أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - فنطازيا نحيب الكيتار














المزيد.....

فنطازيا نحيب الكيتار


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 2128 - 2007 / 12 / 13 - 11:41
المحور: كتابات ساخرة
    


ليست كل الظواهر الفنطازية هي ظواهر مرحة وطريفة
هناك جانب للحزن والآلام في الخيال الفنطازي
من يزور تلك القرى يجد أنها تعيش كما كانت قبل قرون عديدة بل أن صور بعض الرحالة في القرون الوسطى تكاد تكون مصداقا لما نقول تماما ونسخة واقعيّة منها.
هم يعتمدون على زراعة النخيل وجني التمور وبيعها مع الإعتماد على زراعة عدد من الفواكه الأخرى والخضروات الضرورية ويربون في كل بستان بقرة أو يزيد ويصطادون السمك في الترعة التي يشربون من مائها ويربون الدجاج، وعند كل موسم لجني المحصول وبعد بيعه يشترون الحنطة والرز وبعض اللوازم البيتية الضرورية وكذلك الأقمشة الجديدة وفي الموسم فقط يستطيعون أن يزوروا الطبيب ويشتروا الدواء
لكن المشروع الجديد الذي باشرت به الحكومة حديثا وقد كان مشروعا فنطازيا حقّا شانه شأن بعض المشاريع غير المُجدية،كان من شأنه قطع المياه عن القرية وتدهورت الحال وأصبح النخل كئيبا والزرع مصفرّاً ولم تنفع كل الشكاوى التي رفعها أهل القرية إلى المسؤولين الذين لم يكونوا يستطيعون مقابلتهم إلاّ بشقّ الأنفس كما يُقال وكما يقولون أيضا انهم عند تحقق مقابلتهم ماإن يقولوا لهم السلام عليكم حتى يبادرونهم بقولهم مع السلامة (والعهدة على الراوي كما يُقال أيضا)
وجاء الحصار فكانت سنينا عجافا حقّا فلا محصول التمر يسد ولا غيره، وأصبح لزاما عليهم شراء الخضروات من الأسواق وكذلك الأسماك والبيض والدجاج بعد وفرة لا توصف
أخذ كل شي يتراجع وكان منهم من يُعدّ سعيدا إن كان له ولد موظف أو فرّاش أو عامل أو معلّم حيث يرفدهم بمورد لم يعد بإمكانهم توفيره
كان للحاج طاهر ولد أكمل الدراسة الإعداديّة ولمّا كانت له صلة قرابة ومعرفة ببعض الطيبين في دول الخليج فقد كتب لهم وبعث بولده ليعمل هناك وحدث أن تقدّم في عمله ثم خطب له الحاج طاهر بنتا من القرى القريبة وبعث بها إليه ومضت السنين وإبن الحاج طاهر في بداية الأمر يرسل بعض العون لأبيه ليساعده في الإنفاق على البيت ومع الأيام أخذ الولد يخفض من المبلغ الذي يبعث به حتى توقف
الحاج طاهر يلتمس له الأعذار ويجد أن الدنيا في غلاء مستمر ولا بد أن الولد محتاج .!
وبعد مضي سنين وحصول الحصار وبعد أن حصل ما حصل بالقرية من ضمور وتخلّف ساءت الأحوال جدا ولم يعد الحاج طاهر يجد لعياله أكثر من وجبة أو وجبتين في اليوم وبلغ به الأمر أنه أخذ يشتري الخبز اليابس!والذي كانوا يقدمونه للدواب ويطحنونه ويُعيدون عمله خبزا يكون حتما أسودا ، وهزل الأولاد وبدا يُعاني هو من سوء التغذية حسب تشخيص طبيب المستوصف
فاجتمع عنده بعض اختيارية القرية ونصحوه أن يتّصل بولده فواجب عليه أن يساعده وهو يعمل في دول الخليج ولا بد أن حاله ميسورة بالنسبة لأهله هنا.
بعد نقاش ونصائح طويلة اقتنع الحاج طاهر بالسفر ورغم أن السفرة طويلة وتتطلب مبلغا كبيرا من المال ألاّ أن أهل القرية جمعوا له شيئا أضافه لما جمع هو من نقود مقابل بيع بعض الأثاث غير الضروري والذي أصبح كماليا مثل الثلاجةو(القنفات) ، وحتى لو كان ضروريا فإن ابنه لا بد أن يعوضه عما سيفقد
وبالرغم من سنّه المتقدمة بدأ سفرة طويلة جدا ومتعبةوشاقّة إلى عمّان ووصلها بعد تعب شديد ونزل في فندق أشار عليه به بعض المسافرين وبعد يوم من التعب راح يسأل عن كيفية الإتصال بالبلد الذي يقيم فيه ولده ..وساعده صاحب الفندق واتصل مرة ولم يفلح ثم اتصل مرة أخرى فلم يفلح واستمر هكذا إلى أن أجابه صوت غير مفهوم وتبين أنه صوت الخادمة السريلانكيّة والتي لا تتكلم العربية بوضوح وسأل عن ولده فقالت إنهم مسافرون إلى جزر المالديف للإستجمام ,سألها متى يعودون قالت بعد أسبوع!
وانتظر أسبوعا طويلا وهو يقتصر في طعامه على الصمون أو الفلافل كلما جاع فقط ولا يأكل سواها ويتردد خمس مرات على المسجد القريب فقط للصلاة .
إنقضى الأسبوع وعاود طلب مساعدة صاحب الفندق للإتصال بولده ففعل وكلّمه ولده العائد توّا من السفر هو وعائلته وتهللت أسارير الرجل ولكنه صمت وتغير لونه واصفرّ ، ودُهِشَ ، وبدأت دموعه تسيل على خدّيه مدرارا وسقط مغشيّا عليه وهرع الحاضرون لنجدته ورش الماء على وجهه وبعد أن أفاق وارتاح كما بدا لهم ,سألوه عما حصل فلم يّجب لكنه بكى .بكاءً مرّاً وبدأ بالنحيب نحيبا تنفطر له الأفئدة فغنيّ عن القول أن رؤية رجل كبير بالسن وهو يبكي بصوت مسموع أمر تنفطر له الأفئدة لا محال.
وعندما ألحّ عليه قسيمه لغرفة الفندق قال :أتدري ماذا قال لي ولدي الذي لم أره منذ سنين وحضرت بعد أن طويت المسافات الطويلة اشتياقا وحاجةً؟
ماذا؟
قال لي ها..يا أبي هل جئت كما يجيء الآخرون تستجدي ؟ مو عيب؟ جاي تستعطي؟أشوف ترجع أشرف! يا أبي عيب!عيب!
وبدأ نحيب الكيتار كما يقول لوركاشاعر إسبانيا
وخرج الحاضرون إلى باحة الفندق لمشاهدة برامج التلفزيون وهم مطرقون لا يحدّث أحدهم الآخر،حينها ظهر على شاشة التلفزيون في مقابلة مع العراقيين المقيمين في الخارج شخص يتكلم ويقول : يا أخوان إن المقيمين في الخارج ليسوا أثرياء ..لا تلحّوا على أقربائكم كثيرا فهم لديهم احتياجاتهم أيضا.. عيب..! بين الحين والآخر تسألونهم المساعدة؟عيب!
فعلّقَ أحدهم ساخرا: لو يرسلون فضلات فطورهم إلينا فقط لكان عونا وسدّا لبعض حاجاتنا!
وبدأ نحيب الكيتار
وما زلنا نسمع نحيب الكيتار الذي لم ينقطع
والحصار المتنوع الذي لم يتوقف!



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة إلى سد الموصل
- فنطازيا ..تعاويذ ألكترونيّة
- ذكريات وأسرار من المستقبل
- فنطازيا قاري مقام
- فنطازيا التنمية الإنفجاريّة
- أفكار فنطازيّة
- فستُبصِر ويُبصِرون(في تقسيم العراق!)
- بحور بلا حدود
- قضايا المرأة وغسل العار
- محمود عبد الوهاب
- صمتْ
- الأساتذة فيصل عودة ورفقاؤه من أعيان المعلمين عيد المعلم


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - فنطازيا نحيب الكيتار