أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - المناعة ضد الديمقراطية














المزيد.....


المناعة ضد الديمقراطية


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2116 - 2007 / 12 / 1 - 10:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاوضاع في باكستان ولبنان تعطي صورة مكثفة عن حالة المناعة المستعصية ضد الديمقراطية التي تعيشها وتعتنقها مجتمعات الشرق الاوسط، لكن الصورة في هذين البلدين تبدو شديدة القتامة، فأي حديث عن دولة باكستان سيدفع بالضرورة الى المقارنة بالهند، حيث استقلت الدولتان في نفس الوقت بل انهما من الناحية القانونية كانتا تشكلان كيانا واحدا تحت حكم التاج البريطاني، وقد تأسست الدولة الحديثة فيهما في نفس الوقت واعٌتمدت الديمقراطية كأسلوب للحكم فيهما لكن النتيجة واضحة هذه الايام بطريقة تدعو الى مراجعة الاسس الضرورية لقيام النظام الديمقراطي في اي مجتمع، فباكستان تعيش منذ سنوات انقلابات مركبة ومتداخلة ومتوالدة، حتى ان الانقلابيين يمارسون انقلابا على انفسهم للتخلص مما قطعوه من وعود ليواصلوا تشبثهم بالسلطة.
التجربة اللبنانية تبدو اكثر تعميقا لأزمة الديمقراطية في المنطقة، حيث تبنى المجتمع اللبناني منذ بداية القرن العشرين مبدأ التحديث الاجتماعي ومن الجامعات ومراكز الابحاث اللبنانية عرفت المنطقة مدارس واتجاهات السياسة الحديثة، ومن لبنان انطلقت مختلف مسارات التنظير السياسي في المنطقة حتى صار هذا البلد الصغير قناة الاتصال ليس بين الشرق الاوسط والغرب فحسب بل قناة عبور ايضا من الماضي المتخلف الى ضفة الحداثة والتحضر والتنوير، لكن المؤسسة السياسية اللبنانية ظلت اسيرة علاقات اجتماعية متخلفة يهيمن عليها زعماء الطوائف والاقطاعيون الذين يرتدون حللا حديثة ويطلقون على عشائرهم السياسية صفة الاحزاب، بل انهم يختارون لهذه الاحزاب اسماء من قاموس الحداثة والديمقراطية دون ان تحتوي شيئا منهما.
مجتمعات الشرق الاوسط عموما وخاصة في باكستان ولبنان تدرك ان الديمقراطية هي العلاج الوحيد الممكن فأقرت هذه المجتمعات وزعماؤها ان لا حل الا عن طريق الديمقراطية، وأسست احزابا وصحافة ومجالس نيابية ودساتير وسلطات منفصلة واقامت الانتخابات، لكن الزعماء ومجتمعاتهم (الى حد ما) أدركوا ان الديمقراطية تعني تحولا جوهريا في العلاقات والقيم وهو ما قد يهدد المصالح المستقرة كما يهدد مراكز السلطة في هذه المجتمعات، والاهم ان نمو الديمقراطية يعني تهديدا حقيقيا للأفكار المستقرة والعقليات الراكدة فأدركت ان علاج الديمقراطية شديد المرارة وباهض التكاليف وقبوله يحتاج الى شجاعة فائقة وتضحيات كبيرة، ولذلك اتجهت المجتمعات وزعماؤها الى تفريغ كل ادوات الديمقراطية والمؤسسات السياسية من فحواها وتركتها مجرد ديكورات تسمى احزابا وانتخابات وبرلمانات وصحافة ودساتير وفصل للسلطات في حين ان معظم القرارات المهمة تطبخ في جلسات خاصة خارج هذه المؤسسات التي لم تعد تعبر حقيقة عن واقع العلاقات السياسية، كما انها لاتعبر عن خيارات حرة للناخبين الذين غالبا ما يدلون بأصواتهم تحت تأثير الخطابات الموتورة للطائفة او العرق او الفئة، وهذه الحالة قادت الى نتيجتين بارزتين، الاولى هي عدم امكانية ظهور احزاب تتحرك على مستوى البلاد اجمعها خارج اطار الهوية الضيقة لأي فئة، وبالتالي عدم ظهور برامج سياسية حقيقية تؤسس لعملية تنمية.

النتيجة الثانية التي قادت اليها المناعة ضد الديمقراطية، هي دوامة التطرف، حيث يدفع التخلف السياسي - الاجتماعي الى مزيد من التخلف وهو بدوره ينتج حركات العنف والارهاب والانغلاق، وهذا ما تعاني منه مجتمعات الشرق الاوسط بشكل متزايد، والملاحظ ان المتطرفين ينشطون في المجتمع الذي يخطو خطواته الاولى نحو الديمقراطية او الذي يشعر هؤلاء المتطرفون انه مقدم على التحول نحو الديمقراطية، بينما تبقى المجتمعات المحكومة بالاستبداد بعيدة عن مخالبهم الارهابية حتى اذا كان نظام الاستبداد من النوع الذي يصمونه بالكفر. فالاستبداد بنظر المتطرفين ليس مشكلة مهما كانت هويته او اتجاهه في حين ان الديمقراطية ومهما كانت طبيعة نتائجها هي في حساباتهم خطر داهم لسبب وحيد هو انها تعتق المجتمع من ربقة العبودية الفكرية والاجتماعية ان عاجلا او آجلا مهما كان ثمنها باهظا.
الحالتان اللبنانية والباكستانية مثل غيرها من حالات المناعة ضد الديمقراطية تدعوان الى التفكير في المنابت الاصلية الغائرة في هذه المناعة وطرق ومناهج تفكيكها الممكنة، وهذا اكثر جدوى من الصفقات السريعة والمؤقتة التي تؤجل الصراعات ولا تحلها .
يبقى ان العامل الدولي غالبا ما يؤثر بشكل سلبي في عملية بناء الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط رغم ما يبدو على السطح من ممارسات تناقض ذلك، حيث تحظى نظم الاستبداد بدعم هذه الدولة الكبرى او تلك بسبب المصالح الستراتيجية غير العابئة بمصائر الشعوب .



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الأمم المتحدة في العراق
- العسكر والسياسة
- وقت الحسم السياسي
- مواجهات دولية في العراق
- معادلات السياسة والأمن
- النزاهة في الجدل السياسي
- الباب العالي وصدره الأعظم
- الهجوم الدبلوماسي
- مطالب أنقرة
- ازمة متعددة الوجوه
- هاجس الزمن
- الخطر العراقي
- الاتفاق الشيعي...هدنة أم رؤية؟
- تسييس الأمن
- قرار التشويش الخشن
- الهاشمي على باب السستاني
- أسس الاتفاقات القادمة
- الطريقة الفرنسية
- ظاهرة القاعدة
- صورة نصفية لمانديلا...من يتذكر دكلارك؟


المزيد.....




- إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي ...
- إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي ...
- ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
- سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
- جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
- ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟ ...
- كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
- الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة ...
- ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل- ...
- الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - المناعة ضد الديمقراطية