أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سفيان صيام - كيف تنتصر وأنت مهزوم أمام سيجارة ..؟؟















المزيد.....

كيف تنتصر وأنت مهزوم أمام سيجارة ..؟؟


سفيان صيام

الحوار المتمدن-العدد: 2136 - 2007 / 12 / 21 - 05:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


لكل مرحلة أو حدث ظواهر مرافقة قد يكون فيها الجيد وقد يكون فيها السيئ ، إحدى الظواهر التي انتشرت بعد الانقلاب ولعلها كانت موجودة قبله ولكن ليس بهذا الشكل ، حيث ازدادت انتشاراً وشهرة بعده ، حتى أصبحت إحدى مميزات ما بعد الانقلاب ألا وهي انتشار بائعي السجائر في كل مكان تقريباً ، مع ازدهار تجارة الدخان بشكل لم يسبق له مثيل .

يكاد المرء وهو يدير عينيه في كل مكان تقريباً يلاحظ وبشكل كبير باعة جوالين يحمل كل منهم بضاعته في كرتونة أو على قطعة خشبية ، والمحظوظ منهم له بسطة صغيرة يجلس من خلفها على كرسي يبيع سجائره لكل راغب بالشراء . وربما تجدهم الآن في كل شارع وزقاق ومفترق طرق وعلى كل إشارة ضوئية ، والطريف أن بعضهم لا يبيع علبة كاملة وإنما يمسك بعلبتين ويبيع بالسيجارة ( بالمفرق) أو (بالنفل) على رأيهم ، وربما يصبح غداً بيع الدخان بالنًفَس !!!

الملاحظ أيضا الارتفاع الخيالي في أسعار الدخان فعلى حسب علمي المحدود في مجال التدخين أن علبة السجائر التي كانت تباع قبل الانقلاب بتسعة شواكل تباع اليوم بما يقارب عشرين إلى واحد وعشرين شيكل ، أي بزيادة أكثر من مائة بالمائة ، كما أن هناك أنواع من المعسل لمن يدخنون النارجيلة ارتفع سعرها بأكثر من خمسمائة بالمائة إن لم يكن أكثر .

المشكلة الأكبر أن هذا الارتفاع يأتي في ظل وفرة من الدخان فزيارة عارضة أو مرور بالصدفة على ميدان فلسطين وهو الآن بمثابة سوق الجملة للدخان في مدينة غزة ، كفيلة بأن تشعرك أن الدخان لن ينقطع في غزة على الأقل خلال أِشهرٍ قادمة إن لم يكن سنوات ، ولكن تزول الحيرة ويبدو الأمر منطقيا إذا ما علمنا أن ارتفاع السعر له أسبابه خصوصاً بعدما استبدلت طريق استيراد الدخان عبر المعابر والوكلاء التجاريين بطريق آخر هو الأنفاق مع ما يتطلبه ذلك من بدل مخاطرة وارتفاع تكلفة النقل ناهيك عن ارتفاع قيمة الضريبة المضافة التي يفرضها حكام غزة .

يلاحظ أيضا مطاردة شرطة الحكومة المقالة لبائعي الدخان على فترات معينة دون أسباب واضحة ، فقبل أيام شُن هجوم غير مسبوق على كل بائعي الدخان من أصحاب البسطات المحمولة والثابتة ، وتم مصادرة آلاف صناديق السجائر ما يعرف ( بالكروز) دونما سبب واضح وتم إرجاع ما تم إرجاعه بعد كتابة تعهدات ، ولا أدري لماذا يحصل هذا مع الدخان فقط دون غيره من السلع والبضائع؟ .

بعد حمد الله على أنني لست من المدخنين لا بنظام السيجارة ولا بنظام النارجيلة ، تقول العديد من الإحصائيات أن هناك مئات الآلاف من المدخنين في الشعب الفلسطيني والذين يبذرون أموالهم في تبديد صحتهم تحت شعارات سخيفة من نوعية ( الراس اللي فش فيه كيف حلال قطعه ) و( أي هي فقر وقلة كيف ؟ ) و أخيراً شعار أنا أدخن من الملل والقرف !! .

ربما تكون البطالة المستشرية بين صفوف الشباب الفلسطيني في قطاع غزة أحد أهم الأسباب التي دفعت بهم إلى احتراف مثل هذه الوسيلة لتحصيل بعض المبالغ من المال تساعد على ظروف الحياة الصعبة ، عن طريق الانتشار في كل سوق وساحة وميدان ومفترق طرق وشارع وزقاق يبيعون سجائر الدخان ، وكذلك نظرة المجتمع بشكل عام للمدخن فرغم أن التدخين حرام إلا أن المجتمع لا ينظر للمدخن على أنه يرتكب مخالفة شرعية أو أخلاقية أو أدبية ، مثلما ينظر مثلاً لمن يشرب الخمر أو يدخن الحشيش ، ولذلك لا يتوانى ولا يتردد أي شخص سواء في التدخين أو البيع .
ولكن في كل الأحوال فهذه ظاهرة سلبية لها من الأَضرار ما يفوق منافعها _ إن كان لها منافع أصلاً _لا سيما أن هناك الآلاف من الأطفال الصغار الذين يترددون على بائعي السجائر بنظام النفل ويضيعون مصروفهم في شراء سيجارة يتقاسمونها سوياً . ولك أن تتخيل يا من تقرأ سطوري هذه أمتار غزة وهي مقسمة بين البؤس والفقر والملل والحزن والسجائر.

ما يدهشني حقيقة أن العديد ممن يدخنون يتغنون بأن الدخان لا يؤثر عليهم ، وأنهم يستطيعون الإقلاع عنه وقتما يريدون ، ورغم ذلك لا زالوا يدخنون حتى بعد أن وصلت أسعاره إلى حد خيالي ، ولا زالوا يتمسكون بقدرتهم على تركه فمتى يتركونه ؟؟ لا أدري !!
وهناك من يفاخر ويقول لو وصل سعر علبة السجائر إلى مئة شيكل سأشتريها فلا أستطيع العيش بلا دخان ! وهناك من يرسل أبناءه ليشتروا له علبة السجائر دون أن يفكر في تأثير هذا الأمر عليهم بالمطلق ، وهناك نساء متزوجات يقمن بشراء الدخان لأزواجهن ولا يُخفِين أنهن لا يستطعن العودة إلى منازلهن إلا بعلبة السجائر وإلا يكون العقاب شديد !!

تقول بعض الروايات أن العديد من المدخنين يهتمون بتوفير السجائر أكثر من توفير الدقيق والحليب لأطفالهم، ولو خُيٍروا بين شراء علبة سجائر أو وجبة طعام لأبنائهم فسيختارون الأولى !

وهكذا تصبح السيجارة أقوى من حاجة الأطفال وأقوى من الحاجة إلى المفيد من الأشياء وأقوى من المدخن وبصراحة أقوى من المجتمع بأسره ، فلا يستطيع المدخن أن يقلع إلا فيما ندر ، ولا غير المدخن أن يحاول إيجاد وسيلة يحمي بها مجتمعه من هذه الآفة ، ولا ولي الأمر معني بهذه القضية أصلاً .

هناك عدة أسباب منها ما هو قديم ومعروف ومنها وما هو جديد ومعروف تدفعنا إلى القول بضرورة محاربة السيجارة والانتصار عليها بكل الوسائل.
أما القديمة المعروفة فهي أولاً : حرمة التدخين فالفقه الإسلامي في الوقت الحالي مجمع على حرمة التدخين من الناحية الشرعية ومن أشهر فتاوى تحريمه فتوى الشيخ نصر فريد واصل مفتي جمهورية مصر العربية في العام 1995 ، و ثانياً : ضرر التدخين الصحي وغني عن القول أن مئات إن لم يكن ألاف الدراسات الطبية التي أثبتت ضرر الدخان على صحة الإنسان ودوره في الإصابة بعديد من الأمراض الخطيرة ولعل منها السرطان ، وثالثاً : ضرر الدخان المجتمعي والمادي فما من شك أن التدخين وسيلة مفضلة لمن أراد أن يبذر أمواله فيما يضر ولا ينفع ، بالإضافة إلى العديد من المثالب الاجتماعية والأسرية التي لا يغفل الجميع عنها ولا مجال لذكرها في هذا المقال .

وأما السبب المستجد والخاص بقطاع غزة فهو ارتفاع سعره بشكل جعل العديد من مدخنيه يخفضون نصيبهم اليومي منه، وجعل العديد منهم عاجزين عن شرائه.
فيا أخي المدخن ألا تقلع عن التدخين في ظل هذه الأوضاع الاستثنائية لأنك حقيقة لم تعد قادر على شرائه وإن كنت قادراً فحفاظاً على دينك وصحتك وأسرتك، وإن كنت لا تستطيع الإقلاع عن الدخان فما تقول لمن اُبتلي بإدمان المخدرات ؟ ألم تقل معي أنه لو امتلك الإرادة لأقلع عنها، فما بالك تعجز عن الإقلاع عن الدخان والفارق بينهما واضح جلي، فإن كنت لا تملك الإقلاع عن التدخين فلا تطلب من مدمن المخدرات الإقلاع عنها.
إن القضية لا تتعدى كونها قرار مصون بجدار من الإرادة والعزيمة وأنا واثق من قدرتك على فعلها وقدرتك على الصمود والصبر في مواجهة اجتياح السيجارة .
لا أريد أن يكون المجتمع منهزماً مدحوراً أمام جيش السجائر ولكن للأسف هذه هي الحقيقة ، ولكل مهتم أن يحسب بصورة بسيطة حجم الأموال التي ينفقها المجتمع الذي يشكو الحصار والجوع والفقر في التدخين !
هذا الشعب المقاوم لا يملك قذائف ولا صواريخ من الإرادة يقصف بها رغبة التدخين فيدمرها ، ولا جبهة ممانعة تقف سداً في وجه غزو السيجارة فتردها على أعقابها خائبة مدحورة ، وأخيراً أسأل كيف لهذا الشعب أن ينتصر وهو مهزوم أمام السيجارة .؟؟



#سفيان_صيام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أما آن للانقلاب أن ينتهي ..؟؟
- الانقسام أخطر ما في الأمر يا أنام
- الفتاوى الفلسطينية ..بين اجتهاد العلماء ومناكفة الفرقاء
- فتح .. من يقود الاخر القيادة أم القاعدة ..؟
- حين يخطئ قلمي فرديا


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سفيان صيام - كيف تنتصر وأنت مهزوم أمام سيجارة ..؟؟