جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2128 - 2007 / 12 / 13 - 11:58
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
سئل أفلاطون؟
كيف وصلت يا أفلاطون إلى هذه المرتبة من العلم والمعرفة ؟
فقال: لأنني أنفقت من الزيت أكثر من إنفاقي من الشراب.
وهذا يعني أنه أشعل فانوسه التقليدي الذي يعمل على الزيت وسهر أياما ولياليا وهو يقرأ ويفكر.
لا أقول أنني أنطق عن الهوى بل إنني تعبت على نفسي كثيرا وأنفقت من الدموع على نفسي أكثر مما أنفقت من الإبتسامات ,وسهرت الليالي أكثر من عدد الليالي التي نمتها هادئا مطمئنا خالي البال وعمري اليوم هو 36عاما قضيت أكثر من نصفها وأنا واقف على قدميي في المكتبات العامة وكانوا يطلقون على إسمي في جامعة اليرموك : جهاد مكتبة متنقلة .
والتكفير عملية سهلة جدا وهي بديل عن النقاش والبحث العلمي الجاد وبدل أن تتعب أساتذة الشريعة الإسلامية وتهلك نفسها في البحث العلمي والقراءة في جامعة محمد بن سعود فإنها بدل التعب والبحث العلمي تلجأ إلى تكفير المفكرين والأساتذة الذين يرهقون أنفسهم في البحث العلمي الجاد.
وأذكر مرة أنني تلقيت رسالة يقول لي فيها كاتبها : علمك يا جهاد ,علم لا ينفع ,وسيعذبك الله به وأنت تحمل إسما ليس إسمك فحرام عليك أن يكون إسمك جهاد وبنفس الوقت تعمل أعمال غير جهادية بل تخريبية .
وهذا هو نص الرسالة ولم أستطع الرد عليها لأنني مهما تحدثت فإنهم لم يفهمونني على لغة أكلوني البراغيث وعلى لغة ضيعوني في جامعة بن سعود التكفيرية .
وموضوع المرأة لا يؤخذ من تجربة أديب فردية ولكنه يؤخذ من السياق العام للتاريخ ومن أطواره التطورية و(آرنولد توينبي )عزى موضوع ألأنتاج الثقافي والأقتصادي الى الفصول الأربعة وقال أن الشرق الأدنى كانت به أول حضارة بسبب إعتدال المناخ صيفا وشتاءا لذلك إستقر الإنسان في الشرق الأدنى والأوسط وبالذات حول البحر الأبيض المتوسط لذلك نمت الحضارة الزراعية والرعوية هنالك بنفس الوقت الذي كانت طبقة الجليد تغطي أوروبا حتى سيبيريا .
اما دوركهايم فقد عزى بعض التغيرات الثقافية وخصوصا تلك التي تتعلق بالمرأة والتغيرات في مركزها الأدبي الى افكار متصلة اصلا بألدم: الحيض والنفاس والدورة الشهرية.
وبما ان وصول المرأة في الحضارة الآسيوية الى رتبة الخالق كانت بسبب افكار دينية متصلة بالدم فأن تراجعها ايضا كان بسبب افكار - علمانية - متصلة ايضا بالدم .
وذلك بألتحديد بعد وصول الألفية الثانية للميلاد الى نهاياتها حيث لاحظ مجتمع الرجال ان الإقتراب جنسيا من المرأة في اثناء الدورة الشهرية فيه كثير من الأضرار التي قد تلحقها بالرجل .
فقد كانت الشعوب الآسيوية تلاحظ أن النساء تأتيهن الدورة الشهرية في كل 28 يوم أو 30 يوم أو 31 يوما أو ما قارب ذلك أو بعد بقليل أو كثير, وقارنوا غياب القمر وظهوره بما يشبه عدد أيام الدورة الشهرية للمرأة وكانوا يجهلون أن دور الرجل الجنسي مع المرأة هو أيضا مسؤول عن عملية حمل المرأة وإنجابها وبما أنهم كانوا يجهلون ذلك فقد عزو كل أمور الخلق إلى الإناث لذلك كانت المجتمعات التي نقول عنها أنها حجرية ومتخلفة كانت تلك المجتمعات أمومية سمحة المرأة هي التي تحكم بها وليس للرجال أي دور يذكر ولم تكن المجتمعات الذكورية معروفة في ذلك الوقت .
وعن طريق المعرفة والتجربة والخبرة عرف الرجل أنه مسؤول عن الإنجاب وعرف أيضا أن الإقتراب من المرأة أثناء دورتها الشهرية فيه أذى كبير لذلك إعتزل الرجال الإناث وظلوا يعتزلوهن وقتا طويلا وتطور هذا الإعتزال حتى وصل إلى مستوى طرد فيه الرجال الإناث من المعابد الإنثوية لأنهن رجس يتجنبه الرجل وبما أن الرجل يتجنب المرأة في أثناء دورتها الشهرية فإنه من الضروري أن تتجنب الآلهة النساء أيضا وتطور أيضا مفهوم إجتناب المرأة أثناء الدورة الشهرية ودمج هذا الموضوع مع قدرة الرجل على الخلق فبدأت تظهر المجتمعات الذكورية ومنذ أن ظهرت المجتمعات الذكورية ظهرت معها قدرة الذكور على الخلق وبما أن الرجل لا يملك رحما يحمل به فقد لجأ مجتمع الذكور إلى الخلق بفعل الكلمة الخالقة والكلمة السحرية التي بأمرها تتحرك الأشياء .
واثبتت النظريات العلمية ان المرأة في اثناء الطمث تفرز مواد كيماوية سامة تضر بالرجل مثل : اليود والمنقنيز .
لدلك فأن الملاحظة والتجربة قد عززت روح الابتعاد عن المرأة في اثناء الدورة الشهرية والذي زاد الطين بلة هو صعود مجتمع الرجال الى مرتبة الخالق بفعل الكلمة بدل الخلق بفعل الرحم ولهذه الأسباب الموضوعية طردت النساء من المعابد منذ ذلك التاريخ الى اليوم.
وذلك للاعتبارات التي جعلت الرجال انهم يعتقدون من ان لديهم قدرة على الخلق بالكلمة بدل الرحم ولملاحظتهم ان الدورة الشهرية مؤلمة للرجل وفيها مضار بيولوجية ولهذه الأسباب :
اعتقد الرجال من ان الإله ورب الكون يتجنب النساء في اثناء الدورة الشهرية , ولذلك تجنبوهن هم ايضا وهذه كانت هي بداية البذرة الأولى لانطلاقة فكرة الدنس عن المرأة, وقد اوعز لجميع الرجال بتجنب النساء اثناء الدورة الشهرية بأعتبار تلك التعاليم لوائح وقوانين ليست وضعية بل الاهية .
وهذا الأمر كان متعلقا اصلا بألمجتمعات الرعوية فقط لاغير, اما بخصوص المجتمعات الزراعية فانه ظل ردحا طويلا من الزمن لا يعتبر هذه المواضيع ذات اهمية , وبما ان الديانة الأسلامية واليهوديةمنحدرات اصلا من مجتمعات رعوية فقط التزموا جميعهم بهذه الأفكار والتعاليم الإلهية معا جنبا الى جنب
ولا يتعلق هذا الأمر فقط بألأفكار المتعلقة بألدم لتراجع المركز الأدبي للمرأة على اعتبار انه هو السبب الوحيد فمن الممكن لنا ان نعتبره السبب الوحيد للرعويين اما بخصوص المجتمعات الزراعية الأثنية فأن الموضوع مختلف اصلا ويعود في الأصل الى تقدم وسائل الأنتاج الأقتصادية مثل :
التهافت على الصناعات اليدوية البدائية وهجر العمل الزراعي على اعتبار انه لا يوفر فائض الأنتاج المطلوب , ولهذه الأسباب هجر المزارعون اراضيهم واتجهوا الى الصناعات اليدوية والحرفية وبذلك بدأت المجتمعات الزراعية بالتراجع وتقدمت مكانها مجتمعات حرفية بسيطة وظهرت عادات وتقاليد جديدة وحلت محل التقاليد القديمة .
ومع مرور الزمن تلاشت معتقداتهم عن اهمية المرأة وتشابهها مع القوى الطبيعية وخصوصا الدورة الشهرية للقمر والمرأة ولهذه الأسباب نسي اسلافنا معتقداتهم بسبب تهافتهم على الحياة الصناعية الجديدة واتجهوا الى سوق الأقتصاد النقدي البدائي مع تقدم الصناعات الفخارية والحديدية , واننا ما زلنا الى اليوم نلاحظ مثل هذه العادات حيث يهجر الفلاحون اراضيهم ويتجهون الى الأعمال اليدوية .
وهذا الأمر ايضا ساعد على تأخر التقدم الزراعي الى بداية عصر النهضة ودخول الصناعات العلفية التي بدأت اصلا على سواحل البيرو والأرجنتين في القرن السابع عشر للميلاد ,
ولو لم يهجر المزارعون اراضيهم وبقوا بها لتقدمت الثورة الزراعية قبل بداية عصر النهضة في اوروبا الناهضة , ولحافظنا على مكانة المرأة الأم
وانه من الملاحظ جدا ان الديانة المسيحة ظلت محافظة على مكانة المرأة وذلك لأنها اصلا ديانة زراعية نشأت في مجتمعات زراعية تتعلق تعاليمها بألبعث والحصاد والأخصاب الجنسي ..
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟