واجِهَةُ المَجْمعِ المركزيِّ للسِّلعِ بطوابِقِها العاليةِ ترمِي بظلِّها الباهتِ في منتصفِ ميدانِ "الاسكندر بلازا ".. متْرُو الأنفاق يُنْبِتُ فلولًا مذعورةً.. بمنظارِهِ الأسودِ قُربَ السَّاعةِ العالميةِ وقفَ بِكلبهِ ذي اللسانِ المتدلِّي غَيْرَ مبالٍ بالنُّدفِ المُتَهَاطِلة.. يُغَنِّي من خلفِ قيثارتِهِ المبحوحةِ الأصواتِ عن طيرٍ يُحبُّ ابتسامتَهُ يُهاجرُ الآنَ من عمقِ الشِّتَاءاتِ المتثلِّجةِ يَبحثُ عن دِفءِ الاستواء.. يَجُوبُ الخرائطَ باحثاً عن طعم الشُّمُوسِ ورائحةِ الحَيَاة.. أنا أبحثُ في جيبيَ المثقوبِ عن قطعةِ عملةٍ صغيرةٍ تُهَدْهِدُ حنينيَ تُوَارِي دمعتي الرَّاعِفَة.. ليتنِي كنتُ في تلكَ اللحظةِ ذاكَ الطَّير !!
عفوا :
" الحماماتُ مُغلقةٌ اليومَ في محطةِ " ديمتروف "!!
هكذا أشارَت اللافتةُ الطَّارِئة!! وصوتٌ ينبعثُ من مكبرِ الصوتِ يُنَبِّهُ المحصورينَ مِثلي.. كنتُ أريدُ أن أتبوَّلَ على هذا السِّكِّيرِ المغرور.. لكِن جُنونُ أن افعلها في المحطةِ القادمةِ فهي محطةُ " روزا لوكسمبورغ ".. عَلَيَّ أن أنتظِرَ أكثرَ من ثُلُثِ السَّاعة إلى " برلين بوخ ".. هناك تنتظرُني أردِيةٌ بيضاءٌ ذاتُ أصابعَ ميتةٍ وكثيرٍ من الإبرِ والمَحَاليل.. تريد أن تبحثَ بين شعابِ رئتيِ المهترئةِ عن السرطان
السرطان : هو أن أكونَ بعيداً عن أناسٍ يبادلونني التَّحايا ولا أعرفُهُم
هو أن أرتديَ نصفَ ما امتلكُ من الملابسِ لكي أُحضرَ " ساندويتش "
هو أن لا أشُمَّ رائحةَ عرقٍ آسنٍ في زحام المحطَّات
هو أن يذبحني الحنينُ بينَ كل زفرةٍ وأخرى لكلِّ الذين أحبُّهم
هو أن يقول التقريرُ بإيجازٍ :
" عَليكَ عندَ صباحِ الاثنين القادمِ المجيءَ إلى السريرِ الأول من الغُرفةِ رقم" 6"!!
ثلاثةُ أيامٍ فقط لكي يكونَ الذَّّبحُ كما يجب
ثلاثةُ أيامٍ هل تكفي لكي أودِّعَ هذي الدنيا بنتَ الشَّهوةِ الحاذقة
ثلاثةُ أيامٍ كم تبقَّى لي من الشَّهقات
- عفواً.. كم السَّاعةُ الآن ؟؟
- الموتُ إلا قليلا
- ماذاااااااا ؟
- الحدادُ عليَّ إذن بالضَّبط
- عفواً أنا أسألُكَ عن الوقت
- واحدٌ وسبعونَ ساعةً من صباحِ الاثنينِ الدَّامي
أحتاجُ إلى كتفٍ حانٍ
خُطُواتَي التَّائهةُ تقودني إلى بحَارِ غُرُوبِ عينيكِ
ضوءٌ أزرقٌ يترقرقُ يتسربُ من بين سَتائرِ النوافذِ على لوحةٍ فسوريَّة :
ايلين وقطتها الصغرى
طرقتُ البابَ
- من ؟
- ابنُ غابةٍ باعت كُلَّ أبنُوسِها وشموسها للنخَّاسِينَ يا حفيدةَ " إستير "
- مرحباً يا ابنَ النارِ والملحِ ورائحةِ المداراتِ البعيدةِ عصيرَ برتقالٍ أم "بيرة"؟؟
- فقط ابتسامتك !
( أفرخت ضحكتها زقزقة سبعة عصافير وسنبلتين وهمست ):
- كلّما أراكَ أتذكَّرُ تلمودنا القديم
- ألا تحنِّينَ إلى أرضِ الميعاد ؟
- لا ميعادَ لي فيها فهُنا خارِطتي وحُدُودِي ورفاتُ جدودي
- إذن فلنرتِّل سفراً جديداً يخصنا
هل البحرُ الشاسعُ هو ظلُّ اللهِ على الأرضِ أم نحن الغارقُون؟ هَل نحنُ الهَالكونَ في بحرِ الأمواتِ ؟ أم من الماءِ تنبتَ الأساطيرُ والحكاياتُ*جبلُ البارودِ ترجَّلَ* ومعه نخلةٌ صبِيَّة* يستأنِسانِ بنجمةٍ مراهقةٍ لا تنامُ يوغلانِ في تِيهِ المجهُولِ أزماناً طويلة* ثُمَّ في وسطِ الصَّحراءِ الكبرى توقَّفا* عشرةُ قُرونٍ لم يمت الجبلُ وكذلكَ النخلةُ* مِن " كانُو " جاءَ السَّحرةُ وتبِعتهُم رائحةُ أهلِ الخَفَاء* من وراء البحرِ عَبَرَ " الطليان"* مِنَ " الهندِ " حجَّا متعبداً زاهداً هارباً مِن نفسه* من كُلِّ الجهاتِ جاءوا حتَّى أبناءُ الحَاخَامِ "والفينيقيُّون"* والأعرابُ شراذمٌ متعاركةٌ على ظلِّ نخلةٍ وثرواتِ الجَّبل* ابتعدت الغُيومُ الخضراء* النَّجمةُ القديسةُ راعفةً تُصِغي بقلبِها وتراقبُهُم بِدمعتِها وهُم لنَحِيبها الحَكِيمِ لا يُنصتُون* وبينَ عبراتِها تَقولُ لهم ما أنتم إلا مَوتى تُعانقُونَ الحياة* مكتوبٌ عليكُمُ التسفارَ وعدم اليقِين* كُلُّ التَّاريخِ وما أدراكَ ما التاريخُ ما هو إلا مقبرةٌ عظمى* الاهراماتُ* معمارُ" بيزنطة " * "براغ " القديمة* سورُ الصينِ العظيم* " انطاكيا " مدنٌ محنُّطة* الآرِيُّون أشلاء* جماجمُ القراصنةِ ما زالت طافيةً فوقَ المياه* هياكلٌ صدئةٌ جيوش الغُزاة* فَرَنَ " فايمر " رُفاتهُمُ الخالد* انتم مَوتَى تعانقون الحَيَاة* بعدَ غدٍ تَندثرُ الأرضُ بمعطفها الشِّتويِّ وترحلُ وتتركُكُم وحدَكُم أَيتامَ خَاشعينَ بلا مِحراب * ولا تتعرّفُونَ على أرواحكُم في أهدابِ المساءات* فإذا انتبهَ الشارعُ المطروق بالأحذيةِ القذرةِ انه لا يعني غير موطىء أقدامٍ* فطوى نفسَهُ ومَضَى إلى سبيلِ الأولين* فأينَ ستذهبُ خطواتُكم؟؟ وأبناءُ الرَّصيفِ؟؟ وكيفَ ستعلمون قِططكُم المشي؟؟ وبناتُ الليلِ* اللائي لا يَغشاهُنَّ ويلٌ* يدركنَ أنَّهنَّ الفِخَاخَ عكسَ ما تظُنُّ "الميرسدسات" المعطّرة* فلا فَخُّ وفريسةٌ سواكم في هذي المحرقة* فهذا الكونُ الصاخِبُ جنازةٌ مُؤجلةٌ*
- ايلين أينَ الطريقُ إليكِ وأنتِ معي ؟؟
- أنا بينَ نِصلينْ
- في هذهِ اللَّحظة بالذاتِ عيناكِ مِحَرابي
هَلْ لديكِ أجنِحةٌ لنحلِّقَ بأرواحِنَا قربَ تلكَ النَّجمةِ الخضراء؟؟
- لديَّ أوتادٌ تثقلني منذ الميلاد
- لولاها لما عرِفتِ طَعْمَ السَّماوات
- أتظُنُّ ذلك ؟؟
- بل أُقسمُ بحزنِكِ وأعَالي حُزني بأنَّ لكُلِّ مِنا فضاءٌ أوسعُ من حُلمِهِ
- كُلُّ الناسِ تحلُمُ بالفراشاتِ والحدائقِ والياسمِين
أنا تحاصرُني كوابيسُ العَناكبِ تكاد تلتَهِمُني
أكادُ أُّجَنُّ بالأمسِ حَلمتُ بعنكبوتٍ مهندمٍ في كاملِ زىِّ السهرةِ بيده اليُسرى سيجارةٌ ضخمةٌ مدَّ لي مخلبهُ الأيمنَ ودعَانِي للرَّقص!!
- هل قُمتِ بِرسمهِ كالكابوس الأول ؟؟
- ليسَ بعد سوف أكملُ رسمَ عنكبوتٍ ضخمٍ ينحِني ويفتحُ لي بابَ السَّيَّارة
- ها.. ها .. ها يا لهُ من مُجاملٍ عصري
- حَلِمتُ مَرةً انَّهُ جاءني وحملَ عنِّي طِفلتِي والطُّرقاتُ خِاليَة
- لا عَلَيك
للريحِ مَهَاُّم أخرى فهي تزرو العُمرَ أمامَ مواكبِ الأنبياء..
وتحِبُّ الصَّدى والدَّوَّامَاتِ تَخُصُّ الأفقَ بنجمةٍ تجلُو عَنهَا عَتمةَ سحابةٍ سوداءَ ولا تخفي بوحها وتجهشُ حتَّى تستيقظُ رُمانةُ الوقتِ المَحقُونِ بالصمتِ والنعاس.. قد كُنَّا هناكَ أمامَ جنازاتِنَا نسيرُ.. المطرُ يسبِقنا يتخللُ مَسامَّنا وبينَ خطواتِ المشيِّعينَ نترنمُ بأغنياتِنا لقوسِ قُزَح حُفاةً نخُوضُ في ممرات رائحةِ الخفاء.. ويعودُ الطِّينُ إلى الطِّينِ.. لسنا حزِينين ولكننا نتكئُ علينا وعلى وجهِها الَّذي يُحدقُ بنا عبرَ جِهات.. الصَّدى يسكنُ نبضَ المسافة صوتها المسكونُ ببحةِ النايِ وعودةِ العصافيرِ في المساءِ يُنادينا لعودةٍ مُرَّةٍ لا تروي ظمأ الانتظار
لا عليك
سَننبتُ في نهاياتِ الخريفِ سنابِلَ قمحٍ انثُرينَا ليمامِ هذي المدينةِ ليُعلِّمَ الطرقاتِ الهديلَ
أو
الرحيلَ
أو
كيفَ سيكونُ صباحي في الاثنين الدَّامي
الاثنين :
في غرفةِ العملياتِ دائماً يُخفي الأطباءُ وجوههُم خلفَ الأقنعةِ حتَّى لا تعرفُ قاتلكَ بينهمْ أضواءٌ قمريةٌ فوقَ رأسِي كأنَّني في مركبةٍ فضائية
- أأنتَ جاهز ؟؟؟
- أفضلُ من حمامةٍ تعرفُ أنَّها سوف تُذبَح..
ببطءٍ يسرِي في عُروقي الدوارُ تختلطُ كلُّ اللغاتِ واللعناتِ على طرفِ لسانِي.. يصيرُ أثقلَ من جبل.. أغرقُ في بئرٍ على فُوهةٍ يُطلُ قمرٌ زاجلٌ به وجهُ زعيمٍ وحدوي.. سبعةُ خيولٍ مُسرعةٍ تعبرُ في شوارعَ حجريةٍ إيقاعُ حوافرها كختامِ لحنٍ معقدٍ لمخيلةٍ أكاديميةٍ.. أطفالٌ مولودونَ للتوِّ يحتلونَ الشوارع يحرقون بزازاتهِم.. كلابٌ مدربةٌ تتناهشهم.. سلحفاةٌ منهكةٌ لها وجهُ صديقي الشهيدِ تدعوني لأمتطيَ ظَهرها.. تحتَ شجرةِ الحورِ يتعانقُ عاشِقان.. صالةُ رقصٍ تعجُّ بأجسادٍ ثُعبانيَّة.. تراتيلُ أمِّي وأدعيتُها ومسبحِتها في يدها لا تتوقف كأنَّها تستغفرُ عن ذنوبِ أهلِ الأرضِ أجميعن.. أو إنها تسندُ هذا الكونَ المتهالك من كارثةٍ آتيةٍ لا ريبَ أن توقفت عن تسبيحِها.. فيلٌ يلهو بي بخرطومِهِ كفقاعة.. عقربٌ مهندمٌ يحملُ أكواباً ايلين تصرخ :
لا تقترب
لا تقترب
أنا لا أُحبُّ القهوةَ لا تقترب
لا تقترب
حذار
أقفزُ نحوها
أحملُهَا بين يَدَيَّ
وأركُضُ بِهَا
والعقربُ يطاردُنا مسرعاً يحملُ أكوابَهُ بحرفية نادل محترف
أحياناً يسبقُني ويلتفتُ مُقهقهاً , أركضُ عكسَ اتجاهِهِ
وهي بينَ يديَّ تصرخُ بهستيريا تُغطِّي وجهَهَا
أتسلَّقُ صَخرةً عاليةً
أقفزُ إلى البحرِ يا الهي
أنا
لا
أعرف العوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووم !!
- أوه يا عزيزي
- قَلَقُ هذا الصوتِ أعرفُهُ يلامِسُ وتراً محزوناً في روحي
- هل أنتَ بخير ؟؟
- ااااايلين .. أأأأأأ نقذيني من هؤلاءِ الجَزَّارِينَ المُحتَرِفين
- نًمْ .
- هل رأيتِ كَمْ لوحةً للقِطِّ في الصَّالَة ؟؟
- أميراتٌ مسبياتٌ قطَطُنَا تَقَاسَمن تحتَ أرجُلنَا طَعَامَنَا/ في الظَّلامِ تَتَلصصُ على شَهَوَاتِنا/ لها في كُلِّ ركنٍ من غُرَفِنَا مِرحَاضٌ/ أرواحٌ شرِّيرَةٌ بُعدَ منتصفِ الليلِ تَتَقَمَّصُهَا لتُشَاكِسَ العِبَاد/ قَدْ نَقْتُلُها بِهِراواتٍ غليظةٍ وفي أحسَنِ الأحوالِ في جَوَّال/
لا تَسْتَغْربِي
ولا تُحَدِّثيني عن حُقُوقٍ
وعُقُوقٍ
و واجِبَات
نحنُ نُولدُ مَشَارِيعَ شُهَدَاءٍ بِلا حَدَاد/
مَنْ يَعْشَقُ الشُّمُوسَ والياسمينَ والأبنوسَ يُقْتَلُ قبلَ أوَانِ الممَات/
بِحَبْلٍ/
أو
برصاصةٍ لا تُسَاوِي غيرَ مِحنةِ الجَّلاد/
لا تَسْتَغْرِبي ولا تُحَدِّثيني عن
حُقُوقٍ
وعُقُوقٍ
ووَاجِبات/
فما قِططٌ إلا القِطَط
ما حَمَام إلا الحَمَام
ما رَصَاصُ إلا الرَّصَاص
لَيْتَ النّاسَ في كلِّ مكانٍ هُمُ النَّاس
سَارقُنَا في الصَّفِّ الأوَّلِ من المُصَلِّين
قَاتِلُنَا دائماً يكُونُ أوَّلِ المُشَيِّعِين
فلا تَسْتَغْرِبِي
ولا تُحَدثيني عن
حُقُوقٍ
وعُقُوقٍ
وواجِبَات
فَقَط أخرِجِيني مِنْ هُنُا
ودَعِي الشَّفَقَ عَلَى عَيْنَيك يَنَام
لَتْصُحو مدائنُ شَوقي الَّتي لا تَغْفوُ
ويَتَقَافَزُ ظَمَئي بِرِجلٍ واحدة
وألفُ جَنَاحٍ من الحنين
وأرجوحةٌ من العِطرِ طًقسُ أنفاسِكِ يُهَدْهِدُني يَصِيرُ اللَّيل بينَنَا بُسْتَان
أنا فَلاحُهُ المسحُورُ أروِي عَطَشَهُ المُسْتَحِيل
وأنْتِ تَتَفَتَّقينَ ربيعاً وأزهاراً
وحقولاً من النَّعْنَاع
ونَدَىً وارفاً
يَتَبَرْعمُ بينَ مَفَاصِلي وَرْدُ تَوْقٍ
خُذِيني مني
وأبداً
أبداً لا تُرجِعِيني إليَّ
- الحُبُّ لا يعني الامتلاك
- إذن ما هو ؟؟
- اختلافٌ منسجم ، وقد يكونُ توازياً
الثلاثاء :
أأكُونُ فقاعةً كُبرى بَصَقَها البحرُ ذاتَ زَبَد ؟؟
تَعَهَّدْتُ أنا المذبوحُ أدناه أن أُطلق الجُّرحَ مِن فَمِ التِّنِّين
وخُيولُ صَرخةٍ مدفونةٍ مُنْذُ الأزَلِ في حُنْجُرَتي الصَّدِئَة
وأن أعقدَ مُصَالحةً بين دُودِ الأرضِ وجَسَديَ الرَّطبِ الحَارِّ المُسَجَّى قُربِي
كُنتُ قبلَ لُحَيْظَاتٍ أضِجُّ بالإيقَاعَاتِ والرَّقْصِ وشهواتٍ عُظمَى
فمن ذا الذي يُسَبِّحُ بديمومةِ الآتي ويَذبحُ هديلي
ثمَّ يَغفوُ يعِدُ بالقادِماتِ من أحلامٍ نحيلةٍ هَشَّة
أأكُونُ فقاعةً عُظْمَى بَصَقَها البَحْرُ ذاتَ زَبَدٍ
ثُمَّ مَضَى يُغَازِلُ في اللَّيْلِ كائناتٍ أُخْرَى !
الأربعاء :
مَهْجُورٌ مِثلَ نايِ راعٍ مكسورٍ قُرَبَ بقايا نارٍ مُهملة
تَحْتَ شجرةٍ عَجفاءَ تظلُّ بئراً جافَّة
الرِّيحُ تنخرُ في رئتيَّ
كأنَّ هناك يداً خفيَّةً أطفأت زِرَّاً خَفِيَّاً في روحي
فماتت كُلُُّ مَصَابيحِي ولَمْ تَنْجُ من العَتمةِ إلا عَيْنَايَ
في فَرَاغِ الصَّمْتِ تسبَحَان
الخميس :
هذه الغُرفةُ البَيَْضَاءُ كفن
مَن يُخرِجُنِي إلى شَفَقِ عَيْنَيْك ؟
ليس بِيَ الآنَ غَيرُ عُريِ الرُّوحِ
والحنينِ
وجُوعٍ أزليٍّ لسحابةٍ تُخَبِّئُ بَيْنَها أحلامَ فَتَىً يُشرِعُ فأسهُ مُنْذُ الصَّيف .
الجمعة :
خُفَّاشٌّ طَالْ نَهَارُهُ تِلْكُمْ رُوحي
قلقٌ مِثلَ صرصارٍ نفدت مؤُونَتُهُ في منتصفِ الشّتاء
لأرتقَ زمني في هذا المنفى الرمادِي
لابُدَّ لي من شَجوِ " إبراهيم موسى أبَّا "
السبت :
تَبقَّى
يَومٌ واحدٌ
على انتظارِك .
الأحد :
كَمْ
أَنَا
يَتِيم .
1أبريل 1995م