فيليب عطية
الحوار المتمدن-العدد: 2136 - 2007 / 12 / 21 - 05:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تشكل التضحية بانسان أو حيوان أو طير واحدة من اقدم الممارسات الشعائرية للانسان علي ظهر الارض ، لكنها في الاغلب الاعم كانت تتم لاحد الاسباب التالية :
1- الاعتقاد بوجود قوة سحرية في الضحية ، وعلي هذا فان قتلها وتسميد الارض بها يؤدي الي انتقال تلك القوة وهكذا يمكن الانتفاع بها .
2- كطقس تشاركي لكل افراد القبيلة في وجبة واحدة لكائن واحد ، ويكون هذا عنوانا لاتحاد روح القبيلة التي تجمع شمل ابنائها في وحدة واحدة .
3- كمرضاة للاله : وهذا الشكل هو الاكثر تطورا في المجتمعات التي تخطت دور البدائية ، ولم يقتصر علي التضحية بالحيوانات ، بل امتد ليشمل ايضا اول نتاج المحصول ، واول كأس من زجاجة النبيذ وغيرها من الممارسات التي نجدها في اشعار هوميروس الدافقة .
لكن الغريب في الامر ان يتقدم الاله نفسه للمطالبة بحقه ، وهو هنا لن يطالب بفرخة وجوزين زغاليل ، بل سيطالب بذبح الابن نفسه ! وبالطبع لن يقف أحد ليتأمل همجية الامر ، مادام الاله نفسه قد هان ولان ، وسرته الطاعة في التنفيذ ، فتراجع عن مطلبه وفداه بذبح عظيم !!!
اي مجتمع من المجتمعات الافتراسية يسمح للامور أن تتطور الي هذا الحد تحت دعوي الطاعة ، والطاعة العمياء الصماء ...ان لم يكن مجتمعا أهوج يفتقر الي ابسط مقومات المجتمع التي عرفها الجنس البشري ؟ في الكثير من المجتمعات كانت سلطة الأب مطلقة ،لكنها لم تصل الي درجة افتراس الابناء أو طبخهم في غلاية كما نجد في حكايات ستنا الغولة ، فلم تكن تصرفات الانسان شأنه شأن الحيوانات الاخري تحكمها الافكار المريضة ، بل كانت تحكمها سلسلة طويلة عريضة من الهرمونات ونوازع البقاء ، وعندما بدأ المجتمع البشري في التشكل تدخلت قوانين المجتمع نفسه لتحكم حركة الافراد ، اذن في اي مجتمع بشري يستحق أن يحمل هذا الاسم لايمكن أن توجد مطالبات زمخشرية تطالب بذبح الابن ، ونجد انفسنا علي الفور امام سؤال ملح : أنحن امام نفسية مرضية أم امام عقلية طفولية ؟
اعتقد أن كلا الاحتمالين واردين ، فالقبائل اليهودية الجوالة صاحبة الفضل الاول في اختراع الحكاية يحفل تاريخها بالممارسات النفسية الشاذة ، لكن الارجح بالنسبة الي القبائل العربية التي استوحت الحكاية ونقلتها من اسحق الي اسماعيل أننا امام عقلية طفولية ، فالطفل وحده هو القادر علي الايمان بالعاب الفيديو ومسلسلات الكارتون.
#فيليب_عطية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟