أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صبحي حديدي - إدوارد سعيد: عود على بدء














المزيد.....

إدوارد سعيد: عود على بدء


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 2133 - 2007 / 12 / 18 - 12:26
المحور: القضية الفلسطينية
    


في العدد الجديد من فصلية Middle East Quarterly، المؤرّخ شتاء 2008، يتذكّر إفرايم كرش وروري ميللر أنّ تأثير إدوارد سعيد (1935 ـ 2003) على الحياة الأكاديمية في الغرب يظلّ قوياً في غيابه كما كان في حياته، وما تزال تتواصل المنتديات والمؤتمرات المنعقدة على شرفه، في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا (ولسبب ما سقطت من لائحة كرش وميللر أنشطة مماثلة شهدتها أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأستراليا). ما يتسبب أكثر في ضيق صدر الثنائي أنّ عدداً من النجوم، سلمان رشدي وفانيسا ردغريف وداني غلوفر، يشاركون في هذه اللقاءات؛ وينضمّ إليهم بين حين وآخر يهود غير طيّبين، كما يُفهم من نبرة الثنائي، لأنهم على عداء مع الصهيونية، مثل الناقدة جاكلين روز والمؤرّخ إيلان بابيه.
لهذا كلّه يتطوّع الثنائي كرش (رئيس قسم الدراسات المتوسطية في King s College، لندن) وميللر (المعيد في القسم ذاته) بتدمير، أو بالأحرى إعادة تدمير، شخصية الراحل الكبير، استناداً إلى الكشوفات العبقرية التالية: سعيد تمنى أنّ يتذكره الناس في قوله الحقيقة أوّلاً، ولكنه انتهى إلى نقيض ذلك لأنه لم يكفّ عن "فبركة" الحقائق؛ ومارس النفاق حول طفولته في فلسطين ما قبل إنشاء الدولة العبرية، وانتحل صفة الفلسطيني المنفيّ؛ واعتاد على السرقة الأدبية والفكرية (أفضل أمثلة الثنائي فقرة يتيمة من بيان لمنظمة التحرير الفلسطينية صدر سنة 1964!)؛ ولم يكن متسامحاً مع الخصوم (أمثال بول جونسون، دانييل بايبس، كنعان مكية!)؛ وأخيراً: المماحكة بقصد تسلّق السلّم الأكاديمي والمهني (بين الأمثلة: آراء سعيد في مواقف جان بول سارتر من الصراع العربي ـ الإسرائيلي، واحتلال العراق، والروائية الإنكليزية جين أوستن!).
والحال أنّ كرش وروري يستأنفان المفرقعة التي كان أطلقها الباحث الإسرائيلي جستس رايد فاينر في آب (أغسطس) 1999، حين أعلن هذه الكشوفات المدوية، العبقرية بدورها: أنّ المنفيّ الفلسطيني إدوارد وديع سعيد زيّف قصة حياته، ولم يسكن في القدس، ولم ينتسب إلى أيّ من مدارسها، وهو ليس لاجئاً، ولا حتى فلسطينياً! هذه ثمار ثلاث سنوات من التنقيب في أرشيفات فلسطين أيّام الإنتداب البريطاني، وفي قيود الأحوال المدنية، والصكوك العقارية، وسجلات مدرسة «سان جورج» في القدس، واستجواب نحو 85 من الشخصيات المعاصرة لتلك الحقبة، والسفر إلى عواصم عديدة بينها القاهرة وعمّان.
وبالطبع، كان الهدف البعيد هو تقويض حكاية سعيد بوصفه المنفيّ الفلسطيني أوّلاً، على نحو يحرمه استطراداً ـ في الموقع الشخصي الفردي كما في الموقع الرمزي الجَمْعي ـ من صفة الضحية، أو احتمال أن يكون «رمزاً للظلم الإسرائيلي» كما كتب ألن فيلبس مراسل الـ«ديلي تلغراف» في القدس، حين نقل اكتشاف فاينر آنذاك. وتأسيساً على هذا فإنّ حكايته «المؤثّرة»، التي كانت تُروى وتُقتبس في الصحف والمجلات وأقنية التلفزة، ينبغي أن تُطوى اعتباراً من تاريخ ذلك الإكتشاف، ولم يعد من حقّ هذا الرجل (الذي كان «مدلّل اليسار الأمريكي» زمناً طويلاً، كما كتب فيلبس) أن يستأثر بعد الآن بموقع «الرمز الحيّ للشتات الفلسطيني».
غير أنّ يهودياً غير طيّب، على شاكلة جاكلين روز وإيلان بابيه، كان قد تصدّى للدفاع عن سعيد حين راجع مذكرات الأخير الشهيرة التي صدرت في العام ذاته، 1999، تحت عنوان "خارج المكان". عاموس عيلون، الكاتب والروائي، خاطب مواطنيه الإسرائيليين بوضوح ما بعده وضوح: اقرأوا هذا الكتاب لأنه يعلّمكم الكثير عن الفلسطيني، ويعلّمكم أكثر حول ما يستقرّ عميقاً في نفوسكم وتجهلونه أو تتجاهلونه. وإذ توقف عند أباطيل فاينر حول فلسطينية سعيد، كتب عيلون: «هذا استقراء مستهجن. إنّ فاينر لا يكتفي بإنكار حقوق الفلسطينيين دون النظر فيها بجدّية، بل يعيد إلى الأذهان مفارقة مريرة تماماً: عن طريق وصم سعيد بتهمة الشخص الكوزموبوليتي الخَطِر والمقتلَع من جذوره ـ رغم أنه غنيّ وابن نعمة في الآن ذاته ـ فإنّ فاينر يردّد أصداء الإتهامات ذاتها التي وجهها إلى اليهود قوميون أوروبيون متشدّدون ومعادون للسامية، طيلة القرن التاسع عشر».
وهكذا فإنّ لائحة مضبطة اتهامات كرش وميللر لا تستأنف مماحكة فاينر وأمثاله فحسب، بل الأكثر مغزى أنها تمثّل الطبعة الأحدث من سلوك الضحيّة اليهودية التوّاقة إلى التنكيل بالفلسطيني (ضحيّة الضحيّة)، في جانب أوّل؛ وأنها، في جانب ثانٍ، تنويع على طبعة اضطهاد الأوروبي لليهودي، وقد استعادها اليهودي نفسه بعد مرور قرن على تحريره وتحرّره. تحريره، ربما. ولكن تحرّره؟ هذا هو الطور الآخر الذي تبرهن كتابات عشرات المفكرين والمؤرّخين والأكاديميين الصهاينة أنه لم يكتمل بعدُ في الوعي اليهودي، الأمر الذي يبرهن تالياً على أنّ بعض اليهود لا يزمعون التحرّر من عقدة الضحيّة إلا بعد إشباع عقدة الجلاد.
وقبل مراجعة عيلون، ومن أجل دليل جديد على أنّ احتفاء الإنسانية بأعمال سعيد قديم جديد متجدد، كانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نشرت مراجعة لـ «خارج المكان»، كتبها كريستوفر ليمان ـ هوبت، نصح فيها أبناء أمريكا أنّ يقرأوا كتاب سعيد لأنه يمثّل المعنى الكلاسيكي الرفيع لرحلة المهاجر إلى أمريكا، حيث «الجميع خارج المكان».
... ما خلا أمثال فاينر وكرش وميللر!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نمطان في -تكريم- حقوق الإنسان: هراوة الأسد وممسحة ساركوزي
- شحارير الرياء
- اقتصاد السوق والديمقراطية الغربية: زواج أضداد أم سفاح قربى؟
- الغريبان
- صفقة ساركوزي الجديدة: ألعاب ذرّ الرماد في العيون
- النظام السوري بين غارة وأخرى: العجائب الخمس
- إحتراف الحسبة
- الهند في ميلادها الستين: كعب آخيل عمالقة القرن
- الشعر و-الطرب الوطني-
- تكعيب البصرة
- السير رشدي والمستر لوكاريه
- باكستان العسكر: هل ينقلب الفقه الأصولي إلى حاضنة اجتماعية؟
- على أهدابه عشب الجليل...
- ولاية الأسد الثانية: السنة ال 37 في عمر -الحركة التصحيحية-
- كعكة كافكا
- ولادات الأمّة الأمريكية: ليس رحم التاريخ، بل برميل النفط الع ...
- القوقعة والذاكرة
- كسر الجليد السوري الإسرائيلي: ما يطرأ سريعاً يتطاير أسرع
- أدونيس والوهابية: عود على بدء
- -حماس- وعبّاس: ديمقراطية رجيمة أسقطت ورقة التوت


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صبحي حديدي - إدوارد سعيد: عود على بدء