|
1-أين يلتقيان: هيفاء وهبي و عمرو خالد .
براهيم تيروز
الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 10:18
المحور:
كتابات ساخرة
لا يعني الديالكتيك شيئا بالنسبة لي سوى حركة الفكر الحرة مدا وجزرا،مع القضية وضدها، فصلا و وصلا،لا لشيء إلا لكشف الانقطاعات و الصلات ولم لا التمفصلات. الديالكتيك كما أتصوره هو صيرورة الفكر الحرة وهو ينحو إلى كشف التناقضات التي تسكن ما بات من أوضح البديهيات، أو وهو ينحو الى الكشف عن الصلات التي تربط ما أضحى من أوضح المتعارضات، و ما ينشده الديالكتيك هو الإمساك بناصية الواقع قصد التمكن من تفاعل فعال وناجع معه. ليس الهدف هنا الوقوف عند علمين من أعلام المشهد الإعلامي العربي اليوم و إنما القصد هو اعتبارهما قطبا ظاهرتين محوريتين ضمن المشهد الاعلامي، يتعامل معهما المتلقي من منظور التباعد و التعارض، بل يجسدان بوضوح الانفصام (ازدواجية الهوية) الذي يسكن مشهدنا الاعلامي و فضاءنا الأيديولوجي و لم لا و اقعنا الاجتماعي والمعاش. و بالأحرى لسنا هنا لتعرية و نقد شخصيات إعلامية وأيديولوجية بعينها و إنما ننشد أولويا كشف الصلات الوثقى والتكامل الحاصل بين ما يجسدانه متباعدين و متعارضين حسبما يظهر. فكيف يمكن أن يخدم فيديو كليب هيفاء وهبي الأهداف عينها والمفاعيل الاجتماعية نفسها التي تخدمها بشكل ما خطب عمرو خالد؟ لاشك ان السؤال هنا اخذ شكله الصادم ،لذ ا سأعود وللمرة الأخيرة الى القول بأن الأمر يتعلق بتشريح هذا الفصام الاعلامي و الاجتماعي على اعتبار أن النجمين السابقين علامتين دالتين على ظاهرتين متشعبتين وأكثر من أن تختزلا في شخصين. لننطلق من موجة الفيديو كليب الكاسحة وما باتت تعرفه من ذيوع بات يشد الأنظار لما يلقاه من اهتمام واسع خاصة لدى الفئات الفتية من أطفال و مراهقين و شباب، وهي الفئات التي لازالت في طور النمو النفسي والعضوي، الشيء الذي يشي و يستلزم في الآن نفسه طرح اكثر من سؤال. فلماذا عرف الذوق العربي هذا التغير السريع؟ ولماذا هذا الاكتساح المهول للمضمون المادي و الشكلي مقابل المضمون المتسامي والرمزي؟لماذا فقدت الأغنية بريقها؟لماذا أصبح المضمون المرتكز على الإيحاءات الجنسية أكثر طغيانا من المضمون المرتكز على الالتزام حتى و إن تعلق الأمر بالحب ؟ إن النجاح اليوم في ميدان الأغنية بات يقتضي الاعتماد على أحدت التقنيات السمعية و البصرية من هندسة الصوتي و صناعته ، ومن توليف في غاية و البلاغة للصورة.الأمر يستلزم الاستعانة بأحدث التجهيزات و أعتد التقنيات و الفنيين وغير خاف ما يتطلبه ذلك من امكانات مادية جعلت الأغنية رهينة لدى دور الانتاج و هذه الأخيرة مرهونة بخدمة أمهات الشركات و خدمة الترويج الاشهاري. وهكذا تحول الفيديو كليب إلى وصلة اشهارية غير مباشرة ( سيارات –حلي- أزياء- أثات...) الهدف الأول و الأخير منه هو إحداث نوع من الاقتران الشرطي و اللاشعوري بين السلعة كمثير شرطي و الجسد كمثير طبيعي. لكن ماذا عن الداعية ؟ أليس ضد أي تلميح خلاعي و إباحي ؟ إن المتأمل لأول وهلة في خطب الداعية لا يسعه إلا أن يقول أنه ضد هذا الإظهار المباشر و المقصود لمفاتن الجسد في الفيديو كليب و ذلك لما قد يؤدي اليه من تحريض على العلاقات الجنسية غير الشرعية. ان خطاب الداعية هو الآخر عرف تطورا نوعيا .فبعد أن كانت خطب الدعوة "متشددة" صارت أكثر انفتاحا على عالم الشباب و صار الداعية ليس ذلك الذي لا يتخلى عن لحيته الكثة و ردائه الافغاني ، بل هو الآخر اخذ يتوسل ما به يضمن نجاعة التواصل و التجاوب مع المتلقي . و ان كان لا يستعمل معطيات الجسد فهو الآخر يعتمد على الإثارة الانفعالية الوجدانية،بالاستعانة بعذوبة الصوت و ملامح الوجه و بلاغة الكلمات الرنانة و الحكايا المؤثرة في الوجدان. ومن حيث المضمون أصبح الداعية يقتصر على القضايا الإيمانية الكبرى أو المشكلات السلوكية و الاجتماعية و بشكل محدود . لكن ما ضرورة حضور الداعية إذا كان الاعلام مرهونا بخدمة أمهات الشركات و التي لا يهمها شيء أكثر من الترويج الاشهاري؟ يكمن الجواب في القول بأن الداعية يلعب دور الحارس على تلبية رغبات الجسد بشكل مباشر،ودون الدخول في دوامة الاستهلاك ،فدور الداعية يتمثل في كبح الاندفاعات الجنسية المباشرة و التلقائية ليصبح التعويض عن تلبيتها بالانخراط في متاهة الاستهلاك ضروريا.ومن كان غير مالك للامكانات التي تؤهله لهذا الانخراط فلعله يجد لدى الداعية العزاء المناسب. هكذا تلعب نجمة الفيديو الفاتنة دورا يجد اكتماله في دور الدعوة الدينية المعصرنة إذ تعمل الأولى على استغلال الاندفاعات الغريزية فينا لجعل اقتناء البضاعة الاستهلاكية لصيقا و مقترنا بالضرورة بإشباع رغبات الجسد في حين يعمل الداعية على حذف هذه الأخيرة من القائمة الممكن و المسموح به ، خاصة و أن عقلنة الاستهلاك لازالت تراوح لديه الخطو بين طرفي ثنائية التقتير و التبذير .لاشك أننا في ما أوردناه أعلاه تعاملنا بكثير من الاختزال مع ظاهرة الفيديو كليب و خطبة الداعية غير أن قصدنا كان التركيز على خيوط الاتصال لهذا أهملنا ما قد يبدو شاردا عن هذا الاتصال .و على سبيل المثال محاضرة لها علاقة بموضوع الاستهلاك القاها أحد الدعاة لكن حضورها الاعلامي لايقبل المقارنة مع الأنموذج الذي الذي أ وردناه أعلاه. من جهة أخرى قد يوحي ما أسلفناه ضد أو مع خانة من الخانتين أعلاه أو في خانة ثالثة هي ما يشبه ما دعا إليه وليام رايخ في كتابه الثورة الجنسية . أنني أنأى بنفسي عن هذه الخانات جميعا و أنخرط في الدعوة إلى عقلنة الاستهلاك و عقلنة الجنس، أو بالأحرى أدعو الى الفصل بينهما فيما يشبه الفصل بين الدين و الدولة دون أن يتماهى معه..
#براهيم_تيروز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|