|
زهْرُ الصَبّار 13 : المقام ، الغرماء
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 2136 - 2007 / 12 / 21 - 13:07
المحور:
الادب والفن
1 الشارع في السَير نحوَ مقبرة الحيّ ، الكبرى ، لا بدّ أن تعرض لبصره تلك القبة المنيفة ، المعتلية بجلال ذلك المقام الأثريّ ، المنذور لطريقة الصوفيين ، المعروفة بـ " النقشبنديّة " . القبّة دليلٌ ؛ علامة ٌ للسالك والواصل . ها هنا محط أجسادنا ، الفانية ، فوق ذلك ؛ محط ، فوق السالك والواصل ، سواءً بسواء . طقس الجنازة ، كان ولا شك ، الأكثرَ إثارة لطفولتنا . لا يداني حضورنا ، الدائب ، في تشييع هذا الميّت وذاك ، سوى الرجل المغوليّ ، المسكين ، المعروف بـ " محمّد عبو " ، التائه دوماً على الجادة الرئيسة بقنبازه القذر ، الخلِق . توقنا للتربة هذه ، ومقامها الغامض ، كما شوق المريدين للقاء صاحبها ؛ " مولانا " ، قطب الطريقة . منذ سنّ الخامسة ، المبكر ، إصطحبتني عمتيّ إلى هذا المكان ، المقدّس . ولا أعثر الآن ، في طيات العمر المنقضي ، العديدة ، سوى على مشهد واحد حسب ، للحضور ذاك ، الرهيب ؛ مشهدَ كلّ من عمتيّ وقريبتهما ، " هُوْري " ، في سجود وقيام ، متتاليين ، وفي بحران مريع من الندب واللطم والمناجاة ؛ كلّ منهنّ ، إذاً ، كانت تستعيد عندئذٍ من فقدته من الأبناء ، الغوالي ، المبتوري غصن العمر ، الغضّ : من " غولشان " ، إبنة كبرى عمّتي ، الصبيّة المراهقة ، الحالمة ، المغتالة براءتها ، ذبحاً ، جزاءَ فنتاسياتها عن هذا الحبيب وذاك ، تأثرأ بهذا الفيلم المصريّ وذاك ؛ إلى " حياة " ، إبنة عمّتي الاخرى ، ذات السنوات السبع ، الشقراء البهية ، ومن أدى بها إنزلاق طاريء ، طفيف ، إلى شلل كامل ، ممضّ متطاول ؛ وإلى دزينة من الأولاد ، كاملة العدّة ، سيكون على قريبتهما تلك ، التعسة ، مواراتها صبياً إثر البنت .
ها نحن ذا ، مرة اخرى ، على طريق طفولتنا نفسه ؛ طريقٌ ، باتَ في هذا اليوم ، الصيفيّ ، أقصرَ مدى ؛ بما أنّ كلّ منا وقد أضحى على أعتاب الدزينة ، المكتملة ، من عمره . " أمّ فاخر " ، المثكولة للتوّ ، كانت هناك ، أيضاً ، صحبة نساء عائلتها وجيرتها ؛ ثمة ، أين فتحة الأرض ، الفاغرة فاها ، الأشدقَ ، على أهبةٍ لإحتواء الإبن الفتيّ ، الأثير ، كما وقلبها على السواء . " إنه أخي ، المنتحر ! أحرقَ حاله ، لأنّ والدتنا ضنتْ عليه بموتورسيكل ، كان يرغب بتملكه أسوة ً برفاقه ! " ، كان الإبن الأصغر ، الأخرقَ ، يجيب بين حين وآخر مساءلات النسوة ، العابرة للجنازة ، والمتأملات صورة الفتى ، الفقيد ، التي كان يحملها هذا بنفسه . نعم ، رفضت الأمّ شراء الدراجة النارية ، خوفاً على حياة الإبن ، المدلل ، من حادثة داهمة من تلك الحوادث ، المألوفة وقتئذٍ ؛ حياته ، القصيرة ، التي ما ضنّ بها في اليوم التالي ، على الأثر ، على ملاك الموت . وهذا الملاك ، بدوره ، يستطيب الإقامة في الحارة صيفئذٍ ؛ فخال أمي ، الأكبر ، سيكون على لقاء معه ، بعيدَ أيام اخرى . بُترتْ رجل خالنا هذا ، المتأثرة بتغلغل الغنغرينا فيها ، إثرَ وقوع بلوكة ثقيلة عليها بينما كان مشغولاً ببناء ما في منزله الصغير ، المرتكن على مدخل " حارة الدروز " . ولكنّ حارتنا ، في يوم تال ، ستهتز لوعة ً على " سانتو " ؛ الفتى الوسيم ، المنعوت بإسم أحد المصارعين ، من أبطال السينما الهوليوودية . ماتَ فتانا ، بغتة ً ، وهوَ في مستهل العشرين من عمره . بقيَ موته ، الملغز ، أحجية طفولتنا الموشكة أيضاً على الإحتضار . صورة واحدة حسب ، لسميّ بطلنا ، السينمائيّ ، الأكثرَشهرة وقتذاك ، قدّر لها التغلغل في غضاضة العمر ؛ صورته ، بأناقة قيافته المهيمن عليها ترانشكوتٍ أسودَ ، مقلوب الياقة ، على سنة الموضة الرجالية لتلك الأيام ، السعيدة . وكذا الأمر ، بالنسبة لمشهده في ذلك العراك ، المعتلج بين أفراد طاقم فرن " أبي محمّد " في زقاق " آلرشي " . صاحب الفرن ، المكتهل نوعاً آنئذٍ ، كان يجذب بقوة ربيب الأناقة والبطولة ، الموسوم ، حينما تاه الموسى في دورة الهياج وإستقرّ بصدره . نجيَ الرجل ، لحسن حظه ـ وحظنا نحن الأطفال ، خصوصاً : " أبو محمد " هذا ، هوَ بالأصل من قرية " حفير " ؛ وشأنَ إبنه " حدّو " ، صديقنا ، كان شخصاً طيب الخلق ولطيف المعشر . فلا غروَ ، إذاً ، أن يكون منزلنا معبرَ صبيَة الزقاق في طريقهم ، المختصر ، إلى الخبز الطيّب ومبدعه ، على السواء . بيت جيراننا من آل " حمّوكي عرب " ، يقع في ذلك الزقاق ، حيث الفرن الأثير . ويبدو أنّ إبنة أخ صاحب البيت ، ذات السريرة السوداء ، قد قررتْ يوماً " قطع رجلَ " أولئك الصبيَة ، المزعجي الحضور . ولكنني ، لخيبة الحظ ، سأضحي ضحية التدبير ذاكَ ، الخبيث . بادرتُ يومذاك في إنحداري المرتقي درجات السلم ، الخشبيّ ، فما لبثَ أن إنزلق بي من ذلك الإرتفاع ، الشاهق بالنسبة لقامتي الطفلة ، الدقيقة ، على الأقل . هذه القامة ، تعيّن عليها التعلق في الهواء لدقيقة كاملة ، ثقيلة ، كما وصيحاتي الوجلة ، الثاقبة . لما تمّ إنقاذي من الهوة ، المفوّهة الشدق ، كنت وقتئذٍ قد تشبثتُ ، وبكل ما في حلاوة روحي ، بالحواف الحجرية ، الناتئة ، لفتحة الجدار الترابيّ ، المفضية إلى أرض ديار الجيران . ولكنّ " طاسة الرعبة " ، المفرخة روعي ، المُروَّع ، كانت هناك ، إلى الأخير .
2 سلمٌ آخر ، خشبيّ ، كان لي موعدٌ معه ، في إحدى الأيام تلك ، الصيفيّة ، الموافقة للطفولة ، الآفلة . ذلك كان في الطريق ، الجديد ، المصاقب عودتي من تشييع أحد موتى الحارَة . إنسلاخي عن الرفقة ، الآخرين ، جدّ إذاً في وصولنا للزقاق المعرّف بإسم " جامع النصر " ؛ بإسم المكان الأكثرَ طهارة وتبجيلاً ، بالنسبة للقاطنين هنا . أما بالنسبة لي وقتئذٍ ، فكان هذا مكان حبّي ، الأول . فلأصعدنّ ، والحال كذلك ، عبر المسلك الضيّق ، المتخم بالظلال ، والمفضي إلى منزل عمّتي . ها هنا ، في الجادة المستحدثة إثرَ حرب حزيران ، تبدو البيوت بدورها أكثرَ حداثة ببنائها وتقسيماتها ، وبنعتها أيضاً ؛ " حارة الشراكسة " . وكان على أول غريبٍ ، قادم للحيّ ، أن يدفعَ ثمناً ليسَ هيناً بحال ، عند بحثه عن عنوان أقاربه في الجادة تلك : " مرحباً ، شباب ! أيّ طريق يؤدي إلى حارة الشراكسة ، من فضلكم ؟ " . ـ " ها ؟ لا زادَ الله في فضلك ! البارحة أتيتم إلى حارتنا ، ثمّ تنعتونها بإسمكم ، اللعين ؟! " ، ردّ عليه أحد العتاة ، ممن إعتادوا الركون إلى مقهى " أبي رياح " ، الكائن على مدخل زقاق " الكيكية " ؛ هذا الما لبث أن إنهالَ ضرباً على ذاكَ المتسائل ، التعس الحظ . وها أنا هنا اليوم ، في إحدى جادات الحارة ، المنعوتة بإسم القوم الغريب ، القفقاسيّ الجذور . شأن الدروز والعلويين ، لم يأنس الشركس بعيد نزوحهم من هضبة " الجولان " ، المحتلة ، سوى بهذا الموضع ، الوعر ، المستلقي في فيئ " قاسيون " ، والمعيد إليهم ذكرى جبلهم الأول . من جهته ، فإبن عمّتي ، الوحيد ، قد إنتقلَ إلى الجادة هذه ، توافقاً مع تعيينه ، الجديد ، في سجن " القلعة " . فبصفته مساعداً في الشرطة ، تنقلَ إبن عمتي في مدن عدّة ، كان آخرها " درعا " ؛ عاصمة الجنوب الشاميّ .
من رحلاتي ، المبكرة ، لا مكان لسلوى تلك السفرَة إلى " درعا " ؛ رحلة نادرة ، خلل مضيق العمر في عامه السابع ، المعيّد . رأيتني إذاً مع والديّ وبعض أقاربنا ، في الحافلة الكبيرة ، المملوكة من لدن خالي ، الأكبر ، والمقادة يومذاك بمهارته ودربته ، المديدتيْن . ولكي يُزيد في متعة السفر ، عرّج الخال بنا في الطريق إلى مدينة " السويداء " ؛ هذه المتبدية لعيني وقتئذٍ أشبه ببلدة صغيرة ، مغمورة ، خصوصاً أنه ما أتيحَ لهما سوى معاينة سوقها . كما أنهيت رحلتنا ، في يومها الأخير ، بجولة مثيرة في القارب ، المبحر في مياه بحيرة " مزيريب " ، البهية . أمّا عاصمة إقليم " حوران " ، المحاذي للحدود الأردنية ، فمنحتني ذكرى اخرى ، أمضّ بقاءً وسناءً ، على السواء ؛ حدّ أنني أستعيدها ـ كتضاعيف حلم ما . وفضلاً عن كرَم إبن عمتي وزوجه ، المشهود ، فإنّ باقي أفراد أسرته ، الصغيرة بعد ، قد لاقوني بإحتفاء غامر ، معتبر . بكر الأسرة ، " سوزان " ، وكانت تكبرني بعام واحد ، إصطحبتني في جولة عبرَ سوق المدينة ، الرئيس ، الواقع على مقربة من منزلهم . كنا عندئذٍ برفقة شقيقها الأصغر ، " بروكا " ؛ المماثل لعمري ، ومن سيكون فيما بعد زميلاً لي ، وعلى مقعد واحد ، أثناء دراستنا الإعدادية . وها أنا ذا ، اليوم ، في الصيف السابق مباشرة للفصل الدراسيّ ذاكَ ، غبّ إيابي من التربة ، النقشبندية ، أراوح قدميّ أمام باب منزلهم ، الجديد . أدلف إلى الردهة الضيقة ، القصيرة ، والتي تسلمني لدرج إسمنتيّ ، أتوقله من ثمّ في توجهي للباحة السماوية الصغيرة ، المستطيلة الشكل . " تعالَ إلينا ، فوق ! " : يأتيني من عل صوتها الودود ، المنغوم ، المنهمل ـ كإنثيال النوّار من شجيرة مزهرة ، سامقة . وها هيّ " سوزان " ، على الأثر ، ما تلبث أن تتناهى إلى حدّ السطح ، الموافق لموقفي ، وبيديها سلم دقيق ، خشبيّ ، لتقول بمرح : " رفعناه قبل قليل حسب ، لمنع الصغار من إزعاجنا " . وكان على لحاظي ، المشدوهة ، الصعود قبلاً ؛ عليها كان الإنجذاب ، الممغنط ، نحوَ البنية الحلوة ، الشقراء ، المفعمة بأولى أعوام مراهقتها ، والمنهمكة بتثبيت السلم ؛ ثمة ، أين القرفصة العفوية ، المستطالة الديمومة دهراً ، أرختِ العنانَ لفخذي المرمر ، المصقوليْن بلجَيْن ، خالص ، في ملتقاهما الأكثرَ حميميّة بالنسيج الدِمَقس ، المُعصفر .
3 ـ " ألعن أبا كلّ من يقول : أنا كرديّ ! " قالها بقحّة وتعال ، ذلك الولد السمين ، المتحدّي ، والمتبدي بين أقرانه ـ كرأس لهم ؛ لهذه الجَمعة ، المحدقة بي وقريبي " بروكا " . كنت قبل قليل في حجرة الجلوس ، في منزل العمّة ، لما إرتفع صوت كنتها ، الشابة ، من موقفها خلف الباب الرئيس . هُرعت من فوري إليها ، لأدلف من ثمّ خارجاً ، متحمّساً للعراك ، بما أنّ صاحبة العينين الحلوتين ، اللوزيتين ، أضحت اللحظة خلفي ، بقرب أمّها ، ترنو بقلق ناحيتي . ولكنني دفعتُ ثمن غروري ، وإعتقادي المستل من الأكبرَ منا سناً ، عن " أبناء الشراكسة " ، هؤلاء ـ بحسب تصنيفنا الأكثرَ جدّة . لن يقدّر لهم ، وهم الحديثو الإقامة في فيء جبلنا ، تأثل عاداتنا وأعرافنا ؛ من عصابات وأضرابها . إلا أنّ ذلك لا صلة له بصفة الجسارة والعناد ، الموافقة لمسلك قومهم ، والمبرهن عليها ، تواً ، إنطراحي أرضاً بجانب " بروكا " ، إثرَ لكمات شديدة من ذلك السمين ، الوقح . ولكن أولئك الأولاد ، الأغراب ، كانوا للحق على قدر وافر من التربية ، عموماً . إنهم زملاء المدرسة ، فوق كل شيء : هذه الحقيقة ، كان لها إشكال ؛ في باديء الأمر ، على الأقل . كريفيين ، نازحين حديثاً من هضبة " الجولان " ، المحتلة ، تواصلوا مع لغتهم الأمّ وكانوا يرفضون الحديث بغيرها فيما بينهم . هذا الوضع ، المستجدّ ، حرّكَ غيرتنا ، نحن أبناء الحيّ ، الكرديّ ؛ بما كان من تغربنا آنئذٍ عن لساننا الأمّ . الصفعة الأخيرة ، التي أجزَتْ الحديث بالعربية ، والصاكة وجنة غلام العشرة أعوام ، الذي كنته ، لها حكاية اخرى ، أقدمَ شأناً . كنت وقتذاك مع أخي " جينكو " ، نتجوّل عبرَ مسالك " معرض دمشق الدولي " ، الأكثرَ إثارة لصيف طفولتنا ، لما شدد عليّ هوَ بعدم مخاطبته إلا بلساننا الأمّ . بعودتي دامع العين ، مكسور الخاطر ، في مساء اليوم نفسه ، فإنّ أمنا عاتبته بشدّة : " ما هذه المكابرة ؟ دع الولد يتحدث كما يشاء ، وإهتم أنتَ بسلوكك ، قبل كل شيء ! " . بقي مسلك أخي على حاله ، دهراً ؛ شأن لسانه ، الكرديّ ، الذي ما فتأ يخاطب به والدته حتى في خريف عمره هذا ، اللاحق لخريف عقله ، المعتق القِدَم .
مضى يوميَ المهزوم ، المكمد ، ثمّ ما عتمَ أن أشرق اليوم التالي على عصبتنا ، العاصية ، وهيَ تتهيأ للإنتقام من شرف عصبيّتها ، الرفيع . بمرورنا في عطفة الزقاق العليا ، شيّعنا " ديبو " ؛ إبنُ العمّ ، الأكبر ، بنظرات إكبار ، مطلة من سدّة دكانه ؛ أين مجلسه الحميم ، اليوميّ ، المفتتن بالعابرات الحسان ، المنتمي أغلبهن لأزقة الأغراب ، الشراكسة . بعض هاته النسوة ، المعرّفات بشقرتهن الأصيلة ، القفقاسيّة ، كنّ من زبائن الدكان . وفوق ذلك ، كنّ على إعتقاد ، راسخ ، بأن صاحبه من قومهنّ ؛ هوَ المُجيد تلك اللغة ـ كونه في شبابه قد سبق وخدم دركياً ، في " الجولان " ؛ بعلامة صورته ، المكبّرة ضمن برواز ، معتبَر ، والمقدّمة شخصيته المزهوّة باللباس الشركسيّ ، التقليديّ ، الأنيق . لم يقدّر لإبن العمّ هذا ، على كل حال ، معرفة وجهة قصدنا ، المحاربة . فلنمض ، إذاً ، بإتجاه الهدف ، طالما أنّ زحفنا ألهبَ حماسة أولاد دخلة " أمّ مستو " ، المنضمين إلينا تواً . ثمة ، في أعلى البطحاء الشاسعة ، المنعوتة بـ " خرابة بُوْبو " ، كان الجمع المقابل ، الغريم ، على إنتظار ؛ فما لبثت حجارته أن تهاطلت فوقنا ، دفقة وراء دفقة . ردّنا ، كان من الوهن ، أنّ حجارتنا تناهتْ بكل عجزها وضعفها ، ما دامَ موقفنا غيرَ مناسب بالمرّة . رمية ٌ طائشة ، حطتْ بعنف على ظهري ، مما نجمَ عنها إنقطاع نفسي لثوان ؛ رمية ، ما فتأ أثرها معلماً في الموضع نفسه . بيدَ أنني ، وبصفتي منظم الحملة ، إستعدتُ زمام الأمر سريعاً . ها أنا ذا ، أقود مجموعة من العصبة ، في طريقنا عبرَ المسلك الضيّق ، المركون بمدخل " حارة الدروز " ؛ أين منزل جدّتي لأمّي ، فلا تمضي دقائق اخرى إلا وإلتفافنا على العدوّ ، المفترض ، يؤتي ثماره المنتصرة . ثمّ جاز لنا بعدئذٍ دخول تلك الجادة ، والتبختر فيها أمامَ الأبواب الموصدة لمنازلها ، الوجلة . منزل واحدٌ حسب ، كان مشرعاً درفته لناظري ؛ ثمّة ، حيث كان زهوي يحلق جنباً لجنب وروحي ، في إطلالة الوجه الجميل ، الآسرة .
4 ثلاث حملات ، متعاقبة ، شنتْ على تلك الأزقة ، الغريمة ؛ حملات ، كان عددها مناسباً لغرورنا ، الطفل ، كيما نسمي كل منها بـ " الحرب العالمية " . إنما ما كان في حسباننا ، وقتئذٍ ، أنّ حرباً حقيقية سيقدّر لها أن تقع بعيد شهر أو نحوه . حرب الكبار هذه ، إبتدهتْ بغارات وهمية ، نفذها الطيران الإسرائيليّ ، خارقاً جدار الصوت فوق سماء مدينتنا . هكذا ، أفقنا ذات صباح من خريف ، مبكر ، على دويّ هائل ، إنقلب صداه طبقة طبقة ، مع كل إنفجار ، متسلسل ، لخزانات وقود مطار " المزة " ، العسكريّ . سحابة من الدخان ـ كشجرة عماليق ، خرقاء ، لا يقل هولاً مشهدها ، إنبثقت قدّام أعيننا ، المشدوهة. في هذه الحمأة ، الداهمة ، كان لا بدّ أن تزدهر حرفة الزجاجين . نوافذ منزلنا ، المجدد بللورها ، أمست كوجه شخص مصاب ، مضمّد ، بفعل عديد شرائط اللصق ، المتصالبة ، درءاً لتشظيها ، الخطر ، ما لو جدّ خرق آخر لجدار الصوت . هذا الخرق ، كان يسبب ذعر الكبار ، علاوة على التوتير الدائب ، المتواتر ، لأعصابهم المرهقة أصلاً بأخبار الجبهة ، القريبة . بالمقابل ، فإننا نحن الصغار ، كنا في أحسن حالة ، معنوية ، بما ضافرَه الحدث من نبيذ الحماسة ، المهراق في دوارق عروقنا . على الأسطح ، الأهلية ، إرتفعت قاماتنا ، وتهليلاتنا مع كلّ دويّ لقذيفة مدفع مضاد للطائرات ، بينما إعتكف الآخرون في الأقبية أو الحدائق . وجدّتي " ريما " ، بدورها ، كانت ثمة ، تحت ظلال أشجار جنينتنا ، متكوّمة على رعبها البيّن ، الهاتف مع كل دويّ : " ويرَبّني ! " . وهيَ ، على الأرجح ، من كان وراء إلحاح الأمّ على والدنا ، لكي نلتجيء لحمى بستان العمّ . وافق والدنا أخيراً ، وعلى مضض . كانت هذه هيَ المرّة الثانية ، الطارئة ، التي تستقبلنا فيها تلك البقاع الخضراء ، الصديقة ، بعدما سبقها لجوءنا الأول ، قبل حوالي العامين ونصف ، المصاقب لحرب حزيران . أيام ثلاثة ، قضيناها هنا ؛ في هذه البقعة ، الخلابة ، المنتمية للغوطة أكثرَ من كونها المتنفس الأخضر ، النضر ، لحيّنا . في منزل " أبي كَاعود " ، صديق عمّي ، تنعمنا بضيافة كريمة من الأسرة ، القليلة العدد ، والعائدة بأصولها لحيّ " الصالحيّة " ، حال معظم الأسر الاخرى ، المتوطنة في بساتين الحارة . رائحة الريف ، المميّزة ، ما كانت غريبة على مشامنا ؛ نحن الذين إعتدنا زمنئذٍ قضاء شطر من الصيف في بلدة " الزبداني " ، موطن جدتنا لأبينا ، أو في قرية " عين الخضرة " ، التي يمتلك فيها العمّ مفتاح منزل أحد أصدقائه ، من ساكنيها . " حَرْحَش " ؛ ناطور البستان هذا ، الذي إلتجأنا إليه وقتئذٍ ، كان محط تأملي ، المُشفق ؛ هوَ من فقدَ رجله ، إثرَ عملية بتر ، جراحية .
ـ " إبنة الحرام ! بقيتْ على لجاجتها وإلحاحها ، إلى أن أوقعتني بمصيبة " يقول " حرحش " بصوته الخافت ، المتقطع ، بما أنه شبه أصم ، فوق ذلك . كان يقصدُ زوجته الجميلة ، والتي ضاقت على ما يبدو بحياة التقشف ، طالبة منه تركَ " النعطوري " ( الحراسة ) وإيجاد عمل آخر ، أكثرَ جدوىً . شغله في البناء ، لاحقاً ، أدى إلى إعطاب قدمه ، بعدما هوت بلوكة إسمنتية من عيار ، ثقيل ، على أمّ ركبته . وها هوَ يشتم الآن أمّ أمّ تلك المتسببة بمصيبته . عمّي ، من جهته ، ينحني على الرجل المعطوب ، المسكين ، هاتفاً في أذنه بقوّة : " والآن ، لن تطالبك أبداً بالعمل ؛ فكل وإشرب ، ونم معها ! وإنهض وإجلس ، ونم معها ! " . في البستان إذاً ، وما أن يدير والدنا ظهره ، مغادراً إلى عمله ، عند الساعة الثانية ظهراً ، إلا ويكون موعدنا ، " جينكو " وأنا ، مع جولة مطوّلة ، لا نؤوب منها إلا على موعد العشاء ، الجامع شمل العائلة كلها مع مضيفيها . الحرب ، المحدودة ، تنتهي أخيراً . ولكنّ حربنا الطائشة ، المحتدمة مع غرماء ، جدد ، ليسَ لها هدنة قريبة ، على ما يبدو . " أبناء النازحين " ؛ نعتٌ آخر ، في قاموسنا ، المحارب . إنهم أولاد أولئك المواطنين ، من قبائل عرب " الجولان " ، الملتجئين للشام بعيد حرب حزيران . في الخلاء الأخضر ، الرحب ، المغطى بكروم الصبّار والرمان والتين ، والمحيط بمقام سيّدنا " البدوي " ، وجدوا مخيماً بائساً في إنتظارهم ـ كبديل عن أرضهم الخيّرة ، الخصبة ، المغتصبة . وعلى خلاف مواطنيهم ، الشراكسة ، فإنّ أبناء النازحين وجّهوا إلى مدارس القصبات القريبة ؛ مثل " القابون " و " حرستا " و " برزة " . هذه الأخيرة ، ستمنح إسمها للحيّ المستحدث ، لاحقاً ؛ " مساكن برزة " ، والمتشكل لبناته الأولى من تلك العمارات ، قيدَ الإنشاء ، التي إستولى عليها النازحون . فقبل شهور قليلة من بدء هذه الحرب ، الأخيرة ، أفاق هؤلاء على ريح ، عرمرم ، ما عتمَ أن عصف بمخيمهم وشتت جموعهم في كلّ مهبّ . ما كان من سقف ما في مرمى أبصارهم الزائغة ، الدامعة ، سوى أطلال مقام " البدوي " ، المجاور . ثمة خلف المقام ، مباشرة ، تقوم تلك العمارات ، المنيفة ، العائدة بملكيتها لشركة سكنية ، خاصّة . متعهدو الشركة هذه ، تعيّن عليهم الحضور للمكان ، في صباح اليوم التالي . مجزرة ، على الأثر ، كان عليها أن تجزيَ جرأة أولئك النازحين ، المعتصمين في الأبنية الحديثة ؛ مجزرة ، طالت فيما طالت النساء والأطفال والمسنين ، لما فتحَت وحدات الشرطة والأمن النارَ عليهم ، عشوائياً . وبينما كانت عواطف أهلينا ، الممزوجة بالسخط والغضب ، منذورة للنازحين ؛ فإننا لم نبال بشمل أولادهم في خانةٍ ، غريمة . بمظهرهم الخلق وشعورهم الغريبة ، المجزوزة بالموسى ، علاوة على مسلكهم الخشن ، كان لا بدّ أن يوحي لنا نعتُ " أبناء النازحين " بدلالة مشنوعة .
5 في ثنايا الأحداث هذه ، المتعاقبة ، رأيتني وعلى حين فجأةٍ أقع طريح الفراش ، مشمولاً بحمّى داهمة . مرضي ، كان له أن يقضّ طمأنينة الأهل ، معيداً لذاكرتهم ، خصوصاً ، صورة قديمة ، حبيبة ، مفتقدة . ليلي أضحى مضيافاً لشتى أشكال الكوابيس ، المريعة ؛ كلابٌ ضاريَة ، نابحة ، متوثبة ؛ أطيافٌ مخيفة ، متوعّدة ؛ أنفاقٌ متاهيّة ، حيث لا أملَ بلقاء صديق ٍ ، منقذٍ . زيارة الطبيب ، ما كانت بالنسبة لي أقلّ كابوسيّة ؛ وما فتأت حتى وقتيَ هذا ، المتأخر ! " الدكتور رشيدات " ، كان إسماً مرعباً ، بحق ، يخشاه الكبار والصغار سواءً بسواء . ولكنّ طبعه الناريّ ، المتأثل جذوره ، البدويّة ، ما كان يحجب عن حيّنا شفقته وحدبه على الفقراء ؛ حدّ أنه خصص لهم يوماً ، مجانياً ، كل أسبوع . قريبتنا العجوز ، " هوري " ، كانت من زبائنه ، شبه المياومين . وسواسها من المرض ، الدائب ، جعلها خصماً لدوداً لطبيبنا هذا ، الأردنيّ الأصل ، والذي تدعوه " تختور " ؛ بحسب اللفظ الكرديّ . وبما أنه صديق أبي ، فما على قريبتنا تلك ، المتظلمة ، إلا الحضور إلى منزلنا : " ربّنا ينتقم منه ـ صاحبكَ الشيعي .. ! " ، وكانت تعني عقيدة الطبيب ، الشيوعيّ ، والتي أشكِلَ عليها صفتها ، الحقة . ثمّ تردف " هوري " ، قائلة : " قام أمس بالهرولة خلفي ليضربني ، لأنني ألحفتُ عليه ثلاث أربع مرات بإعادة شرح الوصفة ، لكي أستوعبها جيداً " . ولما رأت أنّ والدنا لا يعبأ كثيراً بالمشادة ، المتكررة ـ كوصفتها اليومية ، فإنها إتجهت هذه المرّة إلى العمّ : " الشيعي ، الكافر ! البارحة ، كدأبه ، جنّ عليّ " . ثمّ تروح في سرد الموقف ، الأكثرَ جدّة ، والمنتهي بصراخ الطبيب في وجهها : " طبعاً سيكون طعمها مراً في فمكِ ـ كالصابون ؛ لأنّ هذه ليست حبّة أسبيرو ، يا خرفة ، بل هيَ تحميلة تضعينها في .... !! " . قبل وفاتها ببضعة أسابيع ، حضرت إلى " بخالتها " ، كما تسمّي العمّ ؛ نعتاً لقرابة أمها بأمه : " يا بخالتي ، ماذا سأقول لك عن ذاكَ الكافر ! كان قد مضى شهر دونما أن يتاح لي زيارة عيادته ، بسبب مرضي . واليوم ، ما أن دخلت عليه ورآني ، حتى صرخ بوجهي متعجباً : " أنتِ ؟ لقد إعتقدتُ أنّ الله أخذ أمانته ، وخلصني منك ! " . ثمّ تقول مردفة ً وهيَ تشرق بعبرتها وحسرتها : " نعم ، إنه يذكر الله ؛ ذلك الشيعي ، الرافضي ! " .
" هوري " تلك ، العجوز ، عُرفت في الحارَة بلقب " بتبتوكيْ " ( أيْ الثرثارة ) . لا غروَ إذاً أن يجزم كثيرون أنّ الحالة الوحيدة ، المعلومة ، لما وصفوه بـ " جلطة لسانية " ، إنما سجلتها قريبتنا هذه ، المسكينة . فحينما داهمها ملاك الموت ، في ذلك المساء الصيفيّ ، القائظ ، كنا ما نفتأ للتوّ منصتين لحكاياتها ، المتناهية إلينا عبرَ فتحة الجدار المطلة على حوش جيراننا ، من آل " حمّوكي عرب " . بدورها ، أطلت أمي على تلك الجلبة ، المعتملة ثمة ، متسائلة عما دهى العجوز ، فأجابتها جارتنا بصوت متأس : " يا حسّرتي ، " هوري " أعطتكِ عمرها . إنعقدَ لسانها ، فجأة ً ، ثمّ ما لبثت على الأثر أن فارقت الحياة " . " عبده كَوتشي " ؛ شقيقها الوحيد ، وبالرغم من العقار والمصاغ والمال ، الملموم من جوانب تركتها ، فإنه بتقتيره ، المعروف ، ما عقدَ على روحها أيّ مأدبة ، كما أنه إقتصدَ كثيراً في تفاصيل تشييعها . وعلى كل حال ، فدكتورنا " الشيعيّ " ؛ الغريم الغابر للعجوز ، المرحومة ، سيكون عليه الآن ، مرة تلوَ الاخرى ، أن يسقيني من قدح خلقه الضيّق ، الناريّ . وأستعيده ذلك اليوم ، من أيام مرضي ، المضنكة ، لما ولجتُ إلى العيادة ، الكائنة في " جسر النحّاس " ، محمولاً على ظهر أبي ، بعدما سبق وتهاويتُ بقدمَيْن رخوتيْن ، على ذلك الجسر الآخر ، القائم على مدخل " الكيكية " . الممرضة ، ما كانت سوى الشقيقة الكبرى لصديق الطفولة ، " وليد " ؛ هذه الفتاة اللطيفة ، الجمّة التهذيب ، ومن إغرورقت عيناها تأثراً بالمشهد ، المستجدّ . على أنّ زيارة الطبيب أدتْ ، من ناحية اخرى ، إلى إعادة أصرة صلتنا بالجيران ، القدامى . وكان عليّ أن ألتقي ، ثانية ً ، بإبنتهم تلك ، ذات التاج القرمزيّ ، ومن صارت عندئذٍ صبيّة مراهقة ، بزهر ربيعها ، الخامس عشر . عليّ كان ، إذاً ، أن أغضّ بصري ، مراراً ، في حضورها اليانع ، الفائق الحسن ، بما أنها رفيقة تجربة الطفولة ، البدائية ، والتي ما جازَ لي آنئذٍ أن أعيَ مغامضها . إنها الطفولة ، التي أضحتْ إذاك وراءنا .
للحكاية نهاية ..
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإتجار المعاكس : حلقة عن الحقيقة
-
زهْرُ الصَبّار 12 : الغار ، الغرباء
-
نافذتي على الآخر ، ونافذته عليّ
-
من سيكون خليفتنا الفاطمي ؟
-
طيف تحت الرخام
-
زهْرُ الصَبّار 11 : المسراب ، المساكين
-
زهْرُ الصَبّار 10 : الغيضة ، المغامرون
-
جنس وأجناس 3 : تسخير السينما المصرية
-
الحل النهائي للمسألة اللبنانية
-
زهْرُ الصَبّار 9 : السّفح ، الأفاقون
-
أشعارٌ أنتيكيّة
-
زهْرُ الصَبّار 8 : مريدو المكان وتلميذه
-
أبناء الناس
-
الحارة الكردية والحالة العربية
-
زهْرُ الصَبّار 7 : مجاورو المنزل وغلامه
-
بابُ الحارَة ، الكرديّة
-
فجر الشعر الكردي : بانوراما تاريخية
-
أكراد وأرمن : نهاية الأتاتوركية ؟
-
زهْرُ الصَبّار 6 : سليلو الخلاء وملاكه
-
مظاهر نوبل وباطنية أدونيس
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|