أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شمخي جبر - المثقف دون طوق نجاة














المزيد.....

المثقف دون طوق نجاة


شمخي جبر

الحوار المتمدن-العدد: 2127 - 2007 / 12 / 12 - 09:03
المحور: الادب والفن
    


سار الحلاج بالقلب والى القلب،وخلع عذار العقل فاصبح في مقام البوح والافشاء(الشطح)،بل على حافاته الاخيرة،اذ لم يجد حين حاصره (الوارد)... (شربت من مائه بغير فمي) وعاء يتسع لما صب فيه (سقوني وقالوا لاتغني...........) حتى صرخ وهو يعدو في الطرقات(اغيثوني من الله) او قوله (هذا دلال لااطيقه) والدلال الذي لم يجد طاقة له هو جمرة اشتعلت في القلب فخرج لهيبها على اللسان فكانت نفثات القلب (شطحاته) حتى انه كان يدعو الناس الى قتله(اقتلوني تؤجرون)... اقتلوني ياثقاتي ان في قتلي حياتي.كان مخاطرا مغامرا انتحاريا من الطراز الاول.. (الحب مادام مكتوما على خطر وغاية الامن ان تدنو من الخطر).. (الا ابلغ احبائي باني ركبت البحر وانكسر السفين) مفشي الاسرار هذا لابد ان يلقى مايستحقه:(من اطلعوه على سر فباح به لم يطلعوه على الاسرار ماعاشا) (بالسر ان باحوا تباح دماؤهم وكذا دماء البائحين تباح)ولابد من شرط الحرية لطرح ماهو جديد،وليس بالضرورة ان يكون هذا الجديد مأمولا او منتظرا، بل هو ابن الحرية وصانعها ومتدرع بها لاختراق المألوف وتجاوز حالة العجز.
عقد الخلائقُ في الإله عقائدا وأنا اعتقدتُ جميعَ ما اعتقدوه
وقد يكون هذا التجاوز في الكثير من الاحيان جائرا فيلقى مايلقاه كل من يحاول التجاوز،والخروج من حالة القصوروالمألوف التقليدي الى منطقة غير مأهولة،والتحرر من شروط الواقع يعني الخروج الى منطقة اخرى، بلا شروط، ولكنها ملغومة بالمخاطر وموبوءة بقطاع الطرق. والرحلة من الشريعة الى الحقيقة،رحلة بلا قانون ولاقيد،لانها لم تكن على سفينة الشريعة بل كانت على امواج الذوق وخفق القلوب،ولايخوض هذه التجربة الا من امتلك مفاتيح حرية الروح (مالي وللناس يلحونني سفها ديني لنفسي ودين الناس للناس).هو الرائي الوحيد(قلوب العاشقين لها عيون ترى مالايراه الناظرونا) وهو المطلع على كل الاسرار (فأورثنا الشراب علوم غيب تشف على علو الاقدمينا)وهذه العلوم لم تأت او تستجلب بالعقل المحجوب المعطوب بعلوم الاولين بل بالقلب، لان الحلاج يرى (من رامه بالعقل مسترشدا اسرحه في حيرة يلهو).ولنا ان تتساءل،هل كان الحلاج خائنا؟ اذ افشى اسرار اهل الطريق (من اطلعوه على سر فباح به لم يطلعوه على الاسرار ماعاشا) ولكنه يدعي انهم السبب لانهم اطلعوه على مالايمكن احتماله (سقوني وقالوا لاتغني ولو سقوا جبال حنين ماسقيت لغنت)ولكن نجد من يقول ان موت الحلاج هو ثمرة خيانته(شطحاته)، موته في معركة غير متكافئة يعني الانتحار.اذ تكمن خيانة الحلاج في تخليه عن طوق النجاة الذي كان يرمى له بين الحين والآخر، ولكن حتى طوق النجاة هذا كان خيانة بحد ذاته، فهو يعني تخليه عن دور الرائد والمنور وصاحب مشروع المواجهة.وقد قال الشاعر الهندي ميرزا أسد الله غالب (1797-1869) (السر الكامن في القلب - لن يكون موعظة جوفاء! قد تُفصح عنه على المشنقة؛ أما على المنبر، فلا). وأن يدفع حياته ثمناً لأعلى تجربة وهي الاتصال بالحقيقة،(تهدى الاضاحي واهدي مهجتي ودمي) ولكن ماذنبه ولسان حاله يقول(لااريكم الا ماأرى) فيهرب الحلاج من العوام ومن اهل الظاهر، او اهل الرسوم (اني لاكتم من علمي جواهره كي لايرى العلم ذو جهل فيفتتنا). وهو هنا يجاري المقولة المنسوبة للامام على:(يارب جوهر علم، لو ابوح به لقيل: انك ممن يعبد الوثنا ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون اقبح مايأتونه حسنا) اذن هو علم الخواص ليس للعامة حظ منه، بل كان يخفى حتى عن بعض اهل العلم،فحتى رجال الدين كانوا بعيدين عن هذا العلم،لانهم يعجزون عن التحليق الى الذرى الفكرية، كما يقول محمد اقبال بسخرية، لأن كلاً منهم يجثم "كقارون على المعاجم العربية"، أي أنه لا يستطيع التحليق بسبب عبء معارفه اللغوية الفقهية، بل يُضغط ميتاً تحت الغبار، كما غرق قارون تحت عبء كنوزه. وحق ان يقال (من تجلبب بالعبارة لايدري ماالاشارة،الا بالقدر الذي تتعرض فيه بضاعته للبوار والكساد) وهذا مايستفزه ويستنهضه.
وليست هي المرة الاولى التي يقفون فيها مع السياف ونطعه،بل سبقتها وقائع كثيرة ليس آخرها (نحر خالد بن عبد الله القسري الجعد بن درهم تحت المنبر، بسبب قولة كلامية يوم عيد الاضحى بعد ان قال لمن حوله من المصلين بعد صلاة العيد: (انصرفوا تقبل الله منا ومنكم،فاني اريد ان اضحي اليوم بالجعد بن درهم).وفي الختام نقول،اذا كان الحسين،سبق سميه بالقول (ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى) حين اجتمعت الامة على قتله وهي التي (لاتجتمع على باطل)، وقال صاحبه، وهو في طريق الوصول (اني أخير نفسي بين الجنة والنار) اقول هل يوجد احرار يمتلكون مفاتيح حرية الروح، فيقولون لها: اذهبي (راضية مرضية) او يقولون(ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى). والحلاج الذي استجاب لامنية (تمنت سليمى ان نموت بحبها واسهل شيء عندها ماتمنت) فعانق الحرية التي هي حقيقته الاولى والاخيرة.
ولكن هل يمكن ان يكون هناك مثقف بهذه المواصفات؟اقصد مواصفات الحلاج داخل حدود العقلانية المستبدة بعقولنا،هل تسمح لنا عقلانيتنا بالتكامل ام نتحول امامها الى مشعوذين؟ وجد في عصرنا من كان مشروعا حلاجيا، فتعقب خطاه نحو المصير نفسه (حسين مروة، مهدي عامل، فرج فودة) ذبحوا بالسيف والنطع ذواتهم.ولكن كيف هي حال المثقف العراقي؟ المثقف الحقيقي، المثقف النقدي، هو الذي لسان حاله يقول(الجمرة فوق لساني وعلى رأسي يقف السياف).



#شمخي_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيدرالية ليست حلا
- الإعلام و الأفكار المستحدثة
- الشعبية والشعبوية بين التضليل وافساد الاذواق
- عقدة الخوف
- دور الثقافة والمثقف في التغيير الاجتماعي والسياسي
- الكتاب الشهري والمطبوع الأول للحوار المتمدن: افاق النهوض بال ...
- مواطنون من الدرجة الثانية
- أحجار في طريق الديمقراطية
- المواطنة خط شروع واحدة نحو الحقوق والواجبات
- امرأة اسمها دعاء
- جذور الحرب الأهلية ... لبنان،قبرص،الصومال، البوسنة
- تغريبة بني عراق
- الفساد الإداري: المفهوم والآثار وآليات المكافحه
- مقارنة للأنظمة الداخلية لعدد من البرلمانات العربية وجزاءات غ ...
- الانتهاكات التي تتعرض لها السلطة الرابعة
- حرية الفكر والتسامح في الإسلام
- مؤشرات الرسوخ والخلل في العملية الديمقراطية
- المحكمة الاتحادية العليا في العراق
- الاحتفاء بالتجديد:تاسيس للحاضر واستعداد للمستقبل
- ذبح الديمقراطية قربانا لدولة الإكراه


المزيد.....




- Admhec “القبول بالجامعات” معدلات القبول الموحد في الجامعات ا ...
- انطلاق الدورة الـ77 لمهرجان -لوكارنو- السينمائي الدولي في سو ...
- البحر الأحمر السينمائي يعلن عن فتح الانتساب لدورته الرابعة 2 ...
- -أوروبا-: رؤية سينمائية تنتقد وحدة أوروبية مفترضة
- نجم شهير يتعرض لموجة غضب كبيرة بسبب انسحابه فجأة من فيلم عن ...
- تونس: الحكم بالسجن أربع سنوات على مغني الراب -كادوريم- وحرما ...
- 60 فنانا يقودون حملة ضد مهرجان موسيقي اوروبي لتعاونه مع الاح ...
- احتلال فلسطين بمنظور -الزمن الطويل-.. عدنان منصر: صمود المقا ...
- ما سبب إدمان البعض مشاهدة أفلام الرعب والإثارة؟.. ومن هم الم ...
- بعد 7 سنوات من عرض الجزء الأخير.. -فضائي- يعود بفيلم -رومولو ...


المزيد.....

- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس
- رسالةإ لى امرأة / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شمخي جبر - المثقف دون طوق نجاة