جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 2118 - 2007 / 12 / 3 - 10:34
المحور:
كتابات ساخرة
أكثر ما يحِّير أم علي هذه الأيام هو حفاوة الأحزاب و التنظيمات السياسية المعارضة ـ في البلدان العربية تحديداً ـ بالتبجيل الذي تضفيه عليها أنظمة الحكم التي تنتابها عند كل زاوية دوران، نوبة من الكرم الأبوي السخي.. وهيجان سلطوي عاطفي يتسبب به فائض في ميزان الوطنية.! والوطنية وفق أيديولوجيات هذه الأحزاب والتنظيمات مسألة لا مزاح فيها فهي من المسائل بالغة الحساسية والرقة وهي لذلك ترقص طرباً وتصطهج شرفاً لنعت الأنظمة الحاكمة لها بالمعارضة الوطنية الشريفة..!
أم علي، ومن باب خبرتها بالشرف والشرفاء.. والكرم والكرماء، تعرف المرامي الذكية التي تكمن وراء هذه السيمفونية التي تسّد الثغرات العقدية التي تسببها سماكة غشاء البكارة الأيديولوجية والدينية.! وهي لذلك لم تنتظر من هؤلاء ( الأوادم ) أن يرفضوا المنحة بدل أن يتغنوا بها.! ولم تطلب منهم أن يتقصّوا جدارة استحقاقهم هذا الشرف من الناس وحدهم.! ولا أن يتوقفوا عند حقيقة أن في الانحياز الصرف لقضية الحرية وحده يكمن الشرف كل الشرف.!
لكن، المحزن في الأمر بنظرها يكمن في أن كثيرين من قادة أولئك الشرفاء ( تزنزنوا ) في السجون الوطنية ( الشريفة ) سنين وسنين..! وبالرغم من ذلك، ولأنهم كما يبدوا ورثة أوفياء للموروث القيمي الذي تتجلى فيه السماحة الدينية ( إياها ) عند كل منعطف، فإنهم يقبلون برحابة صدر بمكرمات سجانيهم الوطنيين وهم يبدون كامل استعدادهم للصفح والمغفرة ونسيان الماضي طالما أن ذلك من شأنه تعزيز سياسات الممانعة وهي المقدمة اللازمة لدحر الإمبريالية العالمية وعلى رأسها أو في مؤخرتها الصهيونية اللعينة.! وبناءاً عليه، يكون من المنطقي أن يلتمّ الوطنيون الشرفاء حول بعضهم، وأن نجد ( شوربة ) من التحالفات العقيمة المجدبة التي لا تختلف عن المكتوب المعروف من عنوانه.!
وهي أيضاً تتساءل: كيف سيكون حال الحرية وهي مكمن الشرف الأصيل في كل زمان ومكان عند دعاة التغيير الديموقراطي وهم من المعارضين الوطنيين الشرفاء بأيديولوجياتهم ومرجعياتهم المناقضة بكلياتها وتفصيلاتها لمفهوم الحرية.!؟ وهي تتعجب كل العجب من أن هذا الإعجاز ( الحرية ) سيتم إن شاء الله بعون المرجعيات النظرية المقدسة شرعية كانت أم مهزومة في غير مكان من الأرض والتي يعتمدها المعارضون من حملة رتبة الوطنية الشريفة وخلافه.! وقد تعتبر ذلك مجرّد مزحة ديموقراطية أملتها الظروف الذاتية التي تعيشها هذه الأحزاب والمنظمات التغييرية ( العملاقة ) في مناخات العولمة التي يناهضونها شرّ مناهضة.!
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟