ليس من مصلحة اى مواطن مصرى وطنى ان تحدث حاله من البلبله وعدم الاستقرار والفراغ السياسى وان اى سياسى ذكى ووطنى لا يجب ان يسعى او يتمنى ان تحدث فى بلاده حالة عدم استقرار واثاره خاصة فى ظل احزاب سياسيه ضعيفه, وان المعارضه يجب ان تكون فى السياسات وليس الاشخاص ولذلك فأنا انتهز هذه الفرصه حتى اقول للسيد الرئيس حسنى مبارك رئيس جمهورية مصر العربيه واحد ابطال حرب اكتوبر من قلبى : سلامتك .. الف سلامه .. واتمنى لك الشفاء العاجل على ما اصابك اليوم من وعكة صحيه منعتك من اكمال كلمه كنت تلقيها فى الجلسه الافتتاحيه لمجلس الشعب والشورى.
وقد كان الرئيس المصري قد استأنف كلمته امام الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشورى التي اضطر الى قطعها.
وقد عاد مبارك ليستأنف الكلمة، بعد 45 دقيقة من غيابه، من نفس النقطة التي قطعت فيها، واختتم خطابه بعد دقائق معدودات.
وكان التلفزيون الحكومي المصري قد قطع فجأة بثه للخطاب بينما كان الرئيس المصري يلقي كلمة بمناسبة افتتاح الدورة الجديدة للمجلس.
وبدأ التلفزيون في عرض صور قديمة للرئيس المصري، واعلن عن ان مبارك بخير وسيستأنف "بعد قليل" كلمته،.
ثم اعتلى رئيس مجلس الشعب محمد فتحي سرور المنصة ليعلن ان "الرئيس بخير، وسيعود بعد دقائق."
في هذه الاثناء، قاد شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي - الذي كان يحضر الجلسة - الحضور في الدعاء للرئيس مبارك بالصحة والشفاء.
يذكر ان الرئيس مبارك يبلغ من العمر 75 عاما، وكان قد تسلم السلطة عام 1981 عقب اغتيال الرئيس السابق انور السادات.
وأعلن قبل أيام أن مبارك يعاني منذ ايام من الزكام، وقد شوهد وهو يمسح انفه اثناء القائه كلمته اليوم.
في غضون ذلك، اوقفت حركة المرور في قلب العاصمة المصرية، كما شوهدت طائرة هليكوبتر تحلق في سمائها بالقرب من مبنى المجلس.
وكانت تكهنات قد سرت في اوساط سياسية مصرية في الآونة الاخيرة تفيد ان مبارك يهيئ ابنه جمال لخلافته.
وقد صرح في وقت لاحق وزير الاعلام المصري صفوت الشريف بأن سبب "الوعكة" التي المت بالرئيس مبارك هو تناوله للمضادات الحيوية واصراره على الصيام.
واضاف ان الخطاب كان مقررا ان يلقى يوم الاحد الماضي، لكن اصابة الرئيس بوعكة يوم السبت ادت الى تأجيله الى الاربعاء.
وغادر موكب الرئيس المصري مبنى مجلس الشعب بعد دقائق من اختتام الخطاب.هكذا تناقلت وسائل الاعلام الخبر دون تدخل …. وقد وجدها فرصه لكى اقول لرئيس الجمهوريه الف سلامه وهذا ليس فقط لكى اؤكد اننى لا اعارض اشخاص وانما اعارض سياسات وان الرئيس مبارك هو رئيس جمهورية مصر العربيه التى انتمى اليها
فليس من مصلحة اى وطنى ان تحدث بلبله فى البلاد او حالة عدم استقرار فقد كنت اول من حزن بشده عندما سمعت خبر اصابة الرئيس اليوم وتمنيت ان يسرع الله فى شفائه .. وفى الوقت نفسه تمنيت ان يسرع سيادة الرئيس بتغيير سياسات حكوماته والتى دمرت حياتنا الاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه والتى اعترف بها هو نفسه لوكالة انباء. الشرق الأوسط ( 15 يناير 2000)و سلم الرئيس بوجود أزمة اقتصادية ، وقال " الأزمة باختصار هى محصلة تراكمات وأخطاء بدأت عام 1996 واستمرت حتى عام 1999. وهذه الأخطاء والتراكمات التى قامت على أساس بيانات غير دقيقة أدت إلى مجموعة من المشاكل وتحتاج اليوم إلى إصلاحات وإلى علاج ، وهو مابدأناه بالفعل . ولكن هذه المشاكل والتراكمات تحتاج فى علاجها إلى فترة طويلة ". وبصرف النظر عن خطأ تحميل أسباب الأزمة لحكومة د.كمال الجنزورى ( 1996 - 1999) ، حيث أن الأزمة بدأت قبل ذلك بكثير ومازالت مستمرة حتى الآن ، وهى نتيجة لسياسات متبعة منذ السبعينات والثمانينات
وقد شجع هذا الاعتراف الرئاسى جهات أخرى فى الحكم على تناول هذه الأزمة . ففى تقرير مجلس الشورى حول البيان الذى ألقاه رئيس الجمهورية أمام الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى ( 16 نوفمبر 2002 ) ، يقول المجلس " من المسلم به أن كثيرا من الاحصاءات الرسمية التى تصدرها الدولة تفتقد الدقة ، كما أن بعضها يتناقض ويتضارب مع البعض الآخر ، الأمر الذى يؤثر سلبا على استخدامها . وعلى الصعيد الداخلى يواجه الاقتصاد المصرى منذ عدة سنوات العديد من المشكلات التى أدت إلى تباطؤ معدل النمو الاقتصادى ، والانخفاض التدريجى فى قدرته على خلق فرص عمل حقيقية جديدة ، الأمر الذى أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة . وخلال السنوات القليلة الماضية أخذ الاقتصاد القومى يواجه حالة من الركود تحولت تدريجيا إلى حالة من الكساد .. إن السياسة الحكومية أدت إلى زيادة أسعار الكثير من خدمات المرافق العامة ( المواصلات والاتصالات والكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى ) .. وبالتالى انكماش ملحوظ فى دخل المستهلكين المتاح للتصرف" .
وقال د.عاطف عبيد أمام مؤتمر المجموعة الاستشارية لمصر فى شرم الشيخ ( 5و6 فبراير 2002 ) أن هناك انخفاضا فى عائدات السياحة عام 2002 عما كانت عليه عام 2001 بنسبة 30% أى بما قيمته 2 مليار دولار ، وانخفاض فى الاستثمارات الأجنبية وانخفاض فى الناتج القومى بنسبة تتراوح مابين 4% و5ر4% و انخفاض فى عدد فرص العمل بنحو 370 ألف فرصة عمل ، وانخفاض احتياطى النقد الأجنبى فى العام المقبل (2003 ) بنحو 2ر2 مليار دولار ووجود فجوة فى ميزان المدفوعات تقدر بنحو 5ر2 مليار دولار. وأضاف د.عاطف عبيد أن هناك تحديات تواجه الاقتصاد المصرى وأهمها ارتفاع نسبة العجز فى الموازنة وارتفاع معدلات الائتمان ، وتراجع الاقبال على شراء باقى شركات القطاع العام ( أى تراجع الخصخصة ) وانخفاض عائدات البترول من النقد الأجنبى وانخفاض عائدات القطاع العام . وكالعادة حاول د. عاطف عبيد تحميل مسئولية الأزمة لأحداث 11 سبتمبر 2001 وتأثيرها على الاقتصاد المصرى والتباطؤ والتراخى فى الاقتصاد العالمى !
وأى قراءة موضوعية للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الخمس الماضية تكشف عن وجود سلسلة من المآزق يعانى منها الاقتصاد المصرى .
* أولها استمرار تخلى الحكومة عن مسئولية التنمية وعجز القطاع الخاص عن سد الفراغ الناتج عن انسحاب الحكومة من عملية الاستثمار . وتشير الأرقام إلى أن النمو الحقيقى للدخل فى مصر حتى يونيه 2002 لم يتجاوز 9ر% ( تقدر السفارة الأمريكية فى تقريرها عن الاقتصاد المصرى الصادر فى يوليو 2002 أن معدل النمو تراوح بين صفر% و2% ) بينما كان 3ر1% عام 2001 و9ر3% عام 2000 و1ر4% عام 1999.
ومما يلفت النظر أن الاستثمار الاجمالى فى الفترة من 1987 إلى 1991 بالنسبة للناتج المحلى الاجمالى كان 29% انخفض فى التسعينات إلى 17% فى ظل سياسات الاصلاح الاقتصادى. وإذا كان مفهوما انخفاض استثمارات القطاع العام من 42% إلى 32% فمن الصعب فهم تراجع استثمارات القطاع الخاص من 17% الى 11%.
والعجز فى زيادة الادخار المحلى الذى تراوح بين 7% و17% ( كان معدل الادخار بالنسبة للناتج القومى فى دول جنوب شرق آسيا ـ النمور الآسيوية ـ يتراوح من 30% و40% ) ، والفشل فى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية ، والتى لم يزد متوسطها السنوى عن 996 مليون دولار ، إتجه الجزء الأكبر منها إلى قطاع البترول وإلى التليفون المحمول ، ودون إضافة طاقات انتاجية فى كثير من الأحيان وإنما شراء اصول إنتاجية قائمة من خلال عمليات الخصخصة ( بيع وتصفية القطاع العام ) . ويعود انخفاض الاستثمارات الأجنبية - إضافة للأسباب السياسية ومحاولة فرض إسرائيل دولة كبرى اقليمية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ، لغياب العوامل الجاذبة للاستثمار الأجنبى ، والتى تتلخص فى دخول البلد المستقبل للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مرحلة نمو اقتصادى سريع بمعدلات مرتفعة على مدى عشر أو خمسة عشر سنة ، وارتفاع القدرة الادخارية الوطنية ، وارتفاع مستوى تأهيل القوى البشرية ومن ثم ارتفاع إنتاجيتها ، ووجود سوق واسعة تستوعب منتجات الاستثمارات الوافدة ( ولاتقاس السوق الوطنية بعدد السكان وإنما بالقدرة الشرائية لهؤلاء السكان أى بمتوسط دخل الفرد ونمط توزيع الدخل القومى،وتتميز مصر بانخفاض مستوى الدخل الفردى ، وسوء توزيع الدخل القومى )، و كذلك توافر الاستقرار السياسى والاقتصادى ، وعدم انتشار الفساد ، وقلة القيود البيروقراطية ، وتوفر الحوافز والتسهيلات .. وباستثناء العامل الأخير فمصر تفتقر إلى كل العوامل الأخرى الجاذبة للاستثمار الأجنبى .
* العجز عن التصدير لعدم وجود إنتاج صالح للتصدير والمنافسة فى الأسواق العالمية. فالصادرات المصرية لم تزد عن 5ر6% من الناتج المحلى الاجمالى ، بينما وصلت الواردات الى 2ر18% . وارتفع العجز فى الميزان التجارى من 2ر10 مليار دولار عام 96 / 1997 إلى 8ر11 مليار دولار عام 97/1998 الى 12 مليار و524 مليون دولار عام 98/1999إلى 9 مليار و291 مليون عام 2000 و8 مليار و561 مليون عام 2001 و7 مليار و827 مليون عام 2002 . وتحول الفائض فىميزان المدفوعات حتى عام 96/1997 إلى عجز فى السنوات التالية وصل 2 مليار و117 مليون دولار . وتواصل نزوح رأس المال الوطنى للخارج (60 مليون دولار عام 94/1995 ـ 1312 مليون دولار عام 98/1999 ـ 880 مليون دولار عام 99/2000)
* العجز عن توفير موارد لتمويل الانفاق العام وزيادة العجز فى الموازنة العامة ( ارتفع العجز الجارى من 1 مليار و123 مليون جنيه عام 97/1998 الى 2 مليار و981 مليون عام 98/1999 ، إلى 7 مليار و543 مليون عام 99/2000 ثم الى 13 مليار و506 مليون عام 2000 / 2001 وبلغ العجز الصافى 4 مليار و605 مليون عام 97/ 1998 و10 مليار و196 مليون عام 98/1999 و13 مليار و940 مليون عام 99/2000 و20 مليار و745 مليون عام 2000 /2001)
* استفحال أزمة البطالة .فطبقا لبيان الحكومة فى 22 يناير 2001 فقد قدر رئيس الحكومة عدد العاطلين بمليون و360 ألف فقط ، بنسبة 8ر6 % من قوة العمل . وقال أن عدد خريجى الجامعات والمدارس الفنية سنويا يصل الى 795 ألف مطلوب توفير فرصة عمل لحوالى 80% منهم أى 733 ألف فرصة عمل سنويا ، وأن الحكومة ستعمل على توفير 883 ألف فرصة عمل سنويا لمدة (5) سنوات لتصل نسبة البطالة الى 4% " وهى النسبة المتعارف عليها عالميا ، وأن الحكومة وفرت خلال العام الأول من تشكيلها 600 ألف فرصة عمل !
ولايمكن الاطمئنان لهذه الأرقام . فالجهاز المركزىللتنظيم والإدارة قدر عدد العاطلين بمليون و78 ألف بنسبة 8ر9% ، ومنظمة اليونيسيف قدرتهم بـ 3 مليون بنسبة 5ر17% وقدرهم د.رمزى زكى عام 1994 ـ أى منذ 7 سنوات ـ بأكثر من 3 مليون عاطل ، ويستحيل أن يكون عدد العاطلين قد انخفض إلى أكثر من النصف خلال هذه الفترة ، فالمرجح أن عدد العاطلين قد زاد . ومع ذلك لو سلمنا جدلا ببيانات الحكومة فقد تم خلال العام الأول من تولى د.عاطف عبيد لرئاسة الحكومة تشغيل 507131 عاطل ، وهو مايعنى أن 225869 خريج جديد قد أضيف إلى العاطلين خلال عام واحد ( غير العاطلين نتيجة للخصخصة والمعاش المبكر ) أى أن عدد العاطلين سيزيد خلال خمسة أعوام بحوالى مليون و129 ألف ، وبالتالى يصل عدد العاطلين إلى 5ر2 مليون بنسبة 58ر14%.وربما أكثر نتيجة لاغلاق أسواق العمل بالخليج وأوربا . إضافة لفشل نظرية الحكومة فى إعادة التأهيل.
* ارتفاع الدين المحلى بصورة تهدد الاقتصاد الوطنى. فالحكومة تقول أن الدين العام بلغ 164 مليار جنيه ، أى اقل من 60% من الناتج المحلى وهو معدل الأمان . ولكن الحكومة تتجاهل عن عمد ديون بنك الاستثمار ( 6ر43 مليار جنيه ) وديون الهيئات الاقتصادية (5ر41 مليار جنيه )، وبالتالى فالدين العام الداخلى 5ر249 مليار جنيه بنسبة 87% من الناتج المحلى ، فإذا أضيف إلى ذلك الدين الخارجى ( حوالى 100 مليار جنيه ) فإن اجمالى الدين العام يصل الى 350 مليار دولار بنسبة 120% من الناتج المحلى.
* الانخفاض المتوالى لقيمة الجنيه المصرى من340 قرش للدولار فى ديسمبر 1999 إلى 560قرشا (فى السوق السوداء,عام 2001 , ثم وصوله إلى مايقرب من6 جنيهات بعد قرار 28 يناير 2003 بتخفيض قيمته رسميا تحت إسم تحرير سعر الصرف الجنيه المصرى واخضاعه لعوامل العرض والطلب. وقد انخفض الجنيه أمام الدولار خلال شهر يوليو الماضى (2003) فوصل سعر الدولار إلى 650 قرشا.
وصاحب هذا القرار ارتفاع أسعار كافة السلع بين 30% و50%.
* وتراجعت تحويلات المصريين العاملين فى الخارج إلى 5ر2مليار دولار عام 2002 بعد أن كانت 8 مليار دولار فىأوائل التسعينات.
* وإنخفض الاحتياطى النقدى فى البنك المركزى من 5ر22 مليار دولار فى اوائل عام 1997 إلى 13 مليار دولار عام2002.
* وفشلت الحكومة فى إصلاح نظم التعليم والصحة وتوفير الخدمات الأساسية ومحاصرة تزايد الفقر والتفاوت فى توزيع الدخل والثروة (التنمية البشرية).
وتتراوح نسب الذين يعيشون تحت خط الفقر بين23% و48% و5ر54%.
* كما فشلت فى حل مشاكل الزراعة المصرية فى ظل مايسمى تحرير الزراعة وزيادة أسعار مدخلات الانتاج والآثار الاجتماعية الخطيرة لالغاء قانون العلاقة بين المالك والمستأجر . وعلاج مشاكل الصناعة المصرية التى شهدت تراجعا وعجزا عن التحديث.
وكما يقول خبراء الاقتصاد فى حزب التجمع .. "إن سياسة الاصلاح الاقتصادى والمالى فشلت فى الإنطلاق والنهوض الاقتصادى لحل مشاكل البطالة والركود وضعف الاداء التصديرى.. إن إطلاق عمليات الاصلاح والتحرير الاقتصادى وإطلاق آليات السوق دون ضابط أو رابط أدت إلى إعادة توزيع واسعة للدخول والثروات لصالح أقلية محظوظة أو فئة اجتماعية محدودة الوزن, وهذا الوضع يؤثر على التماسك الاجتماعى، ويؤثر على مصداقية نجاح أى برنامج للتطور الاقتصادى.. إذ أن عدم شرعية الثروات والتوزيع الظالم لثمار النمو يؤثر تأثيرا بالغا على اخلاقيات العمل وعلى نظام الحوافز لدى قطاع كبير من المنتجين ويضعف جهاز المناعة المجتمعى .."
يضاف إلى ذلك أن الحكم القائم لايطبق قوانين اقتصاد السوق تطبيقا صحيحا كما يعرفها العالم ، ويقف عمليا ضد صدور قانون منع الاحتكار وحماية المستهلك الموجود فى كل الدول التى تطبق اقتصاد السوق . بل إن الرأسمالية المصرية عاجزة عن إقامة اقتصاد السوق .
ظاهرة الفســاد
كان طبيعيا فى ظل هذه السياسات أن يصبح الفساد ظاهرة عامة تخترق المجتمع من القمة إلى القاع. وقد شاهدنا فى الفترة الأخيرة - تحت عنوان محاربة الفساد ضبط عدد من القضايا المتهمين فيها وزراء "سابقون" وأعضاء فى مجلس الشعب ينتمون للحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم وقادة فى القطاع العام والبنوك .
وفى تقرير النيابة الادارية السنوى المقدم إلى رئيس الجمهورية فقد تم ضبط 64 ألف قضية فساد عام 2001 بزيادة 700قضية عن عام 2000 . ويشير المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 2001 إلى وجود 1221 قضية اختلاس واستيلاء وإضرار بالمال العام ورشوة وتربح . وفى تقرير حول انهيار المبانى نتيجة للفساد والبناء بدون ترخيص فى الفترة من أغسطس 2001 وحتى فبراير 2002( 7 أشهر) بلغ الضحايا 130 قتيل ومصاب!
وقد جاء كشف هذه القضايا للتغطية على فساد أكبر وأعمق. فهذا الحجم من قضايا الفساد ليس إلا قطرة فى بحر عميق واسع.
يكفى أن حجم الأموال القذرة أو الاقتصاد السرى فى مصر والناتج عن أنشطة غير مشروعة يصل إلى 3ر11 % من الناتج المحلى الاجمالى, ومن أهم مصادر هذا الاقتصاد الأموال الناتجة عن الفساد السياسى والادارى والاقتصادى وانتشار الرشوة والعمولات , التى تقدر بحوالى20مليار جنيه.
والفساد هو نتيجة لمجموعة من الأسباب الكامنة فى طبيعة النظام الاقتصادى والسياسى. فرقابة مجلس الشعب معطلة نتيجة لاحتكار الحزب الحاكم لأغلبية تتجاوز 90% دائما عن طريق تزوير الانتخابات العامة.وغياب الديمقراطية والدمج بين الحزب والحكومة واستغلال النفوذ الحزبى والسياسى للحصول على الثروة .والقيود المفروضة على 16 جهازا رقابيا بما فى ذلك الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الادارية وجهاز الكسب غير المشروع, ومباحث الأموال العامة, وهيئة الأمن القومى , والمدعى العام الاشتراكى. فهذه الأجهزة تخضع لقيود قانونية وعملية تشل من قدرتها على القيام بدورها. فقانون الكسب غير المشروع (من أين لك هذا) يستطيع إحالة المتهمين إلى القضاء , ولكن مادته العاشرة تستثنى من ذلك "رئيس مجلس الشعب والشورى ورئيس الوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات" فتحال إقرارات الذمة الخاصة بهم إلى مجلس الشعب دون أن يحدد القانون كيفية تصرف مجلس الشعب فيها, وبالتالى فإن كبار المسئولين لا يتعرضون لأى محاسبة جنائية أو إدارية أثناء شغلهم لوظائفهم طبقا لهذا القانون.
ولا يملك الجهاز المركزى للمحاسبات إحالة قضايا اهدار ونهب المال العام إلى النيابة العامة ويكتفى بإحالة تقاريره إلى الشركات القابضة والوزارات وإلى مجلس الشعب فى نهاية العام. ويمنع قانون الكسب غير المشروع القيام بتفتيش مسكن أو مكتب المتهم دون الحصول على إذن وزير العدل , ولابد من الحصول على إذن من النائب العام أو الوزير المختص قبل الشروع فى التحقيق . وينص قانون العاملين بالدولة على عدم جواز التحقيق مع كبار العاملين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الادارة , ولايحقق مع رئيس مجلس الادارة إلا بعد موافقة الوزير. ولايوجد حاليا قانون لمحاكمة الوزراء أثناء وجودهم فى الوزارة وهو ما يعنى تعطيل حكم المادة 159 من الدستور . ورغم أن بعض أعضاء مجلس الشعب تقدموا بمشاريع قوانين لمحاكمة الوزراء فلم يقدر لها أن ترى النور حتى الآن. وهناك أجهزة رقابية عديدة لا تستطيع عمليا أن تتقدم ببلاغات إلى النيابة العامة قبل موافقة السلطات السياسية. فضلا عن أن تقارير جميع أجهزة الرقابة سرية!.
وهناك القيود المفروضة على الصحافة والتى تجعل من التصدى بقوة للفساد مغامرة قد تقود إلى السجن.
والفقر بدوره احد اسباب شيوع الفساد . وفى دراسة جامعية أن "ضعف الحالة الاقتصادية للموظفين فى اجهزة الدولة وعدم كفاية الاجور لمتطلبات المعيشة يدفع الموظفين لزيادة دخلهم على حساب المال العام .كما أدت السياسات الاقتصادية إلى نمو طبقة رأسمالية طفيلية تستخدم الفساد والافساد لتضخيم ثرواتها غير المشروعة".
الأوضاع السياسية
شهدت السنوات الخمس الماضية إصراراً من جانب الحكم على التمسك بالبناء السياسى القائم على احتكار الحزب الحاكم للسلطة ومصادرة العديد من الحريات العامة وحقوق الإنسان خاصة حقوق التنظيم والاجتماع والتظاهر والاضراب، وتآكل الهامش الديمقراطى المحدود الذى استخلصه النضال الشعبى فى سنوات سابقة.
* فحالة الطوارىء المعلنة منذ 6 أكتوبر 1981 تم مدها خلال هذه الفترة مرتين. فى 26 فبراير 2000 وقبل إنتهاء العمل بحالة الطوارىْ ب95 يوما تقدمت الحكومة فجأة إلى مجلس الشعب بقرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارىء ثلاث سنوات جديدة اعتبارا من 31 مايو عام 2000 وحتى 30 مايو 2003 ووافق مجلس الشعب بأغلبيته المصنوعة على القرار الجمهورى لنفس الأسباب التى سبق أن مد قانون الطوارىء على أساسها فى السنوات السابقة. وكان واضحا أن هناك سببا غير معلن هذه المرة , وهو إجراء انتخابات مجلس الشعب عام 2000 وحاجة الحكومة إلى حالة الطوارىء لتزوير الانتخابات ومنع الاجتماعات العامة والمسيرات واعتقال المرشحين ومندوبيهم وأنصارهم ومنع الناخبين من الوصول إلى لجان التصويت فى الدوائر التى تقرر اسقاط مرشحين معارضين فيها.
وفى 23 فبراير 2003 تكرر المشهد. فقد فاجأ رئيس مجلس الشعب الأعضاء بأن المجلس تلقى القرار الجمهورى بمد حالة الطوارىْ لمدة 3 سنوات أخرى تنتهى فى 31 مايو 2006 بحجة محاربة الارهاب (وتجارة المخدرات) . ووافق مجلس الشعب فى مساء نفس اليوم بأغلبيته المنتمية للحزب الوطنى على القرار مع اعتراض 30 نائبا هم نواب حزب التجمع وحزب الوفد وعدد من المستقلين وكتلة الاخوان المسلمين.
وكان واضحا أن الهدف من استمرار حالة الطوارىء لربع قرن _لأول مرة فى تاريخ مصر ـ هو احتفاظ الأمن بما يزيد عن 16 ألف معتقل , يخضعون لما عرف بالاعتقال المتكرر , أى إعادة اعتقال من تفرج عنهم المحاكم , دون أن يغادر المعتقل مكان احتجازه. واستمرار شيوع التعذيب فى السجون والمعتقلات كسياسة ثابتة للحكم ، وتقديم المتهمين لمحاكم أمن الدولة طوارىء التى تفتقر إلى ضمانات المحاكمة العادلة ، وخضوع المدنيين للمحاكم العسكرية و التى لا تخضع احكامها لإشراف محكمة أعلى تراقب سلامة تطبيقها للقانون . واستخدام حالة الطوارىء فى اغتصاب سلطة التشريع واصدار أوامر عسكرية لإصدار قوانين أو تعديل قوانين قائمة , وفى تزوير الانتخابات والاستفتاءات العامة, ومنع المظاهرات والتجمعات السلمية . وكانت الأسباب الاضافية لمد حالة الطوارىء أربعة هذه المرة .. الخوف من أى رد فعل شعبى لموقف الحكومة والحكومات العربية المتواطىء مع العدوان الامريكى على العراق, ومواجهة أى انفجار جماهيرى مفاجىء نتيجة للارتفاع الجنونى للأسعار بعد تخفيض قيمة الجنيه المصرى ودخول الازمة الاقتصادية والاجتماعية مرحلة الخطر , وقطع الطريق على أى تحرك من أجل الاصلاح السياسى ووقف مد حالة الطوارىء والتى كانت لجنة الدفاع عن الديمقراطية قد بدأت حملة سياسية وجماهيرية حولها , والاستعداد لانتخابات مجلس الشعب والاستفتاء على رئاسة الجمهورية خلال عام 2005.
* مواصلة الدمج بين الحزب الوطنى الديمقراطى وأجهزة الدولة , إلى حد احتكار الحزب لاجهزة الاعلام المرئية والمسموعة وللصحافة القومية "المملوكة للدولة ملكية خاصة " وتحويل جهاز الشرطة ومباحث أمن الدولة لجهاز يعمل لحساب الحزب الحاكم ويقدم تقارير إلى أمانة الحزب الوطنى حول المتقدمين للترشيح باسم الحزب فى انتخابات مجلس الشعب ليساعدها فى اختيار مرشحين مقبولين شعبيا ، وتضمين خطة التحرك الحزبى فى الانتخابات مشاركة الوزراء فى جولات ميدانية (الأهرام 29 أغسطس 2000) مستخدمين سيارات الدولة وأموالها وإعلامها ونفوذها للدعاية للحزب.
بل وناقش مجلس الوزراء ـ قمة السلطة التنفيذية ـ فى اجتماعه (يوليه 1998) أمورا حزبية حيث عرض د.يوسف والى نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة والأمين العام للحزب الوطنى على المجلس برئاسة د.كمال الجنزورى تقريرا حول أعمال اللجان الفرعية للحزب واللجان المنبثقة عنها ونتائج اعمالها تمهيدا لعرضها على أمانة" الحزب الوطنى الديمقراطى" لاصدار التوصيات المقرر طرحها للمناقشة خلال مؤتمر الحزب (الأهرام 9 يوليو 1998) وتأكد هذا الاتجاه عندما خصص مجلس الوزراء برئاسة د. عاطف عبيد هذه المرة , الجزء الأكبر من اجتماعه خلال سبتمبر 2000 لبحث خطة الحزب الوطنى فى انتخابات مجلس الشعب (الاهرام اول سبتمبر 2000).
* وحرصت وزارة الداخلية على اعلان نتائج غير صحيحة ومناقضة للواقع فى الاستفتاء على ترشيح مجلس الشعب لرئيس الجمهورية وانتخابات مجلس الشعب.
ففى 26 سبتمبر 1999 تم الاستفتاء على ترشيح الرئيس محمد حسنى مبارك رئيسا للجمهورية لفترة رابعة . وبدأت "حملات" المبايعة فى نوفمبر 1998 بترشيح الحزب الوطنى للرئيس ,ثم ترشيح مجلس الشعب له ولافتات ومؤتمرات التأييد وإعلانات الصحف والاذاعة والتلفزيون والحديث عن الانجازات الوهمية . وفى يوم الاستفتاء تقدم الوزراء وكبار موظفى الحكومة ورؤساء شركات القطاع العام والحكم المحلى والعاملين تحت امرتهم فى مواكب محمولة ليضمنوا إدلاءهم بأصواتهم فى استفتاء الرئاسة ولتتمكن أجهزة الاعلام من تصوير بعض اللجان وقد إزدحمت بالمصوتين.
وفى اليوم التالى قام وزير الداخلية اللواء حبيب العادلى بإعلان النتائج الرسمية للاستفتاء التى قررتها وزارة الداخلية والتى قالت ان 18 مليونا و957 الفا و893 مواطنا قد أدلوا بأصواتهم فى هذا الاستفتاء بنسبة 2ر79% من المقيدين فى جداول الانتخابات. وأن 17 مليونا و554 الفا و856 مواطنا صوتوا بنعم بنسبة 79ر93% بينما صوت مليون و162 الفا و525 مواطنا ب"لا" بنسبة 27ر6 % ,لتتوالى برقيات التهنئة والتأييد لهذا الاجماع والفوز الكاسح!.
وتبدو هذه الارقام صادمة للمواطنين .فباستثناء اللجان التى تم شحن بعض العاملين فى المصانع والشركات المملوكة للقطاع العام وأجهزة الدولة ,ظلت لجان التصويت خاوية لا يتردد عليها إلا عدد محدود من الافراد . ويبدو التلاعب واضحا إذا قارنا بين هذه النسب ونسب التصويت فى انتخابات مجلس الشعب التى يتنافس خلالها آلاف المرشحين ,والتى لا تتجاوز طبقا لارقام وزارة الداخلية 45% من المقيدين فى الجدوال,وتدنت فى انتخابات 2000 إلى 24% فى ظل رئاسة القضاة لكافة اللجان الفرعية لأول مرة ".
وكشفت الحكومة مبكرا عن نيتها تزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2000 فتقدمت الحكومة بتعديل لقانون مباشرة الحقوق السياسية لا يستجيب للنص الدستورى الخاص بإشراف القضاء على الانتخابات ويتجاهل الاعلان الخاص بالمعايير المحققة لانتخابات حرة نزيهة الذى أصدره الاتحاد البرلمانى الدولى فى 26 مارس 1994 , وفى مقدمة هذه المعايير "تأسيس آلية محايدة وغير منحازة ومتوازنة لادارة الانتخابات" .ورفضت الحكومة واغلبيتها المصنوعة فى مجلس الشعب مشروع قانون مباشرة الحقوق الانتخابية الذى اعدته المعارضة وتقدم به خالد محيى الدين لمجلس الشعب منذ عام 1991 .واعترض وزير العدل على رئاسة القضاة للجان الفرعية , وأكد إستحالة اجراء الانتخابات على مراحل وقال كلمته المشهورة " لا تكليف بمستحيل" .وجاء حكم المحكمة الدستورية والذى أكد عدم دستورية رئاسة غير القضاه للجان التصويت الفرعية ليفرض ضرورة أن تتوافر فى الجهة المشرفة على الانتخابات الحيدة حتى يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم فى مناخ تسوده الطمأنينة. والالتزام بجوهر الحكم كان يقتضى اجراء تعديل شامل لقانون مباشرة الحقوق السياسية, بحيث ترفع السلطة التنفيذية يدها تماما عن العملية الانتخابية,و يعهد بها لهيئة قضائية مستقلة تشرف على اجراء الانتخابات والاستفتاءات بما فى ذلك " الهيمنة والادارة والرقابة على إعداد جداول الانتخابات وسير جميع أعمال الانتخابات والاستفتاءات عامة" وهو مارفضته الحكومة. ووافق مجلس الشعب على التعديلات المقدمة من الحكومة فى 15 أبريل 2000 . ولكن الحكم لجأ للالتفاف حول جوهر حكم المحكمة الدستورية العليا. ووقف عند حد اختيار اعضاء من الهيئات القضائية لرئاسة اللجان الفرعية , فأصدر رئيس الجمهورية قرارا بقانون خلال اجازة مجلس الشعب, مستخدما سلطاته الدستورية طبقا للمادة 147 ثم دعا مجلسى الشورى والشعب لعرض القرار بقانون عليه لاقراره. ولا يملك مجلس الشعب إدخال أى تعديل على قرار رئيس الجمهورية بقانون فإما أن يقبله كله أو يرفضه كله.
وفى الممارسة العملية اختار وزير الداخلية" المنوط به اختيار رؤساء لجان الانتخابات واعضائها" تعيين أعضاء النيابة الادارية وهيئة قضايا الحكومة رؤساء لعدد كبير من اللجان بمقولة أنهم أعضاء فى الهيئات القضائية طبقا لقانون السلطة القضائية رغم أنهم يخضعون للسلطلة التنفيذية ولا يتمتعون بضمانات القضاة.
ورغم أن رئاسة أعضاء فى الهيئات القضائية للجان الفرعية قد مثل تقدما واضحا فى العملية الانتخابية التى جرت على ثلاث مراحل( 18 أكتوبر و29 أكتوبر ونوفمبر 2000), إلا أن السلطة التنفيذية (وزارة الداخلية) استقلت بإعداد جداول الناخبين وإنتداب اعضاء الهيئات القضائية لرئاسة الجان العامة والفرعية وأعضاء لجان التصويت والفرز واعلان النتائج والسيطرة على الفضاء المحيط بمقار لجان التصويت .
وجرت الانتخابات على أساس جداول قيد معيبة مزدحمة بأسماء الموتى والغائبين, وباخطاء متعمدة فى الأسماء ادى إلى حرمان نسبة كبيرة من الناخبين المقيدة اسمائهم من الادلاء باصواتهم بالاضافة إلى أن عدد المقيدين فى جداول الانتخابات لم يتجاوز 24 مليون و602 ألف و241 مواطنا بينما من لهم حق التصويت طبقا لآخر احصاء للسكان 35 مليون و150 ألفا ,أى أن هناك 10 ملايين و574 ألفا و606 مواطنين تم حرمانهم من التصويت أصلا. وقامت الشرطة بحرمان عشرات الالوف من الناخبين الذين لم يستطيعوا اثبات عضويتهم فى الحزب الوطنى أو تأييدهم لمرشحيه فى الدوائر التى بها مرشحين حكوميين مهمين أو مرشحين اقوياء من المعارضة(أحزابا ومستقلين) من الوصول أصلا إلى لجان التصويت وتجاوز الطوق الامنى المفروض على بعض القرى واللجان
. وفى دوائر أخرى قام البلطجية ومعتادى الاجرام الذين يعملون لحساب مرشحى الحزب الوطنى بهذا الدور تحت حماية الشرطة. وتجاهلت الشرطة أحكام محاكم القضاء الادارى بتغيير صفات بعض المرشحين الرسميين من عمال أو فلاحين إلى الفئات. وأدت هذه الممارسات إلى تزوير نتائج الانتخابات فى المرحلة الثالثة والأخيرة, وإلى حد أقل فى المرحلة الثانية(19 محافظة فى المرحلتين).
وأدى وجودأعضاء الهيئات القضائية إلى تأكيد حقيقة مقاطعة الناخبين الانتخابات والاستفتاءات بعد أن توالت عمليات التزوير منذ بدأت التعددية الحزبية المقيدة عام 1976. فلم يزد عدد الذين ادلوا بأصوات فى المراحل الثلاثة عن 69ر24% من المقيدين فى جداول الانتخابات. ولم يزد عددهم فى الاسكندرية على سبيل المثال (المرحلة الأولى) 74916 ناخبا فى جميع الدوائر بسبة 43ر7% وفى القاهرة عن 327736 ناخبا بنسبة 73ر12% .ورغم أن من فازوا من مرشحى الحزب الوطنى لم يتجاوز 172 عضوا فقد إنضم 181 من اعضائه الذين خاضوا المعركة مستقلين (المنشقين) إلى هيئته البرلمانية وكذلك 35 من المستقلين لتصل عضوية الحزب الوطنى إلى388 عضوا يليهم الاخوان المسلمين(17 عضوا) والمستقلون من اتجاهات مختلفة(16 عضوا) و حزب الوفد(7) أعضاء فصل ثلاثة من عضوية الحزب وهيئته البرلمانية بعد ذلك، فحزب التجمع(6 أعضاء) فالحزب الناصرى(عضوان) وناصريين مستقلين ( 5أعضاء) وحزب الأحرار(عضو واحد) ولم تستكمل الانتخابات فى دائرة الرمل.
وأكدت الحكومة عزمها على تزوير الانتخابات العامة والاستفتاءات عندما دفعت أحد نواب الحزب للتقدم بمشروع قانون بتعديل المادة 24 من قانون مباشرة الحقوق السياسية ليقصر رئاسة أعضاء الهيئات القضائية للجان الفرعية على انتخابات مجلسى الشعب والشورى والاستفاءات المنصوص عليها فى المادتين 127 و136 (والخاصة بوجود خلاف بين الحكومة والمجلس_ حل الرئيس لمجلس الشعب ) ,أى رفع يد الهيئات القضائية عن انتخابات المجالس المحلية والاستفتاءات الأخرى مثل الاستفتاء على رئاسة الجمهورية وعلى تعديل الدستور, أى عودة رئاسة اللجان الفرعية لموظفى الحكومة والقطاع العام. وقد وافق مجلس الشعب على هذا التعديل فى 5 يناير 2002 وأصبح سارى المفعول وطبق فى انتخابات المجالس المحلية الأخيرة فائقة التزوير.
* وتعرضت الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدنى لسلسلة من الحملات , خاصة المنظمات التى تعمل فى مجال حقوق الإنسان. ففى ظل الحملة الحزبية والحقوقية ضد قانون الجميعات والمؤسسات الاهلية 32 لسنة 1964 , وكذلك الضغوط الدولية ، بدأت وزارة الشئون الاجتماعية فى أبريل 1998 فى إعداد مشروع قانون جديد وأحاطت الأمر بسرية تامة، ولكن تسرب المشروع إلى مؤسسات المجتمع المدنى دفع الحكومة لعقد لقاء مع ممثلين للمجتمع الأهلى أثمر مشروعا معدلا فى 26 سبتمبر 1998 تعرض بدوره لانتقادات حادة ,وعدل المشروع مرة أخرى فى 16 يناير 1998 لتصبح هذه المسودة أفضل من سابقيها، ولكن المفاجأة جاءت من موافقة مجلس الوزراء على مشروع أخر تماما مجهول المصدر فى 13 مايو 1999 وموافقة مجلس الشعب عليه فى جلسة مساء يوم 26 مايو 1999 , والتوقيع عليه ونشره فى الجريدة الرسمية تحت رقم 53 لسنة 1999 فى اليوم التالى مباشرة (27 مايو). رغم ماتضمنه من مخالفة صريحة للدستور.
ومهدت الحكومة لهذا القانون بحملة بوليسية ضد منظمات حقوق الانسان .
ولم تفلح الخطة الحكومية فى تمرير المشروع بليل .فقد تصدت قوى عديدة لها .سارعت الجمعيات الاهلية لتكوين "لجنة تنسيق ملتقى تطوير العمل الأهلى" التى ضمت 105 جمعية أهلية من 12 محافظة ,وأصدرت بيانا فى 24 مايو 1999 عارضت فيه المشروع . وأصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بيانا مماثلا . ووقعت خمس من جمعيات حقوق الانسان بيانا يعلن رفض المشروع الحكومى والتحرك فى الداخل والخارج ضده . وانضم اليها عدد أخر من المراكز والمنظمات , ورفضت الهيئة البرلمانية لحزب التجمع مشروع القانون , لأنه يؤكد استمرار هيمنة الجهة الادارية على النشاط الاهلى بصورة تلغى فكرة المجتمع المدنى من الاساس , ويحظر عليها ممارسة أى نشاط سياسى أو نقابى , ويؤكد المنهج العقابى الذى تخلت عنه التشريعات الحديثة ويفرض عقوبات سالبة للحرية على مخالفات ادارية بسيطة, ويحل المنظمات القائمة على أساس شركات مدنية بما يتعارض مع القانون المدنى والقانون التجارى. وأصدرت لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية فى 24 يناير بيانا برفض المشروع ..وقررت اللجنة دعوة الجمعيات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى لمؤتمر عاجل لمواصلة الحوار حول هذا المشروع ." ولفتت بعض منظمات حقوق الانسان النظر إلى تناقض كثير من مواد القانون مع مواد الدستور , وإلى ضرورة عرض المشروع على مجلس الشورى قبل مناقشته فى مجلس الشعب تنفيذا للنص الدستور. ولكن الحكومة صمت أذنيها عن كلمة الحق واستعانت بأغلبيتها المصنوعة فى مجلس الشعب لاقراره.
ثم فوجئت بالمحكمة الدستورية تصدر حكما فى 3 يونيه 2000 بعدم دستورية القانون 53 لسنة 1999 لعيب شكلى , وهو عدم عرضه على مجلس الشورى .وأشارت المحكمة فى حيثياتها إلى وجود عوار دستورى موضوعى" باستلابه الأنزعة الادارية الناشئة عنه عن مجلس الدولة الذى اختصه الدستور بولاية الفصل فيها باعتباره قاضيها الطبيعى", كما أكد الحكم ان حق المواطنين فى تكوين الجمعيات الاهلية هو فرع من حرية الاجتماع و أن هذا الحق يتعين ان يتمخض تصرفا اراديا حرا لا تتداخل فيه الجهة الادارية ويستقل عنها".
وبعد عامين من الحكم أحالت الحكومة مشروعا جديدا, هو نفس القانون 153 لسنة1999 بنفس المواد والعيوب , مع العودة لاختصاص مجلس الدولة فى النزاع بين الجمعيات والجهة الادارية . وصدر القانون 84 لسنة 2002 يحمل كل أمراض القانون الملغى , سواء من جهة عدم دستورية بعض مواده أو عدم ديمقراطيته , وقضائه على استقلال العمل الأهلى . وكان أول تطبيق له اعتراض وزارة الشئون الاجتماعية على تسجيل مؤسسة دراسات المرأة الجديد ومركز الارض لحقوق الإنسان بسبب "اعتراض مباحث أمن الدولة"!.
* وواجهت الحياة الحزبية تدخلات سافرة من الحكم وتجاهلت لجنة الاحزاب والحكم صدور عديد من الاحكام لصالح صحيفة الشعب وحزب العمل أهمها حكمين صادرين من مجلس الدولة.
الأول حكم المحكمة الادارية العليا الخاص بحزب العمل والصادر يوم 4 يناير 2003 , والذى جاء فىحيثياته أن "لجنة شئون الاحزاب ليس لها الحق فى التدخل فى الشئون الداخلية للاحزاب , بما فيها النزاعات التى تنشأ داخل الاحزاب على رئاستها أو مشروعية ما تعقده الاحزاب من مؤتمرات, وأكدت المحكمة أن هذا الشأن خاص بالاحزاب , تبت فيه رضاء أو قضاء , وأن لجنة شئون الاحزاب ليس من حقها ان تعتد بأحد المتصارعين على رئاسة الحزب , ولا أن تجمد نشاطه بدعوى أن هناك خلافا على رئاسته إذ أن هذا نزاع مدنى يختص به القضاء وحده دون سواه".
والثانى حكم من محكمة القضاء الادارى صدر قبل الحكم السابق فى 31 ديسمبر 2002. وجاء فى حيثيات الحكم.." ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن مصر قد اختارت بارادة شعبية أفرغت فى التعديل الوارد على الدستور , العدول عن التنظيم السياسى الواحد الذى ظل سنوات عديدة مهيمنا على مجالات العمل السياسى إلى التعدد الحزبى الذى يستهدف تعميق الديمقراطية وإرساء دعائمها, ومظهر التعدد الحزبى وجوهره هو حرية الاحزاب السياسية واستقلالها حال مباشرة دورها السياسى والاجتماعى على وجه يمكنها من الاتصال بالجماهير عن طريق ما تقدمه من برامج ومبادئ وآراء تتفق أو تختلف مع النظام السياسى الحاكم و طالما كان ذلك فى إطار المحافظة على المبادئ والقيم العليا للمجتمع . ومن حيث أن سبيل قيام التعددية الحزبية باعتبارها المظهر الأسمى للتعددية يتحقق بأمرين: أولهما تماسك البناء الداخلى للاحزاب السياسية بما يصدر عنها من برامج وسياسات تعبر عن الرؤية الذاتية للحزب السياسى , وكوادر وقيادات تقوم على تحقيق أهدافه وآماله فى الوصول إلى الحكم أو الاستمرار فيه. وثانيهما الحد من تدخل الاجهزة والمؤسسات الحكومية فى شئون الاحزاب السياسية . ولا خلاف على أن دستورية النظام الحاكم لشئون الاحزاب يتحقق بتضاؤل السلطات الممنوحة للادارة فى التدخل فى شئون الاحزاب السياسية , بل إن برهان تقدم الحياة السياسية قرين بانتقاص سلطة الادارة أو غل يدها عن التدخل فى شئون الأحزاب , ومن حيث أن جل تشكيل لجنة شئون الأحزاب ينتمى إلى أحد الاحزاب السياسية "الحزب القائم على سدة الحكم" وهو ما يفترض توحدا بينهم كأعضاء فى حزب واحد فى الرؤية السياسية يتفق أو يختلف عن الاحزاب الاخرى ,فإن تحديد اختصاص هذه اللجنة وتطبيقه يضحى إعمالا صحيحا للمبدأ الدستورى المقرر للتعددية السياسية كمنهج للحياة السياسية فى مصر , ولا جدال فى أن الحد من سلطة لجنة شئون الاحزاب يؤدى إلى اتساع مساحة الممارسة السياسية بها , ومن ثم قدرتها_ دون تدخل من اللجنة _ فى سبر غور خلافاتها ونزاعاتها الداخلية داخل الحزب السياسى ذاته أو اللجوء إلى القضاء المختص إذا عز على أعضاء الحزب الاتفاق فيما بينهم . والقضاء بحيدته وبعده عن الهوى السياسى قادر ولا ريب على حسم الخلاف انتصارا للمبادىْ الدستورية وإعمالا لقواعد الشرعية".
* وتواصلت الضغوط على حرية الصحافة . فقد أدى المناخ غير الديمقراطى السائد فى البلاد، وإصرار الحكم خلال الجهود النقابية والسياسية والحزبية التى بذلت لإلغاء العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر بواسطة الصحف , على استمرار عقوبة الحبس فى هذه القضايا , مما أعطى إنطباعا قويا على رغبة الحكم فى الاحتفاظ بهذا السيف مسلطا على حرية الصحافة .. إلى اتجاه القضاء لاعمال عقوبة الحبس . وتم تطبيقها لأول مرة فى قضية نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة ضد رئيس تحرير الشعب و إثنين من محرريها , حيث حكم فى 14 أغسطس 1999 بحبسهم لمدة عامين لكل منهم.
وحاولت الحكومة إصدار قانون جديد لحماية الوثائق يهدد حرية الصحافة فى الصميم.
وبالطبع من حق وواجب كل دولة اصدار قانون لحماية وثائقها ولكن مشروع القانون توسع فى تعريف "الوثيقة" بحيث يشمل "كل مادة أيا كان شكلها أو كيفية صنعها مدون أو مسجل أو مصور عليها بيانات أو معلومات أو صور تتناول تاريخ مصر السياسى أو الاقتصادى والاجتماعى , وما يتصل به فى جميع العصور " كما يعتبر وثيقة " أى مستند رسمى للدولة له صفة السرية يتعلق بسياساتها العليا أو بأمنها القومى, أو يكون من شأن نشره أوإذاعته الاضرار بأمن البلاد أو بمركزها الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاجتماعى أو الاقتصادى ", وهى صياغة تمنح الأجهزة التنفيذية سلطة مطلقة فى إضفاء صفة "الوثيقة" على أى مادة دون معقب واعتبار أى إذاعة أو نشر للحقائق الاقتصادية أو السياسية ضارة بالمركز السياسى أو الاقتصادى للدولة . وتزداد هذه السلطة المطلقة باعطاء المشروع الحق للجهات المصدرة للوثائق والمتلقية لها فى تحديد درجة سرية الوثائق (سرى أو سرى للغاية) . ويمد المشروع فترة حظر النشر على "الوثائق" السرية إلى 30 عاما والسرية للغاية إلى 50 عاما. ويجعل الاطلاع على هذه الوثائق بإذن كتابى من مجلس الوزراء ! وكعادة التشريعات المصرية فالمشروع يتبنى منهج مزيد من تغليظ العقوبة لتصل إلى 5 سنوات سجنا و20 ألف جنيه غرامة.
ومن الواضح أن الحكم كان يرمى بهذا المشروع لتحقيق هدفين أساسيين ضمن أهداف أخرى.أولهما: فرض مزيد من القيود على تدفق المعلومات والإخلال بحق القارىء فى المعرفة. وثانيهما: توفير الحماية للفساد الذى أصبح عنوانا على الحكم فى الدولة.
ويحقق الحكم بهذا المشروع نفس أهداف القانون 93 لسنة 1995 المشهور بقانون اغتيال حرية الصحافة, والذى نجح الصحفيون بمساندة الاحزاب السياسية المعارضة ومراكز ومنظمات حقوق الإنسان والقوى الديمقراطية فى التخفيف من آثارة السلبية عامة , بعد معركة استمرت ما يقرب من عام بصدور القانون الجديد بشان تنظيم الصحافة (96 لسنة 1996) وتعديل قانون العقوبات (القانون 95 لسنة1996) .
ولكن مشروع القانون الجديد الخاص بالوثائق لا يستهدف الصحافة والصحفيين فقط ولكنه يمتد بقيوده وعقوباته إلى الباحثين وأساتذة الجامعات والمؤرخين والسياسيين .. وقبل هؤلاء الرأى العام المصرى المطلوب فرض مزيد من الحصار عليه وعلى حقه فى المعرفة وغى الحصول على المعلومات الصحيحة.
واضطر مجلس الوزراء أمام حملة المعارضين لمشروع القانون إلى تأجيل عرضه على مجلسى الشورى والشعب.
وواجه الصحفيون ظاهرة بالغة الخطورة عندما لجأت النيابة العامة فى بعض قضايا النشر إلى الافراج عن الصحفى المهتم بكفالة وصلت فى أحد التحقيقات إلى 5000 جنيه خارقة بذلك القانون الذى يمنع حبس الصحفى فى قضايا النشر باستثناء فى حالة اتهامه بإهانة رئيس الجمهورية .
* ووجه الحكم ضربة موجعة لعلاقات العمل عندما تقدم مجلس الوزراء بمشروع قانون جديد للعمل إلى مجلس الشعب ، كان قد أعدت مسودته الأولى عام 1994 . وقد احيل المشروع إلى مجلس الشورى الذى أدخل عليه عديدا من التعديلات الهامة التى ما لبث ان تم التراجع عنها فى مجلس الشعب الذى سرعان ما وافق _ كالعادة _ على مشروع القانون ، ووقعه رئيس الجمهورية بمجرد موافقة المجلس . والقانون الجديد كاشف عن انحياز الحكم ضد الطبقة العاملة ولمصلحة الرأسماليين . فالقانون يتصادم فى كثير من نصوصه مع الاتفاقات الدولية التى صدقت عليها الحكومة المصرية ، ويخالف ما إستقرت عليه قوانين البلاد التى أخذت من زمن بعيد بالنظام الرأسمالى وبآليات السوق والديمقراطية الليبرالية ، من ضرورة توفير عدد من الحقوق الأساسية التى تمكن الطبقة العاملة من الدفاع عن مصالحها فى مواجهة قوة رأس المال .
ويثبت القانون أجور العمال سنوات متتالية متجاهلا أن الأسعار ترتفع سنويا بنسبة عالية وأحيانا شهريا . والمجلس القومى للأجور الذى ينشأ طبقا لهذا القانون أتى تشكيله ابعد مايكون عن تحقيق مصالح العمال، وتوصياته غير ملزمة . ويجيز القانون لصاحب العمل تخفيض أجور العمال بإرادته المنفردة تذرعا بالمبررات الاقتصادية. ويعطى القانون صاحب العمل الحق فى تعديل شروط العقد من حيث طبيعة العمل وتخفيض الأجور وصولا إلى الحد الأدنى . ويرفع القانون نسبة مايجوز استقطاعه من اجر العامل المستحق وفاءا لدينه . ويساعد القانون فى زيادة معدلات البطالة ، فيقنن تخلى الدولة عن دورها فى تشغيل العاملين ، ويعطى لصحاب العمل سلطة واسعة فى التخلص من العمالة ، فيتوسع فى أسباب الفصل وانهاء عقد العمل . وينتهك القانون حريات الرأى والتعبير وحرية الاجتماع السلمى ، فيحرم العمال من توزيع البيانات وجمع التوقيعات أو تنظيم الاجتماعات إلا بموافقة صاحب العمل . ويلغى المشروع ضمانة اللجنة الثلاثية . ويمتد الاعتداء على الحقوق العمالية إلى الأجازات السنوية ، وساعات العمل التى ارتفعت إلى 48 ساعة فى الأسبوع . وعندما يقر القانون حق الاضراب يلغيه عمليا بوضع شروط مانعه ، فيحرم اللجنة النقابية للمنشأة من حقها فى تقرير الاضراب ويشترط موافقة ثلثى أعضاء مجلس النقابة العامة لتقرير الاضراب فى أى منشأة ، ويشترط إخطار صاحب العمل والجهة الادارية بعزم العمال على الاضراب قبل التاريخ المحدد بخمسة عشر يوما ، ويحظر الاضراب فى المنشآت الاستراتيجية التى تمس الأمن والخدمات دون تحديد لها .
ويصادر القانون كثير من حقوق ومكاسب المرأة العاملة . وتغيب أية نصوص لحماية العمالة المصرية فى الخارج . ويجيز القانون لوزير القوى العاملة اعفاء العمالة الأجنبية من شروط الحصول على تراخيص العمل مما يهدد بفتح الأبواب أمام تدفق العمالة الأجنبية .
* وقد شهد عام 1999 عشية الاستفتاء على رئاسة الجمهورية ترويجا رسميا لمقولة التغيير وعزم الرئيس على إجراء تغييرات سياسية تتناول بصفة خاصة إلغاء نظام الاستفتاء على الرئاسة وتحويله إلى نظام الانتخاب بين أكثر من مرشح والسير على طريق التحول الديمقراطى تدريجيا .ورغم أن الرئيس قال خلال زيارته السنوية للولايات المتحدة ( يونيه 1999) انه لاتوجد لديه خطط لإجراء إصلاحات جذرية فى الوقت الحالى ، وأن البلاد ليست مهيأة إقتصاديا أو اجتماعيا لانتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع المباشر ، وأن " الاقدام على هذا التغيير فى الوقت الراهن يمكن أن يؤدى الى بعض عدم الاستقرار " وأن التغيير يحتاج الى وضع يكون كل شئ فيه هادئاً، ويكون الجميع فيه راضين قدر المستطاع ، ولايكون فيه جماعات ارهابية .. فقد عاد مرة أخرى للحديث عن التغيير فى لقائه بطلبة الجامعات فى الاسكندرية( أغسطس 1999) فأعلن أن اجراء تغييرات فى المرحلة المقبلة محل تفكير ودراسة من جانبه.
وسرعان ماتبين وهم هذا التغيير.
- فحديث الرئيس عن " برنامج إصلاحى نهضوى شامل " يتم استفتاء الرئاسة على أساسه قطع بعدم وجود أى نية للتغيير. فقد أعلن الرئيس التمسك بالسياسات الاقتصادية والمالية المتبعة خلال سنوات حكمه الطويل " لما حققته من انجازات .. شعر بها كل فرد فى مصر وشهد بها العالم أجمع " . ورفض الرئيس بحزم أى تغيير ديمقراطى وقال ليس هناك ديمقراطية كاملة فى العالم ، وكل بلد يأخذ من الديمقراطية مايناسبه ، " والديمقراطية التى ننشدها هى ديمقراطية البناء والانتاج التى تصنع الحياة وتعزز الاستقرار ولاتهز الكيان الوطنى" .
- وأضافت الطريقة التى تم بها حشد العاملين فى الحكومة والقطاع العام للادلاء بأصواتهم فى عدد من لجان التصويت فى الاستفتاء على رئاسة الجمهورية بينما اللجان الأخرى شبه خاوية (كما سجل مراسلوا اذاعة ال بى .بى .سى البريطانية ووكالة الأنباء الفرنسية وتليفزيون الشرق الأوسط M.B.C) والنتائج الوهمية التى أذاعتها وزارة الداخلية حول نسب المشاركة والذين قالوا نعم .. تأكيد آخر على وهم التغيير .
- جرى التأكيد أن نقطة البدء فى التغيير هو تشكيل الحكومة الجديدة . ولكن ماتم اعتبارا من 5 أكتوبر 1999 أجهض أحلام أو أوهام التغيير . فقد غابت كافة المؤسسات الدستورية والسياسية عن عملية التشكيل الوزارى بعد " إقالة " حكومة د.كمال الجنزورى دون اعلان أى أسباب وتكليف د.عاطف عبيد وزير التخطيط بتشكيل الوزارة الجديدة .وانفرد رئيس الجمهورية بكل القرارات الخاصة بالتشكيل الوزارى دون أى تشاور مع أى من هيئات الحزب الذى يتولى رئاسته ( المكتب السياسى والأمانة وهيئة مكتب الأمانة والأمين العام والهيئة البرلمانية للحزب ) ، الجهة الوحيدة التى ساهمت مع الرئيس فى تشكيل الحكومة هى " الأجهزة الأمنية والرقابية " وخاصة الرقابة الادارية ، وهو نفس ماحدث عند تشكيل الحكومة التى رأسها د.كمال الجنزورى عام 1996.
وقد استقبل تكليف د.عاطف عبيد بتشكيل الحكومة وكذلك تشكيل الحكومة الجديدة برد فعل جماهيرى سلبى أقرب إلى الصدمة ، خاصة مع ترحيب الهيئات المالية الدولية ورجال الأعمال المصريين برئيس الحكومة الجديدة الذى أظهر " التزاما كبيرا ازاء برنامج الخصخصة ومرونة فى تحديد أسعار واقعية للوحدات التى تم خصخصتها ، ويتمتع بخط براجماتى فى الاصلاحات الاقتصادية " كما كتب محلل شركة " إن . بى . إن إمرو " للأوراق المالية فى لندن ، وإعلان الصحف الحكومية عزم الحكومة على تحقيق ((الاستقرار والاستمرار .. واستكمال المسيرة وتعميقها والاسراع بها خاصة فيما يتعلق بالاصلاح الاقتصادى والاندماج فى السوق العالمية )).
* ورغم الضجيج الذى صاحب عقد المؤتمر العام الثامن للحزب الوطنى الديمقراطى إعتبارا من 15 سبتمبر 2002 والحديث عن عملية التطوير و" المنهج الجديد للعمل الحزبى " فالقراءة الدقيقة لما جرى خلال المؤتمر الذى استمر ثلاثة ايام ، إستولى خلالها الحزب الوطنى على الاذاعة والتليفزيون والصحافة القومية ، والنتائج التى توصل اليها ، تقودنا إلى عدد من الحقائق .
هكذا الحال بالنسبه للحياه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه فى مصر .. وكل ما اتمناه من السيد الرئيس مبارك رئيس الجمهوريه ان يغيير من سياسات حكوماته المتواليه وخاصة وانها اثبتت فشلها وتعترف بذلك .. وذلك حفاظا على الامن القومى لمصر وحياة المواطن الغلبان .. واقول لسيادة الرئيس من قلبى :: سلامتك الف سلامه ..