أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نديم علي - انكسارات أمير جنوبي














المزيد.....

انكسارات أمير جنوبي


محمد نديم علي

الحوار المتمدن-العدد: 2135 - 2007 / 12 / 20 - 10:52
المحور: الادب والفن
    



(1)
هرولت نحوه جدته وهي تولول كقطار الصباح ، داهمت الصغير ولسعته على ظهر كفه السمراء، قهقه النسوة، وانفجر هو بالبكاء فبلل وجنتيه السمراوين ، وساقيه أيضا.
( الأطفال المؤدبون لا يرفعون ثيابهم هكذا ليبولوا في باحة الدار أمام الضيوف)
(2)
هرولت نحوه جدته وهي تولول كقطار الظهيرة ، تدق صدرها ، وتشد شعرها من فروته.
( يا عيب الشوم ، يا عيب الشوم ).
(صفعته ، فتفتقت منابت شاربه )
( الصبية المؤدبون لا يـُقبـِّلون صبايا الجيران خلف صومعة الغلال.)
(عفراء ) ابنة الجار ، تلك الحية اللذيذة السمراء ، خائنة ككل البنات ,حاولت التلذذ معه بالتمر الشهي ، فلما صدها ، راحت تشكوه لجدته ، أقسم أني لن أفلتها )
(3)
(لم يخلف التمر أبدا موسمه، ولا القمح هجر قلب الصومعة ، ولا الهمس انقطع خلفها، ولا القبلات، وما اشتكت بعدها (عفراء ).)
(4)
جاءته جدته مهرولة تولول كقطار الأصيل ، صفعته على وجهه الذي ابتدأ لتوه فاتحة الرجولة ، اهتز شاربه في غضب .
(الشباب المؤدبون لا يقطعون أرحامهم من أجل حطام الدنيا.)
(أرض أبي وعرقه بلل عروقها)
( أتقايض خالك بحفنة من تراب؟)
( لص ولا يسوى شيئا )
صفعته ثانية .
( ما زال طعم اللسعة الأولى في عمق ضميره مع مرور السنين)
( قهقهة النسوة تصم أذنيه )
(لاذ بالصمت كتل من الطين).
(5)
دقت الطبول وارتفع صداها ، فصحت العصافير فوق الشجر والأفاعي في طلع النخيل ، ورقصت النسوة وطارت العباءات، واهتزت الدفوف وأشياء كثيرة جميلة. وقفت جدته ترصده بفخر واعتزاز ، شابا رائع السمرة شاهق بياض الثياب ، زاهي العمامة .
لا غرو ففي النجوع الأسوانية العابقة بالسحر ، ينادون العريس بالأمير.
(مبارك أيها الأمير)
مشى متبخترا وهي معلقة بذراعه ، في موجة من الزغاريد والعطور ، وزحمة النسوة والأطفال ودقات الدفوف ، وترنيمات أغاني الجنوب ، والغبار.
(لطالما كنت بارعا في تسلق واعتلاء النخلات ، لاقتنص لذيذ التمر )
( لماذا أحس اللحظة بالذات ،بلسعة جدته فوق ظهر كفه السمراء ؟)
( لماذا أحس اللحظة بذات الصفعة فوق وجهه الذي ابتدأ فاتحة الرجولة ؟)
(6)
باقة هائلة الثروة من الشبق والمسك والحسن ورائحة الحناء ، كانت (عفراء ).
شهق وقلبه يقفز بين جنبيه : ( يا ألطاف الله ).
( يعرف النسوة الخبيثات كيف يشعلن الجنون بطرائق زينتهن !!)
(الآن هو على بعد شبرين من التمر اللذيذ، حاول الإمساك بأطراف السعف ليعتلي نخلته ، لكن جسده انزلق في قنينة العرق كخيط من حرير ، وانكفأت هي بين دموعها ووسائدها الحريرية ، وأشياء أخر) .
(7)
ظلت النخلة تراوح جدائلها في الأفق مع الريح والغبار.وصارت دقات الدفوف ، نبضات قلب جريح وأغاني الجنوب أصداء أنين مكتوم.)
وأكلته البراري ، فصار لا يعتلي سوى النخل الشارد، ولا يشعل انطفاءه سوى التمرات المسمومة في كل ميناء.
(8)
يبتلينا الله ببشر ، رؤوسهم كطلع الشياطين، كي يمارسوا فوقنا أمراض الرئاسة وشهوة الزعامة .
- اقصر الشر يا علي.
- لا أقبل أن يركبني رجل.
- إنه سيد المؤسسة وقريب للوزير.
- طظ
- كلنا وقـَّعْـنا دون تمحيص.
- كلاب اشتراكم بثمن بخس..
- ستودي بنفسك للتهلكة.
- البلد فيها قانون.
- سيخصم راتبك.
- محدش بيموت م الجوع.
(9)
(أدار القانون وجهه بعيدا عنه ، وانفض عن صاحبنا الجميع، واستمرأت لحمه الكلاب)
( سأهاجر .. فأرض الله واسعة ...)
(البشر هم البشر والشياطين هم الشياطين ... والكلاب أيضا .)
تركوك الآن تعزف لحن التمرد على أوتار أعصابك ، تجمع في حلقك الغصة وفي ضميرك اللسعات والصفعات، وهم يجمعون المال والحظوة ، ويتصدرون الشاشات والصحف ).
(10)
( أخلف التمر اللذيذ موسمه ، وهجرت الحنطة قلب الصومعة، وانقطع خلفها الهمس وماتت القبلات وأحلام المساء).
(داهمه الوقت ، كان عليه أن يدرك قطار المساء ، أكلته الموانئ، والمضارب، والدروب ، والفنادق، ومفارز التفتيش، والوجوه العابرة، أدمن تسلق الأشجار الشاردة ، وفاكهة الطريق الفاقع لونها ، رحلت جدته وهو بعيد ،
فوقــَّـعَ صاحبنا على بياض، وصار كلبا سمينا.)



#محمد_نديم_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه في الإطار - قصة قصيرة
- قصة قصيرة (أشياء للبيع)


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نديم علي - انكسارات أمير جنوبي