أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - صالح سليمان عبدالعظيم - -جَوْجَلة- المعرفة















المزيد.....

-جَوْجَلة- المعرفة


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2135 - 2007 / 12 / 20 - 11:43
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تشير "الجوجلة" إلى العملية التي تقوم من خلالها شركة جوجول بالتحكم في مسارات المعرفة الكونية المختلفة عبر القبض على معظم، إن لم يكن، كل المصادر المعرفية المتاحة في العالم بأسره. وهى عملية غير مسبوقة في كامل التاريخ الإنساني من حيث رصد وتجميع المعارف الإنسانية بأكملها عبر منافذ وآليات محددة تتيح للمستخدمين أينما كانوا أن يتعاملوا مع هذا الكم الهائل والمعروض من المعرفة. وعبر شركة جوجول تفقد المعرفة خصوصيتها حيث التعري أمام الجميع الذين يملكون إمكانية الولوج عبر الإنترنت وتصفح المحرك جوجول. فلا توجد هناك أبواب موصدة أمام الإطلاع، ولا توجد حدود وخصوصيات مرتبطة بالثقافات القومية المختلفة. فكل المعارف الإنسانية يتم عرضها عبر فاترينة جوجول، وعبر محركاته المختلفة، وعبر مجموعة من الفنيين والخبراء الذين يواصلون العمل ليلاً ونهار من أجل جمع وتصنيف وتحزيم المعارف البشرية وربطها بالمحرك جوجول. لقد قامت شركة جوجول بمهمة بالغة الأهمية، رغم الأبعاد الربحية المرتبطة بها، والتي تسم أى مشروع رأسمالي. فعبر محرك واحد يمكن أن نعثر على ما نريد عبر العديد من المواقع المختلفة، وعبر العديد من اللغات، وعبر العديد من الثقافات المختلفة، وهو ما لم يكن متاحاً بمثل هذا الحجم الضخم الذي أتاحته لنا شركة جوجول.

ورغم أن الإنترنت تمثل الوسيلة الأسرع والأكثر نفوذاً من أجل التعرف على العالم والتواصل بين البشر، فإن ماقامت به شركة جوجول يهدف إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث الرغبة في مركزية المعرفة عبر المحرك، وتجميعها ضمن سياق واحد يكفل للجميع التعامل معه، والاستفادة منه. وهى خدمات غير مجانية على الإطلاق، رغم الجانب الدعائي المرتبط بها، والمتمثل في نشر المعرفة، وتسهيل الوصول إليها والتعامل معها. إن عملية جوجلة المعرفة ترتبط بالعديد من القضايا الأخلاقية والقانونية والإنسانية، التي يجب التعرض لها والحد من مخاطرها والنتائج السلبية المرتبطة بها.

أولى القضايا المرتبطة بجوجلة المعرفة هو ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية للمواد المعرفية المختلفة التي وفرتها شركة جوجول. فما يحدث الآن هو في واقع الأمر عملية سطو معرفية واضحة وصريحة وغير مسبوقة في التاريخ. فالشركة تقوم بتسجيل كل المعارف الإنسانية المتوفرة، وإعادة وضعها عبر المواقع الخاصة بها، الأمر الذي يسهل لمستخدمي الإنترنت، من خلال كلماتهم البحثية المختلفة الوقوف عند هذه المواد والتعرض لها. وعلينا أن نتصور ما تقوم به الشركة حالياً من تحويل ملايين الكتب المقروءة إلى كتب الكترونية، الأمر الذي يجعل المستخدمين في المستقبل في غير حاجة للمكتبات بمعناها المتعارف عليه. وعلينا أيضاً أن نتصور الأمر الذي سوف يكون عليه العالم حينما يمكن مشاهدة كل الأفلام الخاصة بنجم ما، أو سماع أغنيات مغني معين في أي مكان في العالم، أو مطالعة كافة اللوحات الفنية العالمية، أو مشاهدة خبايا المتاحف المنتشرة عبر ربوع الأرض. لقد أثيرت الكثير من حقوق الملكية الفكرية سواء بالنسبة للكتاب أو الممثلين أو الشركات المختلفة المرتبطة بصناعة الأدب والفن. وهو أمر مازالت تواجه شركة جوجول العديد من تبعاته وآثاره، ولم يتم حله بشكلٍ نهائي يرضي جميع الأطراف.

وثانياً يرتبط بما سبق صعوبة إخفاء أي شيئ عن عيون الآخرين المتربصين مثل جوجول وغيره من المحركات البحثية الأخرى. فالقدرات الهائلة لتلك المحركات تمنحها القدرة على اقتحام تواريخ وثقافات وخصوصيات الآخرين، وإعادة عرضها ونشرها، وربما فضحها أمام الآخرين، أمام العالم. فلم يعد في مكنة أحد أن يخفي شيئاً عن عيون الآخرين، ومحركاتهم البحثية العديدة. فالجوجلة لا تعرف حدوداً جغرافية أو مساحات زمنية، فكل ما يقع تحت أيديها قابل للنشر وللإستهلاك وللعرض وللتربح.

ورغم ضخامة المشروع الثقافي والمعرفي للجوجلة المعاصرة، فإنها في جوهرها تشكل وجهاً قبيحاً من وجوه العولمة، أو هى أحد الأوجه المستترة تحت قناع المعرفة، لكنها تدور في فلك الأرباح والمكاسب مثلها في ذلك مثل العولمة. فالمحرك جوجول يمزج مزجاً واضحاً بين الجوانب المعرفية التي يروج لها وبين عالم الإعلانات والسلع التي يجني من ورائها مئات الملايين من الأرباح. فالمحرك جوجول يقدم العديد من الخدمات المجانية مثل تتبع الشحنات المرسلة عبر شركة الشحن العالمية "فيديكس"، وتحديد محلات البيتزا عن طريق كتابة كود المدينة، إضافة لآلاف السلع التي يتم الإعلان عنها، بما فيها الإعلانات المرتبطة بالمعرفة وصناعة الثقافة العالمية، حيث يحصل أصحاب شركة جوجول على نسبة عن كل مستخدم يفتح أيقونات الإعلانات المنوه عنها عبر المحرك. واللافت للنظر هنا أنه سواء اشترى المستخدم السلعة المعلن عنها أو لم يشتريها فإن الشركة تحصل على النسبة المتفق عليها نظير الإعلان، وهو الأمر الذي دعى البعض للتعريض بالشركة، وبالمكاسب الهائلة التي تحصل عليها نظير خدمات افتراضية تقدمها عبر الإنترنت. وهو الأمر الذي جعل البعض يرى أيضاً أن شركة جوجول لها في كل كعكة نصيب. فالمحرك جوجول يستقطب العالم كله عبر عالم الإنترنت الافتراضي، ونظير ذلك فهو يلتهم من الجميع أرباحاً هائلة، تكرس له الهيمنة من ناحية، واستقطاب ملايين المستخدمين من ناحية أخرى.

وثالثاً، فإنه ورغم هذا الإمكانات المعرفية الضخمة التي يقدمها المحرك جوجول، فإن الأمر لا يعني حرية وديمقراطية المعرفة المقدمة. علينا هنا ألا ننسى أن المشروع برمته مشروع ربحي بالأساس، وإن تمثل الثقافة وارتكز على المعرفة. من هنا فإن القائمين على الشركة، وعبر ملايين المواقع التي يتحكمون فيها، يقدمون بعض الخدمات للدول التي تفرض رقابة صارمة على الإنترنت والمواقع المرتبطة بها مثل الصين على سبيل المثال لا الحصر. فالقائمون على الموقع جوجول يقومون بفرض رقابة مسبقة على المواقع التي لا تريدها تلك الدول، الأمر الذي لا يتيح لمستخدمي تلك الدول مطالعة مواقع بعينها من ناحية، والانفتاح على بعض القضايا التي تتعارض ورؤى أنظمتهم السياسية الحاكمة من ناحية أخرى. وهو الأمر الذي يجعل من القائمين على شركة جوجول الرقباء الكونيين الجدد. فقدراتهم الهائلة، والحجم الضخم من المعرفة الذي يهيمنون عليه، يجعل من هؤلاء الرأسماليين الرقباء الجدد الذي يحددون ما يجب أن تقرأه الشعوب، وما لا يجب أن تقرأه في ضوء العلاقات الجديدة بين هذه النوعية من الشركات المعرفية وبين الأنظمة السياسية الاستبدادية.

تمثل الجوجلة مرحلة جديدة من مراحل التطور البشري بقيادة المعسكر الرأسمالي، ورغم الاتساع الواسع النطاق للجوجلة في مختلفة دول العالم فإنها مازالت في مراحلها الأولى وتأثيراتها المبكرة. لكن الأمر الذي لا شك فيه أننا أمام حالة كونية جديدة لم تشهدها البشرية من قبل، ولم تتوقعها العقول الإنسانية. وهو الأمر الذي يستدعي فهم ودراسة هذه المرحلة الجديدة، والاستعداد العلمي لها، خصوصاً في العالم العربي والدول النامية.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو سلام واقعي
- أزمة علم الاجتماع في العالم العربي
- الأغنية العربية المعاصرة
- -الحرية والخوف- التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية 2007
- ثقافة التمثيل
- عزمي بشارة والملاحقات الإسرائيلية
- التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع 2007
- المثقف والعاصمة: هل من علاقات متبادلة؟
- رواية -شيكاجو- وتنميط العربي المسلم
- !!زواج من أجل الطلاق
- فورا بوش، جرينجو بوش
- عن الحب والرومانسية وأشياء أخرى
- ثقافة النكد في العالم العربي
- حرب الأفيون الأمريكية
- إثنان وثلاثون عاماً على رحيل أم كلثوم
- قصص قصيرة جداً
- مواجهة خطاب التنميط والعنف الغربي بين التناول العلمي والإلتز ...
- !!محافظون وثوريون
- أزمة العلوم الاجتماعية في العالم العربي
- !!أستاذ الجامعة بين استحكامات البنية واستحقاقات المهنة


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - صالح سليمان عبدالعظيم - -جَوْجَلة- المعرفة