|
اعلان النوايا...فرصة للجدل
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 2118 - 2007 / 12 / 3 - 09:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وقع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس الامريكي جورج بوش اعلانا للنوايا يرسم الخطوط الاولية التي سوف يتجه نحوها الحوار بين الطرفين لتنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، ووضع هذا الاعلان سقفا زمنيا للحوار بين الطرفين هو نهاية تموز 2008 حيث ستكون الفترة الرئاسية لجورج بوش قد دخلت مدارها الاخير . كان من المتوقع ان تتجه العلاقة العراقية الامريكية للوقوف على اسس صلبة تتمثل في اتفاقية او اتفاقيات طويلة الامد تضفي شرعية عراقية على وجود قوات وقواعد امريكية مقابل حصول العراق على تطمينات أمنية ومساعدة سياسية وعسكرية واقتصادية مؤكدة وعلى المدى البعيد تعين الدولة العراقية في الوقوف على قدميها بعد كل ما اصابها من دمار. ومن المتوقع ايضا ان تثار اكثر من اشكالية في وجه التوصل الى اتفاقية بين الدولتين لكن معظم تلك الاشكاليات هي اعتراضات شكلية سيحاول كل طرف من الاطراف العراقية ان يعلن للرأي العام حرصه على ما سيسميه (استقلال وثروة العراق) لكن الاطراف المختلفة ستبعث برسائل تطمين عبر وسائل ووساطات مختلفة الى الادارة الامريكية تطمئنها بانها في النهاية ستؤيد تلك الاتفاقية لكنها ( الاطراف العراقية) تريد ايضا ضمان مصالحها وأهدافها على المدى البعيد وسيبدو كل طرف عراقي حريصا على انجاز اتفاقية ثانوية مع الولايات المتحدة تحقق طموحاته وتطمئن قادته على استمرار دورهم السياسي، وعليه سيسعى الجميع للحصول على حصتهم من الاتفاقية لكنهم في نفس الوقت سيوجهون سهام النقد الى رئيس الوزراء وللحكومة بسبب السعي الى انجاز تلك الاتفاقية ( وهو دوره ومهمته وفقا للدستور)، وكالعادة يريد الجميع محاولة الابقاء على ايديهم بعيدا عن الصورة، ورغم ان المباحثات العراقية الامريكية ستأخذ وقتها وسيشارك الجميع في اجرائها لكن الاتفاقية ستمر في نفق المماطلات العادية التي تسيطر على التعاطي السياسي العراقي. من الطبيعي ان تكون هناك اعتراضات وجدل، فالقضية في غاية الاهمية لذلك لا بد من النظر اليها في سياقها الستراتيجي ومن وجهة نظر مصالح الدولة بأكملها وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن ان يكون فيها المفاوض العراقي قويا، اما النظرة الضيقة والمصالح المحدودة فهي ما ستؤدي حتما الى التفريط بحقوق العراق واضعافه في المحصلة النهائية. هناك من القوى السياسية من سترفض فعلا ومن وجهة نظر مبدئية التوصل الى اتفاقية تشرع الوجود العسكري الامريكي طويل الامد ولعل في مقدمة هذه القوى سيكون التيار الصدري، وهذه القوى بحاجة للنظر بواقعية الى ان المنطقة (الشرق الاوسط) برمتها تتجه لتكون منطقة نفوذ امريكية وان العراق محاط بدول تتواجد فيها القواعد العسكرية الامريكية فعلا، وان من الاجدى للعراقيين عدم الدخول في صراع ستراتيجي لا يملكون ادوات حسمه لصالحهم، بل ان بامكان العراقيين الحصول عبر هذه الاتفاقية على كثير من المنافع لعل في مقدمتها وجود ضمان دولي يحمي المؤسسة السياسية العراقية من فوضى الانقلابات كما يوفر الدعم الاقتصادي للدولة العراقية ويضع حدا لتدخل الآخرين، وعلى من يرفض هذا النمط من العلاقة ان يقترح البديل متجنبا حالة الصدام والمواجهة التي لايملك العراقيون الآن ولا في المستقبل المنظور ادواتها، ويعلم العراقيون ان هناك اكثر من طرف اقليمي يريد من العراقيين ان يقوموا بالنيابة عنه بمواجهة الامريكان، ومنهم اولئك الذين تحتضن بلدانهم قواعد امريكية منذ عقود، ليس حبا بشعارات الاستقلال بل خوفا من تحول ميزان القوى في المنطقة لغير صالحهم بما يهدد استمرارهم في السلطة. لقد اوضح اعلان النوايا ان في مقدمة اهداف الحكومة العراقية هو تحرير العراق من البند السابع وللعودة بالعراق الى ميدان السياسة الدولية بشكل طبيعي، ولعل اهم ما يسعى اليه الطرف العراق هو الحصول على تأكيد بعدم التعامل امريكيا مع اي توجهات انقلابية او اي ممارسات تخل بالدستور العراقي، هذا فضلا عن الضمانات الاقتصادية. بإمكان العراقيين انجاز مفاوضات جيدة مع الطرف الامريكي للتوصل الى اتفاقية امنية يستفيد منها العراقيون والامريكان على السواء دون فتح المجال امام امام التدخل الاجنبي في الشؤون العراقية، وهذا ما انجزته كثير من الدول الغربية التي توصف بعضها بالعظمى او المتقدمة في ظل تهديدات الحرب الباردة، وهو ما توصلت اليه ايضا دول صناعية مثل اليابان والمانيا عندما وقعت تحت الاحتلال، فرغم كل شيء سيكون الطرف الامريكي واضحا فيما يريده لكن من المتوقع لا يكون بعض الساسة العراقيين كذلك، وعلى الذين يرون في الحوار العراقي الامريكي فرصة للجدل والثأر والاتهام والتشويه ان يؤجلوا معاركهم الصغيرة بعض الوقت او على الاقل ان يجدوا لها سياقا غير هذا الحوار.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المناعة ضد الديمقراطية
-
دور الأمم المتحدة في العراق
-
العسكر والسياسة
-
وقت الحسم السياسي
-
مواجهات دولية في العراق
-
معادلات السياسة والأمن
-
النزاهة في الجدل السياسي
-
الباب العالي وصدره الأعظم
-
الهجوم الدبلوماسي
-
مطالب أنقرة
-
ازمة متعددة الوجوه
-
هاجس الزمن
-
الخطر العراقي
-
الاتفاق الشيعي...هدنة أم رؤية؟
-
تسييس الأمن
-
قرار التشويش الخشن
-
الهاشمي على باب السستاني
-
أسس الاتفاقات القادمة
-
الطريقة الفرنسية
-
ظاهرة القاعدة
المزيد.....
-
نتنياهو يبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة خلال زيارته إلى أم
...
-
السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق
...
-
هيغسيث: -داعش- تكبدت خسائر جراء الضربة الأمريكية في الصومال
...
-
قلق في إسرائيل بسبب منصب رئيس وفد المفاوضات مع حماس
-
وزير الخارجية المصري: لن تنعم المنطقة بالسلام ما لم تقم دولة
...
-
تقدم روسي.. وترمب يصر على الحل بأوكرانيا
-
لقطات جوية من مكان تحطم طائرة طبية في مدينة فيلادلفيا الأمري
...
-
بولندا.. مرشح المعارضة للرئاسة يتعهد بإعادة 20 مليون بولندي
...
-
ويتكوف ونتنياهو يتفقان على بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف
...
-
الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية ارتكبت جريمة حرب جديدة بقص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|