|
مأمور الأمير يتأهب للحرب
محسن ظافرغريب
الحوار المتمدن-العدد: 2128 - 2007 / 12 / 13 - 10:23
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مأمور الأمير يتأهب للحرب ( بطل أسطوري نصير لأمير من القرون الوسطى، ترجمة مقال بصدد آل سعود والوهابية) عن صحيفة "NewYork Sun" http://www.nysun.com في عددها الصادر في 1 ت2 2007 المقال الأصل باللغة الانكليزية http://www.nysun.com/article/65662 بقلم NIBRAS KAZIMI نبراس كاظمي (محرر مساهم في جريدة "النيويورك صن" وهو أستاذ زائر في مؤسسة "هدسون" للدراسات الإستراتيجية في العاصمة واشنطن) الوهلة الأولى من فيلم "المملكة The Kingdom" الذي يعرض حالياً في دور السينما، رائعة فعلا . إذ يعرض الفيلم قصة فريق من وكالة المباحث الفيدرالية (FBI)، يطارد خلية إرهابية مسؤولة عن مهاجمة مجمع أميركي مدني في المملكة العربية السعودية. يبدأ الفيلم بإعطاء المشاهد الأميركي نبذة مفيدة عن آخر ثلاث مئة سنة من تاريخ آل سعود مفادها أن الوهابيين هم الأعداء، وهذا أمر دقيق وصحيح.
ثمت أمر آخر: عدو عدوي، صديفي . الوهابيون والشيعة هم أعداء تقليديون وقد اطلقت اميركا العنان لقوة الشيعة في العراق. في خلال عقد من الزمن، قد يتم الإيعاز لشيعة العراق، وذلك من قبل قوى الإقتصاد العالمي، بالإجهاز على الوهابيين في السعودية وسيكون العراق ممتناً لهذا الدور.
منذ هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 قامت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون يتقطيع اوصال ثعابين القاعدة، لكنهم ترددوا في ما يخص نحر رأس الـ"ميدوسا" (آلهة يونانية تمثل الثعابين تثير الخوف الاشمئزاز/المترجم) واعني بها الوهابية Wahhabism.
الوهابية فكرة خبيثة ولئيمة تحفّز اعتى الإرهابيين في العالم اليوم. هي طريقة عنصرية للنظر إلى العالم، وقد قامت بمسخ كل معتقد لامسته، فحولت السلفية الإصلاحية التي نشأت في القرن 19م إلى عقيدة خطرة كريهة، وحولت تنظيم الاخوان المسلمين السلمي إلى تفرعات ارهابية في مصر وسوريا، وحولت المدرسة الديوباندية (حركة سنية اصلاحية في الهند/المترجم) إلى تنظيم الطالبان، واخيراً حولت نفسها إلى تنظيم القاعدة بقيادة اسامة بن لادن والارهاب التدميري الذي اطلقه ابو مصعب الزرقاوي في العراق.
بيد أن الأثر الذي أحدثته أموال النفط (البترودولار) قد شلّ اي جهد للإنقضاض على رأس (أو ينبوع) هذا الفكر في السعودية نفسها، وهي دولة أنشأت ومازالت قائمة على الاتحاد الوثيق والشاذ جدا بين أمراء آل سعود والوهابية. وحينما أراد آلهة وملوك الاساطير الإغريقية وضع نهاية لإرهاب الوحش الـ"ميدوسا", قاموا بتجنيد مقاتل إسمه "برسيوس Perseus" واعطوه أحذية مجنحة وعباءة تخفي وسيف ودرع يعكس المقابل كالمرآة، وبعثوه ليأتي لهم برأس الـ"ميدوسا". نجح "برسيوس" بإتمام المهمة، وسينجح الجيش العراقي بقيادته الشيعية وجنوده الـ200,000 بالمهمة ايضاً.
إن الولايات المتحدة الأميركية تدرّب وتجهّز جيشها الحليف في العراق الذي سيقاتل في اهم حرب في القرن الحالي، حرب الإبقاء على النفط متدفقاً. كان هناك منظر غريب في حفل تسليم الملف الأمني في محافظة كربلاء يوم الاثنين الماضي إذ كان الجنود العراقيون يسيرون ومعهم رشاشات "أم-16". كان هذا نتيجة قرار قد اتخذ مؤخراً بالإستغناء عن الرشاش الكلاشنكوف، ذلك الرمز السوفييتي، كسلاح اساس للمشاة العراقيين.
هذا تغيير رمزي وانعطاف عن مسار الماضي، هذا هو الجيش العراقي الجديد للعراق الجديد، والمتشبّع ّبعقيدة مكافحة التمرد للقرن 21م، والواجب يحتم عليه أن يتمرّس في مناورات حقيقية ضد اعتى تمرد (او انقلاب)، حديث لم يسبق له مثيل في التاريخ. إن حركة التمرد التي اطلقها الزرقاوي ستكون النموذج لكافة حركات التمرد القادمة، ومن ضمنها تلك التي قد تنطلق من حوض الخليج(الفارسي النفطي والتي ستؤدي لانقطاع النفط في السوق العالمية، وسيكون العراق مؤهلا بشكل خاص لمعالجة تمرد من هذا النوع.
وكما كان الحال مع "برسيوس"، يجب تجهيز الجيش العراقي بكافة الحاجيات التي اثبتت جدارتها في مقارعة هذا التمرد مثل عجلات سترايكر وهمفي المدرعة، ودبابات برادلي ومروحيات أباشي، إلخ.
الجيش العراقي سيكون بطل المنطقة او الفارس الذهبي ، وهذا مصطلح اكثر دقة لوصف حال العراق بدلا من وصف شرطي المنطقة. هذا الفارس الذهبي سيغزو المنطقة رافعا راية "الشرق الاوسط الجديد" الذي يرمز بنبل للحكومة المنتخبة.
من نتائج حرب العراق التي قام بها الرئيس بوش هي ان شيعة العراق باتوا الورثة الشرعيين لاحدى اهم الإقتصاديات الواعدة في المنطقة ـ احدى التقديرات الموثقة تشير الى ان ربع النفط المتبقي في العالم هو في العراق ومعظمه في الجنوب الشيعي. ان الشيعة مستعدون ان يفرضوا هيمنتهم السياسية والثقافية والاستراتيجية والتجارية إلى ما وراء حدود العراق.
السنة العرب في العراق الذين قد تتراوح نسبتهم 13% من مجموع السكان طبقا لإحصائيات الإنتخابات الماضية لم يعودوا اسياد مصير العراق كما في السابق.
التحول الجذري الذي جرى في العراق هو على تناقض تام مع النموذج القديم في سوريا، حيث مازال العلويون، الذين لا يشكلون إلا 12% من السكان، هم المتحكمون بمواقع القوة في ذاك البلد. ونفس الامر ينطبق على السعودية حيث لا يشكل الوهابيون هناك الا نسبة من السكان وليست الاكثرية.
العراق يتجه للإستقرار بسبب التمثيل النسبي في الحكم، خلافا للسعودية التي تتجه للإضطراب بسبب انعدامه. حتى عندما اتضح للعلن بأن غالبية منفذي هجمات الحادي عشر من أيلول، كانوا من الجنسية السعودية، الذي شكل صدمة قوية للعائلة المالكة هناك ولغالب المجتمع الدولي، مازالت السعودية هي المصنع الرئيسي للإنتحاريين في العالم الإسلامي. لنا علينا أن نتسائل: لماذا الشاب السعودي مؤهل اكثر من غيره لتفجير نفسه؟ ولماذا هذا الشاب السعودي عديم العواطف الإنسانية لدرجة تؤهله لإزهاق حياة النساء والأطفال اضافة الى نفسه؟!.
على آل سعود ان يجيبوا عن ذلك ، رغم ان الضغط الدولي اجبر آل سعود على تطبيق بعض الإصلاحات المحدودة. لكن بدلا من ان ينحسر عدد الإنتحاريين السعوديين نرى تزايدا في الإنتاج. فما الذي يحصل؟!.
الجواب، بكل بساطة، ان الوهابية مازالت مسيطرة، إذ ان آل سعود ربطوا شرعية حكمهم بهيمنة الفكر الوهابي في بلادهم. ففي حين أن المؤسسة الدينية الوهابية تنازلت وقبلت ببعض الإصلاحات لكنها لم تتنازل في موضوع يعد خطا احمرا لا يمكن المساس به او تجاوزه الا وهومعاداة الشيعة. وبالتالي صعّد آل سعود من خطابهم المعادي للشيعة ارضاء للوهابيين. وهذا شجع المزيد من الشباب السعوديين للذهاب إلى العراق وتفجيرانفسهم في نساء واطفال الشيعة هناك. هذه القضية سوف تزداد خطورة اذا اخذنا بنظر الإعتبار الحقيقة القائلة بأن الشيعة وبإختلاف فرقهم يشكلون 20% من سكان السعودية.
كيف سيتصرف آل سعود عندما يقوم الوهابيون بذبح المليوني شيعي المتمركزين حول آبار النفط الشرقي؟. هل سيوقفونهم عند حدهم ام سيغظون الطرف ابعادا لشبهة الاتهام بأنهم اصدقاء للشيعة؟. وحين يتسع هامش الفوضى الطائفية ويفسح المجال للجهاديين بحرق آبار النفط الشرقية ـ كما ابدوا استعدادهم بشكل واضح جدا لذلك، سوف يصاب الإقتصاد العالمي بالشلل. ترى من سيتدخل لإعادة الإستقرار مجدداً ؟.
لا توجد قوة في الشرق الأوسط مؤهلة للقيام بذلك إلا شيعة العراق: الذين لديهم العديد من الحسابات لتصفيتها مع الوهابيين ــ تعود إلى 200 سنة مضت حينما غزا الوهابيون مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة وهتكوا حرمتها، وإلى يومنا هذا. كما انهم سينتفضون للدفاع عن اخوتهم الشيعة في المنطقة الشرقية التي كانت تتبع ادارياً ولاية البصرة في القرن 19م من قبل الحكم العثماني.
لن يتمكن المارينزوبكال تأكيد من النزول إلى سواحل مدينة الدمام لان ذلك سوف يهيج الحساسيات على طول العالم الاسلامي، لان الجزيرة العربية ينظر اليها على انها محرمة على (الكفار). ولا يمكن الإعتماد على المصريين والأتراك، لان تلك الشعوب اصبحت تعادي الغرب وتتعاطف مع من يحاربه. وحتى حلفاء أمريكا مثل الاردن وقطر، ليس لديهم الوزن الكافي للقيام بمشروع استراتيجي بهذا الحجم. ولا احد يثق بالإيرانيين، فيبقي العراقيون وحدهم في الصورة.
إنني ادرك تماما بأن هذا المقال سيتعرض للهجوم وسيعده البعض جولة آخرى لإدانة السعودية أو دق جرس الإنذار أو الإنحياز للشيعة أو اشعال الحرب لدى المحافظين الجدد. يمكن للمنتقدين التنطع، لكنهم لايستطيعون تجاهل المشكل : ما العمل مع الـ"ميدوسا" الوهابية؟!.
"إن واشنطن غير مهيئة للنظر اعمق او ابعد في ما يخص الشرق الأوسط " مثلما اخبرني خبير في شؤون الخليج(الفارسي) هنا، "إن التفكير العميق حول مشكل ما قبل ان ينفجر في وجهنا ليس من اسلوبنا، فالأمر ليس بسهولة احتساء الـ"فرابوشينو" وقراءة مقال لـ"توماس فريدمان.".
ما زال هناك احتمال ضئيل بأن يقوم آل سعود بإنقاذ انفسهم عن طريق القبول بعراق تقوده الشيعة وحكومة تمثل اطياف الشعب العراقي. وبذلك يجنبوا انفسهم فوضى داخلية وحربا مستقبلية. كان اجداد آل سعود عمليون وقد انقذوا انفسهم مرتين في التاريخ من الموت السياسي. لكن يبدو أن تلك الجينات الوراثية القوية قد تلاشت الآن، ومانراه من نشاط السعوديين القليل انما هو ما تقوم به شركات العلاقات العامة واللوبي في واشنطن لتحسين صورتهم مقابل المال.
إن القيادة العليا لآل سعود تبدو مرهقة وتعاني من الكهولة وعبء كروشها المتخمة بالكافيار. هم غير قادون على الصمود امام عاصفة الجهاديين. ان العراق الجديد يعني ان آل سعود ما عادوا بذي اهمية. واذا بقيت الامور على ماهي عليه فان البطل العراقي سيكون جاهزا لتصحيح الخطا. إن القيادة الشيعية للعراق هي كنز لايقدر بثمن للمستثمرين والمخططين العسكريين الذين يخططون كيف تقوم الحروب الاقتصادية والعسكرية المقبلة في القرن 21م. يجب النظر الى العراق الجديد كمنقذ محتمل ويجب تأهيل جيشه الجديد وتسليحه لهذا الدور.
#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتنة في فتيا
-
صفاء الحيدري
-
عثمان أوجلان وآل عثمان
-
زواج مدة نهاية الأسبوع Weekend !
-
خطة خطف/ ملحق
-
خطة خطف/ عملية OPERATION AB
-
خطف طيف البصرة
-
السعودية بين الترشيد الشيعي والتهديد الأميركي !
-
تفصيل وسائل الشيعة/ الخمس
-
خط النار تحت حزام الفقر !
-
لعبة مكر التذاكي الساذج الغبي
-
ألزموهم بما التزموا به !
-
المهلكة The Destructivity
-
إثنية ثانية = إقليم ثان
-
Doris Lessing-Nobel 2007
-
وثائق سوداء
-
قصة قلعة
-
صراع إرادة القوة وقوة الإرادة Dayton
-
ثلاث نقاط نظام
-
جمهورية إيران العصرية
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|