أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - الرفيـــق المنــاضـــــل كوجـــوك علي أوغــلو وولده - دده بيــــك -















المزيد.....

الرفيـــق المنــاضـــــل كوجـــوك علي أوغــلو وولده - دده بيــــك -


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 659 - 2003 / 11 / 21 - 04:00
المحور: الادب والفن
    


تلك العصـا من هذه العصية  هل تلد الحية إلا الحية ؟
 لو جاءتنا أمم الأرض بطغاتها وجئناهم بواحد من تراثنا لعادوا على أعقابهم مدحورين مذمومين ، فلنحمد الباري عز وجل على تاريخنا الغني وعلى جغرافيتنا الثرية وعلى ما قدمه أجدادنا العظام في جميع الميادين .
    من هذا القبيل ما رواه سفير الإمبراطورية الروسية في سورية وفلسطين أيام الحكـم العثماني عن المآثر " التاريخية " للسيد كوجوك علي أوغلو طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه ، فالجنة ، كما يؤكد الحكام وأجهزة الأمن هي إقطاع خاص للحاكمين وأبنائهم وأصهارهم وأقاربهم حتى الدرجة الثانية عشرة  ، لم تكفهم القصور في الدنيا ، فراحوا يحاولون الاستيلاء عليها في الآخرة أيضا !
     في قراءتنا لكتاب " سورية وفلسطين تحت الحكم العثماني " لسعادة سفير القيصر الروسي السيد قسطنطين بازيلي الذي عاش في المنطقة ثلاثين عاما انتهت سنة 1851 ، ندرك جيدا أن حكامنا أمناء للتراث ، لم يستوردوا من الغرب غير المرسيدس وآلات التجسس الإلكترونية وبعض وسائل التعذيب بالكهرباء ، أما الأخلاق والعادات والتقاليد و " تركيب أذني الجرة حيث يشاؤون " فهي عربية الوجه واليد واللسان ، فالسيد كوجوك علي أوغلو غفر الله له كان من " كبار " قطاع الطرق ، ولما سئم من السعي وراء المسافرين بغية تشليحهم كل ما يحملونه معهم ، إرتأى " حفظه الله " أن يستريح ويؤسس دولة في منطقة استراتيجية بحيث يأتيه الناس لكي " يشلحهم " ! ووقع اختياره بحكمته ونظره الثاقب وقراءته للمستجدات ، على منطقة جبل " بياس " الستراتيجية  في الشمال الغربي من سورية ، كان الاستيلاء على هذه المنطقة والتحكم بها يعني التحكم بطرق القوافل الآتية من عاصمة الخلافة العثمانية إستامبول ، والتحكم أيضا بقوافل الحجاج ، فجميع المسافرين من وإلى العاصمة لابد لهم من المرور على هذا الممر الجبلي ، وإلا اضطروا إلى الإلتفاف حول جبال طوروس مما يعني زيادة الرحلة أكثر من عشرة أيام والتعرض لمخاطر أخرى من قطاع طرق لم يتطوروا إلى حكام دول بعد .
     بعد الإتكال على الله ، قاد كوجوك علي أوغلو جيشه المؤلف من مئتين من كرام اللصوص وقطاع الطرق في حركة تصحيحية  واستولى على منطقة جبل بياس ، أصبحت دولة الرفيق المناضل كوجوك علي أوغلو مطلة على خليج الإسكندرون ، حيث يراقب السفن التي قد تخطىء فترسو على شاطيء يعتبر من التراب الوطني لإمارة جبل بياس ، ومن جهة أخرى فقد كان موقعه الستراتيجي يمكنه من أن  يفرض " خوة " على القوافل التي تمر في أراضيه لقاء حمايتها وعدم نهبها ، وهذا دليل على منتهى الكرم والشهامة اللتين امتاز بهما كوجوك علي أوغلو غفر الله له .
     لكي تدفع القوافل ما يطلب منها من " رسوم مرور " بدون مناقشة ، ابتكر كوجوك علي أوغلو طريقة فذة ، كان لابد من تزيين الطرقات التي تمر فيها القوافل بعدد من المشانق لإقناع المسافرين " بالحسنى " أن المال ليس أعز من الروح ، وكان عادة يستطيع تدبير عدد من المواطنين لتعليقهم على أعواد المشانق في موسم الحج ، ويروي المؤلف أن كوجوك علي أوغلو لم يستطع في إحدى السنين أن يجد العدد اللازم من الناس لشنقهم كديكور لاغنى عنه بمناسبة الحج ، نظر الرجل حوله ، وتسمرت عيناه على كاتب حساباته ، وهو مسيحي اسمه يعقوب ، قال له والدموع تترقرق من عينيه الكريمتين :
- لقد خدمتني بإخلاص أربعين عاما يا يعقوب ، لكنني تغاضيت عن سرقاتك ولم أحاسبك عليها ، وأنت الآن كبرت في السن وتعاني من المرض ، سأشنقك غدا ، وهذه مشيئة الله ، فالأفضل أن تموت في الهواء الطلق بدلا من أن تموت على فراش المرض كما يموت الجبناء !
وتدلى جسد المحاسب يعقوب في اليوم التالي مشنوقا ، جاء الحجيج وشاهدوا في جثة يعقوب " عواقب " الأمور ، وامتلأت خزانة كوجوك علي أوغلو بالليرات .
     من مآثر القائد الرمز كوجوك علي أوغلو أنه لم يكن يسلب الحجاج والمسافرين فقط ، كان رحمه الله " عادلاً " في جميع مظالمه ، أخطأ ربان سفينة قادمة من النمسا فرسى في أرض تابعة لدولة كوجوك علي أوغلو ، كانت السفينة محملة بالبضائع لتجار مدينة حلب ، أرسل كوجوك علي أوغلو رجاله لدعوة القبطان وطاقم السفينة إلى عشاء ذبحت فيه الخراف ، أثناء انشغال الضيوف في العشاء كانت " الوحدات الخاصة " التابعة لدده بيك ابن القائد التاريخي كوجوك علي أوغلو قد أفرغت السفينة من جميع ما فيها من بضائع ، تم إغراق السفينة ، وأرسل القبطان وطاقم السفينة معززين مكرمين إلى حلب !
     حاول قنصل النمسا التدخل لدى كوجوك علي أوغلو للإفراج عن البضاعة ، ذهب إليه لسابق صداقة بينهما ، لم يقابله كوجوك علي أوغلو إطلاقا ، أودع في السجن ، وأرسل إليه من يقول له :
-  تعرف يا سعادة القنصل أن علاقتي بالسلطان في هذه الأيام ، ليست على ما يرام ، وقد أرسل لي الله رزقا ، فكيف تريدني أن أرفض نعمة الله ؟أنت الآن ضيفي ولا يمكن الإفراج عنك إلا بفدية ، وفديتك أيها الصديق ليست فدية عادية ، فكوجوك علي أوغلو يعرف مقامات الرجال ، ولا يرضى أبدا أن تكون فديتك إلا متناسبة مع مركزك ومقامك كقنصل دولة عظمى ، وفدية قنصل لا يجوز أن تقل عن خمسة وعشرين ألف قرش ذهبي !
بقي القنصل في السجن إلى أن تدبر أمر الفدية ، عاد إلى حلب حاملا معه ذكريات حسنة عن ابن كوجوك علي أوغلو وولي عهده السيد " دده بيك " الذي كان خلال فترة احتجازه في السجن يعامله برقة ولطف ، توفي كوجوك علي أوغلو فأعلن الحداد أربعين يوما في جميع أنحاء بياس ، تولى الحكم بعده " دده بيك " أوتوماتيكياً ودون حاجة إلى تعديل الدستور ، وجاء القنصل إلى دده بيك عارضا ظلامته طالباً رد الفدية التي أفقرته ، أجاب دده بيك بعفوية وصدق ورثهما عن أبيه العظيم :
- إسمع يا سعادة القنصل ، نحن مسلمون وديننا يأمرنا ببر الوالدين ، ولا يحق للولد المســلم أن يدين أباه , أذكروا محاسن موتاكم ، مات أبي وحسابه عند ربه !
   و أضاف دده بيك وبراءة الأطفال في عينيه :
- هل ترى يا سعادة القنصل جبل بياس هذا ؟ لو كان كله من الذهب لما كان كافيا لرد الأموال التي أخذها أبي إلى أصحابها !
يقول أبو يسار الدمشقي :
     نحمد الله على أن حكامنا الأشاوس ضد استيراد الفكر ، وأنهم لا يزالون أمناء على تراثنا ، وأنهم يضحــون حتى بفلذات أكبادهم لكي لا يموت أحدنا وليس في عنقه " بيعة " لرئيس أو ملك أو ولي عهد ، فمن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية والعياذ بالله .
  اللهم لا تسلط علينا في ذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا ، إنك سميع مجيب !



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس - مسبق الصنع - !
- كتاب مفتوح من أبي يســــار إلى الطبيب الحكيم بشــار
- دائرة فلتانة سي!
- خصخصــة المفاوضات وخصخصة الكركونات!
- الصراعات العقائـــديـــة بين القبوقــــول والإنكشــــارية
- القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!
- الطَّشَــــرون
- الحصــن الحصــين في ذكر ما جرى في مؤتمر المقامرين!
- مــورِدُ الظـمـــآن في أسباب صَمْــتِ الأورانغوتان!
- أجهزة المخابرات مأكــولة مَــذمـــومَــة!
- رؤســاء الإنترنيت وحكام البامبرز !
- المســـألة الحِماريــّة! في توريث الجمهوريّـة والجماهيريـّـة
- فلسفة - الاستكراد - وديموقراطيــــة الإســـتعباد!
- يوم دخلت السُـلطة إلى حَمّــام الأســــطة!


المزيد.....




- فنان يثني الملاعق والشوك لصنع تماثيل مبهرة في قطر.. شاهد كيف ...
- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب
- بعد سنوات من الغياب.. عميد الأغنية المغربية يعود للمسرح (صور ...
- لقتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - الرفيـــق المنــاضـــــل كوجـــوك علي أوغــلو وولده - دده بيــــك -