|
بيان رابطة العقلانيين العرب
فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)
الحوار المتمدن-العدد: 2136 - 2007 / 12 / 21 - 12:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
البيان الصادر عن المؤتمر العام الذي عقدته مجموعة من المثقفين العرب في باريس خلال الفترة من ٤٢ إلى ٧٢ نوفمبر ٧٠٠٢ يستحق الوقوف والتمعن فيه لما تضمنه من تحليل وتشخيص لواقع »الخراب« في العالم العربي، والحلول »العقلانية« للخروج من هذا المأزق المستفحل، وتوجهه نحو وقف الاستبداد بكافة أشكاله داخل المجتمع العربي، وإذا حللنا هذا البيان ومعطياته نجده يركز على الجوانب التالية: أولا: »تفسير الخراب العربي بأدوات عقلانية وإعادة بناء ما تخرب بوسائل عقلانية«. وهنا يتفق التحليل الذي جاء به البيان مع الواقع في المجتمع العربي فهزيمة حزيران (يونيو) ٧٦٩١ لا يختلف احد على رفضها وضرورة علاجها ولكن أين وقع الخطأ؟ فأسباب الهزيمة تعود في جذورها إلى حالة الاستبداد السياسي وسلطة الرأي الواحد وغياب التعددية والحريات والديمقراطية، وبدلاً من البحث في الحلول العقلانية لمعالجة هذه المشكلة وبالعودة إلى الأسباب العقلانية كانت المصيبة الكبرى هي تراجع حالة الحداثة والتغيير التي جاءت بعد الاستقلال من خلال تحليل ساذج، إن الهزيمة ترجع إلى الابتعاد عن الدين كما روجت جماعة الإخوان المسلمين وبثت في أوساط المجتمعات العربية، ومن هنا كان التراجع من خلال ظهور تيارات الإسلام السياسي وانتشار الفكر التكفيري والطائفي والحجز على الحريات العامة والشخصية، ومن ضمنها حقوق المرأة، علماً بان حالة الهزيمة أو الانتصار لها أسبابها المادية وعوامل وظروف ليست ذات طبيعة دينية. فهناك في التاريخ الاسلامي هزائم حدثت لدول تحكم باسم الشريعة الإسلامية فكما سقطت الدولة في صدر الإسلام والدولة العباسية والأموية والفاطمية سوف تسقط الأنظمة التي لا تواكب الحداثة والتطور، وهذا يوضح ان أسباب هزيمة حزيران ليس لها علاقة بالإسلام، ويكون التراجع بعد الهزيمة لم يحقق اي أهداف تنموية للمجتمع العربي بل واصل هزيمة حزيران وبطريقة أخرى. ثانياً: »إعادة الاعتبار إلى الثقافة النقدية«، لا يمكن ان تكون هناك ثقافة نقدية في مجتمع تحكمه اللاءات الكثيرة والممنوعات العديدة، فكل نقد يعتبر مساساً بالإسلام وتبدأ القوى الاسلاموية في الهجوم والشتائم ضد الآخرين، وفي الجانب الآخر تعتبر بعض الأنظمة العربية كل نقد هو مساس بالاستقرار وثوابت النظام؛ وبالتالي فان التهديد والاعتقال والقتل خارج القانون هو وسيلة تلك الأنظمة لوقف النقد ضد هذه الأنظمة، ومن هنا فان احد أهم أسباب الخراب العربي هو غياب ثقافة النقد وعدم القبول بالرأي الآخر، وبالتالي فان الحركات التكفيرية وحركات الإسلام السياسي لا تمتلك أكثر من شعارات تحصنها برفض توجيه النقد لها واعتبار من ينتقدها خارجا على الإسلام، بينما هم يمارسون البرغماتية السياسية بكافة أشكالها وإن خالفت تعاليم الإسلام!! ثالثاً: »الاستناد إلى معطيات الحضارة الإنسانية«، لا يمكن لأي مجتمع أن يتوقف عند موقف واحد في التاريخ ويحاكي جميع الظروف والمستقبل بذات الأدوات والوسائل؛ فالحضارة الإنسانية تشمل كل ما أنجزه البشر على مر عقود من الزمن، ولا يوجد تفضيل لهذه الحضارة على أخرى بل جميع الحضارات صنيعة الشعوب، وهي تؤدي وظيفة تاريخية في فترة معينة تؤدي من خلالها إلى تراكم في منجزات البشرية بما يخدم كل شعوب الأرض، فلا احد يختلف على دور الحضارة العربية الإسلامية في منجزاتها، ولكن، لا يمكن القبول بالتوقف عند هذه المحطة ورفض الحضارة الغربية الحالية وما تنجزه على صعيد البشرية. فالعرب والمسلمون هم يعيشون اليوم ويتنقلون ويستفيدون من منجزات الحضارة الغربية. فكيف نناقض الواقع بخطابات التيار الاسلامي الذي يرفض عملياً هذه المنجزات من خلال رفضه لعوامل قيام هذه الحضارة الغربية والتي هي أسس مادية وليست روحية!! فالقبول بمنافع الحضارة، الحضارة الغربية، ليس هو الأساس ولكن القبول بالأسس التاريخية ومقومات قيام الحضارة هو الأساس لأنها تشكل منهجا لقيام حضارة أخرى بديلة. هذا البيان مهم فنحن بحاجة إلى رابطة العقلانيين العرب، ولكن ما كان ينقصه انه لم يتطرق بشكل واسع إلى دور بعض الأنظمة العربية القمعية في الخراب العربي. وهو من العوامل المهمة في طرح العلاج للوضع الراهن، وكذلك نأمل من كل المثقفين والعقلانيين العرب أن يكونوا ضمن خارطة الطريق الصحيحة لتصحيح الخراب العربي وهو عدم ترك الشارع العربي لنزوات الحركات التكفيرية والإسلامية المتطرفة وبعض الأنظمة العربية القمعية. بل إن العمل الحقيقي يكون من أزقة المنامة والرياض والرباط والقاهرة وبغداد ودمشق، فنحن بحاجة إلى تطبيق هذه المبادئ وتنوير المواطن العربي بهذه الحقائق، وهي مهمة الأحزاب العربية العقلانية في نشر هذا الوعي، ونقولها مرة أخرى بالنزول إلى الشارع ومشاهدة معاناة المواطن العربي.
#فاضل_عباس (هاشتاغ)
Fadhel_Abbas_Mahdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوطن للجميع
-
الحوار المتمدن .. رمز الحرية والفكر الجديد
-
محاكمة فقهاء التكفير
-
صناعة الارهاب فى تاريخ الاخوان المسلمين
-
وحدة القوى اليسارية والقومية البحرينية
-
تنظيم سن الزواج ليس مؤامرة !!1
-
دور وسائل الاعلام فى مكافحة الفساد
-
الاقليات ... من الاضطهاد الى التخوين !!1
-
البحث عن جزر النزاهة
-
أولها إرهاب وآخرها فتنة
-
ثقافة الحوار هى الحل
-
نجح الغرب وفشل العرب 000 لماذا ؟ وكيف ؟
-
ثقافة الاعتدال
-
حماس 000 بين الفتوة والدولة
-
قوائم الممنوعات فى المساجد
-
المقابر الجماعية لتنظيم القاعدة
-
البرلمان فى البحرين .... أين الحل ؟
-
فى تجربة موريتانيا والسودان
-
كفاية يا نواب الحكومة
-
نصرالله يحترم إسرائيل
المزيد.....
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
-
السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة
...
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|