|
هل يتعظ قادة فصائل العملية السياسية بمصير اقطاب معاهدة بوتسموث
سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 2120 - 2007 / 12 / 5 - 11:51
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تمر في هذه الايام ذكرى انتفاضة كانون المجيدة، حيث طار الى الميناء الشهير في بريطانيا بورتسموث في اواسط تشرين الثاني من عام 1948 صالح جبر رئيس وزراء العراق وهو من ادوات الدرجة الثانية بعد نوري السعيد، ليوقع على اتفاقية سميت باسم " معاهدة بورتسموث" تيمنا، لتحل محل معاهدة 1930 الاسترقاقية التي شارف امدها على الانتهاء. بهدف تمكين الامبريالية البريطانية ليس فقط من ادامة هيمنتها على العراق وثرواته وافقارها لشعبه وتركه فريسة للجهل والمرض كما كانت تؤكده المنظمات الدولية، وانما لتوسيعها وتحويله الى قاعدة عسكرية كبيرة لمواجهة الاتحاد السوفيتي ومنطلقا لقمع حركات التحرر الوطني العربية ايضا. تماما كما تفعل اليوم الادارة الامريكية وادواتها من الدرجة الاولى والثانية رغم اختلاف الظروف . فالاتفاقية الجديدة التي وضع لها عدة مسميات "وثيقة عهد"، "وثيقة مباديء"، والخ.. وارفقت بتعليق غير ملزمة ، ولا تحتاج لمصادقة البرلمان، وانها مجرد مقدمة لاتفاقية دائمة تضع الاسس لعلاقات دائمة بين بلدين ذاتي السيادة!! والاتفاقية ستحرر العراق من المادة السابعة لميثاق الامم المتحدة التي تفرض وصاية الامم المتحدة عليه. تلك الاتفاقية التي في ظلها تم احتلال العراق عن طريق الحرب، و مباركة مجلس الامن للتمديد السنوي لاستمرار الاحتلال. والشرط الوحيد الذي طالب به بوش من رئيس الوزراء للتوقيع على الوثيقة : ان يتم طلب التمديد الاخير من البرلمان بدون أي تأخير!! كل ذلك ليضع بيد قادة الفصائل السياسية التابعة ولاعضائها في البرلمان المبررات للموافقة على التمديد الاخير، بعد ان فرضت القوى الوطنية ضرورة موافقة البرلمان على طلب التمديد وادانة طلب التمديد من قبل الحكومة اوتوماتيكيا، ولاسيما بعد فشلها في تمرير العديد من القوانين وفي مقدمتها قانون النفط في البرلمان . ولذلك ارسلت افضع جلاديها العالميين نغروبونتي الى بغداد للاشراف على تنفيذ هذه المهمة بكل السبل بما فيها الهمجية التي مارسها في امريكا اللاتينية والمهينة التي بدأ باستخدامها . مثل رفضه، على الملأ تسليم المحكومين بالاعدام الى الحكومة الا بعد تمريرها للقوانين المطلوبة وفي مقدمتها قانون النفط وعودة تلاميذه من قوات امن صدام الى مواقعهم. فلم يوجه اهانته للحكومة فقط بل وللسلطة القضائية وكشف مدى خنوع جميع القوى السياسية المنضوية بالعملية السياسية فلم يعترض او يحتج أي منهم على هذه الاهانة وهذا التدخل الفظ . ان التمديد الاخير لبقاء قوات الاحتلال، يشكل حبل النجاة للادارة الامريكية الجمهورية، وهي في السنة الاخيرة من حكمها بعد كل ما منيت به من خسائر وتضحيات على الصعيد الوطني والعالمي . فطلب التمديد لقواتها ومن قبل البرلمان العراقي يعزز مواقعها على الصعيد الوطني والعالمي. فضلا عن ان الخطوط العريضة التي وضعتها للاتفاقية الدائمة تشمل جميع الاهداف الاستراتيجية للاحتلال ، ودفعت اقطاب فصائل العملية السياسية للتباري في مدحها وتوسيعها . فطار عبد العزيز الحكيم وهو قائد اكبر فصيل سياسي في الحكم الى واشنطن لقبض ثمن توقيع رئيس الوزراء وهو من اتباع ائتلافه، بضمان كرسي رئاسة الوزراء لائتلافه بعد تهافت العديد من اقطاب العمليةالسياسية عليه. والاتفاق على تقاسم النفوذ مع ايران في العراق. وامتدح ائتلاف الاحزاب الكردية الوثيقة بل وتطوع بتقديم اربع قواعد عسكرية دائمة لقوات الاحتلال لكي تحمي الاكراد من عدوان الدول المجاورة وتحسن اقتصادهم . وتفوق الهاشمي في مدح الوثيقة وطالب بتوسيع مجالات الهيمنة الامريكية واكدت جبهة التوافق بان الاتفاقية جاءت استجابة لحاجة ماسة ونتيجة عدم تكافؤ القوى العسكرية بين البلدين ولحماية العراق من أي تهديد خارجي !!. وادلى كل الاقطاب بدلوهم في اهمية التحرر من البند السابع والوصاية الدولية مع تستير استبدالها بالوصاية الامريكية وهيمنتها الدائمة. وحاول بعضهم التهرب من التعليق على الوثيقة ، فكان نغروبونتي لهم بالمرصاد. فعلى الجميع تقديم ثمن الكراسي والامتيازات لقاء التفريط بمصالح الشعب والوطن. وعليهم الايفاء بالوعود والعهود التي قطعوها على انفسهم بتنفيذ جميع مخططات قوات الاحتلال. فحاول اخرهم تبرير التوقيع على طلب التمديد بانه الاخير!! وجاء بعد التمديدات الاوتوماتيكية السابقة !! دون ان يبرر عدم اعتراضه على كل تلك التمديدات الاوتوماتيكية اثناء مساهمته في مجلس الحكم ومن ثم بالوزارة والبرلمان . ومن ثم تبرير موافقته على التمديد الاخير لاقترانه بتخليص العراق من البند السابع، والتستير عما تضمنته الوثيقة من تثبيت وادامة للوصايا الامريكية . واستمر في تضليل الشعب بامكانية عقد اي اتفاقية او معاهدة يمكن ان تقوم على اساس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشأن الداخلي واحترام المؤسسات التمثيلية والدستور واستقلال وسيادة كل طرف وحقه في اختيار شكل نظامه الاقتصادي الاجتماعي ، في ظل الاحتلال وتحت حرابه وجلاديه. وايغالا في سياسته المثبطة لعزائم الجماهير وثقتها بنفسها، رهن المفاوضات المقبلة بقوة الموقف التفاوضي ومدى نجاح الحكومة في تهيئة مستلزمات اجماع وطني تستند اليه دون الاشارة الى دور الجماهير الشعبية وتنظيم وتطوير مقاومتها لكل هذه المشاريع المرسومة لادامة احتلال بلدنا واستعباد شعبنا. ان شعبنا لا ينسى تجارب كفاحه، ومنها انتفاضة كانون 1948، التي لم تكتف بقبر معاهدة بورتسموث، ولم ينسى حتى اهازيجها " نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانة" بل ومصير كل اقطاب العهد الملكي في ثورة 14/تموز التي كانت انتفاضة كانون تمرينها الاول. ويمارس شعبنا اليوم رغم كل تعقد الظروف وصعوباتها تمارينه الثورية في مقاومة الاحتلال وكل مخططاته وقوانينه واتفاقياته ومواثيقه، ومقاومة كل ادواته وسيطورها وفقا لمتطلبات العصر وبما يضمن تحرره الكامل من الاحتلال وكل ادواته . فهل يتعض قادة واقطاب العملية السياسية اداة الامبريالية الامريكية للهيمنة على وطننا واستعباد شعبنا، بمصير اقطاب معاهدة بورتسموث وهم يوقعون على معاهدات واتفاقيات ومواثيق افضع منها؟؟
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار المتمدن في طليعة الكفاح الفكري المعاصر من اجل تحرير ش
...
-
لا يخفف انابوليس من ادانة البشرية لجرائم الادارة الامريكية ف
...
-
تحرير المرأة من العنف ، رهن بتحرير البشرية من علاقات الانتاج
...
-
lمستلزمات كفاحنا الوطني بين الامس واليوم،اسس الكفاح الفكري،
...
-
مستلزمات كفاحنا الوطني بين الامس واليوم 3-الكفاح الفكري
-
مستلزمات كفاحنا الوطني بين الامس واليوم الجماهير داينموالكفا
...
-
مستلزمات كفاحنا الوطني بين الامس واليوم 2- الكفاح الاقتصادي
-
مستلزمات كفاحنا الوطني الثلاث بين الامس واليوم
-
- مستلزمات كفاحنا الوطني - بين الامس واليوم
-
وحدة نضال الشعب العراقي بعربه وكرده ضد الاحتلال ضرورة قصوى ل
...
-
ستبقى ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى تهدي البشرية وتعزز ثقتها
...
-
سيبقى العراق المحتل ساحة لتصفية خلافات الامبريالية الامريكية
...
-
رحلت الدكتورة نزيهة الدليمي وستبقى تحيا بتجاربها الرائدة لقر
...
-
من اجل صحوة وطنية لتصعيد مقاومةالاحتلال وادواته لتفتيت العرا
...
-
التصويت السري في البرلمان والاقرار العلني في كردستان مخططات
...
-
تزاحم قوانين احكام احتلال العراق ضرورة لاستعادة موقع القطب ا
...
-
قانون غير ملزم لتقسيم العراق يدين الادارة الامريكية بجريمة ت
...
-
ليكن22/9/2007يوم اعتصام العراقيين في جميع انحاء العالم تعبير
...
-
تصاعد المقاومة الشعبية لقانون النفط يفقد الاحتلال وادوته توا
...
-
الاحتلال والنظام العشائري في العراق
المزيد.....
-
-المعادن النادرة مقابل المساعدات العسكرية-.. ترامب يكشف ملام
...
-
الاتحاد الأوروبي يستعد للمواجهة بعد تأكيد ترامب فرض رسوم جمر
...
-
ترامب يطالب أوروبا بزيادة المساعدة لأوكرانيا
-
-بوليتيكو-: قلق كبير يعيشه نظام كييف إزاء تقارب المواقف الرو
...
-
السعودية واليابان توقعان مذكرتي تفاهم حول إنشاء مجلس الشراكة
...
-
-رويترز-: الولايات المتحدة تستأنف ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا
-
-Senego-: فرنسا تبدأ في سحب قواتها من السنغال
-
الرئيس الجزائري يندّد بـ-مناخ ضار- في العلاقات مع باريس
-
عشية زيارته إلى تركيا... الشرع يؤكد أن تنظيم انتخابات في سور
...
-
النائب الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي جو ويلسون يدعو إلى ق
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|