيل ولو شيئا من هذا الجحيم والعذاب المصحوب باحساس شعوري قوي بعدم القدرة على التحمل حتى كاد ان يشق على الانسان طاقته في مواجهته ، انه آلم الحزن الملحوظ الذي يؤدي الى انخفاض في تقدير النفس لذاتها ، ينسحب ذلك بوضوح كامل على السلوك وحركة اليدين والمشي وعلامات الوهن الناجم من هذا الحزن ، انه نقصان شديد في النشاط العقلي والحركي . يشعر صاحب هذا الحزن ان لا شئ يسعفه ويسانده في تلطيف حدة هذا الالم ، انها كراهية الذات لنفسها !! في مثل هذه الظروف التي يعاني منها اي منا يتخلق الاكتئاب في صور متدرجة لا يحس بها الانسان ، يبدأ من الحزن الهائم او ذو الاسباب الى الحزن العصابي المصحوب بالآلم . ان الفرد الذي يحزن بعمق سواءا كان بسبب او بدون سبب ، يمر بحالة حداد ربما يكون دائم . هذا الحداد يعتقد صاحبه انه هو المسؤول عنه فيكتئب لانه لم يستطع ان يحفظ الابن المفقود او الزوج او الابنة التي قتلت او ماتت بمرض ، انه لم يستطع ان يحفظه او يحفظها من الفقدان وكأنه فاعله . هذا الحداد والآلم هو الذي يقود الى الاكتئاب الذهاني – العقلي . وهو الذي ينتهي بالفرد الحزين والمتألم بشدة الى الانتحار ، الا اذا كان معتقدا اعتقاداً قويا وجازما بقدرة الخالق ، فيبعده هذا الاعتقاد عن النهاية المحتومة .
ان حوار المتألم وحزنه الشديد مع نفسه ينطلق من فكرة مؤداها بقوله : انظر كيف اتألم ، وكم اتعذب من اجلك وأعذب نفسي ، اصفح عني وداوني بحبك وقبولك لي لكي ارتاح ، انني سبب كل الذي جرى لك وما يجري لي .
ان من اهم سمات الحزين والمتألم تميزه الدائم بالحساسية البالغة واستعداده للاحباط الذي يتخذ صور عدة واشكال لا حصر لها من الاوجاع النفسية ابتداءا من الجرح النفسي ، اي كل خيبة آمل يعدها ويستشعرها فقداناً حتى قبل حدوث الموت للابن او البنت او استشراء هذا الآلم الشديد في النفس ، انه مجبول بشخصية لها الاستعداد لان تكون حزينة ومتألمة على الدوام حتى في افضل ساعات الفرح او ايام الاعياد والمناسبات الحلوة .
وما يميز هذه الشخصية ايضا التعلق الشديد السابق بالأم ، لذا فمن المحتمل ان تكون هذه الشخصية بها الكثير من سمات الاعتمادية والتعلق الشديد ، فالقلق المصاحب لهذه الشخصية ايضا الوضوح التام لحالة الانفعال الاولي وهو طفل صغير ما زال في كنف الام ، فهو بخوفه من فقدان الشئ ، نابع اساسا من فقدان التواصل مع الام ، لذا نقل هذا الاعتماد من الام الى الابن او البنت او الزوج ، وظل الخوف هو الملازم في كل السلوك والتعامل واذا لم يحدث ذلك اختلق لنفسه الاسباب لكي يكون في دوامة الحزن والآلم .
ان حزننا نحن البشر هو حالة وجدانية يمر بها جميع الناس وفي مواقف لا حصر لها في حياتنا المعاصرة ، الحضارية او في الريف او ممن يعيشون في الاهوار او الادغال ، ولكن المهم هو كيف استطاع الفرد تحويل هذا الحزن او الآلم النفسي مهما كانت شدته من الخارج الى الداخل حتى احدث هبوط واضح في المعنويات او المواجهة او التصدي لمشكلات الحياة وازماتها وضغوطها .
هذا الحزن الشديد الذي توجه لدواخلنا احدث الكثير من الاعراض الجسدية مثل فقدان الشهية او رفض الطعام او القئ احيانا او الامساك بالتبادل مع فقدان التحكم احيانا في المخارج مع هبوط واضح في الحركة والنشاط والحيوية مما يؤدي حتما الى اضعاف مقاومة الجسد للمرض ويعرض صاحبه غير المريض للامراض العضوية او النفسية الجسمية . هذا الحزن الشديد لو تأملنا نتائجه النفسية نجد هناك وضوح كامل بفقدان الرغبة والتعامل مع الآخرين فضلا عن فقدان الاهتمام بالبيئة الاسرية والاجتماعية مع البكاء الكثير بدون اوقات محددة من اليوم .
يقول الدكتور محمد شعلان اننا نستطيع ان نتصور ان هناك جوعا شديداً الى الحب مع ميل شديد للعدوان يقابله التطرف المقابل وهو ميل شديد للاحباط وتحكم مبالغ فيه في العدوان ، حتى اذا ما انفجر الموقف المهيأ توجه هذا العدوان نحو الذات ، وفتكت النفس بنفسها وهو بذلك يفتح لنا الابواب لفهم مآسي ما يدور في انفسنا بسبب هذا الحزن في كل احوالنا في السواء او في المرض حتى ضاعت في دواخلنا متاهات السعادة والفرح وهي من صنع انفسنا .



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الألم النفسي ... وألم الجسد
- التوافقات الشخصية وانعكاساتها السلوكية !!
- ادراكنا ... يوجه سلوكنا
- - داء السرقة- .. انحراف في الشخصية
- الغِيبة والنميمة .. مدخل لمعرفة الشخصية
- مرضى الوساوس .. كيف يفكرون ؟
- ثورة في العقل .. ام ثورة في النقل
- الالتزام الديني ... بين التسامي في السلوك وعودة المكبوت
- فن اللاعنف .. فن المهارات الاجتماعية - النفسية
- هواجسنا كادت تقتلنا
- من الكبت الجنسي ... الى المتعة المبتسرة
- مآسي التفكير الانفعالي
- توافقات اللاعنف ...التوافقات السوية
- لن اترك ابني المراهق وحده
- التطبيع الاجتماعي ترميم للذات الانسانية
- التصلب والمواقف الاجتماعية
- الانهاك النفسي والعجز المكتسب
- النكوص في الشخصية حقيقة ام مبالغة؟
- المرض النفسي ومعايير السواء
- الطفل بين تقبل الذات وتقبل الآخر- صورة المرآة


المزيد.....




- تنبيه مهم للعرب المبتعثين بالولايات المتحدة.. جامعات أمريكية ...
- وزيران كنديان يتوجهان إلى فلوريدا لإجراء محادثات مع إدارة تر ...
- اختبار بسيط يكشف مستوى لياقتك البدنية وصحتك العامة
- الكويت تسحب الجنسية من 3701 شخص
- -تاس-: البنتاغون يرفض التعليق على نبأ إسقاط مقاتلة -إف-16- ف ...
- سلطات سورينام تحقق في ظروف وفاة رئيس البلاد السابق
- علامات تحذيرية على الأظافر قد تنذرك بارتفاع الكوليسترول
- زعماء العالم الحر باتوا يعتبرون ترامب عدوا سياسيا خطيرا
- تفاعل كبير على مواقع التواصل بسبب -مسدس الشرع- خلال لقائه ال ...
- تطورات طبية هامة في 2024


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - حزني اقوى من قدرتي