|
مقهى عزران البدري / ظاهرة الأدب في الناصرية
حسين الهلالي
الحوار المتمدن-العدد: 2133 - 2007 / 12 / 18 - 10:28
المحور:
الادب والفن
أنى اتجهت فكل بيت منتى للساهرين وكل مقهى مربد قيس لفتة مراد قال عزران البدرى :-( ا ذا قلب لك الزمان ظهر المجن وخانك الأصحاب إ ذا" هب الى نفسك.. ، لأنك سترى فيها خير معين ..واخلق منها شخصا" مثاليا" حسب ما تريد أنت وكلمه واقضى معه ما طاب لك من وقت) من هنا بدأت مثالية عزران البدري المتكئة على ثوابت الواقعية التي أعطت وضوح الرؤيا لهذه المحلة ألتي حوت مقهى عزران البدري في قلب منطقة السيف وقرب سوق الندافين والصاغة من الصابئة المندائيين والحدادين وسوق الخياطين الذي يبعد عنهاقليلا" ، هذه المحلة وقبل ان يقيم فيها عزران مقهاه سنة 1938 كانت مسكونة بفن الغناء، حضيري أبو عزيز كان يغني في سوق الخياطين ليلا" عندما كان يعمل خياطا" مع خاله حسين حتى نهاية الثلاثينات0 وخضير حسن ناصرية الذي كان يجوب المنطقة يبيع اللبن الى ان ينتهي في منطقة (باب ِشطرة- ناصرية) حيث بدأ احتفالية الغناء الحر في هذه المنطقة في أواخر العشرينات وهناك داخل حسن يتخذ من دكان صديقه النداف محسن السد يري مكانا" لجلوسه ،هذه الحارة المتداخلة الثقا فة (وعي الفطريين وثقافة المثقفين)وجمهور بسيط يجلس في هذه المقهى يسمع الحوارات ويلتقط الأخبار ويسمع الشعر الفصيح وشعر الأبوية والقصيدة الشعبية (عباس ملاعلي وعبد القادر رشيد ورشيد مجيد وفاضل السيد مهدي ورحمن رضا، وعبد الكريم الأمين، وكاظم جواد )هؤلاء هم من يدير الثقافة في المقهى، الى جانب هؤلاء كان يجلس حمودي الحاج طالب واحمد النواس وعبد الحسن الملا عمران ورشيد الملا عمران وعبد الصاحب الملا عمران ووهاب الحاج ذياب) وكان عزران ينظر الى القراءة والكتابة ويتحرق شوقا بأن يصبح يقرأ ويكتب ، تعهد بذلك صديقه وهاب الحاج ذياب بتعليمه القراءة والكتابة واستعان بالآخرين أيضا بأن يكملوا له مشواره فتم له ما اراد ،فأنكب على قراءة الكتب وممارسة الكتابة ولحق بركب مثقفي مقهاه،وبدأ بدراسة الفلسفة اليونانية وهو معجب بسقراط حتى كتب كتابا"(صولون مشروع أثينا ) وهو مخطوطة أتلفت كذلك اصبح كاتب قصة وناقدا"،ومن آثاره( قصة سوسن) ولكن لا يصدق كل الذي كان يقصده ويراه ان هذا هو عزران ... لقد زاره صحفي جزائري وتحدث معه وهو لا يصدق هذه الكلمات وهذا المنطق العالي يخرج من فم رجل يرتدي (الدشداشة ) ويشدها بحزام من الجلد ويحتذي خفا" ويتحرك بخفة بين رواد مقهاه وبابتسامة شفافة ،رواد مقهاه الآخرون هم من الحمالين المتعبين والوزانين الذين تتعالى أصواتهم منبعثة من (خان الحبوب ) الذي يقع خلف المقهى انهم في استراحتهم وقت الظهيرة وفي الحر القائض،هو يسرع إليهم بالماء البارد ليرطب شفاههم ويزيل ا لضمأ من قلوبهم هو لا يأخذ ثمن الشاي من الأكثرية منهم لمعرفته الخاصة بأحوالهم ويختلط العمال والمثقفون في هذا المقهى وهو ينظر إليهم بفرح لأنه يعتقد اعتقادا" راسخا"إن هؤلاء (سدنة الوطن وحماته) انه واحد من هؤلاء الكادحين لن يدع محتاجا" يغادر مقهاه دون أن يزوده بما يحتاج اليه، لقد اجتذب هذا المقهى الطلاب والدارسين في ثانوية الناصرية الوحيدة آنذاك والآتين من مدن المحافظة الأخرى ،انه يسا عدهم عندما يتعرف على أحوالهم، اصبح هذا المقهى محط أنظار المثقفين ومراقبة مخبري السلطة في فترة الخمسينات والى نهاية الستينات عندما غادرها جميع المثقفين خوفا”من بطش السلطات المتعاقبة على الحكم ، لقد تخرج من هذه المقهى شعراء وكتاب كبار تركوا لنا دواوين الشعر والقصة وا لمقالة أمثال رشيد مجيد وعبد القادر رشيد الناصري وكاظم جواد وعباس ملاعلي وفي الستينات تحولت الجلسات الأدبية الى مقهى أبى احمد وبقى رشيد مجيد وقيس لفتة من رواد هذا المقهى الذي اصبح الرافد الثاني بعد مقهى عزران وجمعت الجيل الثاني من مثقفي الناصرية، توفي عزران البدري سنة 1973 عن عمر يناهز الثالثة والستين وقد رثاه صديقه الشاعر رشيد مجيد بقصيدة ضمها أحد دواوينه بعنوان عزران والمقهى قدم لها بهذه الكلمات القليلة حيث قال :( كثيرون هم الذين يعرفون عزران وكثيرون هم الذين لا يعرفونه حتى في مدينته) وهذا جزء من القصيدة (عزران) والذكرى ومجانية المقهى، ونحن وغيرنا والسامرون (الناصري) وكأسه و(أبو بثينة والرفاق النازحون إلي القرارة من رعيل الأمس والكتب الكثار،وبعض أوراق محرمة مهرأة الحروف ووقع أحذية النواطير السهارى المتعبين تظللهم بين الممرات الطويلة غمامة الأعباء في صمت الدروب ونحن والمتفائلون وكلما كتبته أقلام محاصرة وتكتبه هناك ... ترصدتها أعين الرقباء في ليل المدينة خلف (يشماغ) التنكر أو بمعطفها البر ونزوي الطويل وترث أصوات الملايين المعذبة التي انتفضت لتقتحم السدود ويفرط الموت المسحر باغتيالات الرجال وقد تهورت البنا دق بين أيدي العملاء ثم .. ويهزم العملاء ثم تدور دور تها الليالي ويسرق النصر المحاصر في العيون وفي الجراح، وفي المساجد والمقاهي، والبيوت، فوق أرصفة الجسور.ليستعيد الساقطون زمانهم لكنهم .. والحمد لله انتهوا...
#حسين_الهلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتشها المخبرون
-
خالد الجادر الطائر المهاجر وصاحب التعبير الغنائي
-
جذورالفن السومري
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|