أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عدنان الظاهر - مدينة الحلة في الذاكرة (7) / مواكب عزاء عاشوراء














المزيد.....

مدينة الحلة في الذاكرة (7) / مواكب عزاء عاشوراء


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2118 - 2007 / 12 / 3 - 09:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عاصرتُ هذا التقليد لقرابة العقدين من الزمان ، وكان تقليداً راسخاً تفتخر الحلة وأهلوها به وتحتفل وتجدد طقوسه مرة ً كل عام ولمدة عشرة أيام من الشهر ( المحرَّ م ) الحرام . كان لكل منطقة من مناطق الحلة بجانبيها الكبير والصغير موكبها الخاص وقارئها الخاص ( الرادود ) وبعض التفاصيل الخاصة . كنا نسمّي المنطقة [ طَرَف ] . ففي الجانب ( الصوب ) الصغير ثلاثة أطراف هي الوردية والكلج وكريطعة . وفي الصوب الكبير : الجامعين والطاق وجبران والمهدية والجباويين والكراد والتعيس ... ولست متأكداً هل كان للهيتاويين { من هيت } طرف خاص بهم يحمل إسمهم أسوة ً بالجباويين { من قرية جُبّة } أم لا ؟! كانت تبدأ طلائع مسيرات هذه المواكب قريباً من الجسر الجديد شاقةً طريقها خلال أحد الشوارع الرئيسة في مدينة الحلة . ينتظم أقوياء الرجال والشباب وبعض الصبية في صفين يرتدون ملابس سودا ً لاطمين صدورهم المكشوفة حاملين مصابيح نفطية ( فوانيس ) أو ( برقيات ، جمع برقي / لوكسات ، مفردها لوكس ) وهو مصباح شديد الإضاءة يتوهج داخل فتيلة بيضاء اللون من الحرير الزجاجي المقاوم للحرارة . وكانت الحلة قاطبة ً تقريباً تصطف صفوفا ً صفوفاً على جانبي الشارع وخاصة النساء والأطفال لإعلان التضامن مع محبي الحسين وآل البيت الأمر الذي يزيد من حرارة وحمية اللاطمين صدورهم فتبكي النساء والرجال على حد سواء . تنتهي هذه المواكب في دار السيد ( جعفر القزويني / أبو موسى ) الواقعة في محلة الطاق بعد أن تخترق درابين ضيقة يتزاحم خلالها الجمهور لاطمين ومتضامنين . يقف في تلكم الدار أو يجلس على كرسي عالٍ قارئ أو رادود الطرف يقرأ المقاتل وملاحم معركة الطف في كربلاء ملتزماً بمخطط زمني ـ تأريخي دقيق يُخصص بموجبه لكل قتيل من آل الحسين بن علي بن أبي طالب سقط في كربلاء يوماً معيناً أو ليلة بعينها . فهذا يوم العباس وذاك يوم القاسم الذي كان ذا ميزة وطقس خاص فإنه [[ العريس ]] الذي لم تتم مراسم عرسه ربما على إبنة عمه الحسين فهو القاسم بن الحسن بن علي . تعج المواكب الحسينية في ليلة القاسم بأغصان شجرة الياس والحناء إحتفاءً بعرس القاسم الذي قص َّ الأعداء رأسه في كربلاء عام 61 للهجرة . أتذكر بعض (( ردّات النسوة )) في هذه المناسبة من قبيل : حو يا قاسم يا غنص يا زهوة الحربية // حطيتْ طاسة بطاسة عريس كصوا راسه // حو يا قاسم يا غنص ... كان اليوم العاشر مخصصاً للحسين شهيد طفوف كربلاء الأكبر وكان يوم حزن عميق في أوساط الحليين وغالبيتهم العظمى من الشيعة الجعفرية . وهو يوم كبير تجري طقوسه نهاراً خلافاً للقاعدة المتبعة ويسمى (( الطبُك / أي إنطباق أو جمع الأيام العشرة في يوم واحد هو مسك الختام )) .
سارت أمور وطقوس الأيام العشرة هذه دونما تغييرات جوهرية عداً واحداً يلفت النظر . شرعت المواكب الحسينية بإستخدام مولدات كهربائية خاصة بكل واحد منها لإضاءة طريقها بالأضواء القوية الساطعة المدلاة من حبالها على جانبي صفوف مجموعات اللطم فكانت الشوارع تعج بالضوء وأصداء أصوات ضرب الصدور العارية بالأكف القوية الفتية تضامناً وحزناً على شهداء الإسلام من عترة النبي وأبناء إبنته فاطمة الزهراء . قوة ضرب الصدور تتناسب مع شدة حب اللاطم للحسين وآله .
حادثة أخرى سياسية المغزى والهدف إذ حاولت مجموعة من أعضاء حزب نوري السعيد (( حزب الإتحاد الدستوري )) منافسة خصمهم السيد جعفر القزويني وكسر هيبته الدينية والسياسية فأقدمت على تنفيذ مغامرة هزيلة خرقاء فشلت فشلا ً ذريعاً ولم يكتب لها أي نجاح !! حاولت هذه المجموعة المسيسة وبعض أتباعها وهم قلة أن يسحبوا أهل الحلة وإقناعهم بممارسة بديل بدل ممارسة الطقوس المألوفة المعقدة ... أتخذت من حسينية ( إبن طاووس ) الواقعة في وسط الحلة على الشارع العريض العام المؤدي إلى باب المشهد ... إتخذت هذه الحسينية مقراً لقراءة الفاتحة مع بعض الردات الحسينية لكنَّ المحاولة لم تستمر وماتت في مهدها إذ قاطعتها جماهير الحليين بشكل منقطع النظير وكان في هذه المقاطعة أكثر من مغزى وعِبرة ، كان فيها الدين والسياسة معاً : مقاطعة حزب نوري السعيد وعموم سياساته المعروفة بولائها للمستعمر الإنجليزي يومذاك . لا أتذكر هل كان السيد جعفر القزويني موالياً أو عضواً في حزب السياسي الشيعي السيد صالح جبر (( حزب الأمة الإشتراكي )) المعارض ـ إفتراضاً ـ لنوري السعيد وحزبه الطنان الإسم ؟؟ لا أستبعد ذلك .
من طرائف ومفارقات عشرة عاشوراء : طلب أهل قرية الدولاب ( أو الديلاب ) وهي قرية غير بعيدة عن الحلة على نهر الفرات ... طلبوا أن يُخصص لهم مكان مع المواكب الحلية المعروفة لإستعراض ممثلي القرية من شبابهم وعلى راسهم قارئهم الخاص . إعترض القائمون على تنظيم وتسيير المواكب بأن َّ الدولاب قرية صغيرة وغير مستوفية للشروط . ثم إقترحوا على أهل الدولاب ـ حلاً للمشكل ـ أن ينظموا موكبهم الخاص ولكن ... أن يكون جزءاً من موكب محلة أو طَرَف كريطعة من جانب الحلة الصغير فالدولاب هناك على ذلك الجانب . قبل الدولابيون هذا العرض وإندمجوا في موكب أهل كريطعة ولكن : حينما وصلوا وسط مدينة الحلة صدحوا بأهزوجة أعدوها بشكل جيد فيه ذكاء كبير مع شئ من الإحتجاج العاتب وإقرار بقبول الأمر الواقع الذي فُرض عليهم . أخذزا بعالي اصواتهم يصدحون :
إنما الدولابُ فرعُ للوا
أينما سار اللوا فهو يسيرْ
... اللوا تعني اللواء ، لواء الحلة كما كانت الحلة تسمى وقتذاك .
في اليوم العاشر من شهر محرَّم الحرام [[ الطبك ]] تجهز المواكب والكثير من العوائل أكلة الهريسة في قدور نحاسية ( صفر ) ضخمة في البيوت والشوارع والساحات العامة والحسينيات فداءً للحسين وآله وقرباناً لدمه الطاهر الذي أُستبيح على تراب كربلاء أو كر وبلاء !!



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة الحلة في الذاكرة (6) / حمامات ومقاهي الحلة
- مدينة الحلة في الذاكرة (5) / مهن نسائية ورجالية
- مدينة الحلة في الذاكرة (4) / الوضع الثقافي
- صارم مضى ... شموس باقية ... حازم يأتي
- المتنبي وكرد الحلة
- صارم / شموس / حازم ... إلى السيدة دينا سليم ، راهبة بريزبن
- المدافعون عن قتلة العراقيين / يا ضباط العراق حاكموا العميل س ...
- ورابعهم المتنبي (2) / إلى وهيب وهبة... صاحب المجنون والبحر
- والمتنبي رابعهم (3) / إلى سامية وهبة ... سيدة اللقاء
- إلى مَن يهمه الأمرُ ...
- سياحات خيالية (5) / ليزا وسعاد
- صور غابت وذابت في الشموس
- يا طالباني ويا هاشمي ...
- سياحات خيالية (4) / سعاد في بغداد
- سياحات خيالية (3) / أميرة وسعاد
- سياحات خيالية (2) / الممرضة سعاد
- سياحات خيالية (1)
- قصص ألمانية سوريالية (6)
- قصص ألمانية سوريالية (5)
- ورابعهم المتنبي (1)


المزيد.....




- إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
- مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما ...
- سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا ...
- مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك ...
- خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض ...
- -إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا ...
- بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ ...
- وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
- إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عدنان الظاهر - مدينة الحلة في الذاكرة (7) / مواكب عزاء عاشوراء