أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الخامسة















المزيد.....

حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الخامسة


نجم عذوف

الحوار المتمدن-العدد: 660 - 2003 / 11 / 22 - 06:44
المحور: الادب والفن
    


حينما يفتح التاريخ بواباته , يتراكم الزمن .... يجذب أطراف انشطارا ته , عوالم تمضغ عوالم

استحالات تجيء من اللامستحيل , السماء تغمر نشوة البكاء ... تسقط الغيوم بهدوء .. تفرقنا قطرة

وتجمعنا بحار .... نلتقي أم نلقي .. نتلقى أم نلقى ... نيمم وجوهنا الشاردة نحو القدسية .. تبلل

دموعنا الرحمة الإلهية ... اللهم ارحم ... اللهم أرح ...

وبين هذا وذاك يا إيمان ... تطفو الاسئله فوق جداول الذاكرة ......

شارع النجارين وقهوة ( حسين القهوجي ) الصغيرة وشايه الذي يجلب عشاق الشاي ... ( ع?د الصفارين ) .. وطرقه العروضية الجميلة وكأنني ( بالخليل ابن احمد ) وهو يضع بحوره في قوارير القصائد ... ( ناجي الصفار ) وابتكاراته الفطرية في عالم هذا السوق وضجة أنغامه ...

والتي تبدو للوهلة الأولى بأنها سيمفونية القدر ( لبيتهوفن ) تطرق أسماع كل من يمر به .. يا لروعة المشهد وجماله الأثري .

وذاك السوق المسقوف ...الذي يحتضن بين أضلاعه تفرعات تاريخ وخطوط ماض ... يرتمي في أحضانه سوق القصابين و ( ع?د السادة ) وانزواءات الخياطين والتي يطلق عليها ( القيصرية )

( عبد العزيز حاج حمود ) صاحب القرطاسية اشهر من نار على علم ....

يا إيمان حينما تشرع المدارس بفتح أبوابها كان أهلنا يبتاعون لنا القرطاسية منه ، أما ( لطفي جبر ) فصاحب المكتبة التي كنا نشتري منها الكتب ....هؤلاء يا سيدتي وهبوا ارث تلك المهنة إلى أولادهم ... أما مقهى ( رؤوف) الذي كان له عالم خاص وصوت ( منصور أبو السرة ) الشاعر الفطري ما إن تستمعي إليه يا صغيرتي.. ألا وينقلك إلى حقبة الأدب الأموي أو العباسي ... كانوا يغضبونه لكي يهجوهم ... ذات مرة اغاضه أحدهم وكان اسمه ( جواد ) فهجاه ( أبو السرة ) بقصيدة جاء مطلعها :

( سمتك أمك بالجواد لأنها ... علمت بأنك بعد حين تركب ) ...مات ( أبو السرة ) وماتت معه كل

قصائده وكل مخطوطاته التي تركها وديعة عند أولاده الذين أضاعوها فأضاعوا نوادر أبيهم..

أما يا ( إيمان ) عن أخريات هذا السوق فهناك ( عبد علي الحلاق ) اقدم حلاق في السماوة وكالمعتاد في بلادنا يمارس أيضا ( ختن الأطفال ) كما يداوي ويجبر الكسور .. كان أشبه بطبيب فطري .. يشعر الكثير من أهل السماوة بالارتياح _ ولو من باب الاعتياد_ حينما يقصدوه لكي يصف لهم دواءهم أو يعالج كسورهم ولكن يا صغيرتي الحبيبة أنا لعبد علي أن يجبر كسر القلب ....

باشر ( عبد علي ) هذا ختن ثلاثة أرباع المدينة .. أما ( جيجان ) العشاب ودكانه المليء بكل أنواع الأعشاب والعطارة فقد كان هو الآخر طبيب المدينة أو ما يسمونه في المدينة ( المرزه) فقد كان يقصده أيضا أهل المدينة لعلاجهم أو علاج أطفالهم ... كانوا يشفون هم وأطفالهم من وصفته ... وعلى فطرتهم البريئة .

وهناك يا إيمان شخصيات وشخصيات وحرف كثيرة يخبئها هذا السوق ( عبد علي التتنجي)

و(آل البازي) الصاغه وهم ( سماوي وحبيب وحسين وظاهر) و(آل أبو خشه) والخياطين(صبحي شفيج) و (جرجيس الخياط) و.....و.......الخ

والقماشين ( باقر آل حجي عبيد) و ( موسى كركوش) وخان ( آل مندل) وهناك الكثير الكثير لا تسعف ذاكرة المنفى لإحصائهم .

أما يا سيدتي طقوس عاشوراء، تلك التي تحمل ذاكرة خاصة وتاريخ خاص فلها عالم مليء بكل ما يحمل التاريخ، والسماويون يحيون شعائر هذا الشهر المقدس وما يحمله من ذكرى مؤلمة، هي

استشهاد الإمام الحسين عليه السلام....... كانوا يجلبون من خارج المدينه قراء المراثي الحسينيه المعروفين على صعيد المنبر الحسيني، ( ملا فاضل الراد ود و رسول محي الدين، وعباس الترجمان، وحمزة الزغير، وعباس الكوفي،) وبالرغم من أن لهذه المدينه قراءها وهم من أبناء جلدتها والذين كانوا يسمونهم ( الرواد يد) من هؤلاء ( الحاج عباس هو يدي وداخل السماك، خضر صن?ر) أطال الله في عمر الإحياء منهم ورحم الله الأموات..... ومن مفارقات هذا الطابع سأحكي لك يا سيدتي عن واحدة منها، عام 1970 جلبت الحكومة العراقية نوعا من أنواع الحنطة وكانت مطلية بمادة سامه، كوقاية للحنطه من الآفات التي قد تتلفها- وقامت بتوزيعها على الفلاحين- وكان قد استخدم فلاحي المدينه جزءا منها للأكل وكانوا يظنون أنها مطلية ( بمعجون الطماطم) فكانوا يقولون ( معجونها منها وبيها) وقد تسمم خلق كثير جراء ذلك ......كان ذلك مصادفا لأيام عاشوراء فكتب السيد داخل السماك قصيدة تحكي هذا الموقف وقراها على المنبر( هاي الحنطة المسمومة......جابتها النا الحكومة.....سموا بيها المعدان ..) ....ذلك أن كان المنبر الحسيني يستخدم للتعبير عن الرأي وطرح الأفكار و كان أشبه بالصحيفة التي ترشد وتخلق وعيا خاصا للجمهور وتتفاعل مع الحدث العام في البلاد وإضافة إلى المنبر الحسيني هناك المواكب الحسينيه أي المجاميع التي تخرج زمرا تندب الإمام الحسين عليه السلام وتحيي ذكراه في شهر محرم الحرام ومن بين هذه المواكب موكب الشرقي الكبير وموكب شباب الشرقي وموكب الجمهور الذي كان ينظر إليه على انه يمثل الطبقة الأكثر وعيا وثقافة بين المواكب(الطبقة الثورية) والذين يطلق عليهم ( عزاء موسكو) وجمهور( الجديدة) وعزاء ( باقر جونه) وفي الصوب الصغير (عزا مجلي) و..و.........الخ.

في عاشوراء الحسين هذا، كان السواد يلف المدينه والحزن يخيم على أكتافها، طيلة شهر محرم الحرام، ونحن نتشح بالسواد كذلك تعبيرا عن الحزن وولاءا للامام الصابر المحتسب و الذي قتل مظلوما في واقعة الطف ... وما يقترب أربعين الإمام الحسين عليه السلام في العشرين من شهر صفر حتى نجهز رحلنا ثم ونسير مشيا على الأقدام باتجاه مدينة كربلاء المقدسة حيث ضريح الإمام والتي تبعد ما يقارب المائة وستون كيلومترا عن السماوة وتعرف هذه العادة باسم ( الركضه) و يصاحبها هتافنا ( من السماوة أتى جمهورها..إلى بطاح كربلا يزورها) وكانت مواكب السماوة يا إيمان لها وقع خاص في كربلاء، كما أن لها صدى كبير بين المواكب، إذ ينتظر الجمع اللفيف في كربلاء والذي يضم المسلمين من كافة أقطار الأرض هذا الموكب(عزاء السماوة) ليستمعوا إلى أناشيدهم وهتافهم الذي يعطي صفة خاصة ونفسا مميزا لهذا الطابع القدسي المهيب، وكيف يتغنى شاعرهم المرحوم ( عبدالحسين الخطيب) وهو يردد أروع القصائد في هذه الذكرى الأليمة .... وبصوت الروا يد وجمع الموكب بصوت واحد شجي.

ولهذه الطقوس حكايا وحكايا يطول شرحها ... ويصعب سردها بهذا الإيجاز.

يا إيمان... حاول البعثيون جاهدون القضاء على هذه الممارسات وهذه التقاليد، فمنعوها ردحا من الزمن ولكن المجتمع السماوي أسوة بكل المجتمع العراقي، كان يمارسها خفية وبسرية ولكن شاء الله أن يعيد إلى الأذهان هذه الذكرى، وهذه الممارسات الشعائرية العظيمة بعد سقوط حكم الطغاة، وليرفع الله شعائر من أقام شعائر الدين .....رأيت هذا الأمر عيانا حينما وقع بصري_عبر التلفاز اثر سقوط النظام القمعي_ على مشهد خروج العراقيين لممارسة طقوسهم بعد سقوط الطاغية بأيام ..... وكيف احتشدوا حول ضريح سيد الشهداء وأبى الأحرار الحسين بن على عليه السلام .

اللهم احفظهم بحفظك، واحفظ العراق من أقصاه إلى أقصاه.

يا إيمان... نسأل الله أن نكون على خطى الحسين سائرين وبنهجه مهتدين، ورايات ولائنا خفاقة : (من السماوة لكربلا راياتنا منشورة ...غصبن على خشوم العدا ?بر الشهيد انزوره) يا إيمان سأتلو عليك أناشيد أخرى وحكايا أخرى فافتحي دفترك واكتبي كل حكايا مدننا الخالده القادمة من تراب السماوة وريح الجنوب وأناشيد السومريين وسنلتقي على دفاتر الذكرى والسماوة تفتح أبوابها لكل القادمين من بوابات الذاكرة.



#نجم_عذوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشأة....... ونشأة أخرى
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الرابعه
- نحلم.....فيسترخي البحر
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الثالثه
- نصوص غير مرئية
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة الثانية
- حينما نفيق لاتوجدأرقام
- هروبا نحو لقاء اخر الى /ايمــــــان
- حكايا من مدينة كلكامش
- هناك بارض الرافدين اضرحة اخرى تنتظرنا
- الظـــل
- الشعراء يستحمون بالقصائد - الى/ الشاعر المرحوم قيس لفته مراد
- الشعراء يستحمون بالقصائد - الى كمال سبتي
- رثـــــاء الصمـــــــــت


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الخامسة