|
خبز وخمر 1 - 3 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين
بهجت عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2114 - 2007 / 11 / 29 - 10:18
المحور:
الادب والفن
خـبز وخـمر 1 - 3 إلى هاينزه
ترجمة بهجت عباس
1 يخلد ما يحيط بالمدينة إلى السكون ؛ الزقاق المُـَضاء يمسي هادئاً، العرباتُ ، مُـزدانةً بمشاعلَ ، تخشخش مُـغادِرةً . مُـتخَـمين من مَسـرّات النهار يذهب الناس إلى بيوتهم للراحة ، وبسرور عظيم في البيت يحسِبُ رأسٌ مُـفكِّـر الربحَ والخسارة ؛ تهدأ السوق الناشطة وتنتصب فارغة ً من أعناب وأزهار ومصنوعات اليد. ولكنَّ العزف على الأوتار يبعث نغماً من الحدائق من بعيد ؛ فلربّـما أن ثمّـة عاشقاً يعزف هناك ، أو رجلا ًأعزلَ (وحيداً ) مفكّـراً في أصدقائه البعيدين وعهد الصِّبا ؛ والينابيع تتفجّـر بلا انقطاع وتخـرّ ُ باردة مُنـعشةً على مَـغرسٍ عَـطِـر. في هواء الغسق ترنّ الأجراس القارعة بهدوء ، منتبهـاًً إلى عدّ السّاعات ينادي حارسٌ بانتهاء الوقت . وتهبّ الآن أيضاً نسمة وتحركُ أعلى الغابة الصغيرة. أنظر! القمرُ ، صورة ظلّ أرضنا ، يبزُغُ خِفيةً الآن أيضاً ؛ والليل الفتـّان ، يأتي مليئاً بنجوم ، لا يهتمّ بنا إلاّ قليلاً . يومض الليل المدهشُ هناك، الغريبُ بين البشر ، على مرتفعات الجبال حزيناً وبهيـّاً من أسفل إلى أعلى .
2 رائعةٌ هِـبَـةُ الليلـةِ العظيمة ولا أحدَ يعرف ما هي وأيّـانَ يحدث منها. لذا تُحـرّك الدنيـا وأنفُسَ البشر الآملـةَ، لا فَطِـنَ يفهم مـا هيّـأتْ ، حيث هذا ما يريده الرّبُّ الأعلى ، الذي يُحبّكَ كثيراً ، ولذا لا يزال النّهـارُ الصّـاحي أفضلَ منـها لديكَ. ولكنْ بين آونة وأخرى تُحبُّ العينُ الصّـافيةُ الظِّـلَّ وتجرِّب النّـومَ ، ليس اضطراراً ، بل لتحاولَ نيلَ السّرور. أو كمـا يُحـدّق أيضاً رجلٌ وفيّ ٌفي الليل بشغفٍ ، نعم ، تستحقّ أنْ نكرّس أكاليلَ لها وأغانيَ ، لأنّـها مقدّسة للضّال في طريقه والميت ، ولكنّها تظلّ بروح أكثرَ تحرّراً إلى الأبد. ولكنَّ لنا عليها حقّاً أيضاً ، ذلك في اللحظة المتذبذبة ، أن تكون في العَـتَـمة شيئاً يُمكن تحمّـلـُه ، يمـنحنـا السّلوانَ والسّكـرَ المُقـدّسَ ، يمنحـنـا الكلمة المتـدفِّـقةَ ، السّاهرة كالعشّاق ، وكأساً مُـترعةً أكثرَ وحياةً أكثرَ إقـداماً ، ذاكـرة مقدّسة أيضاً ، تبقينـا منتبهين عند الليل .
3 عبثاً نُخفي القلب في الصدر ، لا نزال ، من غير طائل ، أساتذةً وناشئينَ ، نحبس الجرأةَ . فمَنْ ذا يقدر أنْ يكونَ عثرةً في سبيلنا ويمنعَـنا مِن الفرحة ؟ النارُ الإلهيّـةُ تدفعنـا أيضاً ليلَ نهـارَ لنغـادرَ . تعـالَ إذاً ! لنرى الفضاء الواسعَ ، حيث نبحث عمّـا يخصّـنا ، ولو أنّه بعيد عنّـا . شيء واحد ثابت ؛ قد يكون في الظهيرة أو يمضي حتّى منتصفَ الليلِ ، دومـاً يوجـد مقياسٌ ، مشاع للكلِّ ، ولو أنَّ خاصّـتَـه تُوزّع على الكلِّ ، هناك يذهب كلّ واحد ويجيء ، إلى حيث ما يستطيع . هكذا ! ويُحبّ الجنونُ المبتهجُ سخـريةَ المُستهزئ به عندما يقبض فَجأةً على المغنّين في الليلة المُـقدّسة ؛ هكذا يأتي عند البرزخ ! هناك ، حيث يهدر البحر الممتدّ عند البرناس* والثلج يتلألأ حول صخور دلـفيّـة** ، هناك في بلاد أوليمبيا*** ، هناك على قمم سايثرون**** ، هناك تحت أشجار الصّنوبر ، بين الكروم ، حيث ثيـبه ***** أسفلَ ، وأزمينوس يهدر في بلاد الكادموس******، من هناك ذهابـاً وإيابـاً يشيرالإلـه القـادم . =================================== * البرناس Parnaß في الألمانية أو Parnassus في الإنكليزية هو جبل من حجر الكلس يقع في أواسط اليونان وحسب الميثولوجيا اليونانية كان هذا الجبل مقدساً عند أبولو . ** دلفي Delphi مدينة يونانية حديثة تقع عند جبل بارناسوس. *** مدينة يونانية قديمة كانت تُجرى فيها الألعاب الأولمبية. **** سايثَرون Citheronأو كايثرون Kaitheron جبل في وسط اليونان يبلغ طوله 16 كيلومتر. ***** ثيـبه Thebe مدينة مقدسة في الميثولوجيا الإغريقية ، كما وإنَّ زوجة زيوس وكذلك ابنته من زوجته أيودامه Iodame ، كلتيْـهما ، تدعى ثيبه. ****** كادموس Cadmos أو Cadmus في الميثولوجيا الإغريقية كان ابن ملك صور الفينيقي ، وتعني أيضاً اسم جبل في اليونان.
#بهجت_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحيرة - للشاعر الفرنسي لامرتين ( 1790-1869) - ترجمة بهجت ع
...
-
هلاك سنحاريب - لورد بايرون (1788-1824)
-
طموح حفاة الثقافة
-
المقامة الثقافية
-
إلى هولدرلين - للشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه
-
الجينات والعنف والأمراض
-
الروبوت وجراحة البروستاتة
-
أوراق الخريف - للشاعر الفرنسي جاك بريفير
-
من سونيتات إلى أورفيوس - راينر ماريا ريلكه
-
عندما يُصبح الجميع غير أوفياء
-
استئصال البروستات بواسطة الإنسان الآلي
-
خماسيّات
-
هل يستطيع العقل تفسير ما يحدث داخل خلية الإنسان ؟
-
ترتيلة محمد - لشاعر ألمانيا الكبير غوته
-
العصر البرونزي* – لورد بايرون - 1788 - 1824
-
قطرس الخليج - سونيته
-
الحوار المتمدن في عامه الخامس
-
المرثية الخامسة - راينر ماريا ريلكه
-
ريلكه باللغة العربية
-
المرثيَة الثّالثة من مراثي دوينو - راينر ماريا ريلكه
المزيد.....
-
صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا
...
-
-القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب
...
-
ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|