أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - مواجهة الكلاب السائبة















المزيد.....

مواجهة الكلاب السائبة


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 660 - 2003 / 11 / 22 - 06:57
المحور: الادب والفن
    


بخطى واثقة لا يشوبها ارتجاج تسير ولكن، بقلب مفجوع، وصلت شميرام الى سجن ابي غريب. عند الباب سألها المراقب.

- خير؟؟

- لي جثة اريد استلامها.

- هل ابلغوكم بالاعدام.

- كلا، قالوا انها مواجهة.

- لماذا تدعين انها جثة اذا؟؟

- اتيت الى هنا قبلا.

- جيد ان تكون عندك تجربة معنا.

ادار ظهره لها واشار عليها باتباعه. مشى قيلا ثم وقف متراجعا:

- عودي وابعثي برجل ليستلمه.

- لم تتركوا في بيتنا رجل.

- اقفلي فمك والا كسرت اسنانك يا .....

ينادي على اخر:

- اذهب بهذه المسترجلة وسلمها جثة الخائن.

تذهب مع الاخر لتدخل غرفة كبيرة

- ما درجة القرابة بينك وبين المعدوم؟

- اخته.

- ماذا كانت جريمته.

- كان يحبنا كثيرا.

- المشكلة معكن يا نساء انكن غشيمات لا تفهمن هذه الامور.

يفتح الفريزر الاول قائلا باستهزاء

- استنقي اخيك من بين هؤلاء.

ثورة عاصفة، كهيجان البحر الغاضب، تحاول كبحها:

- الهي، لماذا ارى الجميع بجسد هزيل وعيون دامية وايادي واقدام محروقة ولحى واظافر طويلة؟؟

- ايه، ليس لهم اخوات يخدمونهم هنا. هل وجدتيه ام لا؟؟

- الجميع عندي متشابهون.

- هل اضعت اخاك يا بلهاء... لنذهب الى الفريزر الاخر.

تحاول بصعوبة تهدئة ثورة قلبها المنكوب.

- اهنا يرقد اخوك؟؟

- نعم، انه واقف في الصف الثالث بين اصدقاءه.

يلتصق المراقب بجسدها، مقربا فمه من اذنها ويصرخ:

- بل هو معدوم مع مجرمي الدعوة والعصاة والشيوعيين.  والان احملي الجثة وبسرعة.

محاولات فاشلة تبذلها ايديها المرتجفة وجسدها الضعيف، لفصل اخيها عن اصدقاءه.

- ايتها البليدة، لماذا لم تكلفي رجلا ليأتي معك؟؟

- لم تبقوا لنا رجال في البيت.

نابحا

- ابتعدي من هنا. اخر زمن، نتحول الى حمالين للمجرمين.

ينادي على اخرين ليساعداه على فك التحام الشهداء. تتسارع الدموع المتهيجة للخروج من عينيها وهي تشاهد وحشية التعامل مع الشهداء.

- ارجوكم حافظوا على وقار الموتى... لا تعاملوهم بهذه القسوة.

- اذا لم تخرسي، فسنمتنع عن تسليمه لك ونقوم بدفنه بمعرفتنا. هل احضرت التابوت؟؟

اسرعت بكتم النيران المشتعلة في ذاتها، كصريع يتهاوى امام القدر.

- نعم.

- افتحي عينيك واذنيك جيدا... اذا تحدثت بما تشاهديه لاحد، فستموتين وعيناك مفتوحتان.

- وهل بقي في العراق من لم يشاهد ما شاهدته؟؟

- اخرسي ... انا ايضا احتقر المسترجلات.

تمت مراسيم دفن الشهيد في جو يشوبه الصراع والصخب ... الخوف والرعب ... الحزن والغضب. فقد دفع المجرمون برموزهم وسط الجموع المحتشدة، لزرع المعيوب وتفرقة القلوب .

بعد ايام تذهب شميرام بقلب ثائر لمواجهة موقف لابد منه... قبل ان تدخل يقوم المراقب الاول بتفتيشها حاملا في يده السلاح. تدخل غرفة كتب على بابها (( مسؤول الامن )) لتقف وجها لوجه مع الاخر:

- هل استلمت الجثة؟؟

- قلت لي انها مواجهة.

- انا ايضا لم اكن اعلم... هكذا ابلغوني.

- آه ، انت عبد المأمور.

- لماذا لم تدفنوه في بغداد؟؟

- نحن احرار بقرارنا.

- والان، فقد انتهت قضية اخيك، بعد ان نال جزاءه العادل.

يطوي ملفا ضخما يحمل اسم اخيها الثلاثي.

- حصرتم حياتنا بين البيت وجهازكم لاكثر من ثمانية اشهر، و لم نجد جريمة واحدة اقترفها اخي. كما اننا لم نطلع على هذا الفايل لنعرف اذا كانت القضية انتهت من جانبكم ام لا، او .....

- اخوك قد اجرم في حق الدولة والرئيس القائد. ولكن، هذا لا يعني دخولكم في حساب معنا.

- ثمانية اشهر لم تسمحوا لنا برؤيته ولو لخمس دقائق.

- في الحقيقة لقد جاء قرار منع المواجهة لمنع دخولكم في نفس الخطأ.

- خفتم من خمس دقائق؟

- نعم، خفنا عليكم. بالمناسبة، هل تحول عملك الى تكريت؟؟

- بناءا على اوامركم. كما تقرر تشويه سمعتي في الدائرة والحاقها بالمومسات، بناءا على اوامركم ايضا.

- ورقة بسيطة، اكتبي عليها انضمامك الى الحزب وتأييدك للرئيس مع الاشارة الى اسفك على الخطأ الذي وقع فيه اخوك وبعدها... تأمرين.

يناولها الورقة والقلم.. تأخذ القلم وتكتب على الورقة:

- انا ايضا احبك يا اخي كثيرا.

- تحبين اخاك، يعني انك تؤيدينه، يعني انك ضد الدولة والرئيس، يعني انك متواطئة معه ومع الاخرين، و.. كما تقول هذه الصور.

يرمي اليها بعض صورها القديمة، واقفة امام المكرفون، ابان مشاركاتها في الاحتفالات الطلابية، من الالبوم المحجوز لديهم. تحول نظرها بين الصور والوجه العبوس المتفرس فيها، قبل ان تقول:

- وماذا فهمتم من هذه النشاطات الثقافية للطلاب؟؟

- هذه هي النشاطات التي تتحول بمرور الزمن الى سياسة ضد الدولة. هل تعرفين ان اخاك كان يمارس النشاطات الثقافية حتى في السجن... نعم، كان يعلمنا التاريخ.

صرخة مدوية تخرج من اعماقها لتفجير جدار الجهل والتخلف الذي يقف امامها.

- لماذا قتلتم اخي؟

- الم تعرفوا لماذا بعد؟؟ لانه لم يتراجع ويتعامل معنا... بقي منتميا الى فكره وحزبه ومتعامل مع الاحزاب المعارضة الاخرى المتآمرة على القائد الثورة.

- لماذا يعدم وهنالك سجن للسياسيين؟

- لانه كان عنيدا. وانتم، عليكم الابتعاد عن العناد والا لقيتم نفس المصير.  هل ستوقعين على ورقة الانتماء ام لا؟

- يلزمكم دهور طويلة لتقنعونا بخرافاتكم.

- سترين كيف ساختصر الوقت معك.

بعد ايام قليلة، تم اقتحام المنزل المفجوع بالقوة ... لا احد يوقف اقتحامهم. نادوا المدعي عليهم... لا احد يستجيب لندائهم. هجموا على اثاث وذكريات العائلة المنكوبة وصادروا المنزل ... لا احد يوقف هجومهم.



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاّمة
- منصب نيابة الرئيس للنساء فقط
- اوجه الشبه بين الشيعة والاشوريين في العراق
- الجهالة سبب بلاء البشرية
- الاختلاف والخلافات ... من اين تبدأ الحلول؟
- المنفذ للخروج من الأزمة العراقية
- نعم، محرري الفكر العراقي المسجون يستحقون كل الاحترام... مع ت ...
- لماذا تتعرض المواقع العراقية الحرة الى هجوم واستفزاز؟؟
- حول الثقافة الانسانية في العراق... مع تحياتي الى الاستاذ د. ...
- الشعب الاشوري الغيور، والمطالبة برفع دعوة ضد المجرم طارق عزي ...
- الى الهيئة الادارية لقناة الجزيرة الفضائية من يدنس أرض الأدي ...
- هويتنا الاشورية وتهمة التعصب والعنصرية
- المجتمع العراقي... من اجل مجتمع مدني
- اليزيديون .. التسمية والانتماء الحقيقي... رسالة الى القاضي ز ...
- الاشوريون يحتجون على التركيز على التمثيل الديني وليس القومي
- هل حقيقة ان طارق عزيز لم يشارك في الجرائم التي اقترفت بحقنا ...
- لااصدق بموت عدي وقصي
- انتخابات مجلس الحكم الانتقالي جاءت متجنية على حق تمثيل القوم ...
- الارض لله ، تمتلكنا جميعا ولا يمتلكها احد
- الشمولية والتجديد في موقع الحوار المتمدن


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - مواجهة الكلاب السائبة