نشرت امس مقالا مطولا على موقع الحوار المتمدن تحت عنوان (فخامة الرئيس مبارك .. سلامتك ) وتمنيت ان يسرع الله فى شفائه , وان يسرع هو ايضا فى تغيير سياساته الفاشله التى يعانى منها كل موطن مصرى .. الا اننى تلقيت سيلا من الردود التى تقول للرئيس ( مش سلامتك ) وايمانا منا بحق الرد فهذة هى النصوص الكامله لرديين فقط من ساره نجييب وهانى عياد ::
ساره نجيب:
كما فاجأنا الزميل العزيز عبد الوهاب خضر الفترة السابقة بسيل من المقالات المتميزة, يفاجئنا الأن بمقال أقل مايقال عنه هو انه مثير للتحفظ. وبرغم أن مشاركاتي في النقاش من خلال المجموعة محدودة جداً, ألا ان إحترامي للزميل يجبرني أن أناقش بعض أفكارة الواردة في مقاله وعنوانه " فخامة الرئيس محمد حسني مبارك.. سلامتك". من غير "فخامة" الرئيس محمد حسني مبارك... مش سلامتك!!
منذ بداية المقال والزميل عبد الوهاب يحاول الظهور بمنطق المعارض الرزين ذو الرؤية العقلانية والبعيدة عن التطرف وهو نموذج خلقه النظام المصري منذ الستينات منذ إستوعب هذا النظام أغلب الرموز الفكرية والسياسية اليسارية المعارضة بينما همش وقمع الباقي منهم. نموذجاً بغير طعم او لون..إلا طعم ولون النظام!!. معارض ولكن صوته واطي وعينه مابتطلعش من الأرض!!
(أتحدث هنا عن النموذج وليس الزميل عبد الوهاب), سخافة وجبن هذا النموذج إزدادت فجاجة وحدة خصوصاً بعد موقف صنع الله إبراهيم الذي قسم المثقفين المصريين الى قسمين واضحين: قسم يقف في صف الجماهير ويحسب نفسه واحداً منهم وقسم أخر يواري ضعفه خلف مظهر"مثقفاتي" مصطنع يهذي عن سلبيات وإيجابيات ليظهر محايداً بينما هو يخدم النظام ويردد أكاذيبه, ولا اكثر من الأمثلة!!
يتحدث الزميل عن أن "حالة البلبلة وعدم الإستقرار والفراغ السياسي هي ليست من مصلحة أي مواطن مصري"
ولم أفهم حقا أي بلبلة وعدم إستقرار وفراغ سياسي هذا الذي يتحدث عنه, أيقصد البلبلة وعدم الإستقرار السياسي من مفهوم مبارك وعصابته أم من مفهومنا نحن المعارضين لهذا النظام؟؟
فمظاهرات 20 و21 مارس كانت بالنسبة للنظام المصري بلبلة وعدم إستقرار.. إضرابات العمال رفضا لبيع مصانعهم كان زعزعة للأمن والإستقرار, رفض الفلاحين لقانون الإيجارات الزراعية.. إحتجاجات العاطلين عن العمل في الأرياف.. إحتاجات جامعي القمامة الأن.. مظاهرات الطلبة في الجامعات ضد التطبيع ومواقف الحكومة المتخاذلة من الإنتفاضة الفلسطينية هي بلبلة وعدم إستقرار وكما وصف السادات إنتفاضة 18 و19 يناير بهوجة الحرامية, يصف مبارك معارضيه بأنهم "فئات مندسة" أو"مخربين" إلخ..
وبالطبع لا ينسى أن يكمل جملته المشهورة" ونحن سنضرب بيد من حديد عل كل من تسول له نفسه بزعزعة أمن وإستقرار هذا البلد الآمن!!
ومن هنا يواجه هذا النظام جماهيره بقانون الطوارئ وما يتبعه من قتل وإعتقال ليس لمعارضيه السياسيين فقط بل لأي مواطن غلبان ماشي في الشارع لا بيه ولا عليه ليفاجئه حظه الغبر بمن يستوقفه ليسأله عن بطاقته والمهنة.. ولا احتاج هنا لذكر الباقي!!
هذا النظام يستهلك مواردنا القليلة ليس ليوفر كسرة الخبز للجائعين بل لتطوير آلته القمعية من أسلحة وهروات بالكهرباء ومدرعات على اخر موضة.. خراطيم ماء أزرق ويتوافر لديهم أحدث أدوات التعذيب والتصنط وطبعاً مفهومة لحل مشكلة البطالة هي مايدعوه "بكل العطف" لتجنيد الألاف من فقراء الصعيد في الأمن المركزي وكلاب المباحث لضرب أي بادرة لحركة جماهيرية تحاول التعبير عن رغبتها في التغيير. هذا هو مفهوم لنظام المصري للبلبلة والإستقرار السياسي. أما نحن, معارضينه فنرى الوقف من زاوية أخرى,
البلبلة وعدم الإستقرار السياسي في مفهومنا نحن هو أن نعيش أصلا في ظل هذا النظام بممارساته لخدمة الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني الذي يعتبرهما مبارك أصدقاؤه وشركاؤه إستراتيجياً.
والبلبله وعدم الإستقرار أيضا هو أن تقفز اسعار السلع الأساسية واسعار الأدوية والطاقة.. هي ان نتخرج من الجامعه لنواجه البطالة والتهميش .. هي أن يعمل والدك ساعات غير محدودة كل اليوم ليحصل على ملاليم بينما يراكمون هم ملايين الدولارات ويتبجح إبنه بأهمية إلغاء مجانية التعليم وإلغاء كافة أشكال الدعم (إن وجدت)!!
يعاني مبارك من الألفنونزا وسبب الإغماء (كما اعلن صفوت الشريف) انه تناول كميات ضخمة من المضادات الحيوية بأمر الأطباء بينما يصر على الصيام اثناء العلاج!!
يذكرني هذا بآلاف الأطفال الذي فقدوا حياتهم في نجوعنا وكفورنا وحواري مصر المحروسة لعدم توافر ثمن حبة الأسبرين او دواء الجفاف او غيره من الأمراض التافهة والتي إن توفرت لعائلاتهم أبسط مقومات الحياة الإنسانية لعاشوا عمراً مديداً!!
كما يذكرني أيضاً بملايين الفقراء المصريين الذين يقضون حياتهم كلها في صيام لا ينقطع, ليس تديناً وإنما هو فقط الجوع والفقر!!
المشكلة في مقالك ياعزيزي ليست أنك وجهت تمنياتك بالشفاء لمبارك فقط , مشكلتي الأساسية هي مع فصلك الواضح (في رأيي) بين مشكلات الإستبداد السياسي والأزمة الإقتصادية وبين طبيعة السلطة الحاليه وعلاقة ذلك كله بمبارك!! انت قمت بسرد طويل لمشكلات جميعنا نعاني منها ومع ذلك إنتهيت بإعتبار ان الدفاع عن "صحة" مبارك هو دفاع عن الأمن القومي والإستقرار السياسي, وهي حالة تتكرر كثيراً عند المثقفين المصريين,
هم ضد الإحتلال الإنجليزي فينادي البعض... إلى الأمام يارومل!!
ضد صدام حسين فيهتفون... إلى الأمام يا أمريكا!!
مشكلة هذا الطرح هي انه يستبعد تماما إمكانية بناء حركة جماهيرية تستطيع التغيير وتنجح في القيام به!! تطلب منا ان نتعامل بمنطق " إن اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش" و" اللي مالوش كبير يشتريله كبير" وغيرها من الأمثال الشعبية التي تدعونا أن نرضى بالقليل ونبوس إيدنا وش وضهر ونقول أهه احسن من هتلر وبينوشيه!!
وتغفل أن اغلب مانعانيه الأن من عدم وجود تيار سياسي قادر على التغير الجذري, هو بسبب قمعه وسياساته, وان هذا التيار لن ينمو أبدأ إلا بالنضال الدؤوب ضده وضد نظامه.
لقد أثار مقالك داخلي للعديد من التساؤلات..
هل تتخيل وضعاً أسوأ من الذي نعيش فيه الأن في ظل هذا النظام؟؟
هل تعتقد ولو لثانية واحدة ان نظام مبارك يحمينا بإبقاء الأمور كما هي - كما يشير إعلامه الكاذب؟؟
هل من الممكن ان يمنح هذا النظام لجماهيره أي نوع من الديمقراطية؟؟
هل يستطيع تجاوز المشكلات الإقتصادية التي تعصف بنا الأن بدون أن " يشحت علينا" طلباً للقروض والمنح وذلك خوفاً على كرسيه وليس من اجل الجماهير؟؟
ويبقى التساؤل الأساسي داخلي والأكثر جوهرية من وجهة نظري.. ماذا بعد كل مانعانيه من المشكلات التي ذكرتها انت وانا وغيرها من التي نواجهها جميعا؟؟
أنطلب من مبارك هامشاً أوسع من الديمقراطية.. أم نناضل ضده من أجل الحصول عليها؟؟
ماذا نفعل في ظل ازمة إقتصادية طاحنة وعدم وجود بديل سياسي جماهيري وقوي يحمينا؟؟ أنوجه له برقيات التمنيات بالشفاء العاجل, أم نناضل في بناء هذه الحركة التي نصبو إليها وهي بالفعل قادمة بنا أو بدونا؟؟
على من نراهن من اجل التغيير... السلطة أم الجماهير؟؟ سؤال أتمنى أن نجاوب عليه سوياً.
أخيراً:
كما يعاملنا مبارك... علينا أن نعامله!!
علينا أن نعامل هذا النظام كما يعاملنا.. هو لا يهتم بمشاكلنا ويقمعنا ويذلنا عندما نطالب بحقوقنا ويهمشنا بكل أدواته العسكرية والإعلامية.. وهو بهذا لايترك لنا مفراً من أن نناضل ضده, من حقنا إذن أن نستخدم أيضاً كل أدواتنا وأساليبنا للنضال ضده, حق التظاهر .. حق الإضراب .. حق تشكيل تكويناتنا السياسية التي تعبر عنا و الموازية والمناهضة لطبيعته وسياساته.. يجب أن نعمل جميعاً من اجل بناء حركة جماهيرية هي قادمة لا محالة سواء بنا أو بدوننا.
هذه هي الوسيلة الوحيدة في وجهة نظري لنقول لمبارك... صحتك تعبت... روح بيتكم عشان ترتاح!!
تحياتي...
سارة نجيب
اما الرد الثانى فقد جاء من هانى عياد وقال فيه :
الصديق العزيز الأستاذ عبد الوهاب
مقالتك جميلة وتحليلك جيد والأرقام الواردة فيها متميزة
لكن
ماذا تعنى بحكاية اننا نعارض السياسات ولا نعارض الأشخاص؟
ومن الذى يستطيع أن يفصل بين الأثنين؟
وهل يمكن أن نقول على سبيل المثال إننا نؤيد الرئيس مبارك لكن نعارض سياسات الحكومة؟ أو حتى نعارض سياساته هو شخصيا؟
انا لا استطيع أن افهم كيف يمكن تحقيق هذا الفصل ولا اقدر على تخيله، وإن كنت اعتقد أن هذا الاختراع العبقرى عن الفصل بين الأشخاص وبين السياسات هو محاولة لوضع شخص الرئيس فوق مستوى النقد فنحن، بموجب هذا الاختراع، نعارض السياسات لكننا لا نقترب من الرئيس؟
لا يا سيدى اعتقد اننا يجب ان نعارض السياسات والأشخاص الذين يضعونها وينفذونها والطبقة الحاكمة والمستفيدة من هذه السياسات
وغير ذلك تكون المعارضة ضرب من العبث
اما الكلام عن الفراغ السياسى والدستورى فاظن (وبعض الظن فقط إثم) فيستدعى بالضرورة عند مد الخط على استقامته ان ندعو للرئيس والحكومة والمستثمرين بطول العمر والبقاء الى ان نجد حلا لحكاية الفراغ الدستورى والسياسى
دون ان يعنى ذلك أننى من أنصار الشماتة فى الموت او المرض
إنه كلام أجهزة ومؤسسات حاكمة وليس كلام رموز معارضة
مع خالص تحياتى وتقديرى
هانى عياد
وبعد مانشرت بعض الردود احب ان اؤكد اننى اختلف جذريا مع سياسات النظام الحالى وهذا واضح لمن قرأ المقال الذى نشر امس ففيه ارقاما حقيقيه تؤكد فشل هذا النظام , ولكن هذا لا يمنع ان نتمنى للرئيس الشفاء حتى نؤكد اننا لا نعارض من اجل المعارضه بل نعارض من اجل الاصلاح فقط .. هذا ما اردت ان اقوله ..والله على ما اقول شهييد.