أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - سر الحكاية














المزيد.....


سر الحكاية


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 2126 - 2007 / 12 / 11 - 08:29
المحور: الادب والفن
    


خيمة منصوبة وسط صحراء ودخان يُعانق عنان السماء.بباب الخيمة امرأة تلتحف سوادا..ترمي ببصرها يمينا وشمالا في بحث عن شئ ضائع.تُعيد البصر حيث الإبل تنعم في مراتعها،نظراتها الباحثة هنا وهناك مافتئت ترسلها للبعيد.تُطل شابة في مقتبل عمرها من الخباء تُقاسم المرأة نفس الملامح البدوية،تقترب منها أكثر فأكثر تسأل..تلح في السؤال:
-مابك..،مايقلقك..،عماذا تبحثين هنا وهناك..؟
يبدو من سؤالها أنها تجهل سر حكاية المرأة التي تُقاسمها الملامح ذاتها.تلتفت المرأة الملتحفة سوادا بصمت نحو وابل اسئلة الشابة،ثم تتجه بنظراتها نحو مبارك الإبل..تتفقدها،هل راحت كلها لمباركها ..؟
بعد ان تطمئن،تمرر يدها على سنم إحدى النوق النجيبات،لكن الشابة مازالت تُلاحقها بالسؤال أملا منها برد يشفي فضولها..دون جدوى،بدل الرد طلبت منها ان توقد الموقد فالمساء بارد في ليالي الشتاء الطوال،تبدأ في جمع كومة الحطب لإشعال الموقد،تجلب القدر،تضعه على النار وتجلس تستدفئ بدفئها،مدندنة بصوت شجي النغمات.فليل الصحراء بارد وطويل.وحيدة هي مع امرأة تعشق الصمت.بدأت في تكسير بعض قطع الحطب فكلما خمدت النار أطعمتها كي يزداد لهيبها.من عادة هذه المرأة الملتحفة ان تهدي من ضل الطريق ليلا،بقبس من نار.حفيدة حاتم هي في هذا الربع الخالي،تقضي الليل الطويل في إشعال الشُهب علّها تكون منارا في ظلمات الصحراء للتائهين،بل أكثر من هذا تُهيئ الطعام وتقدم أقداح لبن النوق للمارين من هنا دون تذمر. بعد ان وهبت نفسها لهذا الفضاء الغامض والجميل معا.قررت العيش هنا،بعيدا عن صخب المدن وذكراها الحزينة..ذكرى الوجع والغياب.
تنظر لها الشابة بإعجاب ثم تُعيد ماسبق ان نهتها عنه. يبدو ان الشابة القادمة من صخب المدن والعاشقة لسر الصحراء لاتمل من تكرار السؤال على مسامع المرأة الملتحفة سوادا:
-مابك..بيتك بالمدينة ينتظرك، أحبابك،جيرانك..لماذا ترفضين العودة..؟
اماان لك ان تخبريني ..؟مايمنعك من العودة..؟
لكن المرأة الملتحفة،تأبى البوح وتعشق صمت الصحراء المهيب،تشعر بالدفء بين أحضان الربع الخالي الجميل..تشم رائحة الدخان عند موقد النار مساء وتشم رائحة الثرى المبلل بالندى صباحا.تنصت كل مساء لرغاء الإبل القادمة من المراتع،رغاء يؤنس وحدتها الطويلة بعد مرارة الغياب.تلتفت نحو الشابة مبتسمة لها بدفء-هذه الشابة تقضي دوما إجازتها في ربوع الصحراء بحثا عن المجهول،بحثا عن الغائب في عيني هذه المرأة التي أصبحت لاتعرف من الألوان الا لون لحافها الأسود-لتحكي لها والحكاية تطول.
تحكي لها عن أسرار الصحراء الغامضة،عن عشقها الأبدي لهذه الأرض ولرائحة الثرى المبتل،تحكي عن صبر وتحمل الإبل..تحكي عن ابتسامة الشمس المنكسرة صباحا على كثبان الرمال الدافئة، تحكي عن عناق الشمس ألحميمي للبحر أثناء غروبها..تحكي عن ليال الصحراء المقمرة حيث دفء الكلمة الشعرية والنغم الشجي… تنصت لها الشابة في ذهول وتسأل من جديد:
-كل هذا الحب الكبير والعشق للصحراء..؟ ! تتابع ألحكي بشغف امرأة مفتونة بالمجهول:
- في الصحراء ياصغيرتي يُمكنك الصعود بحرية لقمة الجبل،يُمكنك الصراخ بأعلى صوتك حيث يتردد صدى الصوت دون خوف من جدران لها أذان..الصحراء يا صغيرتي تعلمك الصبر والشموخ،تعلمك تحدي الصعاب.في الصحراء تفترشين الأرض وتغطيك السماء،هنا ياصغيرتي تعلمت ان أنصت لصوت الرياح تهز أوتاد الخيام من جذورها.والمطر المتهاطل على خيام الوبر كعزف موسيقي.هذا الربع الخالي الممتد ياصغيرتي علمني ان أفكر بصوت عال،علمني ان الصحراء مهما قست، فحضنها دافئ حين تلفظنا أحضان الآخرين.تنصت الشابة بإعجاب وذهول دون مقاطعة علّها تكمل لها الحكاية..
قضت ليلها تحكي وتحكي عن..وعن..الاّ عن نفسها تأبى البوح وتعشق الصمت كلما طرقت الشابة باب السؤال تمنحها بسمة أمل بحب هذا الربع الخالي..

البتول المحجوب لمديميغ-طنطان



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكوخو
- السبحة
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل
- الثامن عشر من ايار
- محطة القطار
- الطيور المهاجرة
- المسافات
- الهاتف
- انتظار
- طنطان:مدينة الوجع
- رحيل امرأة
- سيجارة اخيرة
- مرثية رجل


المزيد.....




- السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني ...
- مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع ...
- -طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري ...
- القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
- فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف ...
- خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - سر الحكاية